طالبوا بحلول علمية للتعامل مع الأزمة
علماء الإسلام : الدفاع عن حصتنا في المياه وإفساد المؤامرات.. واجب شرعي
دعا علماء الإسلام وخبراء الاقتصاد إلي التعامل مع أزمة المياه بطريقة عقلانية وعلمية بعيدا عن المزايدات والتحرك السريع في الحفاظ علي حقوق مصر من مياه النيل.
وطالب العلماء والخبراء بضرورة إعادة النظر في الدبلوماسية المصرية مع دول القرن الافريقي منتقدين ضعف التواجد المصري الذي فتح الباب أمام الغير للسيطرة علي المنطقة.
وأكد العلماء علي ضرورة إحياء دور البعثات الدينية سواء من الأزهر أو الكنيسة لتقوية الروابط مع شعوب هذه الدول وضرورة إيجاد استثمارات مشتركة ومتكافئة سواء بين الحكومات وبعضها أو بين رجال الأعمال مشددين علي حق مصر في مياه النيل وفقا للمعايير والمواثيق الدولية الموقعة بين الدول الأطراف.في البداية وجه الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح الأستاذ بجامعة الأزهر النداء إلي الدول الإفريقية إلي ضرورة احترام المواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بمياه النيل.. مؤكدا علي ضرورة التحرك السريع للحفاظ علي هذه الحقوق من خلال التواجد بقوة في هذه الدول وان تكون علاقاتنا قوية مع حكومات وشعوب الدول المشاركة معنا في نهر النيل.
ودعا رجال الأعمال المصريين لتوجيه استثماراتهم في هذه الدول.. مشيرا إلي انه خلال زيارة له إلي أوغندا مؤخرا اكتشف أن مصر كان لها تواجد قوي ودور رائد في تنمية هذه الدول خاصة في عهد محمد علي باشا حيث لاتزال قصوره قائمة في هذه البلاد.
وانتقد السايح ضعف التواجد المصري في هذه الدول في الوقت الحالي حيث تركنا المجال مفتوحا لغيرنا سواء أكانوا من الأصدقاء أو الأعداء للعبث في هذه المنطقة مما أضرنا في الوقت الحالي وسوف يزيد الضرر مستقبلا إن لم نتحرك سريعا.
وارجع السبب في كل ما نعانيه الآن من أزمة وتمرد دول النيل علينا إلي ضعف تواجدنا في الوقت الحالي في هذه الدول. وعدم وجود إليه محددة وطريقة سليمة في التعامل مع هذه الأزمة.. لافتا إلي أننا دائما عندما تواجهنا مشكلة ونعجز عن حلها نتهم الآخرين.
وقال: من دعوة الإسلام أن يكون المسلم قويا. وان يكون مستعدا بقوة حيث قال تعالي: "وأعدوا لهم ما استطعتم من وقوة ومن رباط الخيل" وهذا الاستعداد بالقوة ليس بالضرورة ليكون للحزب. فالتواجد القوي من خلال الاستثمارات والمشروعات الكبيرة في هذه الدول مطلب أساسي يساهم في توطيد علاقتنا ويحقق لنا ما نريد.
ودعا إلي التواجد الثقافي والفكري من خلال البعثات الإسلامية سواء من الأزهر أو الأوقاف إلي الدول الإفريقية والتي يجب أن تقوم بدورها المهم في الدعوة وتوطيد العلاقات بيننا وبينهم. علي أن يكون لدي أعضاء هذه البعثات خطاب ديني مقنع. وعلي دراية بأمور هذه البلاد وبشئون أهلها. إضافة إلي خلفياتهم عن المعاهدات والمواثيق المشتركة مع حكومة البلاد الإفريقية.
تقوية العلاقات
من جانبه طالب الدكتور أحمد محمود كريمة الأستاذ بجامعة الأزهر بتكثيف الجهود لنيل المقصود. من خلال التحرك الإعلامي الواعي الذي لاتهويل ولا تهوين فيه. من باب الأخذ بالأسباب. والتنبيه علي الحقوق والواجبات في خصوص هذا الشأن. والتركيز علي الأدلة والبراهين القوية والراسخة. بعيدا عن المزايدات وبعيدا عن شماعة المؤامرة.
وقال: يجب الاستعداد بملف شامل عن القضية متضمنا المعلومات التاريخية والجغرافية والجيولوجية عبر الأزمنة كلها. خاصة عند التفاوض والتحكيم الدولي. إضافة إلي التحرك السياسي المتمثل في القنوات الدبلوماسية الواعية.. منتقدا التمثيل الدبلوماسي المصري في القارة الإفريقية حيث وصف أغلبها أنها اقل في المستوي من التمثيل الدبلوماسي سواء في أوروبا أو أمريكا.
وأكد علي أهمية توطيد العلاقات الدينية مع شعوب هذه الدول. من خلال الأزهر الشريف والأوقاف والكنيسة المصرية. حيث غاب هذه التواجد في الفترة الأخيرة. وأهملنا إفريقيا وتوجهنا إلي غيرها. فكانت النتيجة ما نراه ونعاني منه الآن.
وعاد ليشير إلي أخطاء السياسة المصرية في هذه المنطقة التي تركت فراغا استغله الغير فلعب دورا ناجحا في ابتزازنا والضغط علينا.. وقال إن هذه الأزمة تتطلب منا التفكير بجدية في "مجلس قومي لإدارة الأزمات" يقوم بدوره في التصدي وإيجاد الحلول العلمية والعملية السريعة لمشاكلنا في الداخل والخارج. بدلا من التعامل مع القضايا المصيرية بعشوائية وفي جذر منعزلة.
وأضاف: هذه المشكلة قضية أمن قومي تتطلب جهودا من كل مؤسسات الدولة. فهذه ليست قضية الخارجية أو وزارة الموارد المائية فقط. بل هي مسؤولية الدولة مكتملة بكل مؤسساتها لان الماء شريان الحياة حيث قال عز وجل: وجعلنا من الماء كل شيء حي".
حرب علي المسلمين
ويؤكد الشيخ عادل أبوالعباس أهمية الدفاع عن حقوقنا المشروعة في مياه نهر النيل.. مشيرا إلي أن المشكلة ليست بالجديدة. وهي نوع جديد من الحرب علي امة الإسلام من عدو معروف لنا من قبل حيث فشل قبل ذلك في السيطرة علينا عسكريا. ووجد صعوبة في طمس هويتنا الإسلامية من خلال الاحتلال الفكري. وها هو الآن يجرب نوعا جديا من الحروب ألا وهي حرب المياه. حيث يحاول السيطرة علينا وابتزازنا من خلال تواجده في دول المنبع مستغلا ضعف تواجدنا في هذه المناطق في الفترة الأخيرة. لذا وجب التصدي له بشتي الطرق المشروعة. والتي تتحقق من خلال المفاوضات والمحاكم الدولية. حيث نجحنا من قبل في استرداد طابا.
حرب المياه
ويري الدكتور عبد الوهاب فكري المدرس بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر فرع أسوان ضرورة تكثيف الجهود المشتركة بين دول حوض النيل وبحث الأسباب التي أدت إلي تداعيات القضية.. مشيرا إلي ان الإسلام سبق وان نبه إلي أهمية المياه للحياة. لان قطرة الماء التي هي سر الحياة ومنبع الأحياء.
وقال: قطرة الماء التي من ملكها فقد ملك السلاح الأقوي.. مشيرا إلي قول الخباب بن المنذر في غزوة بدر عندما سار جيش الملمين حي نزل أدني ماء من بدر. فقال الخباب بن المنذر الأنصاري: "يا رسول الله. أهذا منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدم عنه أو نتأخر. أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟"..
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "بل هو الرأي والحرب والمكيدة".. فقال: يارسول الله. ليس لك هذا بمنزل. فانهض بالناس حي تأتي أدني ماء من القوم. فإني أعرف غزارة مائه وكثرته فننزله ونغور ما عداه من الآبار. ثم نبني عليه حوضاً. فنملؤه ماء فنشرب ولا يشربون.. فقال الرسول عليه السلام: "لقد أشرت بالرأي". ونهض حتي أتي أدني ماء من القوم. ثم أمر بالآبار التي خلفهم فغورت لينقطع أمل المشركين في الشرب من وراء المسلمين. وبني حوضا علي القليب الذي نزل عليه..
واستطرد: إنها حرب المياه التي أدركها المسلمون الأوائل.. ولم ندركها نحن إلا بعد أن أدركتها إسرائيل. وأصبح الخطر قريبا منا لايفصله بينا سوي خطوات.
الخطر الأكبر
ومن جانبها تؤكد الدكتورة زينب الاشوح الرئيس السابق لقسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الازهر فرع البنات أن ما يحدث الآن بداية لتخصيص مياه النيل. فالمشكلة ليست في تخفيض حصة مصر من مياه النيل. المشكلة الأكبر أن هذه بداية لبيع مياه النيل لنا. وهذا البيع متزامن مع احتكار هذه الدول لمنابع النيل مما سوف يلازمه الاستغلال وهذه قاعدة اقتصادية معروفة.
وانتقدت أسلوب التعامل مع الأزمة. ومشككة في تصريحات المسئولين الذين لايقدمون أدلة وبراهين منطقية لحل الأزمة في المستقبل القريب .. مؤكدة أن الدعوي إلي ضرورة تقديم معونات لدول المنبع لتحقيق التواجد ليس حلا عمليا خاصة أن الدول التي تنافسنا سواء أكانت إسرائيل أم غيرها لديها من الإمكانيات المادية التي يمكنها أن تتفوق علينا. كما أن مصر لا تستطيع الاستمرار في تقديم المعونات لهذه الدول لأنها هي أيضا تأخذ معونات. والمعونات التي سوف تقدمها بالطبع ستستقطع من موارد الدولة وبالتالي سوف نتأثر نحن في الداخل.
وقالت: حتي وان نجحنا في حل المشكلة وحصلنا علي نريد من حصة المياه. فمن يضمن لنا أن تصل حصتنا نظيفة وغير ملوثة.. مشيرة إلي أن المشروعات التي سوف تقام علي ضفاف النهر هناك سوف تلوث المياه حيث يكون نصيبنا أو ما يصل إلينا منه كدولة مصب أكثر عرضة للتلوث. لذا يجب علينا أن يكون لدينا خطة طويلة الأجل تعتمد التواجد والتعاون هذه في مشروعات مشتركة ومتكافئة بحيث يشعر الطرف الآخر بقيمته. علي إلا يجب أن نتعامل معهم كونهم تابعين ومتلقين. مقترحة تبادل الخبرات والاستثمارات مع جميع الدول الإفريقية خاصة دول حوض النيل.
واقترحت إنشاء مجلس وحدة اقتصادي إفريقي يواجه الكيانات الاخري يهتم بالمشروعات المشتركة. إضافة إلي عمل عملة افريقية موحدة تكون بدايتها في التعامل خلال الإجراءات. ومن ثم تطبيقها بعد ذلك.
وتختتم كلامها بالتأكيد علي ضرورة إعادة النظر والتقييم للقرن الإفريقي تاريخيا واقتصاديا وسياسيا. وإعادة تنشيط المجالات المشتركة مع هذه الدول.. مشددة علي إيجاب نقاط التلاقي مع أبناء هذه الشعوب في الوقت الذي يجب أن نقوم فيه نحن بالبحث في كيفية التعامل مع هذه الدول من خلال لقاءات ومؤتمرات وورش عمل تجمع المسئولين التنفيذيين والخبرآء الأكاديميين وفئات الشعب المختلفة بشكل علمي وعقلاني. رافضة الاتجاه إلي إن تكون الحرب وسيلة. لأنها مكلفة ومرهقة جدا وتضر بجميع الأطراف.
__________________

العلم النافع .. صدقة جارية
آخر تعديل بواسطة الاستاذ عوض على ، 26-05-2010 الساعة 03:49 PM
|