جزاك الله خيرا وهذا تتمه للموضوع بالأحاديث الدالة عليه
قال صلى الله عليه وسلم : من أنفق زوجين في سبيل الله نُودي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير ؛ فمن كان من أهل الصلاة دُعِي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دُعِي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصيام دُعِي من باب الريان ، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة . فقال أبو بكر رضي الله عنه : بأبي وأمي يا رسول الله ! ما على مَن دُعي من تلك الأبواب مِن ضرورة ، فهل يُدْعى أحدٌ من تلك الأبواب كلها ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم . رواه البخاري ومسلم .
قال النووي : قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مِنْ بَاب كَذَا وَمِنْ بَاب كَذَا " ، فَذَكَرَ بَاب الصَّلاة وَالصَّدَقَة وَالصِّيَام وَالْجِهَاد ، قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ جَاءَ ذِكْر بَقِيَّة أَبْوَاب الْجَنَّة الثَّمَانِيَة فِي حَدِيث آخَر فِي بَاب التَّوْبَة ، وَبَاب الْكَاظِمِينَ الْغَيْظ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاس ، وَبَاب الرَّاضِينَ ، فَهَذِهِ سَبْعَة أَبْوَاب جَاءَتْ فِي الأَحَادِيث ، وَجَاءَ فِي حَدِيث السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّة بِغَيْرِ حِسَاب . أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ مِنْ الْبَاب الأَيْمَن ، فَلَعَلَّهُ الْبَاب الثَّامِن .
نهر البيدخ أو البيدح ( بالحاء والخاء ) :
روى الإمام أحمد من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعجبه الرؤيا الحسنة ، وربما قال : رأى أحدٌ منكم رؤيا ؟ فإذا رأى الرؤيا الرجل الذي لا يعرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عنه ، فإن كان ليس به بأس كان أعجب لرؤياه إليه ، فجاءت إليه امرأة ، فقالت : يا رسول الله رأيت كأني دَخَلَتْ الجنة فَسَمِعَتُ وَجْبَة ارْتَجَّتْ لها الجنة : فلان بن فلان وفلان بن فلان . حتى عَدَّتْ أثنى عشر رجلا ، فجئ بهم عليهم ثياب طُلْس تَشْخَبُ أوْدَاجُهم دَماً ، فقيل : اذهبوا بهم إلى نهر البيدخ - أو البيدح - فَغُمِسُوا فيه فَخَرَجُوا منه وجوههم مثل القمر ليلة البدر ، ثم أُتُوا بكراسي من ذهب ، فقعدوا عليها ، وأُتُوا بِصَحْفَة فأكلوا منها ، فما يَقلبونها لِشِقٍّ إلاّ أكلوا فاكهةً ما أرادوا .
وجاء البشير من تلك السَّرِيّة ، فقال : كان من أمرنا كذا وكذا ، وأُصِيبَ فلان وفلان حتى عَدَّ اثني عشر رجلا الذين عَدَّتِ المرأة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عليَّ بالمرأة . فجاءت ، قال : قُصِّي على هذا رؤياك . فَقَصَّتْ ، فقال : هو كما قالتْ !
قال محققو المسند : إسناده صحيح على شرط مسلم ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سليمان – وهو ابن المغيرة – فمِن رِجال مسلم ، وروى له البخاري تعليقا ومقروناً .
نهر بارق :
روى الإمام أحمد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الشهداء على بارق نهر بباب الجنة ، في قُبة خضراء ، يَخْرُج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا .
قال محققو المسند : إسناده حسن ، ابن إسحاق صرّح بالتحديث ، وباقي رجاله رجال الصحيح .
سدرة المنتهى
جاء ذِكرها في القرآن .
قال تعالى : (وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى) .
وفي أحاديث الإسراء والمعراج : ثم انْطَلَق بي حتى انْتَهَى بي إلى سدرة المنتهى ، وغشيها ألوان لا أدري ما هي ، ثم أُدْخِلْتُ الجنة ، فإذا فيها حبايل اللؤلؤ ، وإذا ترابها المسك . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث أنس رضي الله عنه : ورُفِعَتْ لي سدرة المنتهى ، فإذا نَبقها كأنه قلال هجر ، وورقها كأنه آذان الفيول ، في أصلها أربعة أنهار ، نهران باطنان ، ونهران ظاهران ، فسألت جبريل ، فقال : أما الباطنان ففي الجنة ، وأما الظاهران النيل والفرات . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : لما أُسْرِيَ برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى سدرة المنتهى ، وهي في السماء السادسة ، إليها يَنتهي ما يُعرج به من الأرض فيُقبض منها ، وإليها ينتهي ما يُهبط به من فوقها فيُقبض منها . قال : (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى) قال : فَرَاش من ذهب . رواه مسلم .
قال النووي : سُمِّيتْ " سدرة المنتهى " لأن علم الملائكة ينتهي إليها ، ولم يجاوزها أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
صِفة الرِّجَال :
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة ، لا يَبُولون ولا يتغوّطون ، ولا يَتْفُلون ولا يمتخطون ، أمشاطهم الذهب ، ورشحهم المسك ، ومجامرهم الألوة ، وأزواجهم الحور العين ، على خَلق رجل واحد ، على صورة أبيهم آدم ، ستون ذراعا في السماء .
وروى الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يدخل أهل الجنة الجنة جُرْداً مُرْداً ، بِيضا جِعادا مُكَحّلين ، أبناء ثلاث وثلاثين ، على خلق آدم ، سِتّون ذراعا ، في عرض سبع أذرع .
وقال محققو المسند : حديث حسن بِطُرُقِه وشواهِده ، دون قوله : " في عرض سبع أذرع " فقد تفرّد بها علي بن زيد – وهو ابن جدعان – وهو ضعيف .
وعند الترمذي من حديث معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يدخل أهل الجنة الجنة جُردا مُردا مُكحّلين ، أبناء ثلاثين ، أو ثلاث وثلاثين سنة .
قال ابن القيم :
ذا وسِنّهم ثلاث مع = ثلا ثين التي هي قوة الشبان
وصغيرهم وكبيرهم في ذا = على حد سواء ما سوى الولْدَان
ولقد روى الخدري أيضا أنهم = أبناء عَشر بعدها عَشْران
وكلاهما في الترمذي وليس ذا = بتناقض بل ها هنا أمران
حَذْف الثلاث ونَيّف بعد العقود = وذكر ذلك عندهم سِيّان
عند اتساع في الكلام فعندما = يأتوا بتحرير فـ بالميزان
وقال :
والطول طول أبيهم سِتّون = لكن عرضهم سبع بلا نقصان
الطول صحّ بغير شَكّ في = الصحيحين اللذين هما لنا شمسان
والعَرْضُ لم ولا يخفى التناسب بين = هذا العرض والطول البديع الشان
كل على مقدار صاحبه وذا = تقدير مُتْقِن صنعة الإنسان
ويُراجَع كتاب " روحٌ وريحان من نعيم الجنان " وهو اختصار لـ " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " لابن القيم .. اختصره وخرّج أحاديثه : عبد الحميد الدخاخني .
|