الداعي : لابد للداعية من معرفة هذا الأصل بشروطه ، وما هي عدة الداعية وسلاحه ، وما هي وظيفته وأخلاقه ، وفهم ذلك من أهم المهمات للداعية ، وإليك التفصيل بإيجاز :
1. وظيفة الداعية : وظيفة الداعية إلى الله – تعالى – هي وظيفة الرسل عليهم الصلاة والسلام ، والرسل هم قدوة الدعاة إلى الله ، وأعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً} .
{ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ } وقال سبحانه {وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ، وقال تعالى {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ} .
والأمة شريكة لرسولها في وظيفة الدعوة إلى الله ، فالآيات التي تأمره صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله يدخل فيها المسلمون جميعاً ، لأن الأصل في خطاب الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم دخول أمته فيه إلا ما ستثني وليس من هذا المستثنى أمر الله تعالى بالدعوة إليه ، قال تعالى {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} ، وقد جعل الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أخص أوصاف المؤمنين ، كما قال سبحانه {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} ، وبهذا يتضح أن المكلف بالدعوة إلى الله هو كل مسلم ومسلمة على قدر الطاقة ، وعلى قدر العلم ، ولا يختص العلماء بأصل هذا الواجب ، لأنه واجب على الجميع كل بحسبه ، وإنما يختص أهل العلم بتبليغ تفاصيل الإسلام ، وأحكامه ، ومعانيه الدقيقة ، ومسائل الاجتهاد ، نظراً لسعة علمهم ، ومعرفتهم بالمسائل والجزئيات ، والأصول ، والفروع .
ومما يزيد الأمر وضوحاً قوله تعالى {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ، فبين سبحانه أن أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هم الدعاة إلى الله ، وهم أهل البصائر كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله على بصيرة وعلم يقين والدعوة إلى الله واجبة على كل مسلم ومسلمة كل بحسبه ، وهي تؤدي على صورتين :
الصورة الأولى : فردية ، يقوم بها المسلم على صفة فردية بحسب طاقته ، وقدرته وعلمه ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " من رأي منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان " .
الصورة الثانية : بصفة جماعية ، فتكون فرقة متصدية لهذا الشأن كما قال تعالى {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [10] .
2. عدة الداعية وسلاحه :
يحتاج الداعية إلى الله – تعالى – في أداء مهمته ووظيفته إلى عدة وسلاح قوي منها :
1. الفهم الدقيق المبني على العلم قبل العمل ، والقائم على تدبر معاني وأحكام القران الكريم ، وفهم السنة النبوية الشريفة ، ويرتكز هذا الفهم على عدة أمور من أهمها :
- فهم الداعية العقيدة الإسلامية فهماً صحيحاً متقناً بالأدلة من الكتاب والسنة واجماع علماء أهل السنة والجماعة .
- فهم الداعي غايته في الحياة ومركزه بين البشر .
- تعلقه بالآخرة وتجافيه عن دار الغرور .
2. الإيمان العميق المثمر : لمحبة الله ، وخوفه ، ورجائه ، واتباع رسولهصلى الله عليه وسلم في كل أموره .
3. اتصال الداعية بالله – تعالى – في جميع أموره ، وتعلقه به ، وتوكله عليه واستغاثته به ، وإخلاصه له ، والصدق معه في الأقوال والأفعال .
3. أخلاق الداعية وصفاته :
يحتاج الداعية إلى الأخلاق الحسنة والصفات الكريمة : وهي أخلاق الإسلام التي بينها الله في كتابه وبينها رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته .
ومن أهم هذه الأخلاق والصفات التي ينبغي للداعية أن يلتزمها : الصدق والاخلاص والدعوة إلى الله على بصيرة والحلم والرفق واللين والصبر والرحمة والعفو والصفح والتواضع والوفاء والإيثار والشجاعة والذكاء والأمانة والحياء المحمود والكرم والتقوى والارادة القوية التي يتشمل قوة العزيمة والهمة العالية والتفاؤل والنظام والدقة والمحافظة على الوقت والاعتزاز بالإسلام والعمل بما يدعو إليه ليكون قدوة صالحة ، والزهد والورع والاستقامة ، وإدراك الداعية لما حوله ، والقصد والاعتدال والشعور بمعية الله والثقة بالله تعالى ، والتدرج في الدعوة ، والبدء بالأهم فالمهم كما فعل النبيصلى الله عليه وسلم وأمر بذلك معاذ بن جبل عندما أرسله إلى اليمن .
كما ينبغي للداعية أن يبتعد عن كل ما يضاد هذه الأخلاق من الأخلاق القبيحة .
ومن الأمور المهمة التي ينبغي للداعية أن يعتني بها معرفة القواعد والضوابط التي يجب مراعاتها والسير على ضوئها ، حتى يكون الداعية مسدداً في دعوته ، ومن ذلك : يقول سفيان الثوري : ( لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا من كان فيه خصال ثلاث : رفيق فيما يأمر به رفيق فيما ينهى عنه ، عدل فيما يأمر به عدل فيما ينهى عنه ، عالم بما يأمر به عالم بما ينهى عنه )
وقال الامام محمد المقدسي : قال بعض السلف : (لا يأمر المعروف إلا رفيق فيما يأمر به رفيق فيما ينهى عنه، حليم فيما يأمر به حليم فيما ينهى عنه ، فقيه فيما يأمر به فقيه فيما ينهى عنه) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه الله - : ( فلا بد من هذه الثلاثة: العلم والرفق والصبر ، العلم قبل الأمر والنهي ، والرفق معه ، والصبر بعده ، وإن كان كل من الثلاثة لابد أن يكون مستصحباً في هذه الأحوال) .
وقال ابن القيم – رحمه الله تعالى - : ( فإنكار المنكر أربع درجات :
الأولى : أن يزول ويخلفه ضده .
الثانية : أن يقل وإن لم يزل بجملته .
الثالثة : أن يخلفه ما هو مثله .
الرابعة : أن يخلفه ما هو شر منه .
فالدرجتان الأوليان مشروعتان ، والثالثة موضع اجتهاد ، والرابعة محرمة فإذا طبق الداعية ما تقدم من الصفات والأخلاق والقواعد والضوابط كان من أعظم الناس حكمة – بإذن الله تعالى .
__________________
مستر/ عصام الجاويش
معلم خبير لغه انجليزيه بمدرسه التل الكبير الثانويه بنات بمحافظه الاسماعيليه
|