الاستهزاء بالله أو آياته أو رسوله كفر
قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - رحمه الله - في الكلام على قوله: ﴿ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾: تدلُّ على أن الاستهزاء بالله كفرٌ، وبالرسول كفرٌ، من جهة أن الاستهزاء بالله وحده كفر بالضرورة، فلم يكن ذِكر الآيات والرسول شرطًا، فعُلِم أن الاستهزاء بالرسول كفر، وإلا لم يكن لذِكره فائدة، وكذلك الآيات.
وأيضًا فالاستهزاء بهذه الأمور متلازم، والضالُّون مستخفُّون بتوحيد الله - تعالى - يعظِّمون دعاء غيره من الأموات، وإذا أُمروا بالتوحيد، ونُهوا عن الشرك، استخفُّوا به؛ كما قال - تعالى -: ﴿وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا﴾ الآية [الأنبياء: 36]، فاستهزؤوا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - لما نهاهم عن الشرك، وما زال المشركون يسبُّون الأنبياء، ويصِفونهم بالسفاهة والضلال والجنون إذا دعَوْهم إلى التوحيد؛ لما في أنفسهم من عظيم الشرك.
وهكذا تجد من فيه شَبَهٌ منهم، إذا رأى من يدعو إلى التوحيد استهزأ بذلك؛ لما عنده من الشرك؛ قال الله - تعالى -: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾ [البقرة: 165]، فمن أحب مخلوقًا مثل ما يحب الله، فهو مشرك.
ويجب الفرق بين الحب في الله والحب مع الله[1].
فهؤلاء الذين اتَّخذوا القبور أوثانًا، تجدهم يستهزئون بما هو من توحيد الله وعبادته، ويعظِّمون ما اتخذوه من دون الله شفعاءَ، ويحلف أحدُهم اليمينَ الغموس كاذبًا، ولا يجترئ أن يحلف بشيخه كاذبًا.
وكثير من طوائف متعددة ترى أحدَهم يرى أن استغاثته بالشيخ - إما عند قبره أو غير قبره - أنفعُ له من أن يدعو الله في المسجد عند السَّحر، ويستهزئ بمن يعدل عن طريقته إلى التوحيد، وكثيرٌ منهم يخربون المساجد ويعمرون المشاهِد، فهل هذا إلا من استخفافهم بالله وبآياته ورسوله، وتعظيمهم للشرك؟![2]
[1] الفرق بينهما أن الحب في الله أوثقُ عرى الإيمان، وأحبُّ الأعمالِ إلى الله، والحب مع الله شركٌ بالله في المحبة، وهو من أنواع الشرك الأكبر.
[2] "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" 15/48- 49.