** إجتياح بغداد :-
القصف على بغداد إستمر من يوم 1 صفر إلى الرابع من صفر في سنة 656هـ ؛ وفي الرابع من صفر سقطت الأسوار الشرقية لبغداد ومع سقوط الأسوار سقط الخليفة وانهار تماماً فأشار عليه الوزير بن العلقمي أن يخرج هو بنفسه لمقابلة هولاكو لعل هولاكو يقبل السلام ؛ فجاءت الرسل من عند الخليفة إلى هولاكو تخبره بقدوم الخليفة ؛ فأمر هولاكو أن يأتي الخليفة ومعه كبار رجال الدولة والوزراء والفقهاء والعلماء وأمراء الناس والأعيان حتى يحضروا جميعاً المفاوضات وتصبح المفاوضات كما يزعم هولاكو ملزمة للجميع ؛ فجمع الخليفة كبار قومه وخرج بنفسه في وفد مهيب إلى خيمة هولاكو ومعه سبعمائة من قادة المسلمين وعلماءهم وكان يسير إلى جواره الوزير الخائن مؤيد الدين العلقمي الشيعي ؛ واقترب الوفد من خيمة هولاكو فاعترض الوفد فرقه من الحرس الملكي التتري ولم يسمحوا لكل الوفد بالدخول على هولاكو ولم يسمحوا إلا للخليفة وسبعة عشر رجلاً معه فقط بالدخول على هولاكو أما الباقي فكما قالوا سيخضعون للتفتيش الدقيق ؛ ودخل الخليفة ومعه رجاله وحجب عنه باقي الوفد ؛ وقتل الوفد بكامله فقتل كل الرجال الذين أخذوا للتفتيش ولم يبق إلا الخليفة ومن معه داخل خيمة هولاكو ؛ وبدأ هولاكو يصدر الأوامر في عنف وتكبر واكتشف الخليفة أن وفده قد قتل بكامله فاكتشف عند ذلك الخليفة أن التتار وأمثالهم لا عهد لهم ولا أمان لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وبدأت الأوامر الصارمة تخرج من هولاكو :
أولاً:على الخليفة أن يصدر أوامره إلى أهل بغداد بإلقاء أي سلاح معهم والإمتناع عن أي مقاومة.
ثانياً:يقيد الخليفة ويساق في بغداد يرسب في أغلاله لكي يدل التتار على كنوز العباسيين.
ثالثاً:يقتل ولدا الخليفة أمام عينه وهما أحمد وعبد الرحمن.
رابعاً:يتم أسر أخوات الخليفة الثلاثة فاطمة وخديجه ومريم.
خامساً:يستدعى من بغداد بعض الرجال بعينهم وهؤلاء كتب أسمائهم ابن العلقمي فهؤلاء هم علماء السنة وحملة القرآن وأئمة المساجد في داخل بغداد ؛ فيخرج كل فرد من هؤلاء ومعه أولاده ونسائه ويذهبون إلى مكان خارج بغداد بجوار المقابر فيلقى العالم على الأرض ويذبح كما تذبح الشاه ويؤخذ نساؤه وأولاده سبياً أو للقتل ؛ فذبح على هذه الصورة أستاذ دار الخلافة الشيخ محيي الدين يوسف فهذا ابن العالم المشهور ابن الجوزي رحمه الله- وذبح أولاده الثلاثة معه عبد الله وعبد الرحمن وعبد الكريم ؛ وذبح مجاهد الدين أيبك وزميله سليمان شاه ؛ وذبح شيخ الشيوخ ومؤدب الخليفة ومربيه صدر الدين علي بن النيار ؛ ثم ذبح بعد ذلك خطباء المساجد والأئمة وحملة القرآن ؛ كل ذلك والخليفة حي يشاهد .
** إستباحة المدينة :-
فألقى أهل بغداد السلاح وقتلت الصفوه من أهلها وأنساب جنود هولاكو في شوارع وطرقات بغداد وأصدر السفاح هولاكو أمر الشنيع باستباحة بغداد ؛ فالأمر بالإستباحة يعني أن الجيش التتري يفعل فيها ما يشاء يقتل يأسر يسبي يزني يسرق يدمر يحرق ؛ فانطلقت وحوش التتار الهمجية تنهش في أجساد المسلمين وفعل التتار في المدينة مالا يتخيله عقل فبدأ الجنود التتريين يتعقبون المسلمين في كل شارع أو ميدان في كل بيت أو حديقة في كل مسجد أو مكتبة وأستحر القتل في المسلمين والمسلمون لا حول لهم ولا قوة لا هم لهم إلا الهرب ؛ فيهرب المسلم إلى داره ويغلق عليه الباب فيأتي التتري ويحرق الباب أو يقتلعه ويدخل عليه فيهرب إلى أعلى المنزل إلى السطح فيصعد وراءه التتري ويقتله فوق الأسطح حتى سالت الدماء بكثرة من مياذيب المدينة ؛ فلم يقتصر التتار على قتل الرجال الأقوياء فقط إنما كانوا يقتلون الكهول والشيوخ وكانوا يقتلون النساء إلا من إستحسنوه منهن فكانوا يأخذونهم سبياً بل وكانوا يقتلون الأطفال حتى الرضع منهم ؛ وجد جندي من التتار أربعين طفلاً حديثي الولادة في شارع من شوارع بغداد وقد قتلت أمهاتهم فقتلهم جميعاً ؛ وتزايد عدد القتلى في المدينة بشكل بشع كل هذا والخليفة على قيد الحياة يشاهد ما يحدث في مدينتة ولاشك أنه كان نادماً على كل ما فعل وكان لسان حاله يقول رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً ؛ روي أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما ) أن رسول الله
( صلى الله عليه وسلم ) قال : إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " ؛ عمل أهل بغداد في الزراعة والتجارة بل وفي العلم والتعلم لكن تركوا الجهاد في سبيل الله فكانت النتيجة هذا الذل الذي رأوه.