الشيخ محمد رفعت
الشيخ محمد رفعت هو محمد رفعت محمود رفعت ولقب بـ ( المعجزة - قيثارة السماء - الروحانى - الربانى - القرآنى - كروان الإذاعه - الصوت الذهبى - الصوت الملائكى - صوت عابد - سوط عذاب وصوت رحمة ).
أطرب الآذان وزلزل الأبدان ورقت القلوب وخشعت وعاشت مع هذا الصوت الربانى وصاحبه العفيف ذو الخلق الكريم فاستحق لقب {معجزة السماء على الأرض}.
كان الشيخ محمد رفعت من أول من أقاموا مدرسة للتجويد الفرقانى فى مصر ((بلد إجادة التجويد))، فكما قيل : القرآن نزل بالحجاز وقرأ بمصر، وكانت طريقته تتسم بالتجسيد للمعانى الظاهرة القرآن الكريم وإمكانية تجلى بواطن الأمور للمتفهم المستمع بكل جوارحه لا بأذنه فقط ، والتأثر والتأثير في الغير بالرساله التى نزلت على محمد بن عبد الله رسول الله صلوات ربى وسلامه عليه فقد كان يبدأ بالإستعاذه بالله من الشيطان الرجيم والبسمله والترتيل بهدوء وتحقيق وبعدها يعلو صوته فهو خفيض فى بدايته ويصبح بعد وقت ليس بالطويل غالبا "عاليا" لكن رشيدا يمس القلب ويتملكه ويسرد الآيات بسلاسة وحرص منه واستشعار لآى الذكر الحكيم .
كان جل اهتمامه بمخارج الحروف وكان يعطى كل حرف حقه ليس كى لا يختلف المعنى بل لكى يصل المعنى الحقيقى إلى صدور الناس، وكان صوته حقا جميلا رخيما رنانا، وكان ينتقل من قراءة إلى قراءة ببراعة وإتقان وبغير تكلف بعكس القارئين الذين خلفوه الذين يفتخروا بذلك ويتمادوا في ذلك بطريقة مبتذلة زائدة عن الحد وكان صوته يحوى مقامات موسيقية مختلفة وكان يستطيع أن ينتقل من مقام إلى مقام دون أن يشعرك بالإختلاف.
كان الشيخ محمد رفعت قويا رقيقا خاشعا عابدا لله يشهد بوحدانية الله وصمديته ، فهو رجل [خشع قلبه فخشع صوته] فتجد الناس تبكى وتخشى الله عند ذكره لآيات الترهيب وتفرح بذكره آيات الترغيب، لذا سمى بسوط عذاب وصوت رحمة ، وعند سرده للقصص القرآنى يتفكروا فى الآيات ويتدبروها ويعتبروا منها، أما عندما يتصدق أى يقول صدق الله العظيم يندموا على بعده ويتمنوا لو استمرت تلاوته أبد الدهر فهو صوت من الجنة.
سيرة الشيخ محمد رفعت
ولد الشيخ محمد رفعت فى يوم الإثنين 9 مايو عام 1882 م بحى المغربلين بالقاهرة ، وفقد بصره صغيراً وهو فى سن الثانية من عمره نتيجة مرض أصاب عينيه.
حفظ القرآن فى سن الخامسة ، حيث التحق بكتاب مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب ودرس علم القراءات و علم التفسير ثم المقامات الموسيقية على أيدى شيوخ عصره. توفى والده محمود رفعت والذى كان يعمل مأمور بقسم شرطة الخليفة وهو فى التاسعة من عمره فوجد الطفل اليتيم نفسه مسئولا عن أسرته وأصبح عائلها الوحيد، فلجأ إلى القرآن يعتصم به ولا يرتزق منه ، تولى القراءة بمسجد فاضل باشا بحى بالسيدة زينب سنة 1918 م وهو في سن الخامسة عشرة، فبلغ شهرة ونال محبة الناس، وأفتتح بث الإذاعة المصرية سنة 1934م، وذلك بعد أن استفتي شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظواهري عن جواز إذاعة القرآن الكريم فأفتي له بجواز ذلك فافتتحها بقول من أول سورة الفتح (إنا فتحنا لك فتحا مبينا)، ولما سمعت الإذاعة البريطانية بي بي سي العربية صوته أرسلت إليه وطلبت منه تسجيل القرآن، فرفض ظنا منه أنه حرام لأنهم غير مسلمين، فاستفتي الإمام المراغي فشرح له الأمر وأخبره بأنه غير حرام، فسجل لهم سورة مريم.
ويروي عن الشيخ أنه كان رحيما رقيقا ذا مشاعر جياشا عطوفا علي الفقراء والمحتاجين، حتي أنه كان يطمئن علي فرسه كل يوم ويوصي بإطعامه، ويروى أنه زار صديقا له قبيل موته فقال له صديقه من يرعي فتاتى بعد موتى ، فتأثر الشيخ بذلك ، وفى اليوم التالى والشيخ يقرأ القرآن من سورة الضحى حتى وصل الي قول (فأما اليتيم فلا تقهر) فتذكر الفتاة وانهال في البكاء بحرارة ، ثم خصص مبلغا من المال للفتاة حتي تزوجت.
وفاته
أصيب الشيخ محمد رفعت في عام 1943م بمرض سرطان الحنجرة الذي كان معروفاً وقتئذ "بمرض الزغطة" وتوقف عن القراءة ، وبرغم أنه لم يكن يملك تكاليف العلاج إلا أنه اعتذر عن عدم قبول أى مدد أو عون ألح به عليه ملوك ورؤساء العالم الإسلامى ، وكانت كلمته المشهورة "إن قارئ القرآن لا يهان".
فارق الشيخ الحياة فى 9 مايو عام 1950م وبكت الملايين على فراق أعز من أحبوه وأوجعت قلوبهم الفاجعة ومس قلوبهم وأسرهم بصوته الخالد في تسجيلاته ومسامع محبينه وشيع جنازته خلق كثيرون سائلين الله السميع العليم أن يغفر له ذنوبه ويرحمه ويدخله فسيح جناته ويجمعهم به فى الجنة ، فهو مؤمن ناطق بالشهادتين وبالقرآن العظيم.
قالوا عن الشيخ محمد رفعت
قال عنه الأديب محمد السيد المويلحي في مجلة الرسالة: "سيد قراء هذا الزمن، موسيقيّ بفطرته وطبيعته، إنه يزجي إلى نفوسنا أرفع أنواعها وأقدس وأزهى ألوانها، وإنه بصوته فقط يأسرنا ويسحرنا دون أن يحتاج إلى أوركسترا".
ويقول عنه أنيس منصور: "ولا يزال المرحوم الشيخ رفعت أجمل الأصوات وأروعها، وسر جمال وجلال صوت الشيخ رفعت أنه فريد في معدنه، وأن هذا الصوت قادر على أن يرفعك إلى مستوى الآيات ومعانيها، ثم إنه ليس كمثل أي صوت آخر".
و وصف الموسيقار محمد عبد الوهاب صوت الشيخ محمد رفعت بأنه ملائكي يأتى من السماء ، وسئل الكاتب محمود السعدنى عن سر تفرد الشيخ محمد رفعت فقال : كان ممتلئًا تصديقًا وإيمانًا بما يقرأ.
أما على خليل - شيخ الإذاعيين - فيقول عنه : "إنه كان هادئ النفس ، تحس وأنت جالس معه أن الرجل مستمتع بحياته وكأنه في جنة الخلد، كان كيانًا ملائكيًّا، ترى في وجهه الصفاء والنقاء والطمأنينة والإيمان الخالص للخالق ، وكأنه ليس من أهل الأرض". ونعته الإذاعة المصرية عند وفاته إلى المستمعين بقولها : " أيها المسلمون ، فقدنا اليوم عَلَمًا من أعلام الإسلام " . أما الإذاعة السورية فجاء النعى على لسان المفتى حيث قال : " لقد مات المقرئ الذى وهب صوته للإسلام "!!