عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 28-01-2010, 12:47 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 23
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

عِصمَة الرّسُل
هل الرسل معصومون عن الخطأ والمعصية ، وهل هي عصمة عامّة شاملة ؟ هذا ما سنحاول بيانه في هذا الفصل .
المبحث الأول
العِصمة في التحمّل وفي التبليغ
اتفقت الأمة على أنَّ الرسل معصومون في تحمّل الرسالة (1) ، فلا ينسون شيئاً مما أوحاه الله إليهم إلاّ شيئاً قد نُسخ ، وقد تكفل الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن يقرئه فلا ينسى شيئاً مما أوحاه إليه ، إلا شيئاً أراد الله أن ينسيه إياه : ( سَنُقْرِؤُكَ فلا تنسى – إلاَّ ما شاء الله ) [ الأعلى : 6-7 ] ، وتكفل له بأن يجمعه في صدره : ( لا تحرك به لسانك لتعجل به – إنَّ علينا جمعه وَقُرْآنَهُ – فإذا قَرَأْنَاهُ فاتَّبع قُرْآنَهُ ) [ القيامة : 16-18 ] .
وهم معصومون في التبليغ ، فالرسل لا يكتمون شيئاً ممّا أوحاه الله إليهم ، ذلك أن الكتمان خيانة ، والرسل يستحيل أن يكونوا كذلك ، قال تعالى : ( يا أيُّها الرَّسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لَّم تفعل فما بلَّغت رسالته ) [ المائدة : 67 ] ولو حدث شيء من الكتمان أو التغيير لما أوحاه الله ، فإن عقاب الله يحلّ بذلك الكاتم المغيّر ( ولو تقوَّل علينا بعض الأقاويل – لأخذنا منه باليمين – ثمَّ لقطعنا منه الوتين ) [ الحاقة : 44-46 ] .
ومن العصمة ألاّ ينسوا شيئاً مما أوحاه الله إليهم ، وبذلك لا يضيع شيء من الوحي، وعدم النسيان في التبليغ داخل في قوله تعالى : ( سَنُقْرِؤُكَ فلا تنسى ) [ الأعلى : 6 ] وما يدل على عصمته في التبليغ قوله تعالى : ( وما ينطق عن الهوى – إن هو إلاَّ وحي يوحى ) [ النجم : 3-4 ] .
عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم من القتل :
عصم الله رسوله صلى الله عليه وسلم من القتل حتى يبلغ رسالة ربه ، قال تعالى : ( يا أيُّها الرَّسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لَّم تفعل فما بلَّغت رسالته والله يعصمك من الناس ) [ المائدة : 67 ] ، قال سفيان الثوري فيما نقله عنه ابن كثير في تفسير هذه الآية : " بلغ أنت رسالتي ، وأنا حافظك ، وناصرك ومؤيدك على أعدائك ، ومظفرك بهم ، فلا تخف ولا تحزن ، فلن يصل أحد منهم إليك بسوء يؤذيك " (2). وقد أورد ابن كثير في تفسيره هذه الآية الأحاديث التي تفيد أنّ الصحابة كانوا يحرسون الرسول صلى الله عليه وسلم قبل نزول هذه الآية ، فلما نزلت ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الحرس (3) .
وقد جعل اليهود في شاة مصلية أهدتها يهودية لرسول الله صلى الله عليه وسلم سمّاً لتقتله ، فلما سألهم عما حملهم على ذلك قالوا : " أردنا إن كنت كاذباً نستريح منك ، وإن كنت صادقاً لم يضرك " رواه البخاري (4) .
ولما سأل المرأة قالت : " أردت قتلك " فقال : ما كان الله ليسلطك على ذلك " رواه البخاري ومسلم وأبو داود (5) .
فقد عصم الله رسوله أن يقتله السم ، وأكل معه بعض أصحابه فماتوا كما أفادته بعض الأحاديث التي روت الواقعة .
عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم من الشيطان :
وعصم الله رسوله صلى الله عليه وسلم من الشيطان ، وقد أعان الله رسوله على قرينه الشيطان فأسلم ، فلا يأمره إلا بخير ، ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن ، قالوا : وإياك ؟ قال : وإياي ، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم ، فلا يأمرني إلا بخير " (6) وفي حديث عائشة أنه سمى القرين شيطاناً (7) .
--------------------------------
(1)نقل الإجماع على العصمة في هذا أكثر من واحد انظر : مجموع الفتاوى 10/291 ، ولوامع الأنوار البهية : (2/304) .
(2) تفسير ابن كثير : 3/1205 .
(3) المصدر السابق : 3/1206 .
(4) جامع الأصول : 11/326 . ورقمه فيه : 1886 .
(5) جامع الأصول : 11/327 ، ورقمه فيه : 327 .
(6) صحيح مسلم : (2814) .
(7) صحيح مسلم: (2815) .
رد مع اقتباس