كلمة الرئيس محمد أنور السادات
في الاحتفال بتسليم جائزة نوبل للسلام
فى١٠ديسمبر ١٩٧٨
صاحب الجلالة
السادة الضيوف الأجلاء
السلام عليكم
تلك هي الطريقة التقليدية التي يحي بها كل منا الاخر كليوم ، والتي تعكس آمالنا ومشاعرنا العميقة ، ونحن اذ نرددها نعني مفهومها دائما لقداستقبل شعب مصر قرار لجنة جائزة نوبل باهدائي جائزة السلام ليس كشرف وتكريم فحسبوانما ايضا كتأكيد للاعتراف العالمي بجهودنا الدائبة لتحقيق سلام في منطقة اختارهاالله ليهب للانسانية من لدنه رسالات النور والحكمة من خلال موسي وعيس ومحمد
وفي هذا المجال ، فإننا يجب ان نعترف بفضل رجل عظيم هو الرئيسالامريكي كارتر ، الذي قام ولا يزال يقوم بجهود مضنية من أجل التغلب علي العقباتالتي تعترض طريق السلام ان الرئيس الامريكي كارتر يستحق منا كل تقدير واعجاب
وخلال تاريخنا الذي تمتد جذوره الي فجر الحضارة الانسانية ذاتها فان طريقالسلام هو السبيل الذي اعتبره شعب مصر موافقا وملائما دوما مع عبقريته وقدره ، فليسهناك شعب علي وجه الارض أكثر منه ثباتا مع عبقريته وقدره ، فليس هناك شعب علي وجهالارض اكثر منه ثباتا في اخلاصه لقضية السلام ، ولا اكثر تمسكا بمباديء العدالةالتي تشكل حجر الزاوية لاي سلام حقيقي ودائم وهل انا بحاجة الي ان اذّكر مثل هذاالجمع الجليل بأن اول معاهدة سلام سجلها التاريخ قد ابرمت منذ ما يزيد علي ثلاثةآلاف عام بين رمسيس الاكبر وحاتسوليس امير الحيثيين اللذين أتفقا علي حد تعبيرالمعاهدة ذاتها علي اقامة السلام الحق وحسن الجوار الحق
ومنذ ذلك الحين ، وخلال قرون طويلة ، بل حتي عندما بدت الحروب كشرضروري ، فان الروح المصرية الحقيقية كانت دائما روح السلام ، وكان طموحها ان تبنيولا تهدم ، تشيد ولا تحطم ، تتعايش ولا تبيد من اجل ذلك كانت ارض مصر دائما مرعيةبعناية الله سبحانه وتعالي عاش فيها موسي ، ونزح اليها عيسي هربا من الظلم والسيطرةالاجنبية ، وباركها القرآن الكريم، وأضاف الاسلام دين العدل والمساواة والقيمالروحية أبعادا جديدة لروح مصر الخالدة
وقد أدركنا دائما أن قيم الفروسية والشجاعة والايمان والانضباط التيكانت تحدد ملامح المفهوم الرومانسي للحرب ، ينبغي ان تكون ، في عهد أصبحت فيه الحربمجرد مرادفات للخراب والدمار الشامل ، وسيلة لاثراء الحياة وليس لنشر الموت
تلكهي الروح التي حدت بالفريد نوبل ان ينشيء الجائزة التي تحمل اسمه والتي تستهدفتشجيع الجنس البشري وحثه علي اتباع سبيل السلام والتنمية والتقدم والرخاء
سيداتي .. سادتي
في ضوء ذلك كله ، فقد قمت منذ عام مضي بمبادرتي مستهدفا استعادةالسلام في منطقة مباركة اختارها الله عز وجل ليوحي للانسان بكلماته ، ومن خلالي فإنمصر الخالدة كانت تعبر عن نفسها : دعونا نضع حدا للحروب ، ودعونا نعيد تشكيل الحياةعلي اسس ثابتة من الحق والعدل ، وتلك الدعوة التي عكست ارادة الشعب المصري وغالبيةكبيرة من الشعب العربي والاسرائيلي ، وملايين الرجال والنساء والاطفال في انحاءالعالم هي التي تكرمونها انتم اليوم ، وهؤلاء المئات من الملايين سيكونون الحكم فيتقييم الي أي حد استجاب كل زعيم مسئول في الشرق الاوسط لآمال واماني البشرية
أنني أود في هذا المجال ان اذكركم بما سبق وأعلنته خلال زيارتيللقدس لقد قلت يومها : دعونا نصارح أنفسنا اليوم بأننا أمام فرصة نادرة لتحقيقالسلام ، فرصة قد لا تتكرر ، واذا كنا مخلصين بالفعل في اقامة السلام فان علينا الاندع الفرصة تمر . إن ضياع حياة فرد واحد في حرب يمكن تدراكها سواء كان هذا الفرد ،عربيا أم اسرائيليا هي خسارة للانسانية .. واذا كان في مقدرنا ان نوفر علي الاطفالالابرياء الذين يفتقدون آباءهم في الحرب ، هذا الاختيار الصعب ، واذا كان فيمقدورنا ان نوفر علي الزوجة ، اختياراً صعبا اخر هو ان تترمل لانها فقدت عائلها فيالحرب ، واذا كان في مقدورنا ان نوفر البسمة علي شفاه الاطفال الابرياء في المناطقالمحتلة
فمن أجل هؤلاء جميعا ، يجب ان نكرس جهودنا لاقامة السلام ، من اجلانسان المنطقة ومن اجل الانسانية كلها ومن اجل حياة افضل ومستقبل اكثر اشراقا ولقدوصلنا الان في عملية السلام الي لحظة الحقيقة التي تتطلب ان ينظر كل واحد منا نظـرةجديدة الي الموقف ، وانني لواثق انكم جميعا تعلمون انني عندما قمت برحلتي التاريخيةللقدس ، لم يكن هدفي عقد صفقة كما يفعل بعض الساسة ، لقد قمت برحلتي لانني آمنتاننا مدينون لجيلنا وللأجيال القادمة بالا ندع اي سبيل مهما كان الا ونطرقه فيسعينا نحو السلام
ان امل السلام هو اعظم القيم في تاريخ البشرية ، ولقد قبلنا التحديحتي نترجمه من امل مرتجي الي حقيقة واقعة ، ولكي نكسب من خلال الرؤية المستقبليةوالخيال قلوب وعقول شعوبنا ونتيح لهم ان تتجاوز نظرتهم الماضي المؤلم