
15-08-2010, 02:00 PM
|
عضو قدير
|
|
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 484
معدل تقييم المستوى: 15
|
|
رأي ابن فُورَك
وأبوبكر بن فورك من كبار أئمة الأشاعرة، وقد اضطربت أقواله في بعض أصول الدين. ولكنه يثبت الصفات الخبرية كالوجه واليدين. وكذلك المجيء والإتيان كما فعل إمامه الكبير أبو الحسن الأشعري. وقد قال فيما صنف في أصل الدين.
" فإن سألت الجهمية عن الدلالة على أن القديم(17 ) سميع بصير؟ قيل لهم: اتفقنا على أنه حي تستحيل عليه الآفات. والحي إذا لم يكن مأْوُوفاً بآفاتٍ تمنعه من إدراك المسموعات والمبصرات كان سميعاً بصيراً.
وإن سألتْ فقالت: أين هو؟ فجوابنا: إنه في السماء، كما أخبر في التنزيل عن نفسه بذلك. فقال ـ عز من قائل ـ : ( أأمنتم من في السماء ) ، وإشارة المسلمين بأيديهم عند الدعاء في رفعها إليه. وإنك لو سألت صغيرهم وكبيرهم، فقلت: أين الله؟ لقالوا : إنه في السماء. ولم ينكروا لفظ السؤال بأين؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم- سأل الجارية التي عرضت للعتق. فقال: (أين الله؟) فقالت: في السماء. مشيرةً بها( 18). فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أعتقها فإنها مؤمنة ) ، ولو كان ذلك قولاً منكراً لم يحكم بإيمانها ولأنكره عليها. ومعنى ذلك أنه فوق السماء؛ لأن" في " بمعنى فوق. قال الله تعالى فسيحوا في الأرض ) أي فوقها".
وحسناً فعل أبو بكر بن فورك!! فإنه لم يغضب من "أين" ولا من الجواب عن "أين" كما يفعل أشاعرة اليوم!! ولو غضب من "أين" لاتّهم أعظم العابدين، وخاتم المرسلين بأنه نال عامداً من حرمات الله، وتغاضى جاحداً عن شتم الله، فإنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الذي سأل بأين، وهو الذي حكم بإيمان من أجاب عن "أين"!!.
رأي الجويني والجويني من أعظم أعلام الأشاعرة، حتى لقد لقبوه بإمام الحرمين، وقد نزع في كتابه " الإرشاد" منزع التأويل ، وعدا على السلف بحملة ظالمة( 19). ولكنه عاد فحرم التأويل، ومجد السلف، وسجل ذلك في آخر كتاب قام بتأليفه، وهو "العقيدة النظامية" وبهذا أدرج "الإرشاد" في الأكفان!! وإليك ما قاله في "النظامية".
7" اختلف مسالك العلماء في الظواهر التي وردت في الكتاب والسنة، وامتن على أهل الحق فحواها(20 )، وإجراؤها على ما تبرزه أفهام أسباب اللسان منها( 21). فرأى بعضهم تأويلها، والتزام هذا المنهج في آي الكتاب، وفيما صح من سنن النبي صلى الله عليه وسلم. وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل، وإجراء الظواهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الرب سبحانه.
والذي نرتضيه رأياً وندين الله به عقداً اتباع سلف الأمة، فالأولى الإتباع، وترك الابتداع. والدليل السمعي القاطع في ذلك أن إجماع الأمة سنة متبعة، وهو مستند معظم الشريعة، وقد درج صحب الرسول - صلى الله عليه وسلم- على ترك التعرض لمعانيها ودرك ما فيها، وهم صفوة الإسلام. والمشتغلون بأعباء الشريعة، وكانوا لا يألون جهداً في ضبط قواعد الملة والتواصي بحفظها، وتعليم الناس ما يحتاجون إليه منها، فلو كان تأويل هذه الظواهر مسوغاً، أو محتوماً ؛ لأوشك أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع الشريعة، فإذا انصرم عصرهم وعصر التابعين على الإضراب عن التأويل، كان ذلك قاطعاً بأنه الوجه المتبع، فحق على ذي الدين أن يعتقد تنزه الرب تعالى عن صفات المحدثات، ولا يخوض في تأويل المشكلات، ويكل معناها إلى الرب.
ومما استُحسن من إمام دار الهجرة مالك بن أنس أنه سئل عن قوله تعالى : (الرحمن على العرش استوى ) فقال: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة" ، فَلْتُجْر آية الاستواء والمجيء، وقوله لما خلقتُ بيديّ ) (ويبقى وجه ربك) وقوله : (تجري بأعيننا) وما صح من أخبار الرسول عليه السلام كخبر النزول وغيره على ما ذكرنا. فهذا بيان ما يجب لله تعالى(22 )".
وفي كلام الجويني حق كبير، ولكن فيه أيضاً تناقض بادٍ وخلل مثير!! فقد قرر أن مذهب أئمة السلف هو إجراء الظواهر على مواردها، والانكفاف عن التأويل. وهذا هو الحق الذي أيده هو بما نقله عن مالك. وهو قوله رضي الله عنه: " الاستواء معلوم" فعلام يدل هذا؟ إنه لا يدل إلا على شيء واحد ، هو أن معنى الاستواء مفهوم ، معلوم معناه في لغة القرآن والحديث. ولو لم يكن هذا مراد مالك، لقال: لا أدري، أو لقال: الاستواء مجهول. ولكنه قال "معلوم". أما الذي حكم مالك بأنه مجهول فهو "الكيف" لا "المعنى".
أما التناقض: فقد وقع فيه " الجويني" بسبب زعمه أن السلف كانوا يفوضون "معاني" الصفات. فهذا الزعم الفطير يناقض ما ذكره من قبل، فصار كأنما يقول: مذهب السلف إجراء الظواهر على معانيها، ومذهب السلف تفويض معانيها!! وهذا يدلك، ويؤكد لك أن الجويني لم يُحسن التعبير عن مذهب السلف ، رغم أنه استشهد بالكلمة القيمة المقتصدة التي قالها مالك، والتي ذهب فيها مذهب أستاذه الجليل "ربيعة بن عبدالرحمن(23 )" فقد سئل ربيعة عن كيفية الاستواء، فقال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التصديق".
وهكذا نرى إمام دار الهجرة، وأستاذه الجليل يؤكدان أن معنى الاستواء معلوم، أما "كيفية" استواء الله على عرشه، فهي المجهولة!! هذا، وإلا اتهمنا سلف هذه الأمة البررة الأخيار بأنهم كانوا لا يؤمنون في الأسماء والصفات الإلهية إلا بألفاظ خربة خاوية لا معنى لها، ولا دلالة!! وقلنا بأن صفات الله وأسماءه ما هي إلا ألفاظ خالية من كل مدلول أو مفهوم، فلا تثير في قلب العابد إلا الشعور بالعدم، والقلق العميق السحيق. ولا تتصل بالفكر إلا اتصال الرموز المبهمة والألغاز المحيرة، والأحجيات والطلسمات المقنعة بالغموض والإبهام!! أو بأنه سبحانه أبى لنا إلا الضلالة الأبدية والحيرة السرمدية، والتناحر المدمر حول أسمائه وصفاته!!.
وكيف نجرؤ على اتهام الله سبحانه بهذا، وبأنه يوجب علينا الإيمان بأن أسماءه وصفاته ألفاظ لا معنى لها، أو يوجب علينا ـ نحن المخلوقين ـ أن نضع لهذه الأسماء والصفات الإلهية المعاني التي نريد؛ لأنه عجز عن بيان معاني أسمائه وصفات؟!.
وهل يقدر المخلوق، ويعجز الخلاق، والمخلوق آية من آيات قدرته القاهرة؟.إن ما ذكره الجويني يُشعِرك بأنه كان ـ وهو يكتب لتأييد الحق ـ ينظر بإحدى عينيه إلى الماضي الذي صال فيه، وجال ، مُدَّرِعاً بالتأويل، جاحداً بالاستواء، وبعقيدة السلف، ويرمق بالأخرى حاضره الذي انبثقت فيه إشراقة من النور في قلبه، ودوَّت في أعماقه زجرة هادية من الضمير تحثه على الإذعان الخالص للحق، وعلى أن يكفر بماضيه، وولائه للباطل فيه.
فحاول فيما كتبه في "العقيدة النظامية" أن يجعل منه شِفَّ رياء لماضيه، ولحاضره، حتى لا يثير أولئك الذين دانوا بكتبه الأولى، وانضووا تحت لوائه، وهتفوا باسمه، وصفقوا له!.
ثم؛ ليُسْكِن قليلاً من ثورة الحق التي يدوّي هديرها القوي في أعماقه!!
على أن في كلام "الجويني" حقائق جديرة بالتأمل والاعتبار :أولاها: أن خير طريقة هي طريقة السلف، لا طريقة الخلف، فالسلف هم صفوة هذه الأمة، فهم أصحاب الرسول – صلى الله عليه وسلم -، والتابعون لهم بإحسان.
والثانية: وجوب الكف عن التأويل ـ أي الكف عن صرف الألفاظ عن ظواهرها.
الأخيرة: وجوب الاتباع، والكف عن الابتداع، وبهذه الحقائق التي ناصر الجويني فيها دعوة الحق، استحق أن يدعو المسلمون له بالرحمة والمغفرة، ولاسيما من أجل هذه النصيحة التي قال فيها: "يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام، فلو أني عرفت أن الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به(24 )".
فعلى الأشاعرة المعاصرين واجب كبير، هو أن يكفوا عن العمل ببدعة الضلالة : بدعة الكلام، كما قال إمامهم الكبير ، وأن يدرسوا ما دان به سلف هذه الأمة دراسة واعية مستبصرة؛ ـ وهو دين الحق الجلي من الكتاب والسنة ـ ؛ ليحققوا بهذه الدراسة، وبالإيمان عن بينة ما دعاهم إليهم إمامهم الكبير الجويني، وهو: وجوب الاتباع، وترك الابتداع.
رأي الغزالي
وأبو حامد الغزالي أشعري كبير، وله صفة أخرى ألصق به من أشعريته هي: أنه صوفي كبير!! ولكننا هنا سنأخذ عن "أشعريته" التي تعلمها على يد أستاذه "الجويني". أما صوفيته الإشراقية، فسنترك لغيرنا الحكم عليها في ترجمته.
يقول في كتابه "إلجام العوام عن علم الكلام": " اعلم أن الحق الصريح الذي لا مِراء فيه عند أهل البصائر هو مذهب السلف ـ أعني الصحابة والتابعين"( 25)، ثم قال: "إن البرهان الكلي على أن الحق في مذهب السلف وحده ينكشف بتسليم أربعة أصول مسلمة عند كل عاقل" وإليك موجزاً عن هذه الأصول التي ذكرها الغزالي.
الأصل الأول: أن النبي – صلى الله عليه وسلم ـ هو أعرف الخلق بصلاح أحوال العباد، بالإضافة إلى حسن المعاد.
الأصل الثاني: أنه بلغ كل ما أوحي إليه من صلاح العباد في معادهم ومعاشهم، ولم يكتم منه شيئاً.
الأصل الثالث: أن أعرف الناس بمعاني كلام الله، وأحراهم بالوقوف على كنهه، وإدراك أسراره هم أصحاب الرسول الذين شاهدوا الوحي والتنزيل، ولازموا الرسول آناء الليل والنهار، مسخّرين أنفسهم لفهم معاني كلام الوحي، وتلقيه بالقبول للعمل به أولاً، ولنقله إلى الذين بعدهم ثانياً. وللتقرب إلى الله بسماعه وفهمه وحفظه ونشره. ثم يقول: "ليت شعري أيُتَّهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بإخفائه( 26) ـ يعني الوحي ـ وكتمانه عنهم؟ حاشا منصب النبوة عن ذلك. أو يُتهم أولئك الأبرار في فهم كلامه، وإدراك مقاصده، أو يُتهمون في إخفائه وإسراره بعد الفهم، أو يُتهمون في معاندته من حيث العمل، ومخالفته على سبيل المكابرة مع الاعتراف بفهمه وتكليفه، فهذه أمور لا يتسع لتقديرها عقل عاقل".
الأصل الرابع: إن أصحاب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في طول عصرهم إلى آخر أعمارهم ما دعوا الخلق إلى التأويل، ولو كان التأويل من الدين أو علم الدين؛ لأقبلوا عليه ليلاً ونهاراً ودعوا إليه أولادهم وأهلهم.
وبعد هذه الأصول المحكمة المسلّمة فعلاً عند كل مسلم يُصدر الغزالي هذا الحكم الصادق الحق الخاص بالسلف: "نعلم بالقطع من هذه الأصول أن الحق ما قالوه، والصواب ما رأوه( 27)". ولا ريب في أن كل أصل من هذه الأصول التي أجاد الغزالي في بسطها وعرضها توجب على كل مسلم أن يتبع، لا أن يبتدع. فعلى أشاعرة العصر الحديث، أو على الخلفيين واجب كبير أذكرهم به مرة أخرى، هو: أن يدرسوا مذهب السلف الذي أكد الغزالي أنه وحده هو الصواب والحق والهدى، وأن ما سواه خطأ وباطل وضلالة، دون أن يعتمدوا على الغزالي، فإنه بعد هذا التمجيد للسلف قد نسب إليهم آراء باطلة يبرأ منها صفوة السلف، فأثبت أنه لا يفقه دين السلف!.
وفي كتابه " فصل التفرقة بين الكفر والزندقة" يعرّف البدعة بأنها عبارة عن إحداث مقالة غير مأثورة عن السلف، ثم يتبع هذا بالحديث عن مقامين، فيقول: " يتضح لك أن ها هنا مقامين. أحدهما: مقام عوام الخلق، والحق فيه الاتباع والكف عن تغيير الظواهر رأساً، والحذر عن إبداع التصريح بتأويل لم تصرح به الصحابة، وحَسْمِ باب السؤال رأساً، والزجر عن الخوض في الكلام والبحث، واتباع ما تشابه من الكتاب والسنة. كما روي عن مالك - رحمه الله- أنه سُئل عن الاستواء، فقال: "الاستواء معلوم، والإيمان به واجب، والكيفية مجهولة، والسؤال عنه بدعة" ثم يتكلم عن المقام الثاني فيقول: "المقام الثاني بين النظار الذين اضطربت عقائدهم المأثورة المروية، فينبغي أن يكون بحثهم بقدر الضرورة، وتركهم الظاهر بضرورة البرهان القاطع( 28)".
المقام الأول!! يصفه الغزالي بأنه مقام الاتباع، والكف عن الابتداع، وأصحاب هذه المقام يؤمنون بآيات الصفات والأسماء وأحاديثها من غير تغيير للظواهر أو نزوع إلى التأويل، كما قال مالك في الاستواء!! وكل مسلم يعرف أن هذا المقام هو مقام سلف هذه الأمة وأخيارها من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، كما يعترف الغزالي ضمناً وصراحة. ولكن الغزالي ينعته صراحة أيضاً بأنه مقام العوام!! أما المقام الآخر، فهو مقام النظار أو المتكلمين أو الخلف، وهؤلاء يحرم عليهم ترك الظاهر من غير ضرورة مستمدة من البرهان القاطع؛ لأن ترك الظاهر بغير برهان قاطع كفر كما يقول الغزالي نفسه في نفس الكتاب. ولكن الغزالي يصف هذا المقام بأنه مقام النظار الذين اضطربت عقائدهم!!.
وأعتقد أن كل مسلم يحب أن يوجه إلى الغزالي هذا السؤال: إذا كان البررة الأخيار من سلف هذه الأمة هم العوام في الفكر والعقيدة والدين. فمن ـ يا تُرى ـ هم خواصها وأبرارها ، وأرباب الفكر الثاقب والبصيرة المشرقة، والدين القويم؟ لقد ذكر في "إلجام العوام" أنهم السلف. أما هنا فلا يذكر لنا في مقابل هؤلاء "العوام" سوى: "النظار الذين اضطربت عقائدهم" أفهؤلاء هم الخواص أصحاب الفكر العبقري والدين الخالص السوِيّ؟ ! لقد ضل الغزالي بأتباعه في تيه سحيق عميق!! فهم إن دانوا بما دان به خيار هذه الأمة، سماهم عواماً، وإن دانوا بما دان به علماء الكلام، أو الخلف سمّاهم نظاراً قد اضطربت عقائدهم!!.
والمسلم الحق ـ ولا شك ـ يحب أن يكون من أولئك الذين أطلق عليهم الغزالي أنهم عوام.
وحسبنا من الغزالي اعترافه بأن أصحاب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد كفوا عن التأويل، وأنهم آمنوا بصفاته وأسمائه كما وردت. وأن عقيدة السلف هي الحق والمنجاة، وأن التأويل هلكة ومَهْوَاة. اسمعوا إليه يقول في كتابه " قانون التأويل" عن التأويل في أصول العقيدة: " من أين يتجاسر عن الحكم بالظن، وأكثر ما قيل في التأويلات ظنون وتخمينات؟! ولست أرى أن أحكم بالتخمين. وهذا أصوب وأسلم من كل عاقل، وأقرب إلى الأمن يوم القيامة؛ إذ لا يبعد أن يُسْأل يوم القيامة، ويطالب، ويقال: لم حكمت علينا بالظن؟ ولا يقال له: لِمَ لمْ تستنبط مُرادنا الخفي الغامض( 29)". وتدبر ما ذكره دون أن يتعرض له بإبطال، وهو أن "إثبات الفوْق لله تعالى مشهور عند السلف ولم يذكر أحد منهم أن خالق العالم ليس متصلاً بالعالم، ولا منفصلاً، ولا داخلاً، ولا خارجاً، وأن الجهات الست خالية منه، وأن نسبة جهة فوق إليه كنسبة جهة تحت، فهذا قول بدع( 30)" تُرى هل يقتنع أشاعرة العصر، وهم أحلاس هذه البدعة الملعونة التي ذكرها الغزالي؟.
عقيدة الرازي
والفخر الرازي من أشهر متكلمي الأشاعرة، ومن غلاة المؤولة المسرفين في الطعن على السلف، ومن المؤلفين في كل فن حتى في السحر والتنجيم(31 ).
غير أنه ما لبث أن ارتاب في كل ما كتب ـ كما يقول شيخ الأزهر السابق، الشيخ مصطفى عبدالرازق:
" وقلَّت ثقته في العقل الإنساني، وأدرك عجزه، وأدرك تماماً أنه لا يستطيع الإحاطة بالوجود في ذاته. وكانت تنتابه في بعض مجالس وعظه نوبات فيصرخ مستغيثاً!! وعظ يوماً بحضرة السلطان شهاب الدين الغوري، وحصلت له حال، فاستغاث: " يا سلطان العالم لا سلطانك يبقى، ولا تلبيس الرازي يبقي" ! كما يذكر الشيخ أيضاً ما نقله ابن الصلاح عن الرازي، وهو قوله: " ياليتني لم أشتغل بعلم الكلام، وبكى(32 )".
ومن وَهَج الحسرة البالغة على ما ضيّع من عُمُرٍ في الجدلِ عن الضلالة، ومن دموع الندامة التي كانت تؤُجُّ في أعماقه، ومن أغوار فاجعته النفسية راح يندب نفسه بهذه الأبيات:
نِهايــةُ إقـــدامِ العُقـــولِ عِقالُ
وأكــثرُ سَعـــي العالمين ضلالُ
وأرواحـنا فـي وحْشــةٍ من جسومنا
وحاصــل دنــيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحـثنا طول عمرنا
سـوى أن جمعـنا فيه قيل وقالوا(33 )
إنها عاصفة الشك تجتاح نفسه، وتدمر ثقته في كل ما ألفه وكتب، وقرأ من قبل، وإنها صرخة الندم على ما ضيع!!.
"وأكثر سعي العالمين ضلال!!" إنه سعي "الخَلَفِيّة" ، وسَعي ماضيه الذي تروعه أشباحه، ونفجعه منه ذكريات الإسراف في الجور على قيم الحق ومقدساته، وفي اتهام أولياء الحق المثبتين للصفات بأنهم يهود هذه الأمة!! كما كان ينعتهم من قبل.
"جمعنا فيه قيل وقالوا"!! هذا هو كل ما حصله من معرفة!! إنها أقوال تافهة لا تهدي، ولا تنزع بفكر إلى الاهتداء، وغثاء عفن من الخرافات، وإنها لترجمان صادق عن قيمة كل ما ألف من كتب، وعن قيمة معارف أولئك الذين يَعدُون على الحق، ويوغلون في العدوان عليه!!.
فهل يعتبر أولئك الذين مازالوا على تقديسهم وولائهم لكتب ألفها الرازي في ضلالته، ثم عاد ـ والندم يستحوذ على مشاعره، والتوبة تأخذ بناصيته ـ فوصفها بأنها تافهة وباطل!! لقد برئ منها الرازي، وندم أشد الندم على تأليفه لها، وقد عبر عن هذا الندم في أبياته تلك، وبما سجله في كتابه " أقسام اللذات"(34 ).
براءته من الخلفية: يقول في كتابه (أقسام اللذات) " لقد تأملت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلاً، ولا تُروي غليلاً، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن. أقرأ في التنزيه والله الغني وأنتم الفقراء) وقوله : ( ليس كمثله شيئ ) ،و ( قل هو الله أحد ) ، وأقرأ : ( الرحمن على العرش استوى ) ، ( يخافون ربهم من فوقهم ) ، ( إليه يصعد الكلم الطيب ) ، ( قل كلٌ من عند الله ) ومن جرّب مثل تجربتي، عرف مثل معرفتي".
وصية الرازي في مرض موته: أملى الرازي في مرض موته على تلميذه "إبراهيم بن أبي بكر الأصفهاني" وصية طيبة، قال عنها " ابن خلكان": "ورأيت له وصية أملاها في مرض موته على أحد تلامذته تدل على حسن العقيدة( 35)"، ومما جاء في هذه الوصية قوله: " ولقد اعتبرتُ الطرق الكلامية، ومناهج الفلسفية، فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي وجدتها في القرآن العظيم" ، وقد استفتحها بقوله: "اعلموا أني كنت رجلاً محباً للعلم، فكنت أكتب في كل شيء شيئاً، لا أقف على كمية، ولا كيفية سواء كان حقاً، أو باطلاً، أو غثاً أو سميناً(36 )".
اعتراف صادق ريّان الإخلاص في ندامته بأن المناهج الكلامية، أو طريقة الخلف لا تهتدي، ولا تهدي إلى يقين، وإنما تورث الشك والقلق والحيرة العاصفة.
وفي وصيته الحزينة صورة موجعة من مأساته الدامية، وإنك لتكاد تلمح دموع التوبة، وهي تنساب من عينيه الذاويتين، وتحس شواظ الحسرة المشبوبة في أعماقه!!.
كما يتبين لك في جلاء : رجوعه عن "خلفيته" الجامحة إلى عقيدة السلف، ويبدو لك إيمانه القوي بالاستواء والفوقية. وإني أخص هاتين بالذكر؛ لأن الرازي ـ رحمه الله ـ كان لا يكفر بشيء قبل توبته كما يكفر بالاستواء والفوقية ! ولكن تداركته رحمة من الله، فشرح للحق صدره، فتاب ومضى في شيخوخته الواهنة المكدودة المتعبة يبتهل إلى الله بالتوبة، ويلعن كل ما كتب من قبل!!.
ثم يُعلن عقيدته في وصيته، ولكنك تحس بالخوف القوي الذي يملك على الرجل أنفاسه، وقلمه، وفكره وهو يقول: " كلما ثبت بالدلائل الظاهرة من وجوب وجوده ووحدته وبراءته عن الشركاء في القِدَم والأزليّة والتدبير الفعالية، فذاك هو الذي أقول به، وألقى الله تعالى به، وأما ما انتهى الأمر فيه إلى الدقة والغموض، فكل ما ورد في القرآن والأخبار الصحيحة المتّفق عليها بين الأئمة المتبعين للمعنى الواحد، فهو كما هو".
ثم يقول، ودموعه تحمل أشجان قلبه وأفلاذه مُسْترحماً الرحمن الرحيم: "لتكن رحمتك مع قصدي، لا مع حاصلي، فذاك جهد المُقِلّ، وأنت أكرم من أن تضايق الضعيف الواقع في زلة ، فأغثني، وارحمني، واستر زَلَّتي، وامحُ حَوْبتي ، يا من لا يزيد ملكة عرفان العارفين، ولا ينقص ملكه بخطأ المجرمين".
ثم يقول ما يجب أن يقول الخلف بعد توبتهم: " وأقول : ديني متابعة سيد المرسلين محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وكتابي القرآن العظيم، وتعويلي في طلب الدين عليهما".
أين الصِّيالُ في سَوْرتِه، وأين الجدال المحموم في رعونته؟ وأين الرازي الخلفي الذي جعل كتاب الله وراءه ظهريا؟ لا ترى إلا قلباً يذوب في توبته، ولوعة تنَفِّس عن غليلها، واستسلاماً مقروناً بالخوف والخشية المهيمنة على نفس ذليلة.
فهل يتدبر الخلفيون الذين يتخذون الرازي رباً من دون الله فيحلون بهواه، ويحرمون بهواه، ويسدون أسماعهم وقلوبهم عن القرآن لهواه؟؟! فهم رازيُّون أكثر من الرازي الأسطورة.وهل يجوز أن يظل بعض الناس مُصرين على الإيمان بقدسية الرازي، ووجوب الاقتداء به في أصل الدين، وهو الذي وقف على شفا القبر يلعن ذلك الماضي الرهيب المعلون الذي استعلن فيه بعدوانه على الحق؟ أيهما أجدر بالاقتداء ـ إن كان يجوز الاقتداء بغير الرسول – صلى الله عليه وسلم- ـ آلرازي ـ وهو نهب الحيرة والضلالة في شبابه المعربد ـ أم الرازي الشيخ الذي شفته التوبة من ضلالته؟ إنه لعجيب أن يحطم صاحب الصنم صنمه، ويعلن في صراحة أنه كان صنماً حقيراً، ومع هذا يأبى الخلفيون إلا أن يعتقدوا فيه أنه ليس صنماً، وإنما هو إله كبير!!.
عجيب أن يَعْتَدَّ الخلفيون الزاعمون أنهم يتبعون الكتاب والسنة بكتب الرازي التي برئ هو منها، وجدَّ في لعنها، وسجد بين يدي الله في ذلة يضرع إليه ألا يحاسبه على ما بث فيها من زيغ وضلال!! عجيب أن يجعلوا هذه اللعنة عقبة كأداء تحول بينهم، وبين القرآن؟.
كلمة أخيرة مع الأشعرية
من هذا العرض الأمين يتبين لنا أن أبا الحسن الأشعري دان - بعد الاعتزال- بأهم أصول عقيدة السلف، وأنه لم ينقض شيئاً مما قاله في الإبانة، وأن كبار أئمة الأشاعرة كانوا ـ إذا ضلوا، وأضلوا ـ سرعان ما يفزعون بالتوبة إلى الله من الخلفية، ويفيئون إلى السلفية ، يستروحون منها سكينة الهدى بعد أن أهلكهم السُّرى في غياهب الضلالة!!.
حتى الغزالي!! فإن ابن عساكر يقول عنه: " وكانت خاتمة أمره إقباله على حديث المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومجالسة أهله، ومطالعة الصحيحين البخاري ومسلم(37 )".
ولهذا ؛ أسأل الزاعمين أنهم على دين الخلف: أين هو دين الخلف، وهؤلاء الذين تعدونهم أئمة الخلف، قد لعنوا هذا الدين الخَلَفِيَّ، وبرئوا إلى الله منه، ودعوا جميعاً إلى الإيمان بما آمن به سلف هذه الأمة، وكما آمنوا؟ وإني لأستطيع أن أجيب بالحق البين: ليس للخلفية من معنى، ولا سلطان تعتد به بعد هذا إلا ذكريات تعسة!! فقد شهد التاريخ أئمة هذه "الخلفية" وهم يهوون بمعاولهم عليها، ويأتون بنيانها الواهن من القواعد، ويُخَلِّفون أطلالها الثكلى تقص للتاريخ قصة أولئك الذين شيدوها، ثم حطموها، وتركوها أنقاضاً تثير العِبْرة والعَبْرة!! تركوها، ومالها من وجود إلا في متحف الآثار البالية!! ثم أقول للخلفيين أيضاً: إنه لا "الإرشاد " ولا " المواقف "، ولا " العقائد العضدية "، ولا "المقاصد "، ولا "العقائد النسفية" ، ولا كل الشروح الطوال لها، ولا الحواشي المسرفات في اللغو والهذر، ولا كل كتب الرازي التي ألفها قبل توبته. لا كتاب من هذه الكتب يمثل حقيقة ما ذهب إليه أبو الحسن الأشعري، ثم هو بالأحرى لا يهدي إلى يقين، ولا يمثل صورة من صور اليقين!! أروني الذين هُدوا إلى الإسلام على يد هؤلاء؟ " . انتهى كلام الشيخ الوكيل -رحمه الله - ، ( ص 47 - 98 ) .
تنبيه : كلامه عن محققَي التمهيد للباقلاني ، سبق الحديث عنه هنا :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=24051
وهنا : رسالة الشيخ محمد عبدالرزاق حمزة - رحمه الله - عن الباقلاني وكتابه :
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=18111
الهوامش
(1)ص 152 بيين كذب المفتري.
(2)ص448 ج1 مجموعة الرسائل الكبرى.
(3)انظر صفحتي129، 131 من تبيين كذب المفتري.
(4)ص175 المصدر السابق.
(5)ذكر الحافظ أبو محمد بن علي البغدادي في رسالة الذب عن الأشعري أنه شاهد نسخة من الإبانة بخطه مقروءة مصححة. ثم عرّض بأشعري ارتاب في نسبة الكتاب إلى أبي الحسن. فقال: " فما دريت من أي أمريه أعجب، أمن جهله بالكتاب مع شهرته وكثرة من ذكره في التصانيف من العلماء. أو من جهله بحال شيخه الذي يفتري عليه بانتمائه إليه. واشتهاره قبل توبته بالاعتزال" ص10 رسالة " الكوثري وتعليقاته" مطبعة الإمام.
(6)ص 320 وما بعدها ج1 مقالات الإسلاميين طبع النهضة ويقول ابن تيمية عن كتابه هذا " إنه من أجمع الكتب، وقد استقصى فيه أقاويل أهل البدع، ولما ذكر قول أهل السنة والحديث ذكره مجملاً غير مفصل" ص247 مجموعة تفسير ابن تيمية.
(7)البردان: اسم يطلق على قرية في بغداد، وعلى مواضع أخرى. ومدينة السلام: هي بغداد.
(8)حُلوان: تقال على عدة أماكن منها حلوان العراق، وكانت مدينة عامرة، وحلوان قوهستان بنيسابور، وحلوان مصر.
(9)ص119 وما بعدها اجتماع الجيوش الإسلامية، ص 452 ج1 مجموعة الرسائل الكبرى، ص169 ج3 شذرات الذهب وانظر النسخة المصورة من التمهيد الموجودة في حوزة إدارة الثقافة بالجامعة العربية، وهي منقولة عن نسخة مكتبة مصطفى عاطف باستانبول رقم 2223 ويوجد هذا النص في أثناء وجه 137 من النسخة العاطفية.
(10)ص 262 من كتاب التمهيد.
(11)وجد في النسخة العاطفية لكتاب التمهيد، وذلك في أثناء وجه 136 منها.
(12)وجد في النسخة العاطفية في أثناء وجه 169.
(13)أشرت إلى هذا في كتابي "دعوة الحق" المطبوع سنة 1952 حينما عرضت رأي الباقلاني.
(14)يقول بعض المتكلمين، ومنهم الأشاعرة : إن الكائنات مؤلفة من أجزاء متماثلة في ذاتها، وكل جزء من هذه الأجزاء يسمى الجزء الذي لا يتجزأ، أو الجوهر الفرد، أو الذرة في الاصطلاح العلمي الحديث. وقد عرّف الكلاميون الجوهر الفرد بأنه ذو وضع لا يقبل القسمة أصلاً. لا قطعاً، ولا كسراً ولا وهماً، ولا فرضاً.
والإيمان عند الأشعرية يتوقف على الإيمان بمسألة الجوهر الفرد، فهو حجر الزاوية في مذهبهم، أو كما عبر كبير منهم، الأصل السادس من أصول الإسلام ، أو القاعدة التي ينبني عليها كثير من قواعد الإسلام، كإثبات القادر المختار، وكثير من أحوال النبوة والمعاد!! والخلق المستمر، هكذا يؤكد الأشاعرة أنه بدون دليل الجوهر الفرد، لا يمكن إثبات قدرة الله واختياره، ولا إثبات نبوة من النبوات، ولا القيامة التي أخبر الله عنها! أما الخلاء، فقد افترضوا وجوده، لكي يمكن تحرك هذه الجواهر الفردة، فتجتمع، أو تفترق. والأشاعرة لم يبتدعوا القول بالجوهر الفرد، وإنما قلدوا غيرهم وغلوا في التقليد، حتى أصبح الجوهر الفرد عندهم هو الدليل المعتمد وحده في التوحيد. إنهم استمدوه من المتكلمين قبلهم، وهؤلاء استمدوه من الفلسفة اليونانية القديمة التي كانت قبل سقراط، ولاسيما فلسفة "ديمقريطس" ، فقد قسم هذا الفيلسوف الطبعي الوجود إلى عدد غير متناه من الوحدات المتجانسة غير المنقسمة، غير المحسوسة لتناهيها في الدقة، وحكم عليها بالوجود في خلاء غير متناه تتحرك فيه، فتتلافى، وتفترق ، فيحدث الكون بتلاقيها، والفساد بافتراقها. وديمقريطس يحكم بقدم هذه الجواهر الفردة أو الذرات وببقائها الأبدي السرمدي، وبأن الحركة تعصف بها منذ القدم بذاتها، أي لا صلة لإله بحركتها !
وينتقل مذهب الفيلسوف، ويؤمن به الأشاعرة، فيصير ديمقريطس هو النبي المستتر لأشاعرة الجوهر الفرد، وتصير أسطورته الأصل الذي يتوقف عليه إيمانهم ونجاتهم هذا، وقد فجر العلم الذرة، وعصف بها، وفتتها. تُرى بماذا يثبت الأشاعرة اليوم وجود الصانع المختار، والنبوات، ومجيء اليوم الآخر؟.
(15)ص206 ط عبدالرحمن محمد.
(16)يقول الغزالي: " من أشد الناس غلواً وإسرافاً طائفة من المتكلمين كفروا عوام المسلمين، وزعموا أن من لا يعرف الكلام معرفتنا، ولم يعرف العقائد الشرعية بأدلتنا التي حررناها، فهو كافر، فهؤلاء ضيقوا رحمة الله الواسعة على عباده" ص97 الجواهر الغوالي مجموعة رسائل للغزالي.
(17)نبهنا مراراً على أن القديم ليس من أسماء الله الحسنى ، وإنما من أسمائه الأول والآخر.
(18)أي بإصبعها، وقد صرح في رواية أبي هريرة التي أخرجها أبو داود "فأشارت إلى السماء بأصبعها".
(19)انظر ص40 من كتاب الإرشاد، وقد روى محمد بن طاهر المقدسي أن الشيخ أبا جعفر الهمداني حضر أبا المعالي، وهو يخطب على المنبر بقوله: " كان الله، ولا عرش" ، ويؤكد نفي الاستواء، فقال له الهمداني: " يا أستاذ دعنا من ذكر العرش ـ يعني؛ لأن ذلك إنما جاء في السمع ـ: وأخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا، ما قال عارف قط: يا الله إلا وجد من قلبه معنى يطلب العلو، لا يلتفت يمنة، ولا يسرة ، فكيف ندفع هذه الضرورة عن قلوبنا" ، فصرخ أبو المعالي - ووضع يده على رأسه - : "حيرني الهمداني" ! ثم نزل من على المنبر. وقد علق شيخ الإسلام ابن تيمية على هذه القصة بقوله: " فهذا الشيخ الهمداني ـ تكلم بلسان جميع بني آدم، فأخبر أن العرش والعلم باستواء الله عليه إنما أخذ من جهة الشرع وخبر الكتاب والسنة ، بخلاف الإقرار بعلو الله على الخلق من غير تعيين عرش، ولا استواء، فإن هذا أمر فطري ضروري نجده في قلوبنا نحن، وجميع من يدعو الله تعالى، فكيف ندفع هذه الضرورة عن قلوبنا؟" ص 52 نقض المنطق.
(20)الفحوي = معنى الكلام ولحنه. وتعبير أبي المعالي يخالف الحقيقة ، فالذي امتنع على أهل الحق: هو إدراك الكيفية لا المعنى.
(21)أي امتنع إجراؤها على حسب ما يفهم الناس منها بالنسبة إلى الخلق.
(22)انظر ص23 وما بعدها العقيدة النظامية ط سنة 1948 بمطبقة الأنوار بالقاهرة، وهي قسم من كتاب كبير ألفه الجويني في العقيدة والأركان المبني عليها الإسلام. وقد عمد تلميذه "أبوبكر بن العربي" إلى فصل قسم العقيدة من هذا الكتاب. وتسميته: "العقيدة النظامية".
(23)أطلق عليه " ربيعة الرأي" وقد قال عنه مالك: "ذهبت حلاوة الفقه منذ مات ربيعة" توفي سنة 136هـ.
(24)ص61 نقض المنطق.
(25)ص 5 إلجام العوام ط منير.
(26)الصوفية التي آمن بها الغزالي، ونصرها تؤكد ذلك، فتزعم أنه كتم الحقيقة، وأظهر الشريعة! وأنه اختص بالحقيقة قوماً دون قوم من أصحابه!! وانظر النصوص الدالة على هذا في كتابَي " مصرع التصوف " و " هذه هي الصوفية".
(27)ص 33 وما بعدها إلجام العوام.
(28)ص 88 الجواهر الغوالي رسالة " فيصل التفرقة" ط أولى سنة 1353هـ.
(29)ص 12 قانون التأويل.
(30)ص88 رسالة فيصل التفرقة، داخل مجموعة الجواهر الغوالي.
(31)ألف فيه كتاب "السر المكتوم في مخاطبة الشمس والنجوم". وقد ألفه كما يقول ابن تيمية في السحر وعبادة الكواكب والأوثان ، مع أنه كثيراً ما يحرم ذلك، وقد نقل ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى: " يُعلمون الناس السحر" نصوصاً كثيرة ، منها : زعمه: أن الساحر قد يقلب الإنسان حماراً، والحمار إنساناً، وأن تحصيل العلم بالسحر واجب، وأن السحر ثمانية أنواع، منه سحر الذين كانوا يعبدون الكواكب السبعة، وقد ذكر فيه طريقهم في مخاطبة كل كوكب من هذه الكواكب السبعة وكيفية ما يفعلونه، وما يلبسونه، وما يتمسكون به، كما ذكر أن من أنواع السحر الاستعانة بالأرواح الأرضية، وهم الجن،وذكر أنه يمكن الاتصال بها بالرقى والدخن أو بالعزائم وعمل التسخير. ثم يقول ابن كثير: "ويقال إنه تاب منه، وقيل بل صنفه على وجه إظهار الفضيلة لا على سبيل الاعتقاد" ، وقال عنه الذهبي في "ميزان الاعتدال": " وله كتاب السر المكتوم في مخاطبة النجوم" سحر صريح، فلعله تاب من تأليفه إن شاء الله" ، كما ذكر ابن خلكان أسماء كتب الرازي التي ألفها، ثم قال: " وفي الطلسمات السر المكتوم أو المكنون".
وله كتاب في تفسير حديث المعراج يقول عنه ابن تيمية ما يأتي: "احتذى فيه حذو ابن سينا. فإنه روى الحديث بسياق طويل وأسماء عجيبة وترتيب لا يوجد في شيء من كتب المسلمين. وإنما وضعه بعض السوّال والطرقية، أو بعض شياطين الوعاظ، أو بعض الزنادقة. ثم إنه مع الجهل بحديث المعراج فسره بتفسير الصابئة الضالة المنجمين. وجعل معراج الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ترقيه بفكره إلى الأفلاك ! وأن الأنبياء الذين رآهم هم الكواكب ، فآدم هو القمر، وإدريس هو الشمس والأنهار الأربعة هي العناصر، وأنه عرف الوجود الواجب المطلق" !! ص53 نقض المنطق.
(32)ص20 من مقال صدّر به الشيخ كتاب: "اعتقادات فرق المسلمين والمشركين" للرازي.
(33)انظر ترجمة الرازي في وفيَات الأعيان لابن خلكان، وتذكرنا هذه الأبيات بقول الشهرستاني صاحب الملل والنحل: لقد طفت في تلك المعاهد كلها * وسيرت طرفي بين تلك المعالم * فلم أر إلا واضعاً كف حائر * على ذقَن أو قارعاً سن نادم ، وقد قدم بهما لكتابه "نهاية الإقدام" كما ذكر ابن خلكان في ترجمته.
(34)سماه الشيخ مصطفى عبدالرازق أقسام الذات، ولعله خطأ مطبعي، فالكتاب يتحدث عن أقسام اللذات الإنسانية.
(35)ذكرها في ترجمة الرازي.
(36)23، 24 مقدمة الشيخ مصطفى عبدالرازق لكتاب الرازي.
(37)ص 296 تبيين كذب المفتري.
|