عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 06-01-2010, 02:18 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 23
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

·معاني التوحيد بين وصف الغنى والكمال ووصف الافتقار إلى رب العزة والجلال.

عقيدة أهل السنة والجماعة في توحيد الربوبية قائمة على أن وصف الغنى والكمال وصف ذاتي انفرد به رب العزة والجلال، وأن وصف الحاجة والافتقار وصف ذاتي لكل مخلوق على وجه الاضطرار.
· الأدلة على ذلك:
1.قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الفُقَرَاءُ إِلى اللهِ وَاللهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ) (فاطر:15).
2.وقال: (هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لتُنْفِقُوا فِي سَبِيل اللهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَل فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللهُ الغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلوْا يَسْتَبْدِل قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالكُمْ) (محمد:38).
3.وقال: (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لعِبَادِهِ الكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَليمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (الزمر:7).
4. وقال تعالى: (فَسَقَى لهُمَا ثُمَّ تَوَلى إِلى الظِّل فَقَال رَبِّ إِنِّي لمَا أَنْزَلتَ إِليَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) (القصص:24).
قال ابن القيم: (فصل في أن الله هو الغني المطلق والخلق فقراء محتاجون إليه قال الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الفُقَرَاءُ إِلى اللهِ وَاللهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ) (فاطر:15) بين سبحانه في هذه الآية أن فقر العباد إليه أمر ذاتي لهم لا ينفك عنهم، كما أن كونه غنيا حميدا ذاتي له، فغناه وحمده ثابت له لذاته، لا لأمر أوجبه، وفقر من سواه إليه ثابت لذاته، لا لأمر أوجبه، فلا يعلل هذا الفقر بحدوث ولا إمكان، بل هو ذاتي للفقير، فحاجة العبد إلى ربه لذاته، لا لعلة أوجبت تلك الحاجة، كما أن غنى الرب سبحانه لذاته، لا لأمر أوجب غناه.
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
والفقر لي وصف ذات لازم أبدا.. كما الغنى أبدا وصف له ذاتي.
فالخلق فقير محتاج إلى ربه بالذات لا بعلة، وكل ما يذكر ويقرر من أسباب الفقر والحاجة فهي أدلة على الفقر والحاجة، لا عِلل لذلك، إذا ما بالذات لا يعلل، فالفقير بذاته محتاج إلى الغني بذاته، فما يذكر من إمكان وحدوث واحتياج فهي أدلة على الفقر لا أسباب له).
ولذلك فإن الحاجة دليل العبودية والافتقار، وعدم الحاجة دليل الغنى والكمال، والغنى المطلق لا يكون إلا لرب العزة والجلال، ففقر العبد بمعناه العام وظهور فقره من خلال الأقوال والأفعال يدل على فهمه لحقيقة الربوبية والعبودية معا، فإن استغنى عن الآخرين فإنه يستغني عنهم افتقارا إلى الله أن يمنحه من فضله في أخراه، لا أنه يستغني عن الحاجة مطلقا فلا يطلبها من الله أو من غيره كما فعل كثيرون من الصوفية.
والقصد أن علة احتياج العالم إلى الرب سبحانه أن وصف الغنى والكمال وصف ذاتي انفرد به رب العزة والجلال، وأن وصف الحاجة والافتقار وصف ذاتي لكل مخلوق على وجه الاضطرار.
·دليل الحدوث علة احتياج العالم إلى الرب سبحانه وتعالى عند المتكلمين.
معلوم أن مذهب السلف هو افتقار المخلوق إلى خالقه وأن وجوده تعالى وغناه بنفسه عمن سواه أمر فطري معلوم بالضرورة، يُعلم من نظر العبد إلى ضروريات نفسه وافتقاره إلى غيره, والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصى نراها في الكون والنفس والآثار والآفاق والوحي.
أما الأشاعرة فدليل احتياج العالم للخالق يسمى عندهم دليل الحدوث، وهو الاستدلال على ضرورة وجود الله بأن الكون حادث، وكل حادث فلابد من محدث قديم، وأخص صفات هذا القديم عندهم مخالفته للحوادث، وملخص كلامهم كما قال الشهرستاني في نهاية الإقدام في علم الكلام أنهم قالوا:
(لو قامت الحوادث بذات الباري سبحانه وتعالى لاتصف بها بعد أن لم يتصف، ولو اتصف لتغير، والتغير دليل الحدوث، إذ لا بد من مغير).
ويستدلون لكلامهم العقلي بقوله تعالى: (وَإِذْ قَال إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آَزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آَلهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَكَذَلكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَليَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ فَلمَّا جَنَّ عَليْهِ الليْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَال هَذَا رَبِّي فَلمَّا أَفَل قَال لا أُحِبُّ الآَفِلينَ) أي لا أحبّ عبادة الأرباب المتغيرين من حال إلى حال، المتنقلين من مكان إلى آخر، المحتجبين بستر، فإنّ ذلك من صفات الأجرام.
·بطلان تفسير الأفول بمعنى الحركة.
واستدلال الأشعرية على دليل الحدوث بقول إبراهيم u: (لا أُحِبُّ الآَفِلينَ) استدلال باطل لأن الأفول هنا بمعنى الغياب وليس الحركة.
قال تعالى: (فَلمَّا رَأَى القَمَرَ بَازِغًا قَال هَذَا رَبِّي فَلمَّا أَفَل قَال لئِنْ لمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ القَوْمِ الضَّالينَ فَلمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَال هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلمَّا أَفَلتْ قَال يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) (الأنعام:76/77).
ودليل الحدوث دليل من ضمن الكثير من الأدلة العقلية التي ورد ذكرها في القرآن للاستدلال على غنى الخالق وفقر جميع الخلائق إليه وحدوه دون سواه، والله عز وجل يذكره لإلزام العقلاء بتوحيد العبادة، وليس فقط لإثبات الربوبية ووجود الخالق:
قال تعالى: (قُل مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل اللهُ قُل أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْليَاءَ لا يَمْلكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرّاً قُل هَل يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالبَصِيرُ أَمْ هَل تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا للهِ شُرَكَاءَ خَلقُوا كَخَلقِهِ فَتَشَابَهَ الخَلقُ عَليْهِمْ قُل اللهُ خَالقُ كُل شَيْءٍ وَهُوَ الوَاحِدُ القَهَّارُ) (الرعد:16).
وقال سبحانه: (أَمْ خُلقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الخَالقُونَ أَمْ خَلقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ) (الطور:35/36).
رد مع اقتباس