[متن العقيدة الطحاوية]
قال العلامةُ حجة الإسلام أبو جعفر الوراق الطَّحاوي بمصْرَ –رحمهُ الله-:
هذا ذكرُ بيانِ عقيدةِ أهلِ السنَّةِ والجماعةِ على مذهبِ فقهاءِ الملةِ: أبي حنيفة النعمانِ بن ثابت الكوفي، وأبي يوسُف يعقوب بن إبراهيم الأنصاريّ، وأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني رضوان الله عليهم أجمعين، وما يعتقدون من أصول الدين ويدينون به رب العالمين.
المَتْنُ الأول
1-نقُولُ في تَوحيدِ الله معتَقدينَ بتوفيق الله: إنَّ الله واحدٌ لا شريك له
نقول:أى نعتقد
توحيد:التوحيد فى الغة بمعنى وحد وفى الشرع إفراد العبادة لله وحده
بتوفيق الله:هذا إعلان بالرا من حول النفس للخاق العظيم
واعلم رحمنى الله وإياك أن التوحيد الذى أرسل الله به المرسلين وأنزل به المتب ينقسم إلى ثلاثة أقسام
ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام :
1-توحيد الربوبية
توحيد الربوبية، وهو توحيد الله بأفعاله سبحانه، وهو الإيمان بأنه الخالق، الرازق، المدبر لأمور خلقه، المتصرف في شؤونهم في الدنيا والآخرة، لا شريك له في ذلك، كما قال تعالى ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾[الرعد:16، الزمر:62]، وقال سبحانه ﴿رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾[يونس:3] الآية، وهذا النوع قد أقر به المشركون عباد الأوثان، وإن جحد أكثرهم البعث والنشور، ولم يدخلهم في الإسلام لشركهم بالله في العبادة وعبادتهم الأصنام والأوثان معه سبحانه وعدم إيمانهم بالرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم والدليل على إقرار المشركين بهذا النوع الأول من التوحيد هو قوله سبحانه وتعالى ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتّقُونَ﴿[يونس:31].
ففى هذه الأية الكريمة يوضح ربنا -عزّ وجلّ-أنه لو سأل النبى صلى الله عليه وسلم هؤلاء المشركين من خلقهم ومن يرزقهم ومن يملك السمع والأبصار ويخرج الموتى فسيقلون الله فهم كانوا مقرين بهذا القسم من التوحيد وهناكـ أياتٌ أخرى تدل على ذلك أيضاً ومنها أيضا قول الحق (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ).
وهناك أياتٌ أخرى كثيرة فى هذا الصدد ..وآعلم أن هذا النوع من التوحيد مفطورة عليه النفس فالإنسان مفطور على معرفة الله وحبه سبحانه وتعالى ..
2- توحيد الألوهية : توحيد العبادة، ويسمى توحيد الألوهية، وهي العبادة وهذا القسم هو الذي أنكره المشركون فيما ذكر الله عنهم سبحانه بقوله ﴿وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ(4)أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾[ص:4-5] وأمثالها كثير، وهذا القسم يتضمن إخلاص العبادة لله وحده، والإيمان بأنه المستحق لها، وأن عبادة ما سواه باطلة. وهذا هو معنى لا إله إلا الله؛ فإن معناها لا معبود بحق إلا الله، كما قال الله هز وجل ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾[الحج:62]الآية.وهذا التوحيد هو دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم فكانت دعوة المرسلين جميعا إلى عبادة الله وحده وإفراده بالعبادة وصرف كل أنواع العبادة له وحده سبحانه وتعالى والدليل على ذلكـ قوله تعالى {وَلَقَدْ بَعَئْنَا فِى كُلِّ أمّةٍ رَسُلاً أنْ آعْبُدُوا اللهَ وَاْتَنِبوا الطَّغُوتَ}{النحل}
وكذلكـ قوله تعالى {ومَا أرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رَسُولٍ إلَّا نُوحِى إلَيْهِ أنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أنَا فَاعْبُدُونِ}{الأنبياء}
وقد أخرج الأمام البخارى ومسلم أنَّ النبىّ صلى اللهُ عليه وسلم قال:{أمرت أنْ أقاتل الناس ختى يشهدوا أنه لا إلهَ إلا الله وأنّ محمداً رسولُ الله}
لذلك فأول واجب على الممكلف أن ينطق بالشهادتين :
1-لا إلهَ إلَّا اللهُ :ومعناها الإعتقاد والإقرار أنه لا يستحق العبادة إلا الله والإلتزام بذلك والعمل به و(لا إله)نفى فهى نفى كل عبادة سوى لله وحده و(إلا اللهُ)إثبات لاستحقاق الله بالعبادة وحده ومعنى هذه الكلمة جملة هى لا معبود بحق إلا اللهُ
2-محمّدٌ رسول الله:هو الإعتراف باطناً وظاهراً أنه عبدُ الله ورسوله وظهور ذلكـ على المسلم فى إمتثال ما أمر به والبعد عن ما نهى عنه وزجر وتصديقاً فيما أخبر
3-توحيد الأسماء والصفات:توحيد الأسماء والصفات وهو الإيمان بكل ما ورد في كتاب الله العزيز وفي السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، من أسماء الله وصفاته ، وإثباتها لله سبحانه على الوجه الذي يليق به ، من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل ، كما قال الله سبحانه ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ(1)اللَّهُ الصَّمَدُ(2)لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ(3)وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ(4)﴾[الإخلاص]، وقال سبحانه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾[الشورى:11]، وقال عز وجل ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾[الأعراف:180]، وقال سبحانه في سورة النحل ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[النحل:60] والآيات في هذا المعنى كثيرة، والمثل الأعلى هو الوصف الأعلى الذي لا نقص فيه، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأتباعهم بإحسان يُمِرون آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت ، ويثبتون معانيها لله سبحانه إثباتا بريئا من التمثيل، وينزهون الله سبحانه عن مشابهة خلقه تنزيها بريئا من التعطيل، وبما قالوا تجتمع الأدلة من الكتاب والسنة ، وتقوم الحجة على من خالفهم
.
__________________
ألستَ الذى رَبيتني وهديتني ولازلتَ منّانًا عليَّ ومُنعما؟! //*//*// عسى مَنْ له الإحسانُ يغفرُ ذلّتي ويسترُ أوزاري وماقدْ تقدّما
آخر تعديل بواسطة أنين المذنبين ، 08-02-2010 الساعة 11:44 AM
|