الصفات الخلقية وما يتعلق بها
المطلب الثاني
عِظَم خلقهم
قال الله تعالى في ملائكة النار : ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظٌ شدادٌ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون ) [ التحريم : 6 ] .
وسأكتفي بسوق الأحاديث التي تتحدث عن ملكين كريمين فحسب .
1-عِظم خلق جبريل عليه السلام :
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على صورته الملائكية التي خلقه الله عليها مرتين ، هما المذكورتان في قوله تعالى : ( ولقد رآه بالأفق المبين ) [ التكوير : 23 ] ، وفي قوله : ( ولقد رآه نزلةً أخرى – عند سدرة المنتهى – عندها جنة المأوى ) [ النجم : 13-15 ] ، عندما عرج به إلى السموات العلا .
وقد ورد في صحيح مسلم : أن عائشة رضي الله عنها سألت الرسول صلى الله عليه وسلم عن هاتين الآيتين فقال صلى الله عليه وسلم : ( إنما هو جبريل ، لم أره على صورته التي خُلق عليها غير هاتين المرتين .
رأيته منهبطاً من السماء ، سادّاً عِظَمُ خَلْقه ما بين السماء إلى الأرض ) (1) .
وسئلت عائشة رضي الله عنها عن قوله تعالى : ( ثم دنا فتدلَّى ) [ النجم : 8 ] ، فقالت : " إنما ذلك جبريل عليه السلام ، كان يأتيه في صورة الرجال ، وإنه أتاه في هذه المرة في صورته ، التي هي صورته ، فسدّ أفق السماء " (2) .
وورد في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود أنه قال : " رأى محمد صلى الله عليه وسلم جبريل له ستمائة جناح " (3) .
وقال ابن مسعود أيضاً في قوله تعالى : ( لقد رأى من آيات ربه الكبرى ) [ النجم : 18 ] " أي رفرفاً أخضر قد سدّ الأفق " (4) . وهذا الرفرف الذي سدّ الأفق هو ما كان عليه جبريل ، فقد ذكر ابن حجر أن النسائي والحاكم رويا من طريقهما عن ابن مسعود قال : " أبصر نبي الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض " (5) .
وذكر ابن حجر أن ابن مسعود قال في رواية النسائي : " رأى محمد صلى الله عليه وسلم جبريل له ستمائة جناح قد سدّ الأفق " (6) .
وفي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود قال : " رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في صورته ، وله ستمائة جناح ، كل جناح منها قد سدّ الأفق . يسقط من جناحه التهاويل (7) من الدرر واليواقيت " .
قال ابن كثير في هذا الحديث : " إسناده جيد " (8) .
وقال في وصف جبريل : ( إنه لقول رسولٍ كريمٍ – ذي قوةٍ عند ذي العرش مكينٍ – مُّطاعٍ ثم أمينٍ ) [ التكوير : 19-21 ] ، والمراد بالرسول الكريم هنا : جبريل ، وذي العرش : رب العزة سبحانه .
2-عِظم خلقه حَمَلة العرش :
روى أبو داود عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أُذن لي أن أُحدِّث عن ملك من ملائكة الله ، من حملة العرش ، إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام ) (9) .
ورواه ابن أبي حاتم وقال : ( تخفق الطير ) . قال محقق مشكاة المصابيح : " إسناده صحيح " (10) .
وروى الطبراني في معجمه الأوسط بإسناد صحيح عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش ، رجلاه في الأرض السفلى ، وعلى قرنه العرش ، وبين شحمة أذنيه وعاتقه خفقان الطير سبعمائة عام ، يقول ذلك الملك : سبحانك حيث كنت ) (11) .
--------------------------------
(1) صحيح مسلم : 1/159 . ورقم الحديث : 177 .
(2)صحيح مسلم : 1/160 . ورقمه : 177 .
(3) صحيح البخاري : 8/610 . ورقمه : 4856 ، 4857 .
(4) صحيح البخاري : 8/611 . ورقمه : 4858 .
(5)فتح الباري : 8/611 .
(6) فتح الباري : 8/611 .
(7) التهاويل : الأشياء المختلفة الألوان .
(8) البداية والنهاية : 1/47 .
(9) صحيح سنن أبي داود : 3/895 . ورقمه : 9353 .
(10) مشكاة المصابيح : 3/121 . وانظر : سلسلة الأحاديث الصحيحة ، حديث رقم : 151 .
(11) صحيح الجامع الصغير . الطبعة الثالثة : 1/208 . ورقمه : 853 .