الملائكة وبني آدم
                  المطلب السادس
                  ابتلاء بني آدم
                  وقد يرسل الله بعض ملائكته لابتلاء بني آدم واختبارهم ،          ففي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنه سمع النبي صلى الله          عليه وسلم يقول : (
 إن ثلاثة في بني إسرائيل : أبرص ، وأقرع ، وأعمى ،          فأراد الله أن يبتليهم ، فبعث إليهم ملكاً .
                           فأتى الأبرص ، فقال : أي شيء أحب إليك ؟ فقال : لون حسن          ، وجلد حسن ، ويذهب عني الذي قذرني الناس ، قال : فمسحه ، فذهب عنه قذره ،          وأعطي لوناً حسناً وجلداً حسناً . قال : فأيّ المال أحبّ إليك ؟ قال :          الإبل ، ( أو قال : البقر ، شكّ إسحاق ، إلا أن الأبرص أو الأقرع قال          أحدهما : الإبل وقال الآخر : البقر ) ، فأعطي ناقة عشراء . فقال : بارك          الله لك فيها .
                           قال : فأتى الأقرع ، فقال : أيّ شيء أحبّ إليك ؟ قال :          شعر حسن ، ويذهب عني هذا الذي قذرني الناس . قال : فمسحه ، فذهب عنه ،          وأعطي شعراً حسناً . قال : فأيّ المال أحبّ إليك ؟ قال : البقر ، فأعطي          بقرة حاملاً ، وقال : بارك الله لك فيها .
                           قال : فأتى الأعمى فقال : أيّ شيء أحبّ إليك ؟ قال : أن          يرد الله إليّ بصري ، فأبصر به الناس ، قال : فمسحه ، فردّ الله بصره . قال          : فأيّ المال أحبّ إليك ؟ قال : الغنم . فأعطي شاة والداً ، فأُنتج هذان ،          ووَلّدَ هذا .
                           قال : فكان لهذا واد من الإبل ، ولهذا واد من البقر ،          ولهذا واد من الغنم .
                           ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته ، فقال : رجل مسكين          قد انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلوغ لي اليوم إلا بالله ، ثم بك ،          أسألك – بالذي أعطاك اللون الحسن ، والجلد الحسن ، والمال – بعيراً أتبلغ          به في سفري ، فقال : الحقوق كثيرة ، فقال له : كأني أعرفك ، ألم تكن أبرص          يقذرك الناس ، فقيراً فأعطاك الله ؟ فقال : إنما ورثت هذا المال كابراً عن          كابر . فقال : إن كنت كاذباً ، فصيرك الله إلى ما كنت .
                           قال : وأتى الأقرع في صورته وهيئته ، فقال له مثل ما          قال لهذا ، وردّ عليه مثل ما ردّ هذا ، فقال : إن كنت كاذباً ، فصيرك الله          إلى ما كنت .
                  قال : وأتى الأعمى في صورته وهيئته ، فقال : رجل مسكين          وابن سبيل . انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ، ثم          بك ، أسألك – بالذي ردّ عليك بصرك – شاة أتبلغ بها في سفري ، فقال : قد كنت          أعمى فردّ الله إليّ بصري ، فخذ ما شئت ، ودع ما شئت ، فوالله لا أجهدك          اليوم شيئاً أخذته لله ، فقال : أمسك مالك ، فإنّما ابتليتم ، فقد رضي الله          عنك ، وسخط على صاحبيك ) 
(1) .
 		 		
--------------------------------
 		         (1)          رواه البخاري : 6/500 . ورقمه : 3464 . ورواه مسلم : 4/2275 . ورقمه : 2964          . واللفظ لمسلم .