عرض مشاركة واحدة
  #33  
قديم 30-12-2009, 02:46 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

وكثير من الناس - إلا من رحم الله- لا يحققون الصلاة بهذا المفهوم فإذا دخل المرؤ في الصلاة أقبل عليه الشيطان بخيله ورجله وأخذ يوسوس له، ويصرفه عن الصلاة ويشغله بأمور الدنيا، ويجعله يكثر من الحركة والالتفات حتى أنه لم يعقل من صلاته شيئاً، فالمصلون كثير والمقيمون قليل، وكما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : «الحاج قليل والركب كثير»
وهذا أمر خطير يئن منه كثير من المصلين، ونحن نوصي أنفسنا ونوصيك أيها القارئ الكريم الحبيب بأن يجاهد كل منا نفسه حتى يتخلص من هذا الأمر، ويحقق إقامة الصلاة كي يتحقق لنا جميعاً الفلاح والفوز والسعادة في الدارين. قال تعالى ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) ([165]) ولأبي حامد الغزالي –رحمه الله- كلام طيب يساعد على الخشوع في الصلاة فاقرأه –يرحمك الله- بتدبر وإمعان، يقول:
«...اعلم أن الصلاة إنما هي ذكر وقراءة ومناجاة ومحاورة، وذلك لا يكون إلا بحضور القلب، وتمامه يحصل بالتفهيم والتعظيم والهيبة والرجاء والحياء، وعلى الجملة كلما ازداد العلم بالله زادت الخشية وحصل الحضور، فإذا سمعت المؤذن ينبغي أن تستحضر القلبَ هول النداء يوم القيامة، وتتشمر بظاهرك وباطنك للإجابة والمسارعة، فإن المسارعين إلى هذا النداء هم الذين ينادون باللطف يوم العرض الأكبر، فإن وجدت قلبك مملوءاً بالفرح والاستبشار ومشغوفاً إلى الابتدار فسيكون ذلك في ذلك النداء، ولذا قال عليه الصلاة والسلام: {أرحنا بها يا بلال} إذ كانت قرة عينه في الصلاة.
فالطهارة طهارة السرِّ عما سوى الله، فبها تتم هذه الصلاة، فإنك إن سترت العورة بالثياب فما الذي يستر عورتك في الباطن عن الله ؟
فتأدب بين يدي الله، واعلم أنه يطلع على سرِّك فتواضع بظاهرك وباطنك وانظر لو قمت بين يدي الملك كيف تكون ؟
ولا نسبة بينه تعالى وبين الملوك، والكل عبيده، فإذا فعلت ذلك فلا تكون كاذباً في قولك «وجهت وجهي» وفي قولك «حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين» وقولك «إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين»
فانظر فلا ينبغي أن يكون هذا كذباً فيكون سبب هلاكك، وينبغي أن تذكر كبرياء الله وعظمته عند ركوعك وسجودك، وتعلم ذلك بصغارك ، والله برحمته أهَّلك لمناجاته فلا أقلّ من التأدب والحضور بقلبك بين يديه. قال صلى الله عليه وسلم {إن الله يُقبل على المصلي ما لم يلتفت} فاحفظ ظاهرك وباطنك عن الالتفات قال عليه الصلاة والسلام : {إن العبد ليصلي ولا يكتب له من صلاته لا نصفها ولا ثلثها ولا ربعها ولا خمسها ولا سدسها ولا عشرها، وإنما يكتب للرجل من صلاته ما عقل منها}
وقال بعضهم: إن العبد يسجد السجدة ، وعنده أنه تقرب بها إلى الله تعالى ولو قسمت ذنوبه في سجدته على أهل مدينته لهلكوا، قيل: وكيف ذلك؟
قال: يكون ساجداً عند الله تعالى وقلبه مُصْغٍ إلى هوى، ومشاهد لباطل قد استولى عليه ...» ([166]).
فاسْتِحْضَارُ القلب، والتدبرُ في القراءة، وَتَذَكّرُ عظمة الله وكبريائه، يساعد على ترك الانشغال في الصلاة وترك الالتفات وترك الحركة فيها، ويجلب الخشوع والخضوع والطمأنينة في الصلاة.
__________________
رد مع اقتباس