عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 01-01-2010, 01:18 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 23
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

·ما من شيئين إلا بينهما قدر مشترك وقدر فارق.
وقد علم العقلاء أن قول الممثل باطل لا يتوافق مع العقل السليم، فلو قيل نملة قوية وسفينة قوية، فهل صورة النملة كصورة السفينة لاشتراكهما في لفظ قوية؟
وإذا كانت أوصاف البشر مختلفة، فهناك فرق كبير بين عرش بلقيس وعرش سليمان، ووجه يوسف عليه السلام ووجه غيره من بني الإنسان، فإن الفرق أعظم وأكبر من باب أولى بين أوصاف الخالق سبحانه وتعالى وأوصاف المخلوق، وسيقر المسلم في خشوع وخضوع أن استواء الله ليس كاستواء البشر ووجهه تعالى ليس كوجوههم، وسائر أوصافه ليست كأوصافهم، وأن الله u ليس كمثله شيء في ذاته وصفاته وأفعاله، وتلك طريقة الموحدين .
أما الممثل لأوصاف الله بأوصاف البشر فهو ظالم لنفسه، متقول على ربه ما ليس له به علم، فهو في الحقيقة تخيل في ذهنه أن صفة الله الواردة في نصوص الكتاب والسنة كصورة إنسان ثم عظمها له الشيطان، فعبدها على أنها المقصود عند ذكره لأوصاف الله، وهو في الحقيقة إنما يعبد صنما، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية في وصف حال الممثل: الممثل يعبد صنما .
·قياس الشمول قياس يستوي فيه الأفراد تحت حكم واحد.
النوع الثاني: قياس الشمول وهو القانون الشامل أو الأحكام العامة التي تطبق على جميع الأفراد أو كما عرفوه بأنه قياس كلي على جزئ، فالمكيف أو المشبه الذي يستخدم قياس الشمول جعل الكيفية التي تحكم أوصاف الإنسان قانونا يحكم به على أوصاف الرحمن كقوله: لو كان الله متصفا بالكلام لكان له فم ولسان، لأنه لم ير المتكلم في أحكام الدنيا إلا على هذه الكيفية، وكقوله: لو كان على العرش لكان محمولا، فطبق قانون الجاذبية الأرضية على كيفية استواء الخالق كما يطبقها على استواء الإنسان أو حمله للأشياء .
ومعلوم أن صاحب الفطرة السليمة يأبى أن يقال مثل هذا في أوصاف الله، بل يعلم أن هذه الأحكام ربما لا تطبق على الإنسان خارج نطاق الجاذبية الأرضية، مثل أماكن انعدام الوزن أو المحطات الفضائية، أو ربما يسمع صوتا من غير فم أو لسان كما يري المسجل يعيد الصوت ويكرره كأنه إنسان . وإذا قيل لا يدخل قاعة الاختبار في الكلية إلا طلاب السنة النهائية علم العقلاء أن ذلك لا ينطبق على الأساتذة المراقبين أو القائمين على النواحي الإدارية .وإذا قيل لا يدخل المصنع إلا العاملون، علمنا أن ذلك لا ينطبق على صاحب المصنع ومن رافقه من أهله وأصحابه .وهكذا يعلم العقلاء وأصحاب الفطرة السليمة أن القوانين التي تحكم أوصاف البشر لا تنطبق على ربهم، وأن الله ليس كمثله شيء في ذاته وصفاته وأفعاله.
·نفاة الصفات ضلوا في فهم القدر المشترك والقدر الفارق.
أساس مذهب تعطيل الصفات أو نفيها سوء الفهم لمعنى التوحيد، وتخبطهم في إدراك القدر المشترك والقدر الفارق عند التعبير عن الأشياء، فمن المعلوم أنه ما من شيئين إلا وبينهما قدر مشترك وقدر فارق، فمن نفى القدر الفارق فقد مثل، ومن نفى القدر المشترك فقد عطل.
قال ابن تيمية: (سمى الله نفسه بأسماء وسمى صفاته بأسماء، وكانت تلك الأسماء مختصة به إذا أضيفت إليه لا يشركه فيها غيره، وسمى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم مضافة إليهم توافق تلك الأسماء إذا قطعت عن الإضافة والتخصيص، ولم يلزم من اتفاق الاسمين وتماثل مسماهما واتحاده عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة والتخصيص اتفاقهما، ولا تماثل المسمى عند الإضافة والتخصيص، فضلا عن أن يتحد مسماهما عند الإضافة والتخصيص) .
ومن ثم فإن الأسماء من جهة اللغة عامة مشتركة تتخصص دلالتها عند العقلاء بالإضافة والتقييد، فلو قال قائل: هذا فيل كبير، وقال آخر: هذا طائر كبير فالمشترك بين القولين بعد اسم الإشارة لفظ كبير، وهو عند سائر العقلاء من حيث الدلاله له ثلاثة معان ظاهرة، الأول عند إضافته إلى الفيل فأي عاقل يتصور من دلالته معنى معينا يستوعبه الذهن حيث يتصور فيلا كبيرا بين بني جنسه من الفيلة، والثاني عند إضافته إلى الطائر فإن العاقل يتصور من دلالته معنى آخر غير المعنى السابق فهو طائر كبير بين الطيور، ولا يزعم عاقل أنه عندما يسمع قول القائل طائر كبير فإنه يتصور جبلا أو جملا أو فيلا أو بغلا أو غير ذلك، والثالث إذا قطع لفظ كبير عن الإضافة وكان وحده مجردا، فإن له معنى آخر يتصور الذهن فيه شيئا عاما يمكن اشتراك الكل فيه، وإن كانت الألفاظ لا تطلق مجردة بين العقلاء؛ فالله u وله المثل الأعلى إذا قال في كتابه: } إِنَّا خَلَقْنَا الإنسان مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً { [الإنسان:2]، وقال عن نفسه: } إِنَّ الله كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً { [النساء:58]، فإن السميع والبصير كاسمين أو لفظين من مفردات اللغة لهما من حيث الدلالة ثلاثة أنواع يستوعبها العقلاء:
الأول: إذا أضيفا إلى الإنسان؛ فإن العاقل يعلم معنى كونه سميعا بصيرا، ويعلم الكيفية الحقيقية التي دل عليها هذان الاسمان في حق المخلوق، فالإنسان يسمع بأذن ويبصر بحدقة، وهذا ظاهر اللفظ عند تخصيصه وتقييده بالإنسان .
الثاني: إذا أضيفا إلى الله u؛ فإن العاقل يعلم معنى كونه سبحانه سميعا بصيرا فالله يسمع ويرى على الحقيقة، لكن العاقل لا يعلم الكيفية الحقيقية للوصفين الذين دل عليهما هذان الاسمان في حق الله تعالى؛ فالكيف مجهول لنا؛ لأننا ما رأينا الله، وما رأينا له نظيرا، وهو سبحانه وحده الذي يعلم كيف هو؟ وقد أمرنا أن نؤمن بما أخبرنا به عن نفسه وأن نصدقه تصديقا جازما، وهذا مراد السلف بأن نصوص الصفات على ظاهرها في حق الله u .
الثالث: إذا قطعا عن الإضافة وانفصلا عن التقييد وكانا مجردين؛ فإن لهما معنى ثالثا عاما ومشتركا غير المعنى الأول والثاني، وهذا لا يكون في الواقع، بل يتصوره الذهن فقط، ولا يلزم أبدا من استعمال الأسماء المجردة في حق الخالق أو المخلوق وجود التطابق بين سمع هذا وذاك أو بصر هذا وذاك، أو وجود المماثلة والمشابهة بينهما .
ومن هنا ظهر الخطأ الذي وقع فيه المعطل والممثل، لأن المعطل لما شبه الله بخلقه لم يجد الصورة التي كونها في ذهنه مستساغة أو مقبولة؛ فأراد أن ينفيها بمثل ما ذكره المتكلمون من أنواع التأويل وسحب النصوص عن دلالاتها، فالنصوص المكونة من حروف وكلمات وهي بدورها تشتمل على الأسماء والصفات، وهذه الألفاظ كمفردات لغوية يستخدمها المتكلم في التعبير عن مراده عند تجردها وذكر مفرداتها منقطعة عن الإضافة تكون عامة مشتركة بحيث يمكن استخدامها في حق الخالق والمخلوق معا .
أما إذا أضيفت إلى الخالق سبحانه وقيدت ألفاظها بالدلالة عليه؛ فإنها تدل على معنى يخص الخالق دون غيره، وكذلك إذا أضيفت إلى المخلوق وقيدت ألفاظها بالدلالة عليه؛ فإنها تدل على معنى آخر يخص المخلوق دون غيره، فهناك قدر مشترك عند التجرد، وقدر فارق عند التخصيص والتقيد، ولا يمكن إهمال القدر الفارق لأن ذلك تمثيل للمخلوق بالخالق، ولا يمكن نفي القدر العام المشترك بين الجميع لأنه تعطيل للألفاظ اللغوية وإبطال للتفاهم والتواصل في لغة التخاطب بين الإنسانية .
·هل ظاهر نصوص الصفات مراد أو غير مراد؟
ذكر شيخ الإسلام اين تيمية أن من المتأخرين من يقول مذهب السلف اقرارها على ما جاءت به مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد، وهذا اللفظ مجمل، فان قوله ظاهرها غير مراد يحتمل أنه أراد بالظاهر نعوت المخلوقين وصفات المحدثين، مثل أن يراد بكون الله قبل وجه المصلى أنه مستقر فى الحائط الذى يصلى اليه، وان الله معنا ظاهره أنه الى جانبنا ونحو ذلك فلا شك أن هذا غير مراد .
رد مع اقتباس