5 ) أسباب ضعف الغيرة :
1 ) ضعف الإيمان ( المعاصي ) :
الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، وبقدر إيمان العبد تكون غيرته وتعظيمه حرمات ربه ، ومثل المعصية والغيرة كمثل الماء والنار ، فكلما هاجت أمواج المعصية خبت نار الغيرة في القلب .
قال ابن القيم : " فصل : ومن عقوباتها [ أي المعاصي ] أنها تطفيء من القلب نار الغيرة التي هى لحياته وصلاحه كالحرارة الغريزية لحياة جميع البدن ، فإن الغيرة حرارته وناره التي تخرج ما فيه من الخبث والصفات المذمومة كمال يخرج الكير خبث الذهب والفضة والحديد وأشرف الناس وأعلاهم قدراً وهمة أشدهم غيرة على نفسه وخاصته وعموم الناس ولهذا كان النبي أغير الخلق على الأمة والله سبحانه أشد غيرة منه .
..... فالغيور قد وافق ربه سبحانه في صفة من صفاته ومن وافق الله في صفه من صفاته قادته تلك الصفة إليه بزمامه ، وأدخلته على ربه وأدنته منه وقربته من رحمته وصيرته محبوباً له .
ولو لم يكن في الذنوب والمعاصي إلا انها توجب لصاحبها ضد هذه الصفات وتمنعه من الاتصاف بها لكفى بها عقوبة ... والمقصود أنه كلما اشتدت ملابسته للذنوب أخرجت من قلبه الغيرة على نفسه وأهله وعموم الناس وقد تضعف في القلب جداً لا يستقبح بعد ذلك القبيح لا من نفسه ولا من غيره وإذا وصل إلى هذا الحد فقد دخل في باب الهلاك ، وكثير من هؤلاء لا يقتصر على عدم الاستقباح بل يحسن الفواحش والظلم لغيره ويزينه له ويدعوه إليه ويحثه عليه ويسعى له فى تحصيله ، ولهذا كان الديوث أخبث خلق الله والجنة عليه حرام ، وكذلك محلل الظلم والبغي لغيره ومزينه لغيره . فانظر ما الذي حملت عليه قلة الغيرة وهذا يدلك على أن أصل الدين الغيرة ومن لا غيرة له لا دين له فالغيرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح فتدفع السوء والفواحش ، وعدم الغيرة تميت القلب فتموت الجوارح فلا يبقى عندها دفع البتة .
المرجع : الجواب الكافي ج: 1 ص: 43ـ 45
2 ) الغزو الفكري بوسائله المتعددة : فقد انخدع كثير من المسلمين بحضارة الغرب فأملى لهم الشيطان أن لاحضارة ولا تقدم إلا بنقل أنماط الحياة الغربية على كافة المجالات إلى المجتمعات الاسلامية ، يؤيدهم في هذا ما تسعى إليه الأمم الكافرة من عولمة المجتمعات على الطريقة الغربية .
3 ) ضعف قوامة الرجل ، والحب المفرط الذي يضعف سلطته على أهله .
فمن المؤسف حقاً ما تشهده بعض بيوت المسلمين من انهيار مبدأ قوامة الرجل على أهل بيته ، فالأمر والنهي بيد الزوجة التي لا تسأل عما تفعل ، أما الزوج المحترم فالويل ثم الويل له إن سأل فضلاً عن أن يأمر أو ينهى .
• قال شيخ الاسلام ابن تيمية : وقوله { السجن أحب إلي مما يدعونني إليه } بصيغة جمع التذكير وقوله } كيدهن { بصيغة جمع التأنيث ولم يقل مما يدعينني إليه دليل على الفرق بين هذا وهذا وأنه كان من الذكور من يدعوه مع النساء إلى الفاحشة بالمرأة ، وليس هناك إلا زوجها وذلك أن زوجها كان قليل الغيرة أو عديمها وكان يحب امرأته ويطيعها ، ولهذا لما اطلع على مراودتها قال { يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين } فلم يعاقبها ولم يفرق بينها وبين يوسف حتى لا تتمكن من مراودته وأمر يوسف أن لا يذكر ما جرى لأحد محبة منه لإمرأته ولو كان فيه غيرة لعاقب المرأة .
المرجع : مجموع الفتاوى ج: 15 ص: 119
ونقل ابن القيم عن بعض أهل العلم قولهم :" الرجال أغير على البنات من النساء فلا تستوي غيرة الرجل على ابنته وغيرة الأم أبداً ، وكم من أم تساعد ابنتها على ما تهواه ويحملها على ذلك ضعف عقلها وسرعة انخداعها وضعف داعي الغيرة في طبعها بخلاف الأب ولهذا المعنى وغيره جعل الشارع تزويجها إلى أبيها دون أمها ولم يجعل لأمها ولاية على بضعها ألبتة ولا على مالها ".
المرجع : زاد المعاد ج: 5 ص: 474
4) الترف والانغماس في شهوات الدنيا . ومن ذلك ماتقدمت الإشارة إليه في قصة يوسف u معى امرأة العزيز ضعيف الغيرة .
5 ) تحول الغيرة إلى تقاليد وعادات قابلة للتغير لا سيما مع طول الأمد وتغير أحوال الناس .
عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الغيرة من الايمان والمِذاء من النفاق قال قلت ما المذاء قال الذي لا يغار .
رواه البزار وفيه أبو مرجوم وثقه النسائي وغيره وضعفه ابن معين وبقية رجاله رجال الصحيح مجمع الزوائد ج: 4 ص: 327 وضعفه الألباني في الضعيفة (1808)
6 ) اقتراف الفواحش :
فإن أهل الفواحش من أضعف الناس غيرة ، وذلك لأن القلب إذا قبل أمراً زينه لصاحبه فيرى مساوئه في قالب من الحسن . قال تعالى { أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً } .
أما أهل الغيرة فهم من أبعد الناس عن الفواحش .
قال بعض حكماء العرب : ( ما فجر غيور قط ) يعني أن الغيور هو الذي يغار على كل أنثى .
مجمع الأمثال ج: 2 ص: 292
7 ) تفريط المسلمين في شريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مما أدى إلى انتشار الفواحش والمنكرات ، وتحولها إلى أمر عادي لا غضاضة فيه عند كثير من الناس ، حتى إن الغيور ليعد غريباً في بعض المجتمعات . وكما قيل : كثرة الإمساس تذهب الاحساس .
يقول ياقوت في وصف إحدى البلدان : أهلها عرب وزيهم زي العرب القديم وفيهم صلاح مع شراسة في خلقهم وزعارة وتعصب وفيهم قلة غيرة كأنهم اكتسبوها بالعادة ، وذلك أنه في كل ليلة تخرج نساؤهم إلى ظاهر مدينتهم ويسامرن الرجال الذين لا حرمة بينهم ويلاعبنهم ويجالسنهم إلى أن يذهب أكثر الليل فيجوز الرجل على زوجته وأخته وأمه وعمته وإذا هي تلاعب آخر وتحادثه فيعرض عنها ويمضي إلى امرأة غيره فيجالسها كما فعل بزوجته وقد اجتمعت بكيش بجماعة كثيرة منهم رجل عاقل أديب يحفظ شيئا كثيرا وأنشدني أشعاراً وكتبتها عنه فلما طال الحديث بيني وبينه قلت له بلغني عنكم شيء أنكرته ولا أعرف صحته . فبادرني وقال : لعلك تعني السمر . قلت : ما أردت غيره . فقال : الذي بلغك من ذلك صحيح وبالله أقسم إنه لقبيح ولكن عليه نشأنا وله مذ خلقنا ألفنا ولو استطعنا أن نزيله لأزلناه ولو قدرنا لغيرناه ولكن لا سبيل إلى ذلك مع مر السنين عليه واستمرار العادة به .
معجم البلدان ج: 5 ص: 97
__________________
اطلبوا العلم، فإن عجزتم فأحبوا أهله، فإن لم تحبوهم فلاتبغضوهم هيا بنا نتعلم الديمقراطية <!-- Facebook Badge START --><!-- Facebook Badge END -->
|