خوفه من الله وزهده أخرج أحمد في الزهد عن سلمان قال: أتيت أبا بكر فقلت: أعهد إلي فقال: يا سلمان اتق الله، وأعلم أنه سيكون فتوح، فلا أعرفن ما كان حظك منها، ما جعلته في بطنك، أو ألقيته على ظهرك، واعلم أنه من صلى الصلوات الخمس، فإنه يصبح في ذمة الله، ويمسي في ذمة الله تعالى، فلا تقتلن أحدًا من أهل ذمة الله فتخفر الله في ذمته، فيكبك الله في النار على وجهك.
وأخرج عن أبي بكر -رضي الله عنه- قال: يقبض الصالحون الأول فالأول حتى يبقى من الناس حثالة كحثالة التمر والشعير لا يبالي الله بهم.
وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن معاوية بن قرة أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- كان يقول في دعائه: اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه وخير أيامي يوم لقائك.
وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن قال: بلغني أن أبا بكر كان يقول في دعائه: اللهم أني أسألك الذي هو خير لي في عاقبة الأمر، اللهم أجعل آخر ما تعطيني من الخير رضوانك، والدرجات العلى من جنات النعيم.
وأخرج عن عرفجة قال: قال أبو بكر: من استطاع أن يبكي فليبك وإلا فليتباك.
وأخرج عن عزرة عن أبي بكر قال: أهلكهن الأحمران: الذهب والزعفران.
وأخرج عن مسلم بن يسار عن أبي بكر قال: إن المسلم ليؤجر في كل شيء حتى في النكبة، وانقطاع شسعه والبضاعة تكون في كمه فيفقدها، فيفزع لها فيجدها في غبنه.
وأخرج عن ميمون بن مهران قال: أتي أبو بكر بغراب وافر الجناحين فقلبه ثم قال: ما صيد من صيد، ولا عضدت من شجرة إلا بما ضيعت من التسبيح.
وأخرج البخاري في الأدب وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الصنابحي أنه سمع أبا بكر يقول: إن دعاء الأخ لأخيه في الله يستجاب.
وأخرج عبد الله في زوائد الزهد عن عبيد بن عمير عن لبيد الشاعر أنه قدم علي أبي بكر فقال: ألا كل شيء ما خلا الله باطل، فقال: صدقت. فقال: وكل نعيم لا محالة زائل. فقال: كذبت، عند الله نعيم لا يزول. فلما ولي قال أبو بكر: ربما قال الشاعر الكلمة من الحكمة.
كلماته الدالة على شدة خوفه من ربه
أخرج أبو أحمد الحاكم عن معاذ بن جبل قال دخل أبو بكر حائطًا، وإذا بدبسي في ظل شجرة فتنفس الصعداء ثم قال: طوبى لك يا طير تأكل من الشجر، وتستظل بالشجر، وتصير إلى غير حساب يا ليت أبا بكر مثلك.
وأخرج ابن عساكر عن الصمعي قال: كان أبو بكر إذا مدح قال: اللهم أنت أعلم مني بنفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيرًا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عمران الجوني قال: قال أبو بكر الصديق: لوددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن.
وأخرج أحمد في الزهد عن مجاهد قال: كان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود من الخشوع، قال: وحدثت أن أبا بكر كان كذلك.
وأخرج عن الحسن قال: قال أبو بكر: والله لوددت أني كنت هذه الشجرة تؤكل وتعضد.
وأخرج عن قتادة قال: بلغني أن أبا بكر قال: وددت أني خضرة تأكلني الدواب.
وأخرج عن ضمرة بن حبيب قال: حضرت الوفاة ابنًا لأبي بكر الصديق، فجعل الفتى يلحظ إلى وسادة، فلما توفى قالوا لأبي بكر: رأينا ابنك يلحظ إلى وسادة، فدفعوه عن الوسادة، فوجدوا تحتها خمسة دنانير أو ستة، فضرب أبو بكر بيده على الأخرى يرجع ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون. يا فلان ما أحسب جلدك يتسع لها.
وأخرج عن ثابت البناني أن أبا بكر كان يتمثل بهذا الشعر:
لا تزال تنعي حبيباً حتى تكونه وقد يرجو الفتى الرجا يموت دونه
وأخرج ابن سعد عن ابن سيرين قال: لم يكن أحد بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- أهيب لما لا يعلم من أبي بكر، ولم يكن أحد بعد أبي بكر أهيب لما لا يعلم من عمر، وإن أبا بكر نزلت فيه قضية فلم يجد لها في كتاب الله أصلا ولا في السنة أثرًا، فقال اجتهد رأيي، فإن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني، واستغفر الله.
أخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن المسيب قال: رأت عائشة -رضي الله عنها- كأنه وقع في بيتها ثلاثة أقمار، فقصتها على أبي بكر، وكان من أعبر الناس فقال: إن صدقت رؤياك ليدفنن في بيتك خير أهل الأرض ثلاثًا، فلما قبض النبي -صلى الله عليه وسلم- قال يا عائشة هذا خير أقمارك.
|