الموضوع: غزوة أحد
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 18-02-2010, 12:15 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

من شهداء أحد مصعب بن عمير - رضي الله عنه -:

قال خباب - رضي الله عنه -: (هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نبتغي وجه الله، فوقع أجرنا على الله فمنا من مضى في سبيله ولم يأكل من أجره شيئًا، منهم مصعب بن عمير قُتل يوم أحد، ولم يترك إلا نمرة، كنا إذا غطينا رأسه بدت رجلاه، وإذا غطينا رجليه بدا رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غطوا رأسه، واجعلوا على رجليه الأذخر، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها) (البخاري في الجنائز، رقم 1286).

ومن حديث عبد الرحمن بن عوف( أنه أتى بطعام وكان صائمًا، فقال: قتل مصعب بن عمير، وكان خيرًا مني، فلم يوجد له ما يُكفن فيه إلا بردة، وقتل حمزة أو رجل آخر خير مني، فلم يوجد له ما يكفن فيه، إلا بردة، لقد خشيت أن يكون قد عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا، ثم جعل يبكي) (البخاري في الجنائز، رقم 1274)

ومن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف من أحد مر على مصعب بن عمير وهو مقتول على طريقه، فوقف عليه ودعا له ثم قرأ هذه الآية: ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) [الأحزاب: 23] ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة، فأتوهم وزوروهم، والذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه) (انظر: المستدرك (3/200) صحيح الإسناد ووافقه الذهبي).

سعد بن الربيع - رضي الله عنه -:

هذا الذي استكتمه رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر مسير قريش، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه، فلما انتهت معركة أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رجل ينظر ما فعل سعد بن الربيع أفي الأحياء هو أم في الأموات»؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى الأسنة شرعت إليه، فقال أبي بن كعب - رضي الله عنه -: أنا أنظره لك يا رسول الله، فقال له: «إن رأيت سعد بن الربيع فأقرأه مني السلام، وقل له: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يجدك؟» فنظر أبي فوجده جريحًا به رمق، فقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر أفي الأحياء أنت أم في الأموات، فقال: قد طعنت اثنتي عشرة طعنة، وقد أنفذت إلى مقاتلي) (شرح الزرقانى

وفي رواية صحيحة قال: على رسول الله وعليك السلام، قل له: (يا رسول الله أجد ريح الجنة، وقل لقومي الأنصار: لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيكم شفر يطرف، قال: وفاضت نفسه رحمه الله) (المستدرك على الصحيحين رقم 4905).

وهذا نصح لله ورسوله في سكرات الموت يدل على قوة الإيمان، والحرص على الوفاء بالبيعة لم يتأثر بالموت ولا آلام القروح.

عبد الله بن جحش - رضي الله عنه -:

(قال سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: إن عبد الله بن جحش قال له يوم أحد: ألا تدعو الله، فخلوا في ناحية فدعا سعد فقال: يا رب إذا لقيت العدو، فلقِّني رجلاً شديدًا بأسه، شديدًا حرده، أقاتله ويقاتلني، ثم ارزقني الظفر عليه حتى أقتله، وآخذ سلبه، فأمن عبد الله بن جحش، ثم قال: اللهم ارزقني رجلاً شديدًا حرده، شديدًا بأسه، أقاتله فيك ويقاتلني، ثم يأخذني فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك غدًا، قلت: من جدع أنفك وأذنك؟ فأقول: فيك وفي رسولك، فتقول صدقت، قال سعد: يا بني كانت دعوة عبد الله بن جحش خيرًا من دعوتي، لقد رأيته آخر النهار وإن أنفه وأذنه لمعلقان في خيط) (صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه).

وفي هذا الخبر جواز دعاء الرجل أن يقتل في سبيل الله، وتمنيه ذلك وليس هذا من تمني الموت المنهي عنه.

حنظلة بن أبي عامر (غسيل الملائكة):

لما انكشف المشركون ضرب حنظلة فرس أبي سفيان بن حرب فوقع على الأرض، فصاح حنظلة يريد ذبحه، فأدركه الأسود بن شداد، ويقال له ابن شعوب، فحمل على حنظلة بالرمح فأنفذه ومشى إليه حنظلة بالرمح وقد أثبته، ثم ضرب الثانية فقتله، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إني رأيت الملائكة تغسله بين السماء والأرض بماء المزن، في صحاف الفضة» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فاسألوا أهله ما شأنه؟» فسألوا صاحبته عنه فقالت: خرج وهو جنب حين سمع الهاتفة(3)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فلذلك غسلته الملائكة) (حلية الأولياء).

وفي رواية الواقدي: (وكان حنظلة بن أبي عامر تزوج جميلة بنت عبد الله بن أبي ابن سلول، فأدخلت عليه في الليلة التي في صبحها قتال أحد، وكان قد استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت عندها فأذن له، فلما صلى بالصبح غدا يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولزمته جميلة فعاد فكان معها، فأجنب منها ثم أراد الخروج، وقد أرسلت قبل ذلك إلى أربعة من قومها فأشهدتهم أنه قد دخل بها، فقيل لها بعدُ: لم أشهدت عليه؟ قالت: رأيت كأن السماء فرجت فدخل فيها حنظلة ثم أطبقت، فقلت: هذه الشهادة، فأشهدت عليه أنه قد دخل بها، وتعلق بعبد الله بن حنظلة، ثم تزوجها ثابت بن قيس بعد فولدت له محمد بن ثابت بن قيس) (نصب الراية جزء 2 ص 316 ).

وفي هذا الخبر مواقف وعبر منها:

(1) في تعلق جميلة بنت عبد الله بن أبي حنظلة بن أبي عامر حين رأت له تلك الرؤيا التي فسرتها بالشهادة، فالمظنون في مثل هذه الحال أن تحاول الابتعاد عنه حتى لا تحمل منه فتكون بعد ذلك غير حظية لدى الخطاب، لكنها تعلقت به رجاء أن تحمل منه فتلد ولدًا ينسب لذلك الشهيد الذي بلغ درجات عليا في الصلاح أولاً، ثم بما ترجوه من نيله الشهادة، ولقد حصل لها ما أملت به فحملت منه وولدت ولدًا ذكرا سمي عبد الله، وكان له ذكر بعد ذلك، وكان من أعلى ما يفتخر به أن يقول: أنا ابن غسيل الملائكة.

(2) في حرص حنظلة القوي على مقارعة أعداء الله الذي يتمثل في سرعة خروجه إلى الميدان، الأمر الذي لم يتمكن معه من غسل الجنابة.

(3) شجاعته الفائقة تظهر في تصديه لقائد المشركين أبي سفيان بن حرب والقائد غالبًا يكون حوله من يحميه، وهو فارس وحنظلة راجل.

(4) تشريف رباني كريم في نزول الملائكة لتغسيل حنظلة بمياه المزن في صحاف الفضة.

(5) معجزة نبوية في إخبار الصحابة عما قامت به الملائكة من تغسيل، حيث رأى صلى الله عليه وسلم الملائكة وهي تغسل ولم ير الصحابة ذلك.

(6) إذا كان الشهيد جنبًا، غسل، كما غسلت الملائكة حنظلة بن أبي عامر.

خيثمة أبو سعد - رضي الله عنه -:

(قال خيثمة أبو سعد، وكان ابنه استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، لقد أخطأتني وقعة بدر، وكنت والله عليها حريصًا، حتى ساهمت ابني في الخروج، فخرج سهمه، فرزق الشهادة، وقد رأيت البارحة ابني في النوم في أحسن صورة يسرح في ثمار الجنة وأنهارها، ويقول: الحق بنا ترافقنا في الجنة، فقد وجدت ما وعدني ربي حقًا، وقد والله يا رسول الله أصبحت مشتاقا إلى مرافقته في الجنة، وقد كبرت سني، ورقَّ عظمي، وأحببت لقاء ربي، فادع الله يا رسول الله أن يرزقني الشهادة، ومرافقة سعد في الجنة، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقتل بأحد شهيدًا) (المغازي للواقدي).

عبد الله بن عمرو بن حرام - رضي الله عنه -:

أصر عبد الله بن عمرو بن حرام على الخروج في غزوة أحد، فخاطب ابنه جابر بقوله: يا جابر، لا عليك أن تكون في نظاري المدينة حتى تعلم إلى ما يصير أمرنا، فإني والله لولا أني أترك بنات لي بعدي لأحببت أن تقتل بين يدي.

وقال لابنه أيضا: ما أراني إلا مقتولاً في أول من يقتل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإني لا أترك بعدي أعز علي منك غير نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن على دينًا فاقض واستوص بأخواتك خيرًا.

وخرج مع المسلمين ونال وسام الشهادة في سبيل الله، فقد قتل في معركة أحد، وهذا جابر يحدثنا عن ذلك حيث يقول: لما قُتل أبي يوم أحد، جعلت أكشف عن وجهه وأبكي، وجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهوني وهو لا ينهاني، وجعلت عمتي تبكيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تبكين أو لا تبكين ما زالت الملائكة تظلله بأجنحتها حتى رفعتموه» (البخاري، رقم 1244).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا جابر ما لي أراك منكسرًا؟» قال: يا رسول الله، استشهد أبي وترك عيالاً ودينًا، قال صلى الله عليه وسلم: «أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟» قال: بلى يا رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم: «ما كلَّم الله أحدًا قط إلا من وراء حجاب، وكلم أباك كفاحًا، يا جابر أما علمت أن الله أحيا أباك فقال: يا عبدي، تمنَّ عليّ أعطك، قال: يا رب تحييني فأُقتل فيك ثانية، فقال الرب سبحانه: إنه سبق مني أنهم إليها لا يرجعون، قال: يا رب.. فأبلغ من ورائي» (صحيح ابن ماجة للألباني، رقم 190 (2800)).

فأنزل الله تعالى: ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) [آل عمران: 169]، وقد رأى عبد الله بن عمرو رؤية في منامه قبل أحد، قال: رأيت في النوم قبل أحد، مبشر بن عبد المنذر يقول لي: أنت قادم علينا في أيام، فقلت: وأين أنت؟ فقال: في الجنة نسرح فيها كيف نشاء، قلت له: ألم تقتل يوم بدر؟ قال: بلى ثم أحييت، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هذه الشهادة يا أبا جابر، وقد تحققت تلك الرؤيا بفضل الله ومنه.

========================
المصدر: كتاب (السيرة النبوية للصلابى)