أخيرا انتبه المسئولون في مصر إلي أهمية الأزهر وما يمكن أن يقوم به من أدوار تصب جميعها في خدمة القضايا الوطنية وتساهم بشكل فعال في مواجهة الأخطار التي يمكن ان تعترض سبيلنا وطريقنا نحو نهضة هذا الوطن واستعادة مكانته التي تليق به.
الأسبوع الماضي ذهب الدكتور مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب إلي جامعة الأزهر والتقي مع أعضاء مجلس الجامعة ورئيسها في جلسة طويلة حضرها عدد محدود من الصحفيين وعدد من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة.
القضية الأولي والأساسية للقاء كانت مشكلة مياه النيل والمؤامرات التي تحاك لحرمان مصر من نصيبها المحدد منذ عشرات السنين طبقا لاتفاقيات دولية مستقرة ومحاولة دول المنبع فرض اتفاقية جديدة تسلب مصر بعض حقوقها.
جاء هذا اللقاء ضمن خطة الدولة وتحركها علي المستويين الخارجي والداخلي لمواجهة الأزمة وإجهاض المؤامرة.. ولكن قد يتساءل البعض: ما الذي يمكن أن يقوم به الأزهر ممثلا في جامعته من أجل المساعدة في مواجهة الأزمة؟!
الإجابة علي هذا السؤال يعرفها كل من عاصر زمنا كان فيه الأزهر هو عنوان مصر في جميع أنحاء العالم وقت أن كانت مصر مركز الإشعاع الفكري والديني في جميع الدول الإفريقية والآسيوية.. وقت ان كانت مصر الأزهر قبلة الدارسين للعلوم الدينية فجاءوا إليها بالآلاف ثم عادوا إلي بلادهم ليتولوا قيادتها وشاركوا في بنائها بعدما تحررت من المستعمرين فكان منهم الرؤساء والوزراء وكبار الساسة والعلماء الذين ظلت قلوبهم معلقة بمصر أم الدنيا ومتعلقة بها ولن يرضيهم أبدا أن تكون بلادهم رأس حربة في أيدي الذين يتآمرون علي مصر.
كانت مصر هي الأزهر في دول كثيرة ليس بسبب من درسوا في أزهرها فحسب وإنما أيضا بسبب الدور العظيم الذي قام به مبعوثو الأزهر إلي هذه الدول ومشاركتهم في بنائها وتعليم أولادها وضربهم للمثل الصالح والقدوة الحسنة في المعاملات.
من أجل كل هذا وأكثر منه بكثير يصبح الأزهر جديرا بالمشاركة في مواجهة الأزمة خارجيا.. أما في الداخل فمن غير الأزهر جامع وجامعة وعلماء يستطيع توجيه الناس من أجل ترشيد استخدام المياه طبقا لما يمليه الشرع علي المسلمين وما يتطلبه شكر النعمة التي أنعم الله سبحانه وتعالي علينا بها.. الأزهر وحده القادر بإذن الله علي قيادة الرأي العام للمحافظة علي ثروة مصر المائية.
الأزهر جدير بالقيام بهذه المهام من أجل مصر وشعبها ولكن هل يستطيع ذلك حاليا بعدما تعرض للكثير من الضربات والهجمات التي أدت إلي إضعافه وتقليص دوره تنفيذا لمخطط ساهم فيه الكثيرون لإبعاد مصر عن دورها كمركز إشعاع لوسطية الإسلام.. أشك في ذلك.. وأعتقد أننا نحتاج إلي إجراءات وجهود جبارة من أجل استعادة المكانة المفقودة وهو أمر صعب ولكنه غير مستحيل بشرط أن نبدأ من الآن وأن يتعاون الجميع ويتوقف المغرضون عن أفعالهم لتعود للأزهر مكانته واحترام الجميع له.
كلمة أخيرة
أتمني بعدما اكتشفنا كيف يمكن أن يساهم الأزهر في مواجهة أزمة مياه النيل أن يعيد بعض المسئولين التفكير ويتوقفوا عن استبعاد البعد الديني وهم يحاولون حل الكثير من المشكلات التي تعترض حياتنا وأن نتوقف عن وصم كل من يواجه القضايا المصيرية من منطلق وأرضية دينية بأنه متطرف أو رجعي أو أنه يريد العودة بنا إلي الوراء.
__________________

العلم النافع .. صدقة جارية
|