عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 05-06-2010, 03:32 PM
أبو إسراء A أبو إسراء A غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 6,315
معدل تقييم المستوى: 23
أبو إسراء A is a jewel in the rough
افتراضي

عناصر الدولة المدنية:‏
لكن لو كان لنا أن نتجاوز ما تقدم كله وندخل في التفاصيل بعيدا عن الوقوف عند حد ‏التعريفات، فما عناصر الدولة المدنية؟ وما علاقة ذلك بالإسلام؟
يدور الحديث عن عناصر الدولة المدنية حول عدة محاور تقول: "فطبيعتها تتلخص في وجود ‏دستور يعبر عن قيم ومعتقدات وأعراف المواطنين في الدولة، وفي الفصل بين السلطات الثلاث الآنفة ‏الذكر ، وفي اكتساب الحقوق على أساس المواطنة، وعدم التمييز بين المواطنين لا بسبب المذهب أو ‏الطائفة أو الثقافة أو العرف، وفي كفالة حقوق الإنسان والحريات الأساسية، واحترام التعددية والتنوع"‏

من خلال ما هو مطروح من المداخلات والمساجلات يتبين أن هناك عدة عناصر منها:‏
وجود دستور مكتوب: والدستور هو أعلى وثيقة قانونية في الدولة وهو المرجعية النهائية لجميع ‏القوانين والأنظمة، فكل ما خالفه من أفعال أو تصرفات فهي موصوفة بالبطلان المطلق، وكل قانون أو ‏تنظيم يسن مخالفا للدستور، هو باطل ولا تترتب عليه النتائج التي تغياها القانون أو التنظيم، وكل ما ‏خالف الدستور فيجب نقضه وإلغاؤه
‏ وقد يختلف الناس في شأن تدوين دستور، وهل هناك حاجة إلى ذلك لتحديد الحدود ‏والالتزامات والحقوق والواجبات بين مختلف فئات المجتمع، وتحديد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، أم ‏يُكتفى بما هو موجود في النصوص الشرعية؛ وبما هو موجود في القضايا الإجماعية، والمعلوم من الدين ‏بالضرورة؛ لوضوحه في الدلالة على ما يراد منه.‏
‏ والخلاف في ذلك سائغ وهو خلاف في الفقهيات وليس في العقائد، يحكم عليه بالصواب أو ‏الخطأ، ولا يحكم عليه بالحق أو الباطل، أو بالإيمان أو الكفر، ولا يمكن أن يُمنع الخلاف في ذلك بين ‏الناس إلا في ظل القهر والاستبداد، وليس هذا هو جوهر القضية، وإنما جوهر القضية ما الأساس الذي ‏يدون عليه الدستور إذا قيل بتدوينه؟ هل هو الكتاب والسنة وما دلا عليه بوجوه الدلالات المعتبرة، وفق ‏القواعد الشرعية المنضبطة، أو الأساس هو العقل والمصلحة، والخبرة والتجارب، ولا شك أن الخلاف ‏في هذا غير سائغ، وهو خلاف عقدي يحكم عليه بالحق أو الباطل أو بالإيمان أو الكفر، وليس خلافا ‏فقهيا يحكم عليه بالصواب أو الخطأ. ‏
إمكانية تداول السلطة: المراد بالسلطة في هذا الكلام الحكومة، بما لها من حقوق وما عليها من ‏واجبات وتبعات، وهي بلا شك في كل الأنظمة سواء الإسلامية وغير الإسلامية لها شروط ‏ومواصفات، ينبغي تحقيقها والتحلي بها، والمشكلة لا تكمن في تداول السلطة، فقد قال عمر رضي الله ‏تعالى عنه الخليفة الثاني: إِنِّي إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَقَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ ‏يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُمْ..ثم قال عندما قدم المدينة: مَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُبَايَعُ هُوَ ‏وَلَا الَّذِي بَايَعَهُ تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا"‏ ، فعمر رضي الله تعالى عنه يبين أن البيعة أي تولية السلطة لا تكون إلا ‏بمشورة المسلمين، ويحذر الناس ممن يبايع من غير مشورة، ويبين أن هذا غصب لأمور الناس، ثم يبين أن ‏من فعل ذلك فلا ينبغي مبايعته هو أو الذي بايعه، وقد قال ذلك في المدينة النبوية في خطبة الجمعة أمام ‏الصحابة كلهم بمن فيهم من الفقهاء والعلماء، فلم يعترضه أو ينكر عليه أحد، فدل ذلك على أن هذا هو ‏المعروف لديهم.‏
‏ وعندنا من الواقع العملي أن السلطة تولاها بعد رسول الله ‏ صلى الله عليه وسلم ‏ أبو بكر وهو من بني تيم ثم تولاها ‏عمر وهو من بني عدي ثم تولاها عثمان وهو من بني العاص ثم تولاها علي وهو من بني هاشم رضي الله ‏تعالى عن الجميع، فالسلطة انتقلت وتداولها المسلمون وفق الشروط والمواصفات التي دلت عليها ‏الأحكام الشرعية، ولم يحتكرها أحد ويقصرها على نفسه، لكن ليس من معنى تداول السلطة أن يُحدد ‏وقت معين لولي الأمر يفقد بها صلاحيته لولاية الأمر حتى يجدد اختياره من جديد. ‏

والمشكلة الجوهرية مع أنصار الدولة المدنية في هذه المسألة تكمن في الشروط والمواصفات التي ‏ينبغي توافرها فيمن يُولى الأمر، وليس في تداولها، فهل من شروط الحاكم عندهم أن يكون مسلما، أم ‏يجوز أن يكون كافرا شقيا ما دام أنه يتمتع بصفة المواطنة؟ وهل يشترط عندهم أن يكون صالحا تقيا أم ‏يجوز أن يكون فاسقا عصيا لرب العالمين ؟ وهل يشترط عندهم أن يكون رجلا أم يجوز أن تكون امرأة؟ ‏
لكن أهمية الحديث عن تداول السلطة عند كثيرين تنبع من أن السلطة في عرفهم صارت مغنما من ‏المغانم وليست مغرما، لذلك يطالبون بنصيبهم من هذا المغنم، ورضي الله تبارك وتعالى عن عمر عندما ‏رفض أن يعهد بالأمر من بعده لمن يهمه أمره، وقال: لا أتحملها حيا وميتا، والتداول لا يمثل قيمة ‏جوهرية في الفقه السياسي الإسلامي، وإنما القيمة تكمن في قدرة ولي الأمر على القيام بمهامه على الوجه ‏الأحسن، فإذا كان ولي الأمر قائما بما يجب عليه، محققا للمقصود من نصبه من غير إخلال أو تقاعس عن ‏القيام بمهامه وواجباته، فليس هناك معنى معقول لإخراجه عن السلطة بزعم تداولها، وفي الجهة المقابلة ‏فإنه متى تقاعس ولي الأمر عن القيام بواجباته، ولم يكن نصبه محققا للغرض المقصود منه فإن الشريعة لا ‏تأمر بالإبقاء عليه واستمراره في منصبه، بل يوعظ وينصح ويوجه فإن استقام وإلا فالعزل طريقه ‏
الاعتراف بالآخر: ما المراد بالاعتراف به؟ الاعتراف بوجوده، أم الاعتراف بحقوقه التي كفلتها له ‏الشريعة، أم الاعتراف بواجباته التي أناطتها به الشريعة، أم الاعتراف بأنه على دين يخالف دين الإسلام، ‏أم الاعتراف بأن له الحق في أن يدعو بين المسلمين إلى دينه، وأنه يحق له إقناعهم بالتحول إليه.‏

ونقول: الاعتراف بالموجود لا حاجة له، فنفس وجوده دليل عليه وهذا من البدهيات لا يحتاج إلى ‏اعتراف، وأما الاعتراف بحقوقه وواجباته وفق الشريعة فلم يعارض في ذلك أحد ممن يؤخذ عنه العلم، ‏ولا ينبغي أن يعارض في ذلك أحد، وأما الاعتراف بأنه على غير دين الإسلام فهذا من أساسيات ‏الإسلام، فكل من لم يشهد أنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فهو على غير دين الإسلام، ما بقي إلا ‏شيء واحد وهو أن يكون الاعتراف بالآخر يعني الاعتراف بحقه في أن يدعو المسلمين إلى دينه، أو أن ‏يُمكنوا من بناء أماكن لعبادتهم‏ ‏ في أمصار المسلمين التي لم يكونوا بها من قبل، بل مصَّرها المسلمون، ‏لكن نحن نسألكم هل هناك أدلة تدل على ذلك؟ وإذا لم تكن هناك أدلة تدل على ذلك، بل كانت الأدلة ‏تدل على عكسه، كانت المطالبة به على أساس أنه من مواصفات الدولة المدنية، قدحا في تلك الدولة لأنها ‏تقوم على مخالفة الشرع. ‏

قبول الديمقراطية: وهى حكم الشعب بديلا لحكم الله لن نتكلم عنها فقد تكلمنا عنها كثيرا‏ ‏: ، لكنا نقول لقد ‏أثبتت حوادث الأيام أن الديمقراطية في تلك الدول التي تزعم ريادتها في هذا المجال مجرد شعار أجوف، ‏فلقد شنت أمريكا الدولة الديمقراطية ومعها بريطانيا الدولة الديمقراطية أيضا، وبالتحالف مع عدة ‏دول ديمقراطية أيضا، حربا ظالمة على العراق بزعم وجود أسلحة دمار شامل في تلك البلد، ثم تبين بعد ‏ذلك أن هذه الأخبار كانت ملفقة حتى إن وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول اعترف بذلك، ‏فماذا كانت النتيجة هل اعترفت أمريكا وبريطانيا وذيولهم بالخطأ، وندموا على ما فعلوا وقدموا ‏تعويضات لهذا الشعب، الذي قتل منه بسبب هذه الحرب الهمجية أكثر من مائتي ألف مواطن.‏
لقد اعترضت طوائف كثيرة من شعوبهم على تلك الحرب غير الأخلاقية فما أصغوا إليهم، ثم أين ‏سيادة القانون التي يدعونها، وهم قد خالفوا القانون الدولي الذي يلزمون به الدول الأخرى، وذلك ‏بالتدخل في شئون دولة مستقلة من غير تفويض من (المجتمع الدولي)! بذلك، والأغرب من ذلك أن ‏الأمم المتحدة نفسها قامت على أساس غير ديمقراطي، حيث هناك خمسة دول كل دولة منهم تملك ‏تعطيل أي قانون أو مشروع حتى لو وافقت عليه دول العالم كلها، فأين الديمقراطية في ذلك؟، أم إنها ‏احتكار للقرار الدولي، فلو وضع صوت دولة من هذه الدول في كفة وبقية العالم في كفة لرجحت كفة ‏هذه الدولة، فما أشد هذا الظلم وأقساه على النفوس الأبية، وكم ذقنا من مرارته كثيرا، فها هم اليهود ‏يعتدون على إخواننا الفلسطينيين ويقتلون منهم في سيناريو شبه يومي، فلو قدر أن ضمير العالم صحا لهذا ‏الظلم الشنيع، وأخذ قرارا بالإدانة مجرد قرار لا يترتب عليه شيء في الواقع، وجدنا أمريكا تعترض عليه، ‏بما لها من هذا الحق غير (الديمقراطي) فيصبح كأنه لا شيء. ‏
الحفاظ على حقوق الإنسان: الناس لهم حقوق كثيرة كفلتها لهم الشريعة ينبغي أن يمكنوا منها، ‏ولا يجوز لأحد أن يحول بينهم وبين حقوقهم التي منحها الله لهم، ولا يفعل ذلك إلا جبار عنيد، ‏فالحقوق ممنوحة من الله تعالى لم تمنحها الطبيعة ولم يمنحها الحاكم، وفي هذا أعظم صيانة لهذه الحقوق، ‏ومن هذه الحقوق أن الكافر لا يكره على الدخول في دين الإسلام، بل يعرض عليه الإسلام فإن قبله ‏ونطق الشهادتين دخل في الإسلام، وإن أبي وأصر على البقاء على دينه فلا يكره ولا يجبر على تغييره، وكل ‏ما يطلب منه في هذه الحالة أن يفي بعقد الذمة الذي بينه وبين الدولة المسلمة ولا ينقضه، وهذا أمر مقرر، ‏وكل ذلك لا خلاف عليه بيننا وبين من يقبل به سواء كان من أدعياء الدولة المدنية أم من غيرها.‏

‏ لكن هل من الحقوق أنه يجوز للمسلم أن يغير دينه إلى اليهودية أو النصرانية أو إلى لا دين؟ هذا ‏محل خلاف بيننا وبين دعاة الدولة المدنية، هم يرون ذلك حقا له، وأنه لا حد في الردة، وأن المرتد هو ‏الشخص الخارج على النظام فهذا الذي يجب قتله، ومن غير كبير خوض في التفاصيل فإن كل مسألة من ‏تلك المسائل قد يستغرق الكلام فيها حيزا كبيرا، فنقول: أنتم لستم أول المسلمين، ولا أنتم صحبتم ‏رسول الله ‏ صلى الله عليه وسلم ‏ وفقهتم عنه، كما أن الإسلام لم يكن معطلا قبلكم حتى جئتم أنتم تطبقونه، فخبرونا مَن مِن ‏أهل العلم الذين يرجع إلى أقوالهم عند الخلاف، قال بهذا القول، فإذا لم تستطيعوا-ولن تستطيعوا- أن ‏تثبتوا أن أحدا من أهل العلم بدين الله تعالى قد سبقكم بما تقولون، فقد أحدثتم في دين الله تعالى، وقد ‏قال رسول الله ‏ صلى الله عليه وسلم ‏ : "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ"‏ ‏ وهو حديث متفق عليه أخرجه ‏الإمامان البخاري ومسلم وغيرهما من أهل الحديث وفي رواية: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ ‏رَدٌّ". ‏

على أن هناك حادثتين تتعلقان بهذا الموضوع يحسن بنا إيرادهما تبين أن الكلام على حقوق الإنسان ‏والدندنة حوله ليس في حقيقته أكثر من تمكين فئات الأقلية من التحكم في الأكثرية، تحت ضغط الدول ‏المدنية الكبيرة وتأثيرها على متخذي القرارات في الدول الضعيفة، فقد حدث أن امرأة نصرانية في مصر ‏اهتدت إلى أن الإسلام هو دين الحق فأسلمت، لكن الذين يتكلمون عن حقوق المواطنة هاجوا وماجوا ‏ومن ورائهم ضغط الدول المدنية الكبيرة حتى سَلَّمت الدولة المصرية المرأة المسلمة إلى الكنيسة لتعتقلها ‏داخل الدير، وقد يضغطون عليها هناك تحت ظروف الاعتقال فيردونها إلى الكفر مرة أخرى، فجعلت ‏منها دولة داخل الدولة، ولم نسمع أي نكير من أي دولة مدنية كبيرة أو صغيرة على هذا الاعتداء الصارخ ‏على حقوق الإنسان، ولو قارنت هذا بما حدث من رجل أفغاني ارتد عن دين الإسلام حينما قدم ‏للمحاكمة، كيف قام العالم النصراني كله يدافع عن حقه في اختيار الدين الذي يريده، وأن محاكمته على ‏اختياره هو اعتداء على حقوق الإنسان، وضغطوا على حكومة ذلك البلد حتى خرج في أقل من ثمانية ‏وأربعين ساعة من أمام المحكمة التي يحاكم بها، ليسافر معززا مكرما لاجئا إلى بلد نصراني ‏

السماح بالحريات: الحرية مطلب تحرص عليه النفوس الأبية التي تأنف أن تكون ذليلة أو تابعة ‏لبشر مثلها، ولا ينبغي أن يحجر على الإنسان ويمنع من حريته التي كفلتها له الشريعة، لقد كان ‏الاختلاف المذهبي أحد أبرز مظاهر حرية الرأي عند المسلمين، فرغم أنه خلاف في فهم الدين والعمل، ‏فإنه لا جبر ولا إكراه على القبول برأي لا يرضاه الإنسان، ولكل إنسان الحق في الاحتفاظ برأيه والعمل ‏به ما دام رأيه لا يصادم النصوص الشرعية ولا يخالف القواعد المرعية، ويحق للمسلم التمسك برأيه ولو ‏كان في مواجهة رأي الخليفة، وهناك نماذج وأمثلة كثيرة حدثت في تاريخ المسلمين.‏

‏ فالخلاف في الرأي والتصورات ظاهرة إنسانية لا يمكن نفيها ولا القضاء عليها، والخلاف ليس ‏مقصورا على المسلمين فكل أصحاب المذاهب الأخرى يختلفون، ولكن بفارق مهم جدا وهو أن ‏المسلمين لهم مرجع يرجعون إليه جميعا، يكون لهم ضابطا يعصمهم من تحول الخلاف في الرأي إلى افتراق ‏وتشتت بين أفراد الأمة وانقسامها إلى طوائف وشيع وأحزاب، بعكس المذاهب الأخرى فليس لهم ‏مرجع يرجعون إليه غير ما تهديهم إليه عقولهم وغير ما يظنون منفعته وفائدته، وهذا من شأنه أن يجعل ‏الإنسان متقلبا لا يستقر على رأي أمدا طويلا، ضرورة قصور علم الإنسان وجهله، فما كان حقا وصوابا ‏عندهم اليوم قد يرونه غدا خطأ وضلالا‏ ، لكن هل من حرية الرأي أن يعيب المسلم أو غير المسلم الدين ‏ويقدح في الشريعة؟ فالمسلم مطالب بأن يعظم شعائر الله وأن يعظم حرمات الله فمخالفة ذلك ليس من ‏حرية الرأي، بل من الخروج على الدين الذي ينبغي أن يحاسب عليه من فعله، وهل من الممكن تحت زعم ‏عدم التضييق على الإبداع والمبدعين أن يترك لهم الحبل على الغارب فيعيثون في أخلاق الأمة وعقيدتها ‏وشعائرها فسادا؟، وأما غير المسلم فلا يطالب بذلك مثل المسلم، فإن عدم إسلامه يعني طعنه في دين ‏الإسلام، لكن لا يقبل منه إظهار ذلك بين المسلمين، والإعلان به، أو الدعوة إليه. ‏

وهكذا لو ذهبنا نعدد كثيرا من تلك الأمور التي يعدونها من عناصر الدولة المدنية، فقد لا نجد ‏اختلافا عند الكلام المجمل، ولكن المحك الحقيقي عند ذكر التفصيلات حيث يظهر الاختلاف، فمثلا ‏مَنْ من الناس لا يريد العدل ولا يطالب به؟، لكن ما هو العدل ؟ هذا يختلف باختلاف كل أمة، فما يكون ‏عدلا عندك قد يكون ظلما عند الآخرين، فأمريكا اليوم مثلا ترى من العدل والحق أن يقوم اليهود ‏بضرب الفلسطينيين في غزة بالطائرات والمدافع من أجل فك أسر الجندي اليهودي المأسور، بينما ترى أن ‏محاولة الفلسطينيين فك أسراهم من الظلم الذي ينبغي أن يعاقبوا عليه. ‏


__________________
المستمع للقرآن كالقارئ ، فلا تحرم نفسك أخى المسلم من سماع القرآن .