عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 19-01-2010, 10:30 PM
الصورة الرمزية علاء سيف
علاء سيف علاء سيف غير متواجد حالياً
مدرس أ. كيمياء
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 1,232
معدل تقييم المستوى: 18
علاء سيف is on a distinguished road
افتراضي الخدعة الكبرى

اعتاد المواطن المتلقي العربي على الدور الممارس من طرف قناة الجزيرة ، كمنبر إعلامي ناقد لكل ما هو عربي ،لكنه لذلك يفاجأ حتما بأي نقد لقناة ناقدة بامتياز في الظاهر . فلا شك قد تتفقون معي أنه حيثما حللنا و ارتحلنا في ربوع الوطن العربي ومنذ ما يقرب من عقد من الزمن ، صارت الجزيرة وما تبثه الجزيرة و ما تقوله الجزيرة هو الحقيقة بعينها ، ولا حقيقة تعلو على ما تنقله الجزيرة من أخبار وتقارير وتحاليل و .. و.. ففي الحافلات و المقاهي و النوادي حتى تلك المسماة ثقافية ، صارت الجزيرة هي المرجع الأساسي و الرئيس (( للحقيقة ؟ )) و في المقاهي يتنافس روادها على طموح وهموم الأوطان بكذا قالت الجزيرة ؟؟ وفي السياسة يتنافس المتنافسون ولو لمجرد الظهور أمام عدسات مصوري الجزيرة ومراسلي الجزيرة كأنهم الزعماء الحقيقيون والممثلون الأوحدون ، المتفردون لأوطانهم .
وبإيجاز شديد لا حقيقة إلا ما قالته الجزيرة و لا ثقافة إلا ثقافة الجزيرة و لا دين ولا مذهب ولا عقيدة إلا ما اعترفت به الجزيرة ، ولا عدو أو صديق إلا ما صدقته بتشديد الدال الجزيرة ، ولا شعوب أو أقليات أو عرقيات إلا من حاورتهم الجزيرة ، ولا أوطان أو حدود أو أقطار أو قطريات أو دول قائمة أو شبه دول إلا ما رسمت حدوده الجزيرة ، ولا سيادة و لا حدود إلا ما اعترفت به الجزيرة ، ولا مقدس أو مدنس إلا ما أجازته الجزيرة و .. و ..قس على ذلك في كل الميادين و المجالات و المؤسسات و الهيئات و الدكاترة و المشعوذين و الدجالين و العلماء و الفقهاء و الزعماء و الحكماء و المضطهدين و المنبوذين و الظالمين و المظلومين ،كل هؤلاء و غيرهم إن لم يمروا بقناة الجزيرة ولو مرور الكرام فاعتقد قد يصير لا وجود أو هوية لهم في عقلية الشارع العربي .
لذلك وانطلاقا من هذا وذاك أشرت إليها كنموذج للمتلاعبين بالعقول ، فهي – من دون قذف أو سب –
أكيد أغلب من يقرأ هذه السطور،سيعتبر كاتبها يخبط خبط عشواء وكفى . كيف لا ؟ و الجزيرة قد دجنت وتلاعبت بالعقول العربية ،بمسميات وبرامج ومبادئ معلنة ومستترة من مثل الرأي و الرأي الآخر، والاتجاه المعاكس أو المشاكس ، وزيارة خاصة ، ولقاء اليوم ، وهذا المساء و الليل و الصباح ، وما بعد وما وراء الخبر وطيلة أربع وعشرين ساعة
في رأيي ما قامت به الجزيرة من غزو للعقول العربية – إن بقيت بها عقول – لم تستطع حتى اعتى الإمبراطوريات الاستعمارية كبريطانيا من تحقيقه طيلة عقود وعقود ، فبفضل الجزيرة صارت الدول العربية ،الكل يعادي الكل ، و الكل لا يثق بالكل ، وباسم الموضوعية و الاحترافية ،أعطيت الكلمة لكل المارقين و الفوضويين والعبثيين و العملاء لا العلماء الحقيقيون ، و اغلب المتفيهقين الذين اطلوا علينا من الجزيرة ،هم الآن إما معتقلون أو محاصرون أو مهمشون . على مدار الساعة تدعي الجزيرة وتكرس في العقلية العربية أن عدوهم الوحيد والأوحد هو إسرائيل ومفكريها الصهاينة
ثم أنها تحارب التطبيع ، في حين بفضلها استطاع متطرفوا العالم شرقا وغربا أن يشيعوا فكرهم و يلبسوا على الناس كافة الحقائق الإنسانية الفطرية السليمة ؟ بفضلها دخل كل عدو لكل ما هو عربي أو إسلامي لكل بيت أو كوخ .. . لا يعجبها من كل الجهود التي تقوم بها الدول العربية إلا ما يعجبها ؟ وبين عشية وضحاها بتغطية مفبركة قد تنسف جهود تلك الدول لأجيال أخرى متعاقبة ،لا مقدس عندها لأي مقدس عند أي دولة أو جماعة إلا مقدس واحد هي دولة قطر و النظام القطري بضم القاف..؟.
صحيح أنها أعطت الفرصة لما يسمى بالشارع العربي – بعد أن كان الشارع لغة هو من يسن القوانين – عما يريد التعبير عنه ،لكن السؤال متى كان الرأي أو حرية التعبير ؟ تعني فقط الصراخ والعويل والنحيب و السب والقذف والبصق في وجه كل معارض لأي معارض حتى صار كل مواطن عربي معارض لشيء ما ، فإن لم يجد ما يعارضه ،فهو معارض لنفسه ومعارض للمعارضة بذاتها – كحالي تماما ؟ - متى كانت الانفعالية و العاطفية والاندفاعية هي ما تطلبه الشعوب ؟ أليس بفضل الجزيرة صرنا وجدانيا نتقبل قتل الآلاف و الآلاف وتشريد الآلاف و الآلاف من الأبرياء مع انه سبحانه وتعالى نبهنا (( من قتل نفسا واحدة ،كمن قتل الناس جميعا )).
في كل المعمور صرنا نشاهد بالصوت والصورة مشاهد القتل والدمار متزامنا مع أكلنا للهامبورغر و الكولا ، قائمين وقاعدين وعلى جنبنا ومدثرين بفرش وثيرة في أسرتنا نستمع للتحاليل الغبية على الكراسي الوثيرة ؟
أليس ما فعلته الجزيرة هو قتل ما بقي من حمية وجدانية عند الإنسان العربي و أفسحت له المجال لحمية الصراخ يفعل بها الأفاعيل ؟ ألم تساوي الجزيرة في تحاليلها و تغطياتها الصحافية باسم الموضوعية والحيادية بين كل ضحية في كل مكان وبين جلاده في كل مكان وزمان ،و أوهمت العقل العربي درى بذلك أو لم يدري بان (( تلك الأيام نداولها بين الناس ؟ )) . ألم تخلط الجزيرة الحابل بالنابل ،فصارت كل القيم والمقدسات معولمة و مصهينة ، بغطاء من الشعارات و الخطابات و المداخلات هنا وهناك ،اصدق ما فيها نبرة الصوت المرتفع . ثم من قال انه على الإعلام الجاد أن يبقى محايدا
إن لم يتحيز الإعلام – على الأقل لخدمة الأهداف الإنسانية الكونية – فهو إذا مجرد تجارة ورأسمال يتداول في بورصات بيع الضمائر الإنسانية ،أو هو في اغلب الأحوال يتلاعب بالعقول ،وإن بدر منه جانب إيجابي فعادة ما يكون لتجميل الصورة كما يقال
__________________
اللهم استعملنا في الخير
يشرفني اطلاعك على مواضيعي السابقة من هنا