عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 03-01-2010, 01:26 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 23
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

الله جل جلاله القُدُّوسُ

1- الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه:
ورد الاسم في القرآن مطلقا معرفا ومنونا مرادا به العلمية ودالا على الوصفية وكمالها، وقد ورد المعنى مسندا إليه محمولا عليه في موضعين من القرآن، الأول في قوله تعالى: } هُوَ اللهُ الذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ { [الحشر:23]، والثاني في قوله: } يُسَبِّحُ لِلهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ المَلِكِ القُدُّوسِ العَزِيزِ الحَكِيمِ { [الجمعة:1]، ومن السنة ما ورد عند مسلم من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلي الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: ( سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ المَلاَئِكَةِ وَالرُّوحِ ) ([1])، وفي سنن أبي داوود وقال الألباني حسن صحيح من حديث شَرِيقٌ الهَوْزَنِي رضي الله عنه عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: ( كَانَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم إِذَا هَبَّ مِنَ الليْلِ كَبَّرَ عَشْرًا وَحَمِدَ عَشْرًا، وَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ عَشْرًا، وَقَالَ: سُبْحَانَ المَلِكِ القُدُّوسِ عَشْرًا وَاسْتَغْفَرَ عَشْرًا وَهَللَ عَشْرًا .. الحديث ) ([2]) .
2- الشرح والتفسير:
التقديس في اللغة التطهير، ومنه سميت الجنة حظيرة القدس كما ورد عند البزار من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال عن رب العزة: ( من ترك الخمر وهو يقدر عليه لأسقينه منه في حظيرة القدس، ومن ترك الحرير وهو يقدر عليه لأكسونه إياه في حظيرة القدس ) ([3])، وكذلك سمى جبريل عليه السلام روح القدس قال تعالى: } قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ { [النحل:102] ([4]) .
والقداسة تعني الطهر والبركة، وقدس الرجل ربه أي عظمه وكبره، وطهر نفسه بتوحيده وعبادته، ومحبته وطاعته , ومن ذلك قول الملائكة: } وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ { [البقرة:30]، فالقدوس لغة يعني المطهر المنزه عن كل نقص المتصف بكل أنواع الكمال ([5]) .
والقدوس سبحانه هو المنفرد بأوصاف الكمال الذي لا تضرب له الأمثال، فهو المنزه المطهر الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه، والتقديس الذي هو خلاصة التوحيد الحق إفراد الله سبحانه بذاته وأصافه وأفعاله عن الأقيسة التمثيلية والقواعد الشمولية والقوانين التي تحكم ذوات المخلوقين وأصافهم وأفعالهم، فالله عز وجل نزه نفسه عن كل نقص فقال: } لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ { [الشورى:11]، فلا مثيل له نحكم على كيفية أوصافه من خلاله، ولا يستوي مع سائر الخلق فيسري عليه قانون أو قياس أو قواعد تحكمه كما تحكمهم لأنه القدوس المطهر المتصف بالتوحيد المنفرد عن أحكام العبيد، ثم أثبت الله لنفسه أوصاف الكمال والجمال؛ فقال سبحانه بعد نفي النقص مطلقا وجملة: } وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ { [الشورى:11] فلا يكون التقديس تقديسا ولا التنزيه تنزيها إلا بنفي وإثبات، ومن ثم لا يجوز في حق الله قياس تمثلي أو شمولي وإنما يجوز في حقه قياس الأولى لقوله تعالى: } وَلِلهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى { [النحل:60] ([6]).
3- دلالة الاسم على أوصاف الله:
اسم الله القدوس يدل على ذات الله وعلى صفة القدسية كوصف ذات والتقديس كوصف فعل بدلالة المطابقة، فالله عز وجل مقدس في ذاته منزه عن كل نقص وعيب لأنه متصف بكل أنواع الكمال، وهو المستحق للتقديس والعظمة والجلال ولذلك قالت الملائكة: } وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ { [البقرة:30] .
وهو سبحانه أيضا يقدس من شاء من خلقه وفق مراده وحكمه، فالتقديس وصف فعله كما ورد في حديث ابن مسعود t أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ( إِنَّ الله عَزَّ وَجَل لاَ يُقَدِّسُ أُمَّةً لاَ يُؤْخَذُ لِلضَّعِيفِ فِيهِمْ حَقُّهُ ) ([7])، وفي رواية أبي سفيان بن الحارث t: ( إِنَّ الله لاَ يُقَدِّسُ أُمَّةً لاَ يَأْخُذُ الضَّعِيفُ حَقَّهُ مِنَ القَوِىِّ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعْتَعٍ ) ([8])، وعند ابن ماجة وصححه الألباني من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ( كَيْفَ يُقَدِّسُ الله أُمَّةً لاَ يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ ) ([9]) .
واسم الله القدوس يدل على ذات الله وحدها بالتضمن، وعلى الصفة وحدها بالتضمن وعليهما معا بالمطابقة، ويدل باللزوم على الحياة والقيومية، والعلو والأحدية والغني والصمدية، والملك والفوقية، وكل ما يلزم لمعنى القدسية ونفي الشبيه والمثلية فلا بد لمن تزه عن كل نقص وعيب من الغنى بالنفس وعلو الشأن في كل اسم ووصف، واسم الله القدوس دل على صفة من صفات الذات والأفعال.
4- الدعاء بالاسم دعاء مسألة:
ورد الدعاء بالاسم المطلق عند أبي داود وقال الألباني: حسن صحيح من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( كَانَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم إِذَا هَبَّ مِنَ الليْلِ كَبَّرَ عَشْرًا وَحَمِدَ عَشْرًا، وَقَالَ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ عَشْرًا، وَقَالَ: سُبْحَانَ المَلِكِ القُدُّوسِ عَشْرًا وَاسْتَغْفَرَ عَشْرًا، وَهَللَ عَشْرًا، ثُمَّ قَالَ: اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا وَضِيقِ يَوْمِ القِيَامَةِ عَشْرًا، ثُمَّ يَفتَتِحُ الصَّلاَةَ ) ([10])، وعند مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: ( سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ المَلاَئِكَةِ وَالرُّوحِ ) ([11])، وهو دعاء ثناء ومدح له وجه في دعاء المسألة .
ومما ورد في الدعاء بالوصف الذي تضمنه الاسم ما رواه البيهقي وصححه الألباني من حديث بريدة t قال: ( لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ لَقِيَهُ النبي صلي الله عليه وسلم فقال: أخبرني بِأَعْجَبِ شيء رَأَيْتَهُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، قَالَ: مَرَّتِ امْرَأَةٌ عَلَى رَأْسِهَا مِكْتَلٌ فِيهِ طَعَامٌ؛ فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ فَأَصَابَهَا فَرَمَى بِهِ؛ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهَا وَهِي تُعِيدُهُ في مِكْتَلِهَا، وَهِي تَقُولُ: وَيْلٌ لَكَ يَوْمَ يَضَعُ الْمَلِكُ كُرْسِيَّهُ فَيَأْخُذُ لِلمَظْلُومِ مِنَ الظالِمِ فَضَحِكَ النبي صلي الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ؛ فَقَالَ: كَيْفَ تُقَدَّسُ أَمَّةٌ لاَ تَأْخُذُ لِضَعِيفِهَا مِنْ شَدِيدِهَا حَقَّهُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعْتَعٍ ) ([12])، وفي رواية قال بريدة: ( كيف يقدس الله أمة لا يأخذ ضعيفها حقه من قويها ) ([13]) .
5- الدعاء بالاسم دعاء عبادة:
يتجلى توحيد المسلم لربه في اسمه القدوس من خلال تنزيهه عن أقيسة التمثيل والشمول التي تحكمنا وتحكم أوصافنا، كما أنه ينزه الله عن وصف العباد له إلا ما وصف المرسلون، قال تعالى: } سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلى المُرْسَلينَ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ { [الصافات:182]، فيصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله صلي الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، ويعلم أن ما وُصِف الله به من ذلك فهو حق ليس فيه لغز ولا أحاجي، لاسيما إذا كان المتكلم أعلم الخلق وأفصحهم في البيان والدلالة والإرشاد، وهو سبحانه مع ذلك ليس كمثله شيء لا في نفسه المقدسة المذكورة بأسمائه وصفاته ولا في أفعاله ([14]) .
ومن دعاء العبادة أيضا أن ينزه المسلم نفسه عن المعاصي والذنوب، ويطلب المعونة من ربه أن يحفظه في سمعه وبصره وبدنه من جميع النقائص والعيوب .
أما من جهة التسمية بعبد القدوس فقد تسمى به عبد القدوس بن الحجاج أبو مغيرة الخولاني الحمصي (ت:212)، روى البخاري عنه قال: ( حَدَّثَنَا أَبُو المُغِيرَةِ عَبْدُ القُدُّوسِ بْنُ الحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ ) ([15]) .
********************************
5- الله جل جلاله السَّلامُ
********************************
1- الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه:
لم يرد الاسم في القرآن إلا في موضع واحد وهو قوله تعالى: } هُوَ اللهُ الذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ { [الحشر:23]، وفي هذا الموضع ورد مطلقا معرفا مرادا به العلمية ومسندا إليه المعنى محمولا عليه ودالا على الوصفية وكمالها .
وعند البخاري من حديث ابن مسعود t قال: ( كُنَّا إِذَا صَليْنَا خَلفَ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قُلنَا: السَّلاَمُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ، فَالتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ S فَقَالَ: إِنَّ اللهَ هُوَ السَّلاَمُ .. الحديث ) ([16])، وفي صحيح مسلم من حديث ثَوْبَانَ رضي الله عنه أنه قَالَ: ( كَانَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلاَتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلاَثًا وَقَالَ: اللهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ وَمِنْكَ السَّلاَمُ تَبَارَكْتَ ذَا الجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ ) ([17])، وفي صحيح الجامع من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ( ‌إن السلام اسم من أسماء الله تعالى فأفشوه بينكم ) ([18]) .
2- الشرح والتفسير:
السلام في اللغة مصدر استعمل اسما للموصوف بالسلامة، فعله سلم يسلم سلاما وسلامة، والسلامة الأمن والأمان والحصانة والاطمئنان، والبراءة من كل آفة ظاهرة وباطنة، والخلاص من كل مكروه وعيب ([19])، ومادة السلام تدل على الخلاص والنجاة، وقيل للجنة دار السلام لأنها دار السلامة من الهموم والآفات، باقية بنعيمها وأهلها في أمان ما دامت السماوات والأرض، قال تعالى: } لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ { [الأنعام:127] ([20])، ومن السلامة أيضا التحية الخالصة من سوء الطوية وخبث النية، فسميت التحية في الإسلام سلاما، روى البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيِ صلي الله عليه وسلم قَالَ: ( خَلَقَ الله آدَمَ وَطولهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، ثمَّ قال اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فقال السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ، فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللهِ ) ([21]) .
والله عز وجل هو السلام لسلامته من النقائص والعيوب، فهو الذي سَلَِم في ذاته بنوره وجلاله، فمن جماله وسبحات وجهه احتجب عن خلقه رحمة بهم وابتلاء لهم روى مسلم من حديث أَبِي مُوسَى رضي الله عنه أن النبي قال صلي الله عليه وسلم : ( حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ ) ([22])، وهو الذي سَلَِم في صفاته بكمالها وعلو شأنها، وسلم أيضا في أفعاله بإطلاق قدرته وإنفاذ مشيئته، وكمال عدله وبالغ حكمته، وهو سبحانه الذي يدعو عباده إلى السلامة وإفشاء السلام فأثنى على عباده في قوله: } وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً { [الفرقان:63]، وهو الذي يدعو إلى سبل السلام باتباع منهج الإسلام كما قال: } يَهْدِي بِهِ الله مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ { [المائدة:16]، وهو سبحانه الذي يدعو عباده إلى دار السلام ويبلغ من استجاب منهم إليها فقال: } وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ { [يونس:25]، فكل سلامة منشأها منه وتمامها عليه ونسبتها إليه ([23]) .
3- دلالة الاسم على أوصاف الله:
هذا الاسم يدل على ذات الله وعلى صفة السلامة كوصف ذات والتسليم كوصف فعل بدلالة المطابقة، وعلى ذات الله وحدها بالتضمن، وعلى الصفة وحدها بالتضمن، فالسلامة وصف ذاته لسلامته من النقائص والعيوب، ووصف فعله لأنه سلم من شاء من خلقه على مقتضى حكمته وأمره، فهو جل شأنه السلام ومنه السلام، روى مسلم من حديث ثوبان t مرفوعا: ( اللهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ وَمِنْكَ السَّلاَمُ تَبَارَكْتَ ذَا الجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ ) ([24])، وهو الذي سلم أهل الجنة من كل ما ينغص عيشهم أو يكدر صفوهم، وجعل السلام أيضا من قوله لهم، قال تعالى: } لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ { [الأنعام:127]، وقال سبحانه: } سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ { [يس:58]، واسم الله السلام يدل باللزوم على الحياة والقيومية والعزة والقدسية، والغني والصمدية، والحكمة والأحدية، وغير ذلك من صفات الكمال، واسم الله السلام دل على صفة من صفات الذات والأفعال .
4- الدعاء بالاسم دعاء مسألة:
ورد دعاء المسألة بالاسم المطلق عند مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه أنه قال: ( كَانَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلاَتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلاَثًا وَقَالَ: اللهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ وَمِنْكَ السَّلاَمُ تَبَارَكْتَ ذَا الجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ ) ([25]) .
وورد الدعاء بالوصف الذي دل عليه الاسم فيما رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله e قال: ( فَيَأْتِيهِمُ الله فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا فَيَدْعُوهُمْ فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظهراني جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ وَلاَ يَتَكَلمُ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلاَّ الرُّسُلُ، وَكَلاَمُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللهمَّ سَلّمْ سَلّمْ ) ([26])، وعند مسلم من حديث حذيفة بن اليمان t أن رسول الله e قال: ( وَنَبِيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ: رَبِّ سَلمْ سَلمْ، حَتَّى تَعْجِزَ أَعْمَالُ الْعِبَادِ، حَتَّى يجيء الرَّجُلُ فَلاَ يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلاَّ زَحْفًا ) ([27])، ومن الدعاء بمقتضى الاسم ما رواه الترمذي وصححه الألباني من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلمكان إذا رأى الهلال قال: ( اللهمَّ أَهْلِلْهُ عَلَيْنَا بِالْيُمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلاَمَةِ وَالإِسْلاَمِ، رَبِّي وَرَبُّكَ الله ) ([28]) .
5- الدعاء بالاسم دعاء عبادة:
أثر الإيمان بتوحيد الله في اسمه السلام أن يكف المسلم نفسه عن إخوانه فيسلموا من أذيته ويحرص على جيرانه وقرابته، روى البخاري من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ( المُسْلمُ مَنْ سَلمَ المُسْلمُونَ مِنْ لسَانِهِ وَيَدِهِ ) ([29])، وروى البخاري أيضا من حديث أبي شرح t أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ( وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ، قِيل: وَمَنْ يَا رَسُول اللهِ؟ قَال: الذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ ) ([30]) .
ومن ذلك أيضا أن يفشي السلام بين العباد، ويلتزم بتحية الإسلام، روى الطبراني وصححه الألباني من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ( السَّلاَمُ اسْم مِن أسماءِ الله فأفشُوه بَينكم ) ([31])، وعند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي eصلي الله عليه وسلم قال: ( خَلقَ اللهُ آدَمَ عَلى صُورَتِهِ، طُولهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلمَّا خَلقَهُ قَال: اذْهَبْ فَسَلمْ عَلى أُولئِكَ النَّفَرِ مِنَ المَلاَئِكَةِ جُلوسٌ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَال: السَّلاَمُ عَليْكُمْ، فَقَالوا السَّلاَمُ عَليْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ، فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللهِ، فَكُل مَنْ يَدْخُل الجَنَّةَ عَلى صُورَةِ آدَمَ، فَلمْ يَزَل الخَلقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآنَ ) ([32]) .
وفي الجملة ينبغي على المسلم أن يسلك سبل السلام التي تؤدي إلى دار السلام قال الله عز وجل: } يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُل السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلمَاتِ إِلى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ { [المائدة:16]، وقال: } وَاللهُ يَدْعُو إِلى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ { [يونس:25] .
أما من جهة التسمية بعبد السلام فقد تسمى به كثير منهم أبو بكر عبد السلام بن حرب (ت:187)، أخرج عنه البخاري، قال: ( حَدَّثَنَا الفَضْل بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالتْ: قَال النَّبِي صلي الله عليه وسلم : ( لاَ يَحِل لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلاَثٍ إِلاَّ عَلى زَوْجٍ ) ([33]) .
********************************

1.مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود1/353 (487) .

2.أبو داود في الأدب، باب ما يقول إذا أصبح 4/322 (5085)، صحيح أبي داود 3/958 (4242) .

3.مسند البزار 3/181 (3584) والحديث صحيح لغيره، انظر صحيح الترغيب والترهيب (2375) .

4.تفسير البيضاوي 3/420، ودقائق التفسير لابن تيمية 1/310 .

5.لسان العرب 6/168، وشرح أسماء الله الحسنى للرازي ص94، والمقصد الأسنى ص65 .

6.انظر مختصر القواعد السلفية في الصفات الربانية للمؤلف، محذورات القاعدة الأولى ص 13 .

7.انظر صحيح الجامع حديث رقم (1858) .

8.السابق حديث رقم (1857) .

9.ابن ماجة في الفتن، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 2/1329 (4010)، وانظر تصحيح الشيخ الألباني في ظلال الجنة في تخريج السنة (582) .

10.أبو داود في الأدب، باب ما يقول إذا أصبح 4/322 ( 5085).

11.مسلم في الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود1/353 (487) .

12.سنن البيهقي الكبرى 6/95 (11294)، وانظر ظلال الجنة في تخريج السنة لابن أبي عاصم (582) .

13.صحيح الجامع (4597) .

14.انظر في ذلك: الأربلية ضمن مجموع فتاوى ابن تيمية 5/195، والعقيدة الأصفهانية 2/25، والعقيدة الواسطية 3/130، والفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان 11/250، والكيلانية 12/446، وقاعدة في الكلام علي المرشدة 11/480 .

15.البخاري في كتاب الأشربة، باب تزويج المحرم 2/652 (1740) .

16.البخاري في كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة 1/286 (797) .

17.مسلم في كتاب المساجد، باب استحباب الذكر بعد الصلاة 1/414 (591) .

18.صحيح الجامع 11/131، وانظر الأدب المفرد، باب السلام اسم من أسماء الله 1/343 (989) .

19.لسان العرب 12/289، والمغرب في ترتيب المعرب 1/411 .

20.اشتقاق أسماء الله للزجاج ص216 .

21.البخاري في أحاديث الأنبياء، باب خلق آدم صلوات الله عليه 3/1210 (3148) .

22.مسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله عليه السلام إن الله لا ينام1/161 (179) .

23.شرح أسماء الله الحسنى للرازي ص196، والأسماء والصفات للبيهقي ص53، والمقصد الأسنى ص67 .

24.مسلم في كتاب المساجد، باب استحباب الذكر بعد الصلاة 1/414 (591) .

25.مسلم في كتاب المساجد، باب استحباب الذكر بعد الصلاة 1/414 (591) .

26.البخاري في الأذان، باب قول الله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة 6/2704 (7000) .

27.مسلم في الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها 1/187 (195) .

28.الترمذي في الدعوات، باب ما يقول عند رؤية الهلال 5/405 (3451) والسلسلة الصحيحة (1816) .

29.البخاري في الأشربة، باب الانتهاء عن المعاصي 5/2379 (6119) .

30.البخاري في الاستئذان، باب إثم من لا يأمن جاره بوائقه 5/2240 (5670) .

31.المعجم الأوسط 3/231 (3008)، صحيح الجامع (3697) .

32.البخاري في كتاب الأدب، باب بدء السلام 5/2299 (5873) .

33.البخاري في الطلاق، باب الكحل للحادة 5/2043 (5025) .