عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 21-06-2010, 06:39 PM
الصورة الرمزية محمد حسن ضبعون
محمد حسن ضبعون محمد حسن ضبعون غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء ((رحمه الله))
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
العمر: 63
المشاركات: 11,875
معدل تقييم المستوى: 29
محمد حسن ضبعون is just really nice
افتراضي

حديث الرئيس محمد أنور السادات
لمجلة أكتوبر
في ١١ مارس ١٩٧٨


سؤال : سيادة الرئيس .. الصورة التي امامنا في العالم العربي غيرواضحة وقد وصفها احد المحللين السياسيين بأنها لوحة ******ية وانها مجموعة من البقعالسوداء والحمراء وأنها متداخله غامضة وقال محلل اخر إن مايجري في الشرق الاوسطأقرب الي الحفلات التنكرية ، فالاقزام يرتدون ملابس العمالقة وهم لذلك يتعثرونفيها، أما العمالقة فيمشون وصدورهم عارية وبقية الأوصاف لا تخرج عن معني واحد انالضباب يلف الشرق الأوسط ، وأن الضياع نهايه مؤكدة .... فكيف تري ذلك ؟
الرئيس : من الممكن أن يقال ذلك ولكن عيب هذه الصورة أنها تبسيط شديد ومخل ايضا و هذاالتبسيط فادح الثمن علي حساب الحقيقة او خصما منها ومن الممكن أن تكون مثل هذهالتعبيرات كالضباب كلاما نضعه تحت هذه اللوحه ولكنه لايفيد ولايريح احدا منالمتفرجين أو القراء اما تصحيح هذا الموقف فهو أن نسأل انفسنا قبل ان نسأل الذينجعلونا متفرجين علي بلادنا وعلي مصيرنا ما معني هذه اللوحه ؟ وما مدي انطباقها عليالواقع ؟ وما الذي شعرنا به ونحن نتفرج عليها؟ وهل هذا هو دور الرسام والمحللالسياسي ؟ هل دوره أن يضيف الضياع الي الضباب ويقدم الاثنين معا في لوحه واحدة فاذافعل ذلك فما الذي اضافة الي الحقيقة ؟ أو ما الذي كشفه لنا من الحقيقة لأننا سوفنطالبه بعد ذلك بالعلاج ؟ ثم هل من الممكن ان يكون هناك علاج بلا تشخيص ؟ ومن الذييشخص الداء ؟ ومن الذي يعالجه ؟ إن هناك غلطة يقع فيها المحللون السياسيون وهي أنهميستعيرون أقلام الكتاب الاجانب وعيونهم ايضا وينظرون الي واقعنا العربي ثم بعد ذلكوبسبب ذلك يحدثوننا عن شيء لا وجود له
وكصحفي قديم اقول لك إن هناك نوعين منالكتابه السياسية التحرير السياسي و التحليل السياسي ، فالتحرير السياسي هو أنيلتقط الانسان خبرا ثم يعلق عليه بسرعة وهذا مطلوب ، ولكن عيبه أن يكون الكاتب عبدالوكالات الانباء والإذاعات لأنها هي التي تهزه وتثيره وتحرك قلمه ويده
أماالتحليل السياسي فهو أن يتلقي الكاتب أخباراً ومقالات ومعلومات ويحللها ويدرسهاويفرز الصحيح بعيدا عن الكاذب ثم يري الارضية التاريخية وبعد ذلك يكتب علي مهلوبمنتهي العقل والتحليل السياسي ليس تشخيصا فقط وانما هو تشخيص وعلاج ايضا
فاذاكان المحرر السياسي كالنمله تكدس احتياجاتها فإن المحلل السياسي كالنحلة تنتقل بينالمصادر وتجمع من كل مكان ماتقدر عليه ثم تفرز شرابا سائغا مقبولا ولا أقول إنناضحايا اخطاء مهنيه أي اننا لا نفرق بين التحرير السياسي والتحليل السياسي ولكنناضحايا ما يكتبه الاجانب بحسن نية او بسوء نية فالمحللون السياسيون الأجانب ربماكانوا علي درجة أكبر من البراعة والشمول ولكن عيبهم انهم اجانب عنا وانهم يرون منبعيد وانهم لا يخلون من غرض وان الذي يفعلونه ليس تحليلا سياسيا وإنما هو تشهيرسياسي أي تحليل شرير عنيف لأن الامر لا يعنيهم في الدرجة الاولي ولكنه يعنينا فيالمقام الاول ولذلك استعرنا أساليبهم في الكتابة واستعرنا نظراتهم في انفسنا ونسيناأننا نحن ايضا يجب أن نري وأن نحلل ولكن مع الاحترام العظيم لانفسنا ومع الاملالكبير في مستقبلنا فتلك امانه قلم وضرورة حياة وواجب قومي ايضا
سؤال : سيادة الرئيس ولكن هل تري أنه اذا قيل مثلا إن الامة العربيةممزقه وأنه لا توجد شقيقتان متجاورتان متفقتان علي خطة او هدف ... هل تري أن هذهالصورة الواضحه جدا غامضة ايضا واننا نقلناها عن الغرب واننا بذلك نتجني عليالحقيقة فلا اتفاق بين سوريا والعراق بل أنهما أشد عدواه من روسيا والصين ولا اتفاقبين ليبيا والجزائر او بينهما وبين تونس الي آخر الدول العربية ؟
الرئيس : حتيهذا لا اراه جديدا فهناك فارق بين أن تقول إن العالم العربي ممزق وبين أن يقال إنهازداد تمزقا والذين يقولون ذلك يجب ان نسألهم ومتي كان العالم العربي موحدا اومتحدا اتحاداً فيدراليا او كونفيدراليا ، انه لم يكن قط وإن كنت لا استبعد أن يكونمتحدا بشكل اقوي في المستقبل
فالعالم العربي كان ممزقا قبل المبادرة بل كانممزقا قبل حرب اكتوبر واثناءها وبعدها ، ولننظر الي الدول التي تسمي نفسها دولالرفض ... ليبيا مثلا عارضت حرب اكتوبر قبل قيامها وبعد قيامها وبعد انتصارنا ولاتزال ولم تكتف بمجرد رفض حرب اكتوبر وانما اتخذت موقفا ايجابيا ، صحيح أنه موقفتافه لاقيمه له ولكنه كان موقفا رفضت فيه الدعم ورفضت أي عمل حربي موحد وشوهت أيإنجاز حقيقي ورغم حماس القذافي الهائل لاستخدام البترول سلاحا في الحرب لم يشترك فيحظر البترول وربما كان العراق اشرف من ليبيا لأن العراق قد اعلن بصراحة احترمها أنهلن يشترك في حظر البترول وموقف العراق لا يختلف عن موقف ليبيا إلا في درجة الصراحة، فليبيا ادارت وجهها وقالت لا ، والعراق حملق في وجوهنا وقال لا
والعراق لم يشترك في الدعم إلا بمائه مليون ولا اعرف يقينا إن كانقد سدد هذا المبلغ حتي الآن والذين يستعيرون أسلوب الاجانب في التفكير يقولون لك إنليبيا تملك من عائدات البترول تسعه مليارات دولار وهذه قوة هائلة صحيح أنها قوةهائلة ، ولكن كم منها يعود علي المعركة أو يبذل في الدعم ... لاشيء فهي بفلوسهاوبغيرها ليست قوة وإنما هي انعدام قوة وانعدام وزن ايضا . والجزائر تقع علي مديأربعه آلاف كيلومترات من خط المواجهة وقد كان للرئيس بومدين دور اشدت به اثناءالمعركة وهي محاولة منه ليكون له دور زعامي عربي في الشرق او الغرب ، ولكن المشكلةبالنسبة لبومدين أنه لا يستطيع أن يؤثر في الموقف العربي ، فهذا طموح غير معقول وهودور أكثر منه بكثير أما سوريا فقد دخلت وخرجت بعد أيام وكانت سوريا لاتريد أن تدخلالحرب ، فقد طلبت وقف إطلاق النار قبل اطلاق النار بيومين هذه حقيقة مؤكدة وقد اشرتالي ذلك كثيرا وإن كنت حاولت تخفيفها ، ولكن سوريا طلبت وقف إطلاق النار ثلاث مراتولم اصدق ذلك وجاء رد من حافظ الاسد يؤكد أن الروس يكذبون ، ولكن عندما ذهب وزيرخارجيتنا الي موسكو استقبله بريجنيف وسأله لماذا يغضب السادات منا ؟ لماذا تصوراننا نخدعه ؟
ثم مد يده وأعطي وزير الخارجية المصري نص الطلبات الثلاثة التي بعثبها الرئيس لوقف إطلاق النار ثم ادعي حزب البعث ... إنني أنا الذي اوقفت إطلاقالنار واعترض علي فك الاشتباك الاول ثم باركه ، واعترض علي فك الاشتباك الثاني ثمهلل له ، أي أنه اعترض علي كل ماتقوم به مصر ورفضه واخيرا ايده وارتمي عليه فلميتغير شيء فالذين وقفوا مع مصر مايزالون معها والذين عارضوا واعترضوا عليهامايزالون كذلك وسوف تظل هذه القاعدة التاريخية النفسية صحيحة أبدا كلما كانت الدولصغيرة كانت عقدها كبيرة
سؤال : سيادة الرئيس .. شكرا علي هذا التوضيح فأنت تؤكد وجود هذاالتمزق وبذلك ترد علي الذين توهموا أنهم اكتشفوه ففرحوا بهذا الاكتشاف ، وردده منورائهم ببغاوات التحليل السياسي ولكن لو عدنا الي القول معهم إن بين الدول العربيةدولا تقدمية ودولا رجعية وانها اتخذت موقفها من حرب اكتوبر ومن المبادرة استناداالي معتقداتها السياسية فهل نحن خاطرنا مرة اخري بكلمات التقدمية والرجعية كماخاطرنا قبل ذلك عندما استخدمنا التمزق والضياع والضباب ؟
الرئيس : لابد من التوضيح والتصحيح فكل كاتب او مفكر حر في أنيستخرج من القاموس ما يعجبه من الكلمات بشرط أن يكون واضحا وأن نتفق معا عليمدلولات الالفاظ أو علي نوع العملة التي نتدوالها ، وهذا مطلب معقول ومطلوب معا فيكل حوار بل انه شرط اساسي لإجراء الحوار بقصد الوصول الي معني عام ولنسأل انفسناايضا : هل ليبيا والجزائر وسوريا والعراق دول تقدميه ؟ هل استطاعت دولة واحدة منهولاء أن تفعل ماتفعله مصر ؟ كأن تطلق حرية الكلمة وأن تهدم المعتقلات وأن تجعلالدولة قائمة علي المؤسسات وأن تسمح بقيام الاحزاب ؟ هل التقدمية معناها أن نقف ضدالدولة التي تريد أن تحرر إرادتها من أي سلطان اجنبي ؟ هل التقدمية إلغاء الدعم اووقفه؟ هل التقدمية هي الإرهاب وخطف الطائرات واغتيال الحمامي في لندن ، ويوسفالسباعي في نيقوسيا ؟
هل التقدمية ان يقوم الاتحاد السوفيتي بحظر السلاح علي مصر كبريالدول العربية واقدرها علي التأثير في مسار برجنيف ؟
ان الغلطة التي نقف امامهاومن الضروري أن نقف امامها طويلا هي غلطة عقلية ، غلطة اطال الكل عمرها فهناكمسلمات خاطئه قد تمسكنا بها سهوا او عمدا
من ضمن هذه المسلمات الخاطئه أن قيللنا ان مصر دولة زراعية ويجب ان تبقي كذلك بينما اصبحت مصر دولة صناعية وزراعيةأيضا وقيل لنا إن مصر هبة النيل وحده هو الذي يرويها ووسع رقعتها الزراعية ولكننااستطعنا بعد ذلك أن نجعل النيل هبه مصر وأهل مصر ، فأقمنا عليه السدود وتصرفنا فيمائه بالعقل وولدنا منه الطاقة وسوف نوسع الارض الزراعية وقيل إن الجندي الاسرائيليلا يقهر، وقيل أن قناه السويس أكبر عائق مائي لا يمكن ان نتخطاه وتخطينا وهدمناعائقا مسلحا هو خطبارليف
وقيل لنا دول رجعية ودول متقدمة وقد راينا ما فعلهادعياء التقدمية أما الذين وصموهم بالرجعية كالسعودية وإمارات الخليج فهي التي وقفتمعنا قبل الحرب واثناءها وبعدها وهي التي دعمت المعركة ولاتزال وهي التي استخدمتسلاح البترول فهل هؤلاء رجعيون لأنهم يساندون كفاحنا من أجل تحرير ارضنا وارادتنا ؟وقبل ذلك كنا نقول إن اسرائيل دولة مزعومة وتعاطينا هذا التعبير ثلاثين عاماوصدقناه حتي استرخينا عسكريا وسياسيا وفي اثناء هذا الاسترخاء جاءت اسرائيل وسحبتمن تحت اقدامنا فلسطين والجولان والضفة الغربية وغزة وسيناء
إننا ضحايا ادمان الشعارات الكاذبة والتعبيرات المخدرة باختيارنا اودون أن ندري فكل ذلك موجود في الصحف والاذاعات العربية ، واذا كان أحد يريد أن يفتكبالأمة العربية وأن يهزمنا علي أرضها وبسلاحها فهم هؤلاء المضللون المأجورين أصحابالاقلام المستعارة ، وهذه الدول التي يتهمونها بالرجعية هي التي أقامت الهيئةالعربية للتصنيع ، إن هذه الهيئة في اجتماعها الاخير الذي رأسه الامير سلطان ولميتمكن الفريق الجمسي من حضوره لانشغاله بأحداث قبرص كانت قمة القومية العربية ، فقدقررت هذه الهيئة استراتيجية علي أعلي المستويات ، وهي بذلك تحقق اغلي آمال الأمةالعربية كلها دون ضوضاء أو ادعاء ودون شعارات خرافية
سؤال : سيادة الرئيس هناك اجتهادات كثيرة في تفسير مبادرة السلام .. مقدماتها.. وطبيعتها ونتائجها .. من بين هذه الاجتهادات أن المبادرة تتفق تماما معطبيعتك حتي ليمكن أن يقال إنها بدأت مع حياتك السياسية فأنت ضد العنف كأسلوب وحيدفي حل المشاكل وانت مع القانون ومع الحرية ومع العدل ... وكلها أشجار زيتون عليجانبي طريق السلام ... فهل السؤال علي بداية الطريق الحقيقي لمبادرتك بالسلام يكونسؤالا متأخرا بعض الشيء لأن المفروض أن اسالك عن نتائج المبادرة وليس عن مقدماتها؟
الرئيس : هناك اجتهادات كثيرة سببها طبيعة المبادرة وضخامة حجمها واتساعانعكاساتها وتجددها المستمر الذي يفوق كل ما تصورت وكثير من هذه الاجتهادات سمعتهاشخصيا واحرجتني جدا فقد البستني اثوابا ضافية أكثر وأكبر مما استحق
ولكنياستطيع أن اؤكد هذا معروف في ٤ فبراير سنة ١٩٧١ أي بعد ٢٢ سنة علي بداية الصراعالاسرائيلي العربي أعلنت استعدادي لاتفاق سلام واشترطت ان تنسحب اسرائيل علي مراحلوناديت بأن يجيء يارنج مبعوث الامم المتحدة يكمل هذا الانسحاب بين العرب واسرائيلفي سته شهور اعلنت ذلك بمنتهي الوضوح ولكن هذه الدعوة ذهبت مع الريح لم ينتبه لهاأحد او ظنوها كلاما في الهواء أو عبارة طائشه او احلام يقظة وكانت دعوتي معناها أننواجه الواقع ، أن نفهم بوضوح أن اسرائيل دولة ليست مزعومة ، وأن احدا لن يرميها فيالبحر ،لا استطعنا في الماضي ولانستطيع في العصر الحاضر وأن اسرائيل تقف وراءها أمغنية قوية ترضعها بالصواريخ والذهب وتحميها الي غير حد ، هذه حقيقة ، وطلبت بأننذهب الي أبعد من الواقع وذلك بتحريكه وأن يكون تحريكه من أجل السلام
وعندماطردت الخبراء السوفييت إنما حررت إرادتي وضربت بذلك مثلا لغيري وفي نفس الوقت أكدتفلسفتي السياسية فروسيا دولة استعمارية لها اهداف ومطامع في المنطقة انها نفس أهدافروسيا السوفيتية كلتاهما تبحث عن المياه الدافئه في البحر الابيض او الاحمر
وامام ما يحدث في القرن الافريقي تتكور نفس عيوبنا العقلية فنحن نغرق انفسنا فيالمسلمات الخاطئه فالذين يأخذون الجانب السوفيتي يقولون حركة تحررية والذين يأخذونالجانب الامريكي يقولون إن الدولتين تقتسمان القرن الافريقي وأفريقيا والكرةالارضية والكواكب الاخري ليكن هذا هو موقف الدولتين العظمتين فما موقفنا نحن ؟لماذا لانحرر أقلامنا وعقولنا قبل ذلك من تعبيرات وشعارات مسمومة ... شعارات تخدرعقولنا فتتساقط اقلامنا فوق منشورات كتبت وطبعت في بلاد اخري غير بلادنا واذا اخطأتامريكا في موقفها من القرن الافريقي فإن خطأ السوفييت أفظع وأبشع
سؤال : سيادة الرئيس .. هل كررت السؤال عن المبادرة يكون سؤاليواقعيا ؟ أي هل من طبيعة المبادرة في مرحلتها هذه أن تكون لها اخبار مثيرة ٠ ام أنالجانب المثير فيها قد انطوي ٠٠ او اذا كان لي أن استخدم تعبيرا حديثا فاقول انالمبادرة مثل سفن الفضاء تحتاج الي قوة دفع هائلة تصاحبها نار ودخان ودوي حتي أذااخذت مدارها حول الارض هدأت النيران وسكن الدوري ٠٠ ثم وإن روادها يحتاجون الي وقتلكي يضبطوا عدساتهم استعدادا لتصوير الارض والشمس والنجوم علي مهل هل تري أن هذهالمعاني ينطبق مدلولها علي ديناميكية المبادرة الآن ؟
الرئيس : تماما ٠ واذا كانت حرب اكتوبر زلزالا في اسرائيل فإنالمبادرة زلزال في العالم كله وقد ارتفع مع الزلزال غبار وسالت حمم ملتهبة وانعقدتسحب وهطلت امطار ولابد من مرور بعض الوقت لتستقر الارض ويسكن الغبار وتصفو السماءوتظهر الشمس وقد اعلنت في امريكا أن امريكا نفسها لا يمكن أن تكون مجرد " شاهد " علي عقد يتم بين مصر واسرائيل ولا مجرد ضامن لمؤتمر جنيف وإنما هي طرف وهذه حقيقةوإلا فكيف نفسر احياءها وانعاشها وحمايتها لاسرائيل والي غير حد ، إنها طرف وسوفتبقي كذلك وهذا يجرني مرة اخري الي تصحيح التعبيرات الخاطئة التي كانت مصايد منصوبةلاقلامنا عندما قلنا إن امريكا مع اسرائيل عدلا وظلما وأنها ليست علي استعداد لعملشيء ، واذا استعدت فإنها لا تريد ، واذا ارادت فإنها لا تضغط واذا ضغطت فلكي تعانقاسرائيل او تقبلها الي آخر ما يقال ويبعث علي اليأس بينما الواقع يكذب هذا كلهفأمريكا قد اتخذت دورا وهي جادة في التقريب بين الأطراف . وكنت قد دعوت الاتحادالسوفيتي لحضور مؤتمر القاهرة فلم يحضر فلست انا الذي منعته من المجيء ٠ ولكنالاتحاد السوفيتي هو الذي نحي نفسه عن المشاركة في التحضير للسلام ولا انا امريكاولا كنت روسيا ٠ وإنما مصري وإردات مصرية وسوف أبقي كذلك وسوف تبقي مصر كذلك ماحييت وبمنتهي الوضوح دون حرج اقول إنني أقدمت علي هذه المبادرة لأن احدا قبلي لميجرؤ عليها ، ولن يجرؤ احد من بعدي ، والمبادرة هي قمة انتصارات اكتوبر بل إنالمبادرة تاج علي رأس اكتوبر لا يعرفه إلا الذين انتكسوا في حرب ١٩٦٧
سؤال : سيادة الرئيس استأذنك في أن استخدم تعبيرا اجنبيا شائعا فيوصف ما يدور في المنطقة العربية وصفوه بأنه إناء يغلي ، ولأنه يغلي ، ففيه الاشياءتتقلب تعلو وتهبط وتطفو وترسب وكل شيء في حركة دائبة وفي تدفق حيوي مستمر ... فهلتري هذا الوصف صحيحا ؟
الرئيس : هذا التعبير او هذا الوصف صحيح الي حد ما ولكنهليس دقيقا فالذي يحدث أخطر وأعمق من أن الإناء تتقلب فيه الاشياء ، إن هذه الحركةمغلقة محدودة أو أنها علي الأصح تتحرك في دائرة ضيقة مفرغة وهي لذلك حركة عقيم ،ولكن الذي أراه الآن اروع وأعظم فاذا كانت للتاريخ قوانين حتمية فأول هذه القوانين : ديناميكية التاريخ اي حركته الي الأمام الآن التاريخ لا يعرف النكوص او الانتكاس٠ وانما هو يتقدم دائما ، والذي حدث في مصر لا رجعة فيه .. لا رجعة في الحريات ..لارجعة في سيادة القانون .. لا رجعة في الديمقراطية ٠ لا رجعة في نتائح انتصاراتاكتوبر النفسية والاجتماعية والعسكرية المصرية والقومية .. ومبادرة السلام لا رجعةفيها ، لقد اتخذت مدارها عاليا واختارت اسلوبها وهي ماضية الي الامام بسرعة او بطءولكنها في حركة نشيطة ٠٠ ولن ترجع الي الوراء
ولكي نكمل هذه الحيوية الدافقة في مصر فنحن نتجه الآن الي إكمالالبناء وإكمال تحرير الانسان من القهر والظلم والفقر والمرض والجهل والخوف ، اي اليالأمن العام والشعور بالآمان المطلق ، ولم يبق أمامنا الا تأمين الانسان من الجوعولهذا سوف نتجه الي الصحراء ننقب فيها ونزرعها ونضيف مساحة خضراء الي أرض مصر لتكونالأرض الجديدة هبة المصريين الي أمهم العزيزة مصر ، ويجب أن ننفض عن رؤوسنا وهماًآخر هو أن الشعب عبء علي بلده وأن الاربعين مليونا يجب اختصارهم بالهجرة أو التهجيرأو بالحرب أو بالمرض أو بالقهر ، إن الشعب عبء اذا كان كسولا ، بليدا ، جاهلا ،متراخيا ٠ إن هذه الطاقة الانسانية تصبح مادة خاما اذا لن نستغلها ، اذا لم نصقلهافي نار العمل وبرد الأمل ، إن الذهب والفضة والبترول في الأرض مادة خام الي أن يتمتصنيعها وتحليلها أي إلي أن يتم استغلالها وبيعها
إن بلادا كثيرة بلا موارد طبيعية ولكن عندها موارد بشرية ، اليابانمثلا بلا مناجم فحم او حديد ولكنها تستورد المادة الخام وتصقلها بقدرتها الإبداعيةاي باستغلال طاقتها البشرية ، إن الفرق بين المادة الخام الصماء الخرساء العمياءوبين الطاقة المواجهة المستنيره كالفرق بين البخار يخرج من ماء علي نار ، وبينالبخار الذي يدفع القاطرة علي عجلات ووراءها عشرات العربات .. ان بخار الإناء أعميتلقائي ، ولكن بخار القاطرة قوة واعية لها قواعد واصول والشاعر العربي القديم يقول : " العود في أرضه نوع من الحطب " أي أن عود البخور حطب في الأرض ، ولكن اذا دخلالنار كانت له هذه الرائحة الزكية والذي نفعله الآن هو إكمال لمستقبل مصر الذي يجبأن يعتمد علي سواعد ابنائها ، نبني المدن ونرصف الطرق ونشق القنوات ونعمق التربة
في كلمة واحدة : إن مصر في حالة مخاض ، أي أنها في الحالة التي تسبقالولادة الصحيحة المؤكدة وكل الاطباء يؤكدون أن مصر أمنا في صحة جيدة وأن مولودهاسليم صحيح معافي بإذن الله ونعرف المخاض ، أي تلك الآلام التي تسبق الولادة والتييصر الأطباء علي أنها ضرورية وعلي أن الأم يجب أن تصرخ لأن الصراخ والتنفس العميقيساعد علي الولادة نفسها فهي سابقة علي الولادة وشرط لسلامة الوالدة والمولود ،ولذلك فليست المبادرة هي آخر ما حققته مصر ٠ ولكن هذه العوامل معا هي أعظم وأروع مااستطاع شعب مصر أن ينجزه وليس غريبا ولا عجيبا علي أبناء مصر أن يحلموا بمستقبلأروع في الثمانينات عندما تضاعف عائدات القناة وثروتنا البترولية مع وفرة الطعاملكل فم والسلام لكل أم
ودول الرفض أخوف ما تخافه هو هذا المخاض الذي في مصر ٠ لأن دولالرفض لم تحقق شيئا ، إنها تخاف أن تمشي وراء مصر ٠ إن أحداً من حكاما المستميتينعلي مقاعدهم بأي ثمن لا يجرؤ علي إطلاق الحريات ولا أن يجعل القانون سيد الجميع ،ولا أن يدع الزهور من كل نوع تتفتح كما قال ماوتسي تونج ٠ فالذي تحقق في مصر هوأعظم ما يفزع هؤلاء الذين يحكمون شعوبهم بالارهاب ، واذا كان الأطباء يقولون إنالمرض يعدي فإن المؤرخين يرون أن الصحة تعدي أيضا ٠ ولذلك فلا مفر من أن تنتقل عدويالصحة والتصحيح الي كل اتجاه ٠ واذا نظرنا الي المبادرة وجردناها من كل مزاياهاوكنا قساة علي انفسنا فإن اقل ما نرضي به هو أن المبادرة قد أرتنا انفسنا في سنة ١٩٧٩ أي بعد عشرين عاما من إعلانها وما دمنا قد اختصرنا هذه السنوات العشرين منعمرنا السياسي وأضفناها الي أعمارنا وأعمار أجيال من بعدنا فعلينا أن نمضي في دفعهاورعايتها ومن المؤكد أننا لم نخسر شيئا ٠ ولن نخسر شيئا ٠ وقرار المبادرة لم اتخذهكرئيس لدولة أو زعيم لحزب او فيلسوف لمذهب ، وانما اتخذته كرئيس لعائلة مصرية كريمةشريفة يسعدني انها اختارتني وكان اختيارها شرفا ٠
واذا كان هناك بعض الصغار بين أفراد العائلة ، فلكي يتأكد لدينادائما أنها عائلة طبيعية وأنها ليست عائلة حزبية مصطنعة أو مزورة ولكن في النهايةلم يصح ولن يصح إلا الصحيح ، وما كان أسهل علي نفسي أن اتوقف عند انتصارات اكتوبروتخطيط الدولة حتي نهاية القرن ، ثم أجيء عند نهاية ولايتي في سنة ١٩٨٢ إن كان ليعمر واترك كل شيء للرئيس الذي بعدي فأترك له بلدا متطورا وجيشا عظيما منتصرا بدلامن ان اترك له ميراثا ثقيلا أسوأ من الذي ورثته وإن كان من المستحيل أن يكون شيءاسوأ من ذلك٠ غير أن نفسي لم تطاوعني فأتوقف لحظة واحدة عن القيام بما أراه واجبااخلاقيا ووطنيا وقوميا ، إنني حريص علي أن تكمل مصر معالم عملقتها في الداخلوالخارج ، مصريا وعربيا وعالميا ٠
سؤال : سيادة الرئيس ... في حديث سابق قلت وأنت تتحدث عن قادةالكرملين إن بربجنيف أفضلهم لأنه اكثرهم حكمة سياسية وقلت إنه اذا عادت العلاقة بينمصر والاتحاد السوفيتي فسوف يكون الفضل في ذلك لهذا الرجل ، وقد فسرها السياسيونوالدبلوماسيون الأجانب علي أنها إشارة الي احتمال عودة العلاقات بين مصر والاتحادالسوفيتي أو مقدمة لذلك ... فهل هناك تقارب بين مصر والسوفييت او بين السوفييتومصر؟
الرئيس : إننا لم نقطع العلاقات مع الاتحاد السوفيتي رغم كل ما حدث ،وإنما نحن سحبنا السفير المصري فقط ، وإن كنا قد فعلنا شيئا آخر مع دول الرفض فقداضطررنا أسفين الي قطع العلاقات معها لأن رؤساء هده الدول قد تجاوزوا حدود الأدبوعمدوا الي اهانة مصر وشعبها والتنكر لدورها التاريخي ولذلك لم نجمد العلاقات معهاوانما قطعناها نهائيا لننظر ما الذي يمكن أن تفعله هذه الدول بأحجامها الحقيقية دونسند من مصر ٠
ولكن اذا اراد الاتحاد السوفيتي أن يستأنف علاقاته معنا علي أساسمن الاحترام المتبادل فليس عندي مانع مطلقا ، وحتي بالنسبة لدول الرفض ليس عندنا أيمانع ٠ ولكنهم كما هو واضح لم يؤثروا في المعركة لا قبل وقوعها ولا أثناءها ولابعدها، وعليهم من الآن أن يواجهوا- أرادوا او لم يريدوا - آلام المخاض والمخاضوالولادة فيما بعد٠٠ وهذه حتمية التاريخ
سؤال : سيادة الرئيس ... فإذا لم تستجب الحكومة الاسرائيلية فيالشهور القادمة لروح المبادرة فما الذي يعقب ذلك ؟
الرئيس : إن هذا لا يعني أنمبادرة السلام قد توقفت أو حتي تعثرت ولكن يعني أنها في حاجة الي وقت وأن الطبخة ماتزال في حاجة الي نار هادئة ، ثم أن العلاقة بين مصر واسرائيل ما تزال قائمة حتياكتوبر المقبل ، ففي هذا الشهر تنتهي اتفاقية فض الاشتباك ووجود قوات الطوارئالدولية بين مصر واسرائيل فلننظر لنري ما سوف يحدث
__________________
اطلبوا العلم، فإن عجزتم فأحبوا أهله، فإن لم تحبوهم فلاتبغضوهم
هيا بنا نتعلم الديمقراطية
<!-- Facebook Badge START --><!-- Facebook Badge END -->
رد مع اقتباس