الموضوع
:
القيَامة الكبرى
عرض مشاركة واحدة
#
7
27-01-2010, 02:11 PM
خالد مسعد .
نـجــم الـعـطــاء
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى:
22
كم مَرَّة ينفخ في الصُّور ؟
الذي يظهر أن إسرافيل ينفخ في الصور مرتين ، الأولى يحصل بها الصعق ، والثانية يحصل بها البعث ، قال تعالى : (
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ
) [ الزمر : 68 ] .
وقد سمى القرآن النفخة الأولى بالراجفة ، والنفخة الثانية بالرادفة ، قال تعالى : (
يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ - تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ
) [ النازعات : 6-7 ] .
وفي موضع آخر سمى الأولى بالصيحة ، وصرح بالنفخ بالصور في الثانية ، قال تعالى: (
مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ - فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ - وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ
) [ يس : 49-51 ] .
وقد جاءت الأحاديث النبوية مصرحة بالنفختين ، ففي صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
ما بين النفختين أربعون
". قالوا : يا أبا هريرة ، أربعون يوماً ؟ قال : أبيت . قالوا : أربعون شهراً ؟ قال : أبيت ، قالوا : أربعون سنة ؟ قال : أبيت "
(1)
.
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "
ثم ينفخ في الصور ، فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتاً ، ورفع ليتا
ً (2)
، فأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله ، قال : فيصعق ، ويصعق الناس ، ثم يرسل الله – أو قال : ينزل الله مطراً ، كأنه الطَّلُّ ، أو الظِّلُّ، ( نعمان
(3)
الشاك ) فتنبت منه أجساد الناس، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون
"
(4)
.
وأخرج البيهقي بسند قوي عن ابن مسعود موقوفاً : "
ثم يقوم ملك الصور بين السماء والأرض ، فينفخ فيه ، والصور قرن ، فلا يبقى خلق في السماوات ولا في الأرض إلا مات إلا من شاء ربك ، ثم يكون بين النفختين ما شاء الله أن يكون
"
(5)
.
وروى أوس بن أوس الثقفي عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : "
إن أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فيه الصعقة وفيه النفخة
"
(6)
، وقد أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم
(7)
.
وقد رجح هذا الذي دلت عليه هذه الآيات والأحاديث التي سقناها جمع من أهل العلم ، منهم القرطبي
(8)
، وابن حجر العسقلاني
(9)
.
وذهب جمع من أهل العلم إلى أنها ثلاث نفخات ، وهي نفخة الفزع ، ونفخة الصعق ، ونفخة البعث .
وممن ذهب هذا المذهب ابن العربي
(10)
، وابن تيمية
(11)
، وابن كثير
(12)
، والسفاريني
(13)
، وحجة من ذهب هذا المذهب أن الله ذكر نفخة الفزع في قوله : (
وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ
) [ النمل : 87 ] .
كما احتجوا ببعض الأحاديث التي نصت على أن النفخات ثلاث ، كحديث الصور، وهو حديث طويل ، أخرجه الطبري ، وفيه : "
ثم ينفخ في الصور ثلاث نفخات
: نفخة الفزع ، ونفخة الصعق ، ونفخة القيام لرب العالمين
"
(14)
.
أما استدلالهم بالآية التي تذكر نفخة الفزع فليست صريحة على أن هذه نفخة ثالثة ، إذ لا يلزم من ذكر الحق تبارك وتعالى للفزع الذي يصيب من في السماوات والأرض عند النفخ في الصور أن تجعل هذه نفخة مستقلة ، فالنفخة الأولى تفزع الأحياء قبل صعقهم ، والنفخة الثانية تفزع الناس عند بعثهم .
يقول ابن حجر رحمه الله تعالى : " ولا يلزم من مغايرة الصعق الفزع أن لا يحصلا معاً من النفخة الأولى "
(15)
، وجاء في تذكرة القرطبي : " ونفخة الفزع هي نفخة الصعق ، لأن الأمرين لازمين لها ، أي : فزعوا فزعاً ماتوا منه "
(16)
.
أما حديث الصور فهو حديث ضعيف مضطرب كما يقول الحجة في علم الحديث ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى ، ونقل تضعيفه عن البيهقي
(17)
.
وذهب ابن حزم رحمه الله تعالى إلى : " أن نفخات يوم القيامة أربع : الأولى نفخة إماتة ، والثانية نفخة إحياء ، يقوم بها كل ميت ، وينشرون من القبور ، ويجمعون للحساب .
والثالثة : نفخة فزع وصعق ، يفيقون منها كالمغشي عليه ، لا يموت منها أحد .
والرابعة : نفخة إفاقة من ذلك الغشى "
(18)
.
قال ابن حجر بعد أن حكى مقالة ابن حزم : " هذا الذي ذكره من كون الثنتين أربعاً ليس بواضح ، بل هما نفختان فقط ، ووقع التغاير في كل واحد منهما باعتبار من يستمعهما ، فالأولى يموت فيها كل من كان حياً ، ويُغشى على من لم يمت ممن استثنى الله. والثانية : يعيش بها من مات ، ويفيق بها من غشي عليه ، والله أعلم "
(19)
.
--------------------------------
(1)
رواه البخاري في صحيحه ، كتاب التفسير ، تفسير سورة الزمر ، فتح الباري : (11/551) ورواه مسلم في صحيحه : (4/2270) ، ورقمه 2955 .
(2)
الليت : صفحة العنق ، وإصغاؤه : إمالته .
(3)
هو نعمان بن سالم أحد رواة هذا الحديث .
(4)
رواه مسلم
4/2258) ،ورقمه : 2940 .
(5)
فتح الباري : (11/370) .
(6)
فتح الباري : (11/370) .
(7)
فتح الباري : (11/370) .
(8)
التذكرة للقرطبي : 183 ، 184 .
(9)
فتح الباري : (11/369) .
(10)
فتاوي شيخ الإسلام : (4/260) .
(11)
فتح الباري : (11/369) تذكرة القرطبي : ص 184 .
(12)
النهاية لابن كثير : (1/253) .
(13)
لوامع الأنوار البهية : (2/161) .
(14)
فتح الباري
11/369) .
(15)
فتح الباري
11/369) .
(16)
تذكرة القرطبي : 184 .
(17)
فتح الباري : (11/369) .
(18)
فتح الباري : (6/446) .
(19)
فتح الباري : (6/446) .
خالد مسعد .
مشاهدة ملفه الشخصي
زيارة موقع خالد مسعد . المفضل
البحث عن المشاركات التي كتبها خالد مسعد .