أول مسجد فى شبه القارة الهندية بناه محمد بن القاسم بمدينة الديْبل (كراتشى) حاليا بباكستان
ونزل الخبر على "داهر" كالصاعقة , على أن "داهر" لم يستسلم للهزيمة, بل عول على مقاومة الزحف الإسلامى , فاتجه الى الداخل , وأعد العدة لاستئناف القتال فى موضع يقع شرق مصب نهر السند ظنا منه أن النهر يعرقل عبور المسلمين له(21) ....
مقتل الملك "داهر" ملك السند ....
ثم أتى محمدٌ (البيرون) (22) فصالحه أهلها , وجعل محمد لا يمر بمدينة إلا وفتحها وهزم جيوشها , ثم سار الى نهر (مِهران) فزل فى وسطه, وبلغ خبره "داهر", فاستعد لمجابهته(23), وعبر محمد بن القاسم النهر مما يلى بلاد الملك "راسل" ملك مدينة (القَصّة =كَجْ) وهى من بلاد الهند , وهناك لقى محمد بن القاسم قوات الملك "داهر" أعظم ملوكهم وكان يمتطى فيله وحوله الفيلة والخيول والجيوش العظيمة , وبدأت معركة عنيفة وشرسة واقتتلوا قتالا شديدا لم يُسمع بمثله(24) واستخدم الهنود الفيلة والنبال والنفط واستمر القتال حتى المساء وترجل "داهر" وظل يُقاتل حتى قُتل ولله الحمد والمنة , وانهزم أصحابه وقتلهم المسلمون كيف شاءوا(25), وكان الذى قتله – أى "داهر" – القاسم بن ثعلبة بن عبد الله الطائى(26), فقال– رحمه الله – فى هذه المناسبة يفتخر بقتله للملك "داهر"(27):
الخيلُ تشهد يوم داهَرَ والقَنا *** ومحمدُ بن القاسم بن محمدِ
أنّى فَرَجْتُ الجمع غير مُعرِّدِ *** حتى علوتُ عظيمهم بمُهنَّدِ
فتركتُه تحت العَجاج مُجندلاً *** متعفّر الخدّين غير موسّدِ
وكان هذا الإنتصار من أعظم إنتصارات محمد بن القاسم , وتخلص بذلك من أكبر ملوك السند وهو "داهر" , ثم واصل محمد بن القاسم فتوحاته , فلا يمرّ على بلد إلا فتحها وأذل ملوكها , وأذعنت له الممالك وذلت له جنود الهند ولم تكن هناك قوة أمامه إلا قوة الملك "دوهر" ملك "الكيرج" .. فأتى المدينة العتيقة (برهمناباد) وكان فيها فلول جيش "داهر" , فقاتلوه , ففتحها محمد عنوة , وقتل بها ثمانية آلاف , وقيل : ستة وعشرين ألفا , وخلّف فيها عامله(28).. الله أكبر والعزة لله ...
نموذج لمنجنيق استخدمه المسلمون فى فتوح السند أيام محمد بن القاسم !!
ثم واصل محمد تقدمه حتى وصل الى مدينة (المُلْتَان) أعظم مدن السند الأعلى وأقوى حصونه ,فامتنعت عليه شهورا وقاتله أهلها, فانهمزموا(29), وكان بتلك المدينة معبدا من أكبر معابك الهنود فى هذا المنطقة , وكانت تُهدى اليه الأموال وتُنذر له النذور وويحجون اليه وكان به صنم كبير يزعم الهنود أنه أيوب – عليه الصلاة والسلام – وكان الهنود يطوفون به ويلحقون روؤسهم ولحاهم عنده , وكان فى هذا المعبد قناطير مقطنرة من الذهب والفضة , ثم جاء رجل من أهل المدينة مستأمن فدلّ محمد بن القاسم على مكان الماء الذى يشرب منه أهل "الملتان" فقطع الماء عنهم , فاشتد عليهم الأمر حتى نلزوا على حكمه , فقتل محمد المقاتلة وسبى الذرية , ثم سبى سدنة المعبد وهم ستة آلاف , وأصاب محمد مالاً كثيرا جمعه فى بيت طوله عشرة أذرع وعرضه ثمانية أذرع يُلقى اليه من كوة فى وسطه , فسميت (الملتان): فرج – ثغر – بيت الذهب(30)....
كان إستيلاء العرب على الملتان أهمية كبيرة, نظرا لأهميتها الكبيرة عند الهنود من الناحية الدينية, إذ يوجد به المعابد الكبيرة يحج إليها الهنود من كل حدب وصوب, ويهدون الأموال الى الصنم المقام هناك, وينذرون له النذور, ويطوفون به ويحلقون روؤسهم ولحاهم عنده, وبسقوط الملتان فى ايدى العرب اصبح وادى السند بأكمله فى حوزتهم(31)... !!
ولقد أنجز محمد بن القاسم هذا الفتح فى المدة بين سنة 89هـ الى سنة 94هـ , وازداد إعجاب الحجاج بن يوسف بابن أخيه محمد بن القاسم وازدادت مكانة محمد بن القاسم فى نفوس المسلمين ..
وعظمت فتوحات محمد بن القاسم وكثرت الغنائم جدا , حتى أن الحجاج بن يوسف نظر فى النفقة على ذلك الثغر – السند – فكانت ستين ألف ألف درهم !! , ونظر فى الذى حُمل فكان مائة ألف ألف وعشرين ألف ألف فقال : شفينا غيظنا , وأدركنا ثأرنا , ازددنا ستين ألف ألف درهم ورأس (داهر) (32).. الله أكبر والعزة لله !!
أول مسجد فى شبه القارة الهندية بناه محمد بن القاسم بمدينة الديْبل (كراتشى) حاليا بباكستان