إقامة الحدود من صلاحيَّات سلطان المسلمين، وليس لكل أحد أن يقيم الحدَّ؛ لأنَّ هذا يلزم منه الفوضى والفساد، ويلزم منه تفكُّكُ المجتمع، وحدوث الثارات، وحدوث الفتن؛ فالحدود من صلاحيَّات السُّلطان المسلم .
....
فالحاصل أن إقامة الحدود من صلاحيات السلطان، وإذا لم يكن هناك في المسلمين سلطان؛ فإنه يُكتفى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوى إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، ولا يجوز للأفراد أن تقيم الحدود؛ لأن هذا - كما ذكرنا - يلزم منه الفوضى ويلزم منه حدوث الثَّارات والفتن، وفيه مفسدة أعظم مما فيه من المصلحة، ومن القواعد الشرعيّة المسلَّم بها أنَّ درء المفاسد مقدَّمٌ على جلب المصالح .
الحكم بالرِّدَّة والخروج من الدِّين من صلاحيَّات أهل العلم الرَّاسخين في العلم، وهم القضاة في المحاكم الشرعيَّة؛ كغيرها من القضايا، وليس من حق كل أحد، أو من حقِّ أنصاف المتعلِّمين، أو المنتسبين إلى العلم، والذين ينقصُهم الفقه في الدِّين، ليس من صلاحيَّاتهم أن يحكُموا بالرِّدَّة؛ لأن هذا يلزم منه الفساد، وقد يحكمون على المسلم بالرِّدَّة، وهو ليس كذلك، وتفكيرُ المسلم الذي لم يرتكب ناقضًا من نواقض الإسلام فيه خطورة عظيمة، ومن قال لأخيه : يا كافر ! أو : يا فاسق ! وهو ليس كذلك؛ فإنَّ هذا الكلام يعود على قائله؛ فالذين يحكمون بالرِّدَّة هم القضاة الشرعيُّون، والذين ينفِّذون هذا الحكم هم ولاة أمور المسلمين، وما عدا هذا؛ فهو فوضى وشرٌّ .
من المنتقى من فتاوى الفوزان
|