لن يجد أحد العدالة إلا في الإسلام وفي دولة الإسلام حين يطبّق شرع الله بإيمان وأمانة. فشرع الله أعطى لكل طائفة ولكل إنسان حقّه على ميزان ربّاني. وعدالة الإسلام شريعة تطبق وتمارس في الواقع، وعدالة غيره شعار لا يطبّق وإنما هو شعار للتخدير والمكر والإفساد.
لن يجد أحد الإنسانيّة التي يتغنى بها بعض الدعاة إلا في الإسلام، وخارج الإسلام وحوش كشرت عن أنيابها، ومدّت أظافرها، وانقضّت على فرائسها نهشاً وقتلاً وعدواناً لا يعرف الرحمة. وأمامك الأحداث في الأرض، فانظر إلى جرائم المبادئ كلها: الشيوعية، والديمقراطية، والاشتراكية، والعلمانية، وعدِّد ما شئت من مبادئ الفتنة والضلال.
والآخر! الآخـر الذي يطالب بعض الدعاة بإعطائه حقوقه، والاعتراف به، والقسط معه! سل النصارى كلهم واليهود كلهم هل وجدوا في حياتهم كلها أرحم من الإسلام بهم؟!
لقد أوفى الإسلام الأمانة مع الجميع عدلاً وقسطاً ورحمة وإنسانيّة! ولم يوفِ أحدٌ مع الإسلام والمسلمين إلا من رحم الله. فالآخر الذي يريد أن يُنْصَفَ ويعَتَرف به، هو المسلم!
وبهذه المناسبة، مناسبة مطالبة بعض الدعاة بدولة مدنيّة لا دينيّة، يتساوى فيها المواطنون من ديانات مختلفة وجنسيات مختلفة، فنودّ أن نذكّر بقاعدة رئيسة في الإسلام أكدها الكتاب والسنة، تلك القاعدة هي أنه لا يوجد في التصوّر الإسلامي ديانـات سماوية توحيدية كما يشاع في الصحف والفضائيات والمؤتمرات.
فالله واحد لا إله إلا هو، والدين واحد هو الإسلام، دين جميع الأنبياء والمرسلين ودين من آمن بهم وصدّقهم واتبعهم، فكلهم مسلمون، وكلهم مع التاريخ يكوّنون أمة واحدة، أمة مسلمة واحدة: "إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ" [الأنبياء:92]، "وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ. فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ" [المؤمنون:53،52].
وكذلك: "إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ" [آل عمران:19].
وكذلك: "أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ" [آل عمران:83].
وكذلك: "وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [آل عمران:85].
وآيات كثيرة تؤكد هذه الحقيقة الرئيسة التي يجب أن تكون مغروسة في قلب كلِّ مؤمن يقول كما قال إبراهيم عليه السلام: "إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ" [البقرة: 131]، "مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" [آل عمران:67].
آيات كثيرة تثبت هذه الصورة وهذا الأساس، فأعجب وأدهش من داعية مسلم ينسى هذا كله، ثم يدعو في مؤتمرات إسلامية إلى العلمانية، وآخر يدعو إلى الديمقراطية، وثالث يدعو في المؤتمرات الإسلامية إلى العولمة، حتى إن كلمة الإسلام ودعوة الإسلام كادت تختفي من بعض هذه المؤتمرات.
في أحد هذه المؤتمرات يقول داعية مسلم: "لا نملك إلا أن نندمج في النسيج الثقافي والديني الفرنسي"،
وآخر يقول: "إن العلمانية مساوية للإسلام في مقصودها"! عجباً كل العجب، فالإسلام يريد من المؤمن أن يؤثر الآخرة على الدنيا وأن يكون هدفه الأكبر والأسمى الدار الآخرة والجنة ورضوان الله، والعلمانية تريد الدنيا فقط لا دينية! وآخرون يقيمون عرساً للديمقراطية.
دعوات منحرفة آخذة بالانتشار، ويتخفّى معظمها تحت شعار الإسلام، وإلى أين نسير؟!
طوفان الغزو على العالم الإسلامي كبير وشديد، والذين يتساقطون فيه كثيرون، والخطر حقيقيّ لا وهم فيه، خطر زاحف في الدنيا، ولا يعقبه إلا خطر أشدّ في الآخرة!
فهل من محاسبة للنفس، ووقفة إيمانية، ومراجعة للمسيرة، وتحديد للأخطاء ومعالجتها؟!
اللهم هل بلغت اللهم فاشهد