اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mr. Hamdy
محتاج بحث عن هيئة الاعتماد فى الولايات المتحدة الامريكية ncate من حيث اهدافها ومعايرها وكيفية الاستفادة منها فى مصر وفلستفها
|
سمات نظام التعليم الأمريكي
يتميز النظام التعليمي الأمريكي بطبيعته الليبرالية، واعتماده على التفكير النقدي وتطوير المهارات الشفهية والكتابية، كما يهتم بالمناقشات والعمل الجماعي والمشروعات البحثية؛ وهو ما يرجعه التقرير إلى أن المناهج الأمريكية هي مناهج مفتوحة للمساهمة من كل الثقافات؛ وغايتها ليس إعداد الطالب للحصول على وظيفة بل إمداده بمهارات التعلم طوال الحياة، وتطوير قدراته على التفاعل داخل الفصل وخارجه. وبرغم انخراط الجامعات العربية في عمليات الإصلاح، إلا أنها لازالت جهود بطيئة بيروقراطية الطابع.
تحليل مضمون التعليم الأمريكي
وبهدف تقويم الجامعات العربية التي تتبع النموذج الأمريكي وتقديم مقترحات وتوصيات للمستقبل، قام التقرير بفحص الجامعات العاملة ثلاثة عشر دولة عربية، وقد استبعدت العراق وليبيا وتونس واليمن من الدراسة لعدم وجود جامعات تتبع النموذج الأمريكي بها.
وقد تم تصنيف الجامعات محل الدراسة إلى أربعة فئات: جامعات ذات نظم تعليمية أمريكية؛ فروع من جامعات غربية ومؤسسات دولية ذات صلات محلية؛ مؤسسات محلية ذات ارتباطات دولية بجامعات أمريكية؛ جامعات محلية تستخدم الإنجليزية كلغة للتدريس.
واستخدم التقرير عدداً من المعايير للمقارنة فيما بينها: استخدام المقررات الأمريكية، والمؤهلات الدراسية لأعضاء هيئة التدريس؛ ونسبة الأساتذة إلى عدد الطلاب؛ وتوافر الخدمات الطلابية؛ والأساليب التعليمية، ومحورية الطلاب في العملية التعليمية؛ ومدى توفر قروض ومنح دراسية وبرامج للدراسة في الخارج؛ وثقل العبء الملقى على الأساتذة بين التدريس والتحضير، وظروف تعيين الأساتذة، ووجود إجراءات وسياسات واضحة، ومدى الانخراط في المجتمع.
وحاول التقرير من خلال تحليل مضمون نتائج الاستبيان والذي شمل مائة من أعضاء هيئة التدريس في خمسة وستين جامعة بثلاثة عشر دولة عربية تحديد: عدد الجامعات العربية التي تتبع النموذج الأمريكي، وعدد الجامعات المعتمدة منها، وجهات الاعتماد الخارجي؛ وعدد الجامعات التي تعد مؤسسات غير ربحية أو غير ذلك، وتأثير ذلك على جودة التعليم بها؛ والجامعات التي توفر تخصصات في الآداب ومدى اتساقها مع المعايير الأمريكية؛ ومدى أولوية ومحورية دور الطلاب في هذه الجامعات.
وعلى صعيد التدريس، سعى التقرير لمعرفة حجم العبء الملقى على الأساتذة في المنطقة؛ ونسبة أعضاء هيئة التدريس للطلاب؛ ومدى توفر وقت للأساتذة للبحث والتطوير المهني؛ وأخيراً إلى أي مدى عبرت البرامج الدراسية عن التعددية الثقافية. وهدف التقرير إلى استكشاف الجوانب الإدارية في هذه الجامعات مثل؛ أنماط تعيين الأساتذة؛ والأدوار الخارجية للجامعات في مجتمعاتها؛ ومدى مشاركة الأساتذة في اتخاذ القرارات الإدارية.
القصور التعليمي لمؤسسات التعليم الأمريكي
خلص التقرير أن الجامعات العربية التي تتبع النموذج الأمريكي تفتقر إلى معايير الإدارة الناجحة والحياة الطلابية الفاعلة، فضلاً عن القصور في مقاييس الجودة التعليمية بها، وبخاصة الجامعات الخاصة الهادفة للربح. واعتبر التقرير أن الجامعة الأمريكية في القاهرة ونظيرتها في بيروت والجامعة اللبنانية الأمريكية تحتل قائمة تصنيف الجامعات العربية التي تتبع النموذج الأمريكي. ولا يزال الطريق طويل أمام الجامعة الأمريكية الواعدة في الشارقة.
وعلى الرغم من أن هذه الجامعات توفر أفضل مستوى تعليمي في العالم العربي، إلا أنها لازالت لا تطبق النموذج الأمريكي تماماً؛ فلا توجد مشاركة للأساتذة في اتخاذ القرارات الإدارية، وتتدخل حكوماتها في تعيين الهيئة التدريسية، ولا يسمح العبء التدريسي للأساتذة القيام بالبحث والتطوير المهني، ولا يعتبر الطالب محور العملية التعليمية، كما يفتقر الأساتذة للتعليم الغربي، وتوجد قلة في البرامج الدراسية في الخارج، فضلاً عن تأثر الجامعات بعدم الاستقرار السياسي في المنطقة.
وفي المقابل، لم تواجه الفروع المعتمدة من الجامعات الغربية في الدول العربية مشكلات البداية لجهة أنها تطبق إجراءات جامعاتها الأم وبرامجها ومقرراتها الدراسية، إلا أنها قد تواجه مشكلات التوفيق بين هذه المقررات والنظم التعليمية من ناحية وبين النظم والثقافات المحلية في الدول العربية من ناحية أخرى، فضلاً عن جهودها لإدماج هذه المناهج في البيئات المحلية.
وتمثل الجامعات المحلية ذات الارتباطات الخارجية بالجامعات الغربية الغالبية بين الجامعات التي تتبع النموذج الأمريكي في العالم العربي، ولا تزال هذه الجامعات حديثة النشأة وتؤسس للبرامج التعليمية فيها؛ فبرامج الآداب والعلوم بها قاصرة على دراسة اللغات والتربية، وقد تواجه مشكلات مع حكوماتها عند الرغبة في توفير برامج في العلوم الاجتماعية والإنسانيات. وأخيراً، تتباين الجامعات التي تستخدم اللغة الإنجليزية كلغة للتدريس في تطبيق المكونات المختلفة، بخلاف اللغة، للنموذج التعليمي الأمريكي.
ويلخص غبرة وأرنولد التحديات التي تواجه التعليم العالي ذو النظام الأمريكي في العناصر التالية:
أولا: الضعف المادي في بعض البلدان العربية، وبالنسبة للدول الغنية فإن التحولات الإدارية والافتقار إلى معايير الجودة التعليمية لا تزال تواجه هذا النوع من التعليم. ويضاف إلى ذلك كون معظم هذه الجامعات تركز على تدريس التجارة والعلوم التقنية، في ظل عدم الاهتمام بالآداب والعلوم.
ثانيا: عدم وجود مساواة في إمكانية الوصول للتعليم في هذه الجامعات، حيث معظمها خاص ذو مصروفات باهظة للقادرين فقط، خاصة في ظل قلة أو انعدام القروض الطلابية والمنح الدراسية.
ثالثا: الافتقار إلى الحرية الأكاديمية؛ فرغم التباين في الأوضاع الاقتصادية والجغرافية والسياسية في الدول العربية، إلا أنها تفتقر للحرية الأكاديمية؛ فهناك بعض المقررات والمواد الدراسية يحظر تدريسها بناء على قرارات الدولة أو شكاوى الطلاب، ولا يوجد محددات واضحة لحرية البحث والتدريس.
رابعا: عدم إعداد الطلاب للتفكير بصورة نقدية أو تنمية مهارات اتخاذ القرار لديهم.
خامسا: وجود عبء عالي على الأساتذة في مقابل غياب الشفافية الإدارية.
سادسا: اتصال محدود مع المجتمع، وباستثناء لبنان والأراضي الفلسطينية، لا توجد علاقة فعلية بين المجتمع والجامعة، ولا تقدم الأخيرة خدمات خارجية فعالة.
سابعا: وجود عالمي محدود، فالصفحات الإلكترونية لهذه الجامعات غير كافية وتفتقر إلى وسائل التسويق الجيدة للجامعة.
خرج التقرير بعدد من التوصيات الهادفة لتطوير الجامعات التي تتبع النموذج الأمريكي في الدول العربية، من أهمها النظر للجامعات باعتبارها منابر للتغيير الكيفي في المعرفة؛ وتأسيس معايير للجودة التعليمية؛ وإدماج التعليم مع الثقافة المحلية من خلال الاهتمام بالقضايا المحلية والبحث فيها، وكذلك مراعاة التقاليد العادات دون التضحية بالمحتوى الأكاديمي.
وفيما يخص الجانب الطلابي، حث التقرير الجامعات على التركيز على الطلاب وتطويع كافة موارد الجامعة لتطويرهم نفسيا واجتماعيا وفكرياً؛ وتطبيق معايير مؤسسية صارمة في هذه الجامعات؛ وإدخال عدد من مقررات الآداب في المواد الإجبارية للطلاب للمساعدة على تطويرهم للتفكير النقدي والكتابة والتعلم الذاتي والتواصل والوعي الفكري.
وعلى الصعيد الإداري دعا التقرير إلى تعيين أساتذة أكفاء؛ وتأسيس إدارة جيدة توازن بين الربح وإعادة الاستثمار؛ وتحديد الإجراءات والسياسات في الجامعات؛ وتشجيع الأساتذة على البحث من خلال توفير الوقت والموارد اللازمة لهم. واعتبر التقرير ضرورة وجود تعاون بين جامعات العالم العربي ونظيرتها من الجامعات الأمريكية على مستوى التعلم من التجارب وتقديم المواد الدراسية عبر الشبكة الإلكترونية؛ كما دعا إلى تحقيق الاندماج عالمياً من خلال تحسين الصفحات الإلكترونية، وجذب الهيئة التدريسية المتميزة، وتحقيق التواصل بين الطلاب العرب والأمريكيين من خلال الحوار والمقررات المشتركة.
وفي الختام لا يسعنا إلا القول أن التقرير اتسم بالقبول التام والتبني المطلق للنموذج التعليمي الأمريكي، باعتباره هدفاً منشودا للشباب العربي وتسعى الجامعات العربية لمحاكاته؛ فبدون أية ملاحظات على مضمون النظام التعليمي الأمريكي وفلسفته، أوصى التقرير الجامعات العربية التي تتبع النموذج الأمريكي اتخاذ المزيد من خطوات تبنيه. ومن اللافت للنظر أن الانتقادات انصبت على البيئات المحلية غير المواتية فكرياً أو سياسياً أو إدارياً لتشغيل مثل هذه الجامعات بكفاءة مثيلاتها في الولايات المتحدة؛ فالحلم الأمريكي، بحسب غبرة وأرنولد، لا ينمو لأن التربة غير ممهدة له التمهيد الكافي، وليس لأنها أرض غير أرضه.