البشرى بالزواج :
كان "ورقة بن نوفل" من الذين يحرصون على القراءة فى الكتب المقدسة وكان يعرف ما هو موجوداً فى الإنجيل والتوراة , وعندما بدأت "خديجة" تقص عليه ما حدث ظهر السرور على وجه "ورقة بن نوفل" وصاح قائلاً: هنيئاً يا "خديجة" , ستتزوجين يا إبنة عمى .
فإندهشت "خديجة" وأخبرته بأنها تركت كل الرجال وعزمت على ألا تتزوج أبداً بعد وفاة زوجيها : فقال لها ورقة : ستتزوجين يا "خديجة" رجلاً ولا كل الرجال , ستتزوجين نبى ! ... سيبعث هذا النبى من بيت العرب كما جاء فى الكتب التى قرأتها وقد قرب زمانه وسيختار الله له زوجة صالحة , تكون معه وتعيينه وتجاهد معه ضد أعداءه , ألديك الإستعداد لذلك الجهاد يا "خديجة" ؟!
عادت "خديجة" إلى دارها فى حيرة من أمرها مما قاله لها إبن عمها "ورقة بن نوفل"
ومرت الأيام , وإنصرفت "خديجة" إلى عملها ولكن أصبحت تلك الرؤيا وذلك التأويل هو شاغلها الشاغل وإن لم تتحدث به إلى أحد .
أخذت "خديجة" تستعد لرحلة الصيف التى تسير بمتاجر اليمن إلى الشام ووفد عليها الرجال يعرضون عليها أن ترسلهم فى تجارتها .
بين "أبو طالب" و"محمد" :
وفى أحد الأيام قال "أبو طالب" لـ "محمد" إبن أخيه : "يا إبن أخى , أنا رجل فقير لا مال عندى. وقد قسا الزمن علينا . وساءت الحال . وليس لنا مادة ولا تجارة . وهذه إبل قومك قد حان موعد خروجها إلى الشام . وقد إعتادت "خديجة" أن تبعث رجالاً من قومك يتجرون فى مالها , وينتفعون بالتجارة لها. فلو ذهبت إليها لفضلتك على غيرك, لما بلغها عنك من طهارتك وأمانتك. وإن كنت اكره أن تذهب إلى الشام, لأنى أخاف عليك من اليهود, ولكننا لا نجد من ذلك بَداً."
فقال "محمد" : "لعلها تـُرسل إلى فى ذلك"
فقال أبو طالب : "إنى أخاف أن تولى غيرك , فتطلب أمراً بعد ضياع الفرصة"
وعندما إقترب موعد رحيل القافلة ذهب إليها "أبو طالب" يطلب من "خديجة" أن تجعل "محمد" بن أخيه يخرج فى تجارتها , وكان "محمد" فى ذلك الوقت قد بلغ الخامسة والعشرين من عمره ولم يتزوج لأنه ليس له ما يعينه على الزواج.
خافت "خديجة" لأنها لم تعرف عنه أنه كان يعمل فى التجارة , فطمأنها "أبو طالب" وأخبرها بأن "محمد" يعرف أمور التجارة لأنه صاحبه فيها حين كان فى الثانية عشر من عمره , فقبلت "خديجة" طلب "أبو طالب" ففرح "أبو طالب" ثم إستأذنها فى الإنصراف ليزف الخبر إلى "محمد" إبن أخيه . ففرح "محمد" بذلك .
وأرسلت إليه , وقالت له : "دعانى إلى أن أبعث إليك ما بلغنى من رغبتك فى السفر إلى الشام للتجارة . وإنى سأعطيك ضعف ما أعطى رجلاً من قومك"
فذكر ذلك لعمه فقال : "إن ذلك لرزق ساقه الله إليك"