عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 01-01-2010, 01:18 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 23
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

الأصل الخامس: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا الشعار الرنان الذي يفتن به كل إنسان يقصدون به الدعوة إلى أصولهم الخمسة. فالمعروف عندهم هو من اعتنق أصولهم ودان بها. والمنكر عندهم هو اتباع مذهب السلف أهل السنة والجماعة. وقد أدى بهم هذا الأصل أن يجوزوا مسلك الخوارج في الخروج على حكام المسلمين وخلفائهم بالسيف
l التوحيد أساس الاعتقاد السلفي في باب الصفات .
القاعدة الأولى التي قام عليها اعتقاد السلف الصالح في التعرف على أوصاف الله عز وجل هي توحيده وإفراده عمن سواه، فهم يتميزون عن سائر الناس بهذه الصفة صفة التوحيد.
سواء كان ذلك في إيمانهم بربوبية الله تعالى وإفراده بالخلق والأمر كما قال: } أَلا لهُ الخَلقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ الله رَبُّ العَالمِينَ { [الأعراف:54].
أو كان في عبادتهم له سبحانه وتعالى كما قال تعالى: } وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ { [البينة:5]، فلا يخضعون عن محبة ورغبة لأحد إلا لله، ولا يشركون معه سواه في العبادة.
أو كان في إيمانهم بما أثبته الله لنفسه من أنواع الكمالات في الأسماء والصفات، فالتوحيد يقصد به في باب الصفات إفراد الله سبحانه بذاته وصفاته وأفعاله عن الأقيسة والقواعد والقوانين التي تحكم ذوات المخلوقين وصفاتهم وأفعالهم .
والدليل على ذلك من القرآن قوله تعالى: } ليْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ { [الشورى:11].
والشاهد في الآية أن الله سبحانه بين انفراده عن كل شيء من أوصاف المخلوقين بجميع ما ثبت له من أوصاف الكمال والجمال والجلال وعلو شأنه فيها في كل حال .
وقال تعالى في أول سورة الإخلاص: } قل هُوَ الله أَحَدٌ { [الإخلاص:1]، وقال في نهايتها مبينا معنى الأحدية: } وَلمْ يَكُنْ لهُ كُفُوًا أَحَدٌ { [الإخلاص:4].
أي أن الأحد هو المنفرد بأوصاف الكمال الذي لا مثيل له فنحكم على كيفية أوصافه من خلاله، ولا يستوي مع سائر الخلق فيسري عليه قانون، أو قياس، أو قواعد تحكمه كما تحكمهم، لأنه المتصف بالتوحيد المنفرد عن أحكام العبيد .
وقال تعالى: } هَل تَعْلمُ لهُ سَمِيًّا { [مريم:65]، والمعنى الذي دلت عليه الآية هل تعلم لله شبيها مناظرا يدانيه أو يساويه، أو يرقي إلي سمو ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وعلى ذلك فلا يمكن بحال من الأحوال أن نخضع أوصاف الله لما يحكم أوصاف البشر من قوانين .
ومن هنا يمكن القول إنه من البلاهة العقلية أن نطبق قوانين الجاذبية الأرضية على استواء الله على عرشه أو على حملة العرش أو على نزوله إلي السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل، لأن ذلك ينطبق على الكائنات الأرضية ولا ينطبق على رب البرية، فهو منفرد متوحد عن قوانين البشر بذاته وصفاته وأفعاله.
ومعلوم أننا لم نر الله ولم نر له مثيلا أو شبيها أو نظيرا، والشيء لا يعرف إلا برؤيته أو برؤية نظيره فكيف نقول كما قالت الجهمية والمعتزلة والمتكلمون الأشعرية لو كان الله على العرش لكان محمولا .
ولذلك فإن السلف الصالح فرقوا بين النصوص التي تدل على المخلوق والنصوص التي تدل على الخالق، فالنصوص التي تدل على المخلوق تليق به، وظاهرها مراد في حقه، وهي معلومة المعني لورودها في القرآن والسنة باللغة العربية، وكذلك معلومة الكيفية لأننا نراها بحواسنا ومدركاتنا، أو نري نظيرها، فنحكم عليها بالتشابه أو المثلية .
أما النصوص القرآنية والنبوية التي تدل على الخالق فهي معلومة المعني أيضا لأن الله U خاطبنا باللغة العربية لا باللغة الأعجمية، فلا يمكن القول إن كلام الله بلا معني، أو يشبه كلام الأعاجم والألغاز التي لا تفهم، أما الكيفية الغيبية للصفات الإلهية التي دلت عليها تلك النصوص فهي كيفية حقيقية معلومة لله وتليق به، لكنها مجهولة لنا لا نعلمها لأننا ما رأينا الله U.
روى مسلم أن النبي صلي الله عليه وسلم: (تَعَلمُوا أَنَّهُ لنْ يَرَي أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَل حتى يَمُوتَ) ([1]) .
وكذلك ما رأينا لكيفيته سبحانه وتعالى نظيرا أو مثيلا نحكم عليها من خلاله إذ يقول الله تعالى: } ليْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ { [الشورى:11].
·لا بد للتوحيد من نفي قياس التمثيل والشمول.
من الأمور الهامة التي ينبغي الحذر منها صيانة للقاعدة الأولى وحتى لا يهدم التوحيد في قلب المسلم أو تشوبه شائبة، أن يحذر من نوعين من القياس حرمهما الله U على من استخدمهما في حقه، وقد وقع فيهما أهل الضلال من الممثلة والمشبهة الذين جسدوا في أذهانهم صورا للمخلوقات، وزعموا أن أوصاف الله التي وردت بها النصوص في الكتاب والسنة على هذه الكيفية، وقد استخدم الممثل النوع الأول من القياس، والنوع الثاني استخدمه المشبه وأحيانا يطلق عليه المكيف .
·قياس التمثيل هو إلحاق فرع بأصل في حكم جامع لعلة
النوع الأول:قياس التمثيل
، وهو إلحاق فرع بأصل في حكم جامع لعلة؛ فالممثل جعل صفة الإنسان التي لا يعرف غيرها أصلا، وجعل صفة الله U التي دلت عليها النصوص فرعا، ثم طابق الفرع على الأصل وحكم بينهما بالتماثل .
ولو سئل عن السبب في ذلك التمثيل؟ لقال: لأن الله له أوصاف والإنسان له أوصاف ذكرت بنفس الألفاظ، فهذا يوجب التماثل، ومن أجل ذلك حكمت بأن استواء الله على العرش يماثل استواء الإنسان، ووجه الله يماثل وجه الإنسان ويد الله تماثل يده، وهكذا في سائر أوصاف الله وأوصاف الإنسان، قيل له: (ما من شيئين إلا بينهما قدر مشترك وقدر فارق، فمن نفى القدر المشترك فقد عطل ومن نفى القدر الفارق فقد مثل) .

(1)مسلم كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر ابن صياد(7540) .
رد مع اقتباس