عرض مشاركة واحدة
  #141  
قديم 11-02-2010, 10:26 PM
المفكرة المفكرة غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 1,413
معدل تقييم المستوى: 18
المفكرة is on a distinguished road
افتراضي كتاب

كتاب
تذهب العائلة هذا العام إلى معرض الكتاب بينما يعتريني السقم مطولاً ، الغبار يملأ صدري بلغماً و الضعف يحتل قوتي البدنية معلناً الإضراب عن الخروج مطولاً .
يحضرهم وقت العصر إلى البيت ، كل منهم يعرض عليّ كتبه على حدة .
اشترت أختي لزوجها كتاباً يدعى (25 قصة نجاح) يحكي عن أشخاص مروا بظروف معاكسة لمجرى أعمالهم لكنهم لم يبالوا فأوصلتهم قوة دفعهم الهائلة لـِقمة العالم . غنيٌ عن الذكر أن النجاح جار قريب لمواطني الولايات المتحدة و المهاجرين إليها و القصص الأربعة التي شملت عرب و مسلمين كانت على غرار الأجنبي و حركة في اتجاهه .
تحكي أختي بإثارة عن مايكل دل الذي اشترى أجزاء الحاسوب و جمعها في أجهزة ثم باعها لزملائه طلاب الجامعة ، مشروعاً بدأه قرض و انتهى بشركته بين مصاف أكبر 500 شركة بالعالم .
يصيبني حماسها بالعدوى ، أطلب منها الكتاب و أعكف على قراءته ، يستغرق ساعة من مساء وأخرى من نهار . من قصة نجاح لأخرى ألمح الإصرار لإدخال خدمات جديدة لسوق التجارة أمراً يفني صاحبه عمراً مديداً و طاقة بينة في تحويل فكرته إلى حقيقة تتحرك بين الناس في شركة أو مشروع يخدم الناس وفق احتياجاتهم . كلهم عصاميون قوة دفعهم الذاتي تجبر الغير على تمويل أفكارهم و مساندتها حتى تصبح شركة أو مشروعاً بين الناس يخدمهم و يتفاعل معهم . يمثل الفشل فصلاً طويلاً من حكاية النجاح لكن الحكاية تختتم بنجاح أكبر من سابقه .
إحدى الحكايات عن شاب مصري يدعى أيمن راشد استشهد والده في حرب الإستنزاف فاشتد عوده معتمداً على ذاته محققاً النجاح في كل ما أصابه : الدراسة الجامعية ، التدريب بعد الجامعي على برمجة الحاسب ، و إدارته لشركات لتطبيقات البرمجيات و إنشاء و إدارة موقع اطلب . كوم .
الكاتب يخبرنا أن الخبرة ليست ما يعلـّمه لنا مر السنين بل تكمن الخبرة في كيف تستخدم ما علمتك إياه السنون (له حق)
قصتي المفضلة عن إمرأة (طبعاً لن تكون عن رجل) إنجليزية لم تعصرها العولمة أو النموذج الأمريكي الذي يروج لمنتج ما برسم صورة كاملة لمن يستعمل المنتج .
أنيتا روديك ارتحلت في شبابها و ساحت في القارات ، ترحالاً صبغ فكرها بلون عالمي . تقول أنيتا: "عندما تقضي 6 أشهر مع أناس يفركون جلودهم بزبدة الكاكاو كل يوم و يغسلون شعورهم بالطين ثم تجد أن هذه الأمور تجدي و تأتي بنتائج طيبة ، تتغير معتقداتك و تنمي حباً جارفاً لعادات البشر في المواطن المختلفة."
تعود الشابة إلى وطنها انجلترا فتتزوج و تستقر و تفتح معه فندقاً صغيراً و تنجب طفلتين . في عام 1976 تفتتح أنيتا محلا لبيع مواد التجميل الطبيعية من مواد جمعتها أثناء ترحالها و تنتفع باطلاعها على عادات نساء العالم في التزين و الحفاظ على الصحة .
ينجح محلها المسمى The body shop محل الجسم . و يتفاعل الجميع مع سمت العودة للطبيعة و الحفاظ على البيئة الذي تتبناه أنيتا و تروج له . نجاحها يؤسس لمحل تلو الآخر . لم تجمـّل أنيتا منتجاتها بمزاعم إطالة الشباب أو إعادته و لم تنفق على الدعاية و الصور الجذابة التي تستغل أجساد النساء لتبيع لأخريات الحلم / الوهم ذاته. تدعو أنيتا لمؤسسة السلام الأخضر و تساهم في الحملات الداعية للحفاظ على البيئة و تؤسس مؤسسة خيرية لمساعدة الفقراء من أطفال العالم .
تنتقي أنيتا العاملات في المحل بعناية قبل توظيف إحداهن و حين تقبل بالموظفة ، تشترط عليها أن تخدم الأطفال المعوقين لمدة شهر ثم تدربهن على حسن التعامل مع النساء اللاتي يأتين للفرجة على المنتجات بحيث تترك البائعة المنتج يعبر عن نفسه بكلمات تقرأها الزبونة مثبتة على كل منتج .
المدى الذي وصلته أنيتا : ألفي محل و ثمانون مليون زبون في خمسين بلد و ثروة تقدر بمائتي مليون دولار.
يحضر العام 2002 قرار استقالة أنيتا و بيعها لشركتها ب652 مليون جنيه استرليني أما عام 2005 فيشعرها بالرغبة في التبرع بثروتها تدريجياً للمنظمات التي تقاوم الظلم الواقع على البشرية .
ينتهي الكتاب و نفسي مفعمة بالإثارة ، في 136 صفحة عشت مع الأبطال أعماراً لا تحصى و جمعت معهم المليارات و حصدت الجوائز و أثـّرت في أعداد لا تحصى من البشر !
(مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19) كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21) ) من سورة الإسراء
تمتص الآيات الكريمة الإثارة من أعصابي و تعيدني للواقع من جديد .
أكوام الصحون في المطبخ تستنجد بي من الجراثيم تغمرها بالسموم ، من غيري ينجدها ؟!
(عادة تنتهي أشغال المطبخ قرابة العاشرة مساء)
****************************
قبل أن أنسى ، نزيف دموي في المخ ينقل أنيتا لعالم الأموات ، يحتويها قبر ، لا يفرق بينها و بين المعدمين و الفاشلين .