·دليل النظر في خلق النفس البشرية:
أما دلالة الأنفس : فقد ذكرها الله بعد دلالة الآفاق فقال : } سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ { ومن أعظم ما يدور في العالم الآن، مشروع القرن، أعظم مشاريع التاريخ، مشروع الجينيوم، أوخريطة الجينات البشرية، الحامض النووى للخلية دي إن إي، أو سر الحياة كما أطلقوا عليها عام 1953م، ويمتاز هذا الحامض في الخلية بأن له تركيبة واحدة في الإنسان، وهو عبارة عن سلمين لولبين ملتصقين وملتفين حول بعضهما البعض، وتتكون جوانب السلم من جزئيات السكر والفوسفور، وتتكون كل درجة من درجاته من قاعدة نيتروجيه وتوجد أربعة أنواع من هذه القواعد التي تتوالى بطريقة معينة، وقد شبه الحامض الوراثى "النووي" بكتاب مؤلف من أبواب محددة والباب الواحد مكون من صفحات، وفي كل صفحة فقرات مكتوبة بكلمات من أحرف، ولا يزيد عدد الأحرف عن أربعة، هي المواد الأساسية التي خلقها الله سبحانه وتعالى في الجسم الإنساني والحيواني والنباتي، تصور لغة من أربعة حروف كيميائية، موضوعة في تسلسل معين يؤدي إلى خلق البشر، والله سبحانه وتعالى خلقنا بتركيبة مبنية على هذه الحروف الأربعة .
نشر العلماء أول حلقة من خريطة الجينات البشرية في تقدم يبشر بإحداث ثورة في المفاهيم العلمية والطبية، تتوج جهودا مضنية بذلها علماء كثيرون من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان والصين طوال السنوات العشر الماضية لفك شفرة الجينات الوراثية التي جعلت منا كائنات حية، الجينوم هو القائمة الكاملة من الجينات الوراثية المشفرة اللازمة لتكوين الكائن الحي، هناك 3 .1 مليار حرف من الحامض النووي (دي إن إيه) في كل خلية من الخلايا البشرية البالغ التي عددها 100 تريليون خلية، الأسس النتروجينية الأربعة لحروف الحامض النووي والمترتبة على شكل أزواج، تحمل المعلومات الكاملة لتكوين جميع الكائنات الحية، إذا وضعت جميع جزيئات الحامض النووي في الجسم البشري سوية من نهايات أطرافها، فإنها تساوى مسافة ما بين الأرض إلى الشمس ذهابا وعودة 600 مرة، والمعلومات الموجودة في الخلية يمكن أن تملأ مجموعة من الكتب يصل ارتفاعها إلى 60 مترا أو 200 دليل هاتف كل واحد منها مؤلف من 500 صفحة .
دلالة الأنفس دلالة بليغة قال الله تعالى : } قُتِل الإنسان مَا أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيل يَسَّرَهُ { (عبس :20) . وقال تعالى : } وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ { (الذاريات :21) ، وقال : } يَا أَيُّهَا الإنسان مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ الذِي خَلقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ { (الانفطار :8) . وقد جمع الله تعالى ذكر دلالتي النفوس والآفاق في قوله تعالى : } سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ أَوَلمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُل شَيْءٍ شَهِيدٌ {.
1.دليل الفطرة وفقر النفس البشرية:
1.قيام الخلائق على معنى الزوجية .
2.قيام الخلائق على معانى النقص في الكمال والجمال.
3.ليس كل ما يتمناه يدركه .
4.اللجوء إلى قوة عليا عند ضعفه.
5.المصلحة في حب الخير ودفع الشر.
6.طلب الخير الأعلى والبعد عن الشر الأعلى .
أولا : قيام الخلائق على معنى الزوجية .
فقد أقام الله الخلائق على معاني الزوجية والشفعية لينفرد بالوحدانية والأحدية والوترية. أقام الله عز وجل الخلائق على معاني الزوجية والشفعية لينفرد سبحانه وتعالى بالوحدانية والأحدية والوترية، من ثم كانت الخلائق قائمة بين حياة وموت، وقوة وضعف وقدرة وعجز وإتيان ونزع وعز وذل وعلم وجهل وفقر وغنى وعقم وإنجاب، فتتردد الحياة بين السلب والإيجاب. كما قال تعالى: (وَمِنْ كُل شَيْءٍ خَلقْنَا زَوْجَيْنِ لعَلكُمْ تَذَكَّرُونَ) (الذاريات:49). وقال: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلنَا احْمِل فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَليْهِ القَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلا قَليلٌ) (هود:40). وقال: (وَأَنَّهُ خَلقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى) (النجم:45) (فَجَعَل مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى) (القيامة:39).
كل ذلك ليفتقر كل منهم إلى الآخر فيقروا بالتوحيد في عبوديتهم إلى ربهم ويعودون بفقرهم إلى خالقهم لأنه الغني بذاته في كل اسم له أو وصف أو فعل، وألا يستغنوا عنه بقوتهم التي منحها لهم، أو يخرجهم طغيانهم عن حدود فقرهم. ثم إذا أيقنوا بفقر من لجئوا إليه وأنه ينقطع عنهم أنه لو أعطاهم مرة فلن يعطيهم مرة أخرى، علموا أنهم فقراء لجئوا إلى فقراء من أمثالهم، وأن الفقير لا يلجأ إلى فقير، وأن الصغير لا يستند إلى صغير، بل لا بد من غني كبير يبتغون عنده الرزق والحمد والشكر وكل ألوان العبادة له وحده لا شريك له، (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الأعراف:194)(إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (العنكبوت:17).
وفي مقابل توحيد العبودية وحدوا الله في الربوبية، فكان لهم ربا واحد أحدا وترا صمدا قويا غنيا قديرا عليا له الأسماء الحسنى والصفات العليا، يدعونه ويركنون إليه كما قال تعالى: (وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الذِينَ يُلحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأعراف:180)وقال: (قُل ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلكَ سَبِيلاً) (الإسراء:110).
|