الموضوع: الكبائر
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 18-07-2010, 10:41 AM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 21
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

الاستطالة على الضعيف و المملوك و الجارية و الزوجة و الدابة
الكبيرة الحادية و الخمسون : الاستطالة على الضعيف و المملوك و الجارية و الزوجة و الدابة
لأن الله تعالى قد أمر بالإحسان إليهم بقوله تعالى :
" و اعبدوا الله و لا تشركوا به شيئاً و بالوالدين إحساناً و بذي القربى و اليتامى والمساكين و الجار ذي القربى و الجار الجنب و الصاحب بالجنب و ابن السبيل و ما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً " .
قال الواحدي : في قوله تعالى " و اعبدوا الله و لا تشركوا به شيئاً " : أخبرنا أحمد بن إبراهيم المهرجاني بإسناده " عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : كنت رديف النبي صلى الله عليه و سلم على حمار ، فقال : يا معاذ ، لبيك و سعديك يا رسول الله . قال : هل تدري ما حق الله على العباد و ما حق العباد على الله ؟ قلت : الله و رسوله أعلم ، قال : فإن حق الله على العباد أن يعبدوه و لا يشركوا به شيئاً ، و حق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً " .
و " عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أتى النبي صلى الله عليه و سلم أعرابي فقال : يا نبي الله أوصني ، قال : لا تشرك بالله شيئاً و إن قطعت و حرقت ، و لا تدع الصلاة لوقتها فإنها ذمة الله ، و لا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر " .
قوله : " و بالوالدين إحساناً " يريد البر بهما مع اللطف و لين الجانب ، و لا يغلظ لهما الجواب ، و لا يحد النظر إليهما ، و لا يرفع صوته عليهما ، بل يكون بين أيديهما مثل العبد بين يدي السيد تذللاً لهما . قوله : " و بذي القربى " قال يصلهم و يتعطف عليهم ، " و اليتامى " يرفق بهم و يدنيهم و يمسح رؤوسهم ، " و المساكين " ببذل يسير ورد جميل ، " و الجار ذي القربى " يعني الذي بينك و بينه قرابة فله حق القرابة و حق الجوار و حق الإسلام ، و " و الجار الجنب " هو الذي ليس بينك و بينه قرابة يقال رجل جنب إذا كان غريباً متباعداً أهله ، و قوم أجانب و الجنابة : البعد . " عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " . و " عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الجار ليتعلق بالجار يوم القيامة يقول : يا رب أوسعت على أخي هذا و اقترب علي ، أمسي طاوياً و يمسي هذا شبعان ، سله لم أغلق بابه و حرمني ما قد أوسعت به عليه " .
" و الصاحب بالجنب " قال ابن عباس و مجاهد : هو الرفيق في السفر له حق الجوار و حق الصحبة . " و ابن السبيل " : هو الضعيف يجب اقراؤه إلى أن يبلغ حيث يريد ، و قال ابن عباس : هو عابر السبيل تؤويه و تطعمه حتى يرحل عنك . " و ما ملكت أيمانكم " : يريد المملوك يحسن رزقه و يعفو عنه فيما يخطىء قوله : " إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً " ، قال ابن عباس : يريد بالمختال العظيم في نفسه الذي لا يقوم بحقوق الله ، و الفخور هو الذي يفخر على عباد الله بما خوله الله من كرامته و ما أعطاه من نعمه . " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : بينما رجل شاب ممن كان قبلكم يمشي في حلة مختالاً فخوراً إذ ابتلعته الأرض فهو يتجلجل فيها حتى تقوم الساعة " . و " عن أسامة قال : سمعت ابن عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : من جر ثوبه خيلاً . لم ينظر الله إليه يوم القيامة " هذا ما ذكره الواحدي .
" و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم عند خروجه من الدنيا في آخر مرضه يوصي بالصلاة ، و بالإحسان إلى المملوك ، و يقول : الله الله الصلاة و ما ملكت أيمانكم " .
و في الحديث : " حسن الملكة يمن و سوء الملكة شؤم " و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا يدخل الجنة سيء الملكة " .
قال " أبو مسعود رضي الله عنه : كنت أضرب مملوكاً لي بالسوط فسمعت من صوتاً من ورائي : اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام . قال ، قلت يا رسول الله لا أضرب مملوكاً لي بعده أبداً " . و في رواية سقط السوط من يدي من هيبة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و في رواية : فقلت هو حر لوجه الله ، فقال : " أما إنك لو لم تفعل للفحتك النار يوم القيامة " رواه مسلم . و روى مسلم أيضاً من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من ضرب غلاماً له حداً لم يأته أو لطمه فكفارته أن يعتقه " ، و من حديث حكيم بن حزام قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا " .
و في الحديث من ضرب بسوط ظلماً اقتص منه يوم القيامة ، و قيل لرسول الله صلى الله عليه و سلم كم نعفو عن الخادم ؟ قال : " في اليوم سبعين مرة " . و كان في يد النبي صلى الله عليه و سلم يوماً سواك فدعا خادماً له فأبطأ عليه فقال : : " لولا القصاص لضربتك بهذا السواك " ، و كان لأبي هريرة رضي الله عنه جارية زنجية فرفع يوماً عليها السوط فقال : لولا القصاص لأغشيتكيه و لكن سأبيعك لمن يوفيني ثمنك ، اذهبي فأنت حرة لوجه الله .
و جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالت يا رسول الله إني قلت لأمتي يا زانية ، قال : " و هل رأيت عليها ذلك ؟ قالت : لا . أما أنها ستستقيد منك يوم القيامة فرجعت إلى جاريتها فأعطتها سوطاً ، و قالت : اجلديني . فأبت الجارية فأعتقتها ثم رجعت إلى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبرته بعتقها فقال : ( عسى ) أي عسى أن يكفر عتقك لها ما قذفتها به " .
و في الصحيحين " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من قذف مملوكه و هو بريء مما قاله جلد يوم القيامة حداً إلا أن يكون كما قال " . و في الحديث " للملوك طعامه و كسوته و لا يكلف ما لا يطيق " . و كان صلى الله عليه و سلم يوصيهم عند خروجه من الدنيا و يقول : " الله الله في الصلاة و ما ملكت أيمانكم ، أطعموهم مما تأكلون و اكسوهم مما تكتسون ، و لا تكلفوهم من العمل ما لا يطيقون ، فإن كلفتموهم فأعينوهم و لا تعذبوا خلق الله ، فإنه ملككم إياهم و لو شاء لملكهم إياكم " .
و دخل جماعة على سلمان الفارسي رضي الله عنه و هو أمير على المدائن فوجدوه يعجن عجين أهله ، فقالوا له : ألا تترك الجارية تعجن ؟ فقال رضي الله عنه : إنا أرسلناها في عمل فكرهنا أن نجمع عليها عملاً آخر . و قال بعض السلف : لا تضرب الملوك في كل ذنب و لكن احفظ له ذلك ، فإذا عصى الله فاضربه على معصية الله و ذكره الذنوب التي بينك و بينه .
( فصل ) و من أعظم الإساءة إلى الملوك و الجارية التفريق بينه و بين ولده ، أو بينه و بين أخيه لما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " من فرق بين والدة و ولدها فرق الله بينه و بين أحبته يوم القيامة " . قال علي كرم الله وجهه : " وهب لي رسول الله صلى الله عليه و سلم غلامين أخوين فبعث أحدهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : رده رده " و من ذلك أن يجوع الملوك و الجارية و الدابة . يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم " كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته " . و من ذلك أن يضرب الدابة ضرباً وجيعاً أو يحبسها و لا يقوم بكفايتها ، أو يحملها فوق طاقتها فقد روي في تفسير قول الله تعالى : " و ما من دابة في الأرض و لا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم " الآية . قيل : يؤتى بهم و الناس وقوف يوم القيامة فيقضي بينهم ، حتى أنه ليؤخذ للشاة الجلحاء من الشاة القرناء حتى يقاد للذرة من الذرة ، ثم يقال لهم : كونوا تراباً ، فهنالك يقول الكافر : يا ليتني كنت ترابا . و هذا من الدليل على القضاء بين البهائم و بينها و بين بني آدم ، حتى إن الإنسان لو ضرب دابة بغير حق أو جوعها أو عطشها أو كلفها فوق طاقتها فإنها تقتص منه يوم القيامة بقدر ما ظلمها أو جوعها و الدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : عذبت امرأة في هرة ربطتها حتى ماتت جوعاً لا هي أطعمتها و سقتها إذ حبستها ، و لا تركتها تأكل من خشاش الأرض " أي من حشراتها .
و في الصحيح " أنه صلى الله عليه و سلم رأى امرأة معلقة في النار و الهرة تخدشها في وجهها و صدرها و هي تعذبها كما عذبتها في الدنيا بالحبس و الجوع ، و هذا عام في سائر الحيوان ، و كذلك إذا حملها فوق طاقتها تقتص منه يوم القيامة لما ثبت في الصحيحين " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " بينما رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها فقالت : إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث " . فهذه بقرة أنطقها الله في الدنيا تدافع عن نفسها بأنها لا تؤذى و لا تستعمل في غير ما خلقت له ، فمن كلفها غير طاقتها أو ضربها بغير حق فيوم القيامة تقتص منه بقدر ضربه و تعذيبه
قال أبو سليمان الداراني : ركبت مرة حماراً فضربته مرتين أو ثلاثاً ، فرفع رأسه و نظر إلي و قال يا أبا سليمان هو القصاص يوم القيامة فإن شئت فأقلل و إن شئت فأكثر : قال : فقلت لا أضرب شيئاً بعده أبداً .
و مر ابن عمر بصبيان من قريش قد نصبوا طيراً و هم يرمونه و قد جعلوا لصاحبه كل خاطئة من نبلهم ، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا فقال من فعل هذا ؟ " لعن الله من فعل هذا إن رسول الله صلى الله عليه و سلم لعن من اتخذ فيه الروح غرضاً و الغرض كالهدف و ما يرمى إليه " . و نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم " أن تصبر البهائم يعني أن تحبس للقتل " ، و إن كان مما أذن الشرع بقتله كالحية و العقرب و الفأرة و الكلب العقور ، قتله بأول دفعة و لا يعذبه لقوله عليه الصلاة و السلام " إذا قتلتم فأحسنوا القتلة و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، و ليحد أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته " .
و كذلك لا يحرقه بالنار لما ثبت في الحديث الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلاناً و فلاناً بالنار ، و إن النار لا يعذب بها إلا الله فإن وجدتموهما فاقتلوهما" .
قال ابن مسعود : " كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفره فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها ، فجاءت الحمرة فجعلت ترفرف ، فجاء النبي صلى الله عليه و سلم و قال : من فجع هذه بولدها ؟ ردوا عليها ولديها " ، و رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم قرية نمل ـ أي مكان نمل ـ قد أحرقناها فقال : " من حرق هذه ؟ قلنا : نحن ، فقال عليه الصلاة و السلام : إنه لا ينبغي لأحد أن يعذب بالنار إلا ربها " . و فيه من النهي عن القتل و التعذيب بالنار حتى في القملة و البرغوث و غيرهما .
فصل : و يكره قتل الحيوان عبثاً لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " من قتل عصفوراً عبثاً عج إلى الله يوم القيامة ، و قال : يا رب سل هذا لم قتلني عبثاً و لم يقتلني لمنفعة ؟ " .
و يكره صيد الطير أيام فراخه لما روي ذلك في الأثر ، و يكره ذبح الحيوان بين يدي أمه لما روي عن إبراهيم بن أدهم رحمه الله ، قال : ذبح رجل عجلاً بين يدي أمه فأيبس الله يده .
فصل : في فضل عتق المملوك . " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو من أعضائه عضواً من أعضائه من النار حتى يعتق فرجه بفرجه " أخرجه البخاري .
و " عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : أيما امرىء مسلم أعتق امرأ مسلماً كان فكاكاً له من النار يجزى كل عضو منه عضواً منه ، و أيما امرىء مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار يجزي كل عضوين منهما عضواً منه ، و أيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة إلا كانت فكاكها من النار يجزى كل عضو منها " رواه الترمذي و صححه .
اللهم اجعلنا من حزبك المفلحين و عبادك الصالحين .
رد مع اقتباس