عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 26-01-2010, 05:07 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

5- أصول الدين: الأصول جمع أصل وهو في اللغة ما يُفتقر إليه ولا يفتقر هو إلى غيره، وفي الشرع ما يبني عليه غيره ولا يبني هو على غيره، وعلى هذا فأصول الدين قوام أركانه وأساس بنيانه ([1] ومن العجب أن اصطلاح (أصول الدين) الذي اشتهر ولا يزال مشتهرا حتى سميت باسمه الكليات الجامعية في سائر البلاد الإسلامية هو في حقيقته من صنع المتكلمين الأشعرية .
فإذا كان مصطلح الأصول قد اشتهر بين السلف مرتبطا بالفقه إلا أن اقترانه بالدين كان أشعري المنشأ والتكوين، فأغلب الذين ابتدعوه واستعملوه كانوا من متكلمي الأشعرية، وكانوا يرغبون أن تكون أصولهم العقلية متميزة عن الأصول الخمسة عند المعتزلة، حيث اعتبروا أنفسهم أهل السنة والجماعة الذين جمعوا حسب زعمهم بين عقيدة السلف أو أصحاب المدرسة النقلية وعقيدة المعتزلة أصحاب المدرسة العقلية فابتدعوا أصولا عقلية أخرى أثبتوا بها سبع صفات فقط إرضاء للسلف، وعطلوا باقي النصوص التي تدل على الصفات الخبرية إرضاء للمعتزلة، رافعين شعار التأويل وبحجة أن هذه النصوص توهم التشبيه والتمثيل وظاهرها باطل مستحيل، ثم أطلقوا على أصولهم في التوحيد الجديد الذي ابتدعوه مصطلح: (أصول الدين) .
وأول من عرف عنه هذا الاصطلاح هو أبو القاسم عبيد الله بن أحمد البلخي (ت:319) إذ أنه ألف كتابا سماه: (أوائل الأدلة في أصول الدين)، وقام بشرحه أبو بكر بن فورك الأصبهاني (ت:406)، وكلاهما ضليعان في المذهب الأشعري ([2]) .
وقد ألف أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد النيسابوري (ت:478) كتابا سماه: (الغنية في أصول الدين)، نسجه أيضا على طريقة الأشعرية ومنهجهم، قال في بدايته: (فصل في بيان العبارات المصطلح عليها بين أهل الأصول منها: العالم هو اسم لكل موجود سوى الله تعالى، وينقسم قسمين: جواهر وأعراض، فالجوهر كل ذي حجم متحيز، والحيز تقدير المكان، ومعناه أنه لا يجوز أن يكون عين ذلك الجوهر حيث هو، وأما العرض فالمعاني القائمة بالجواهر كالطعوم والروائح والألوان، والجوهر الفرد هو الجزء الذي لا يتصور تجزئته عقلا، ولا تقدير تجزئته وهما، وأما الجسم فهو المؤلف، وأقل الجسم جوهران بينهما تأليف ... الخ) ([3])، ثم بدأ يطبق تلك الأصول العقلية أو الفلسفية على ذات الله U وصفاته وأفعاله، فينفي بها ما يشاء ويثبت مستخدما منهج التأويل سواء تيسر له الدليل أو لم يتيسر، فالهدف الأعلى هو التعطيل لأن الإثبات في اعتقاده تشبيه وتمثيل .
وعلى الوتيرة نفسها ألف جمال الدين أحمد بن سعيد (ت:593) كتابا سماه: (أصول الدين) انتهج فيه مذهب المتكلمين من الأشعرية وطريقتهم في الغيبيات، ومما جاء فيه: (فصل صانع العالم لا يقال له: أين هو؟ لأن أين يستخبر به عن المكان ولا مكان ل) ([4])، هكذا حتى لو عارض ذلك سؤال النبي e للجارية أين الله؟ ([5]) .
وقال حاجي خليفة عن كتاب فخر الدين الرازي: (الأربعين في أصول الدين للإمام فخر الدين محمد بن عمر الرازي (ت:606)، ألفه لولده محمد ورتبه على أربعين مسألة من مسائل الكلام) ([6] ومعلوم أن الرازي من أعمدة المذهب الأشعري .
وقال ياقوت الحموي في ترجمة الجويني (ت:874): (أبو المعالي عبد الملك بن يوسف الجويني إمام الحرمين، أشهر من علم في رأسه نار، كان قليل الرواية معرضا عن الحديث وصنف التصانيف المشهورة نحو الشامل في أصول الدين على مذهب الأشعري والإرشاد وغير ذلك) ([7]) .
6- الشريعة: الشريعة للآجري، قال محمد بن الحسين الآجري رحمه الله: (كتاب الإيمان والتصديق بأن الله عز وجل كلم موسى عليه السلام الحمد لله المحمود على كل حال، وصلى الله على محمد النبي وعلى آله وسلم أما بعد فإنه من ادعى أنه مسلم ثم زعم أن الله عز وجل لم يكلم موسى فقد كفر، يستتاب فإن تاب وإلا قتل فإن قال قائل: لم ؟ قيل: لأنه رد القرآن وجحده، ورد السنة، وخالف جميع علماء المسلمين، وزاغ عن الحق، وكان ممن قال الله عز وجل: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا (1) وأما الحجة عليهم من القرآن: فإن الله جل وعز قال في سورة النساء: وكلم الله موسى تكليما (2) وقال عز وجل في سورة الأعراف: ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك (3) وقال عز وجل: إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي (4))
وقال في نهاية الكتاب: (وبهذا وبجميع ما رسمته في كتابنا هذا وهو كتاب الشريعة ثلاثة وعشرون جزءا ندين الله عز وجل، وننصح إخواننا من أهل السنة والجماعة، من أهل القرآن وأهل الحديث وأهل الفقه وجميع المستورين في ذلك ؛ فمن قبل فحظه من الخير إن شاء الله، ومن رغب عنه أو عن شيء منه فنعوذ بالله منه، وأقول له كما قال نبي من أنبياء الله عز وجل لقومه لما نصحهم فقال ( فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد).
6- علم الكلام: لما ظهرت مذاهب الضلال في باب العقيدة على يد الجهمية والمعتزلة والأشعرية والماتريدية، وبنوا أصول عقيدتهم على الحجج العقلية والكلام الفاسد في باب الغيبيات ونفي الصفات، ولم يستندوا إلى ما ورد في الأدلة القرآنية والنبوية إلا باعتبارها دليلا ثانويا وليس أساسيا في إثبات العقائد، بل ما وافقهم منها أخذوه وما خالفهم عطلوه، أطلق هؤلاء وغيرهم على مسائل التوحيد والعقيدة علم الكلام لكثرة الجدل بين الطوائف المختلفة في مسائله، أو لأن أعظم مسألة من قضايا هذا العلم حصل فيها النزاع هو كلام الله سبحانه وتعالى .
وهذه التسمية ليست معتمدة عند السلف الصالح أهل السنة والجماعة بل آراؤهم مجتمعة على ذم الكلام وأهله الذين عارضوا به الكتاب والسنة، وتجدر الإشارة إلى أن السلف لم يمنعوا الاحتجاج بالأدلة العقلية لتأييد الأصول القرآنية والنبوية وشرح مضمونها وبيانها، وإنما منعوا أن تكون الأصل الذي يبنى عليه عقيدة المسلم في الغيبيات أو الأسماء والصفات أو يعارض بها الأدلة النقلية .
قال ابن الجوزي: (وقد تنوعت أحوال المتكلمين وأفضى الكلام بأكثرهم إلى الشكوك وببعضهم إلى الإلحاد، ولم تسكت القدماء من فقهاء هذه الأمة عن الكلام عجزا ولكنهم رأوا أنه لا يشفي غليلا ثم يرد الصحيح عليلا، فأمسكوا عنه ونهوا عن الخوض فيه حتى قال الشافعي رحمه الله: لأن يبتلى العبد بكل ما نهى الله عنه ما عدا الشرك خير له من أن ينظر في الكلام ... وقال: حكمي في علماء الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في العشائر والقبائل ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأخذ في الكلام، وقال أحمد بن حنبل: لا يفلح صاحب كلام أبدا علماء الكلام زنادقة) ([8]).
وقد حذر أتباع السلف الصالح من هذا علم الكلام وألفوا كتبا في ذمه وتقبيحه منها كتاب أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة وعنوانه: (تحريم النظر في كتب الكلام)، وفي المقابل تجد من كتب ليحذر من صعوبته وأنه للخواص كما فعل أبو حامد الغزالي في كتابه: (إلجام العوام عن علم الكلام) .
وقد ألفت كتب كثيرة من قبل المتكلمين في هذا العلم معتبرين إياه علم التوحيد الأمثل الذي نزل به جبريل على محمد بن عبد الله e، فمن ذلك على سبيل المثال لا الحصر كتاب: (نهاية الإقدام في علم الكلام) لأبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت:548)، وكذلك كتاب: (الداعي إلى الإسلام في أصول علم الكلام)، لأبي البركات بن محمد الدفع (ت:577) ([9])، وأيضا كتاب: (مطية النقل وعطية العقل في علم الكلام)، لمحمد بن إبراهيم الصوفي (ت:622)، وكتاب: (غاية المرام في علم الكلام) لسيف الدين أبي الحسن الآمدي (631)، وكتاب: (زبدة الكلام في علم الكلام) لصفي الدين الهندي (ت:715)، وكذلك: (علم الكرام في علم الكلام) للشيخ زين الدين المالطي (ت:788)، (والمواقف في علم الكلام) للعلامة عضد الدين الإيجي (ت:1000) ([10]) .

(1) انظر التعريفات للجرجاني ص45، والمبدع في شرح المقنع 4/158، لأبي إسحاق بن مفلح الحنبلي، نشر المكتب الإسلامي، بيروت 1400هـ .

(2) كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون 12/200.

(3) الغنية، تحقيق عماد الدين أحمد حيدر ص39 .

(4) أصول الدين تحقيق عمر وفيق الداعوق ص60، ص81 .

(5) حديث صحيح رواه مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلميt أنه قال: (وكانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية، فاطلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون لكني صككتها صكة، فأتيت رسول الله S، فعظم ذلك علي، قلت:يا رسول الله أفلا أعتقها ؟ قال: ائتني بها، فأتيته بها فقال لها: أين الله ؟ قالت:في السماء، قال: من أنا ؟ قالت:أنت رسول الله، قال: اعتقها فإنها مؤمنة) مسلم في المساجد 1/381 (537) .

(6) كشف الظنون 1/61 .

(7) معجم البلدان 2/193، لأبي عبد الله ياقوت الحموي نشر دار الفكر بيروت.

(8) انظر تلبيس إبليس لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي ص102، وقواعد العقائد لأبي حامد الغزالي ص85، وتحريم النظر في كتب الكلام لابن قدامة ص41 .

(9) انظر كشف الظنون 1/728 .

(10) انظر ميزان الاعتدال في نقد الرجال 6/40، لشمس الدين محمد بن أحمد الذهبي نشر دار الكتب العلمية بيروت سنة 1995، وكشف الظنون 2/1160 .
رد مع اقتباس