الموضوع: الوهابية
عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 17-08-2010, 10:48 AM
العابد لله العابد لله غير متواجد حالياً
عضو قدير
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 493
معدل تقييم المستوى: 16
العابد لله is on a distinguished road
افتراضي الزيارة الشرعية لقبر النبى صلى الله عليه وسلم

الزيارة الشرعية لقبر النبى صلى الله عليه وسلم كما نص عليها أئمة الدين
أورد صاحب (التوضيح) الكثير مما يحدث عند القبور من الشركيات والبدع والمحدثات (3).
ثم يبيّن صاحب (التوضيح) الزيارة الشرعية لقبر نبينا صلى الله عليه وسلم فيقول:
(فأما المشروع من زيارة قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهو ما قاله الإمام مالك وأحمد بن حنبل والشافعي وأبو حنيفة وغيرهم من المجتهدين كلّهم قالوا: إن من كان حاضراً في المدنية، فيشرع في حقّه أن يأتي إلى القبر، فيصلي، ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه رضوان الله عليهما. قالوا: ولا يكثر من المجيء عليه، ولا يكرره في اليوم مرات احتراماً له، ولأنه لم يفعله الصحابة ولا التابعون، وأن من قدم من سفر، أو خرج إليه فيقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي، ويسلم عليه، وعلى صاحبيه بعد أن يصلي لله في المسجد ركعتين)(4).
ثم يتبعه ببيان الزيارة البدعيّة للقبر النبوي فيقول:
(وأما غير المشروع فهو قصده للدعاء واتخاذه عيداً بالاجتماع عنده، والسفر إليه، لما في (الصحيحين) وغيرها من المسانيد والسنن أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يتخذ قبره مسجداً وقال: (اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) بعد قوله: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد) فإنه صلى الله عليه وسلم لم ينه عن الصلاة عند القبور واتخاذها مساجد استهانة بأهلها، بل لما يخاف على القاصدين لها من الفتنة بدعائها، أو الدعاء عندها) (5).
ويبين صاحب (التوضيح) بطلان ما استدلوا به من أحاديث في مشروعية شد الرحال لزيارة قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم وسائر القبور(1)، فيذكر أوجه البطلان فيها:
أحدهما: أن هذه الأحاديث كلها مكذوبة موضوعة باتفاق غالب أهل العلم، ولم يجعلها في درجة الضعيف إلا القليل.
الثاني: أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد في زيارة قبر مخصوص، ولا روي في ذلك شيء لأهل الصحيح، ولا السنن، ولا الأئمة المصنفين في المسانيد كالإمام أحمد وغيره.
الثالث: نهيه صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ قبره عيداً كما ثبت عنه من غير وجه رواه أبو داود من حديث أبي هريرة، ورواه سعيد بن منصور في سننه من حديث أبي سعيد المهري وغيرهما.
فكيف يقول لا تجعلوا قبري عيداً وصلّوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم ثم يقول: من حجّ ولم يزرني فقد جفاني، أو يقول من زار قبري وجبت له شفاعتي، ونحوها من المختلقات، وكيف يسأل ربه لا يجعل قبره وثناً يعبد ثم يأمر بشد الرحال إليه، وأنه للدعاء عنده يقصد.
الرابع: أن متأخري الفقهاء القائلين بزيارة القبور من الشافعية، وغيرهم حتى ابن حجر الهيتمي صرح في الإمداد الذي شرح به الإرشاد كلّهم قالوا ينوي الزائر مع زيارته التقرب بالسفر إلى مسجده صلى الله عليه وسلم وشد الرحل إليه، والصلاة فيه لتكون زيارة القبور تابعة له..) (2).
ويتحدث الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب عن حال عبّاد القبور فيقول: (فإن عبّاد القبور لا يقتصرون على بعض من يعتقدون فيه الضر والنفع، بل كل من ظنوا فيه ذلك بالغوا في مدحه، وأنزلوه منزلة الربوبية، وصرفوا له خالص العبودية، حتى أنهم إذا جاءهم رجل وادعى أنه رأى رؤيا مضمونها أنه دفن في المحل الفلاني رجل صالح، بادروا إلى المحل وبنوا عليه قبة وزخرفوها بأنواع الزخارف، وعبدوها بأنواع من العبادة، وأما القبور المعروفة أو المتوهمة فأفعالهم معها، وعدها لا يمكن حصره. فكثير منهم إذا رأوا القباب التي يقصدونها، كشفوا الرؤوس، فنزلوا عن الأكوار، فإذا أتوها طافوا بها، واستلموا أركانها، وتمسحوا بها، وصلّوا عندها ركعتين)(3).
ويجيب الشيخ عبد الرحمن بن حسن على من سأله عن حكم شد الرحال إلى المكانات المشرفة للأنبياء والأولياء، فيقول:
(فالجواب لا ريب أن هذا مما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) فإذا كان تبركاً للمحل المزور فهو من الشرك؛ لأنهم قصدوا بذلك تعظيم المزور كقصد النبي صلى الله عليه وسلم، أو الولي لتعود بركته بزعمهم. وهذه حال عبّاد الأصنام سواء كما فعله المشركون باللات، والعزى ومناة، فإنهم يقصدونها لحصول البركة بزيارتهم لها، وإتيانهم إليها..) (4).
ويوجز الشيخ عبد الرحمن بن حسن الجواب في مسألة شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
(إن بعض العلماء قد قال يجوز السفر إلى قبور الأنبياء والصالحين، وهذا القول لصاحب (المغني)، وبعض المتأخرين من الحنابلة والشافعية، وهؤلاء يحتجون بقوله (فزوروها) وأما ما يحتج به بعض من لا يعرف الحديث من قوله (من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي) فهذا الحديث لا تقوم به حجة عند من له معرفة بعلل الحديث.
ويقول ابن تيمية رحمه الله: والصحيح ما ذهب إليه المتقدمون كأبي عبد الله بن بطة، وأبي الوفاء بن عقيل، وطوائف من المتقدمين من أن هذا السفر منهي عنه لا تقصر فيه الصلاة، وهو قول مالك والشافعي وأحمد، وحجتهم ما في (الصحيحين) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد). وهذا الحديث أتفق الأئمة على صحته والعمل به في الجملة. فلو نذر الرجل أن يصلي في مسجد، أو مشهد، أو يعتكف فيه أو يسافر إليه غير هذه الثلاثة، لم يجب عليه ذلك باتفاق العلماء ولو نذر أن يأتي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، أو المسجد الأقصى لصلاة أو اعتكاف وجب عليه الوفاء بهذا النذر عند مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى، كما نصَّ عليه، شيخ الإسلام..) (1).
ويعلق الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن على ما يردده عبّاد القبور من قول: الدعاء عند قبر فلان ترياق مجرب، فيقول رحمه الله:
(وهذه العبارة وهي قولهم الدعاء عند قبر فلان ترياق مجرب، قد تنازعها عبّاد القبور والمتبركون بها، فمنهم من يدعي ذلك لقبر أبي حنيفة ومنهم من يدعيه لقبر معروف الكرخي، وعبّاد عبد القادر وأحمد البدوي والحسين عندهم ما هو أعظم من ذلك وأطم، وبعضهم يفضل الدعاء عندها على الدعاء في المساجد التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وبهذا وأمثاله عمرت المشاهد، وعطلـت المساجـد وبنيت القـباب، وأرخيت السـتور على التوابيت بمضاهاتها لبيت الله ) (2).
ولقد أفاض الشيخ عبد اللطيف في الحديث عن حال بلاد المسلمين قبيل ظهور دعوة الشيخ الإمام، وما كانت عليه تلك البلاد من الفتنة بالقبور، والغلو في المشاهد، وما عمّ فيها وطمّ من مظاهر الوثنية.. فكان مما قاله رحمه الله:
(وفي بندر جدة، ما قد بلغ من الضلال حدّه، وهو القبر الذي يزعمون أنه قبر حواء وصنعه لهم بعض الشياطين، وأكثروا في شأنه الإفك المبين، وجعلوا له السدنة والخدام وبالغوا في مخالفة ما جاء به محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، من النهي عن تعظيم القبور، والفتنة بمن فيها من الصالحين والكرام، وكذلك مشهد العلوي بالغوا في تعظيمه، وتوقيره، وخوفه، ورجائه.
وكذلك الموصل، وبلاد الأكراد ظهر فيها من أصناف الشرك والفجور والفساد.. فعندهم المشهد الحسيني قد اتخذه الرافضة وثناً بل رباً مدبراً وخالقاً ميسراً، وأعادوا به المجوسية، وأحيوا به معاهد اللات والعزى، وما كان عليه أهل الجاهلية الأولى وكذلك مشهد العباس، ومشهد علي ومشهد أبي حنيفة ومعروف الكرخي والشيخ عبد القادر فإنهم قد افتتنوا بهذه المشاهد رافضتهم وسنتهم.
والرافضة يصلون لتلك المشاهد ويركعون ويسجدون لمن في تلك المعاهد، وقد صرفوا من الأموال والنذور لسكان تلك الأجداث والقبور ما لا يصرف عشر معشاره للملك العلي القدير ) (1).
وهذه البدع والشركيات قد أنكرها أهل العلم، وليس إنكار الشيخ الإمام بدعاً في هذا الأمر.. يقول الشيخ عبد اللطيف مبيناً ذلك:
(وهذه الحوادث المذكورة والكفريات المشهورة والبدع المزبورة قد أنكرها أهل العلم والإيمان، واشتد نكيرهم، حتى حكموا على فاعلها بخلع ربقة الإسلام والإيمان ولكن كان الغلبة للجهال والطغام انتقض عرى الدين وانثلمت أركانه.
فليس إنكار الحوادث من خصائص هذا الشيخ، بل له سلف صالح من أئمة العلم والهدى، قاموا بالنكير والرد على من ضل وغوى وصرف خالص العبادة إلى من تحت أطباق الثرى ..) (2).
ومن المناسب أن ننقل ما سطره المؤرخ الشهير ابن بشر رحمه الله عن بعض الأعمال التي قام بها الإمام سعود بن عبد العزيز في هذا المقام.
(ففي حوادث سنة 1216هـ حين توجه سعود بالجيوش إلى كربلاء، فهدم القبة الموضوعة على قبر الحسين) (3).
(وفي حوادث سنة 1217هـ حين دخل سعود مكة، وطاف وسعى، فرق جيوشه يهدمون القباب التي بنيت على القبور والمشاهد الشركية، وكان في مكة من هذا النوع شيء كثير في أسفلها، وأعلاها، ووسطها، وبيوتها).
ثم يقول ابن بشر:
(فأقام فيها أكثر من عشرين يوماً، ولبث المسلمون في تلك القباب بضعة عشر يوماً يهدمون، يباكرون إلى هدمها كل يوم، وللواحد الأحد يتقربون، حتى لم يبق في مكة شيء من تلك المشاهد، والقباب إلا أعدموها وجعلوها تراباً)(4).
ويصف الشيخ الشثري شد الرحال إلى المشاهد بأنه من محدثات الأمور.. فيقول:
(قد علم بالضرورة من دين الإسلام أن شد الرحال إلى المشاهد، وإلى قبور الأنبياء، والصالحين، لأجل تعظيمهم ليس من عمل المصطفى، ولا من عمل الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان، بل هو مبتدع محدث مردود على صاحبه بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد(1)) (2).
ويفند السهسواني دعاوى دحلان، ويكشف الصواب في هذا المقام فيقول رحمه الله:
(قوله أي دحلان: - والزيارة شاملة للسفر، لأنها تستدعي الانتقال من مكان الزائر إلى مكان المزور كلفظ المجيء الذي نصت عليه الآية الكريمة) (3).
أقول: هب أن الزيارة مطلقة شاملة للسفر، ولكن قوله صلى الله عليه وسلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى) مقيد لذلك الإطلاق، على أن لفظ الزيارة مجمل كالصلاة والزكاة والربا. فإن كل زيارة قبر ليست قربة بالإجماع للقطع بأن الزيارة الشركية والبدعية غير جائزة، فلما زار النبي صلى الله عليه وسلم القبور وقع ذلك الفعل بياناً لمجمل الزيارة، ولا يثبت السفر من فعله صلى الله عليه وسلم، مع أن الخروج إلى مطلق المسجد أيضاً شامل للسفر وهو قربة..، فيكون السفر إلى مسجد غير المساجد الثلاثة أيضاً قربة، والخصم أيضاً لا يقول به، وكذلك الصلاة والذكر شاملان لجميع الصلوات المبتدعة والأذكار المبتدعة، فلو سوغ الاستدلال بمثل تلك الإطلاقات، للزم جواز تلك الصلوات المبتدعة والأذكار المحدثة) (4).
ثم يرد السهسواني قول دحلان: (وقد صح خروجه صلى الله عليه وسلم لزيارة قبور أصحابه بالبقيع، وبأحد، فإذا ثبت مشروعية الانتقال لزيارة قبر غير قبره صلى الله عليه وسلم فقبره الشريف أولى).
فيقول السهسواني مجيباً: -
(أقول: الثابت بالحديث المذكور إنما هو مشروعية الانتقال الذي هو دون السفر للزيارة، ولم ينكر أحد، والانتقال الذي تنكر مشروعيته هو السفر، وهو ليس بثابت) (5).
ثم يبطل السهسواني قاعدة دحلان: أن وسيلة القربة المتوقف عليها قربة .. لكي يجوّز دحلان من خلالها شد الرحال لزيارة القبور .. فأبطلها السهسواني من عدة أوجه، نذكر منها ما يلي:
الأول: أن هذه القاعدة في أي كتاب من كتب الأصول والفقه ؟ وما الدليل عليها من الكتاب والسنة ؟ ولابد من نقل الإجماع عليها.
الثاني: أن هذه القاعدة منقوضة بأن إتيان مسجد قباء والصلاة فيه ركعتين قربة. لما روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء كل سبت ماشياً وراكباً ويصلي فيه ركعتين. مع أن السفر إلى قباء ليس بقربة، فإنه سفر إلى مسجد غير المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال.
الثالث: أنا لا نسلم أن مطلق زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم قربة، بل القربة هي الزيارة التي لا يقع فيها شد رحل بدليل حديث (لا تشد الرحال ).
الرابع: أنه لو سلم كون مطلق زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم قربة، فلا نسلم كونها متوقفة على السفر للزيارة، لجواز أن يسافر لزيارة المسجد النبوي، أو أمر آخر من التجارة وغيرها.
الخامس: أنه لو سلمت هذه القاعدة فهي إنما هي وسيلة لم ينه الشرع عنها، والسفر للزيارة قد نهى الشارع عنه بدليل (لا تشد الرحال) (1).
(3) انظر : المرجع السابق، ص 216، 229.

(4) المرجع السابق، ص 241، وانظر : ص 242 245.

(5) المرجع السابق، ص 246.

(1) وقد ذكر صاحب (التوضيح) تلك الأحاديث، وقد سبق إيرادها نقلاً عن دحلان.

(2) (التوضيح عن توحيد الخلاق)، ص 251، 252 باختصار.
وانظر : باقي الأوجه ص 252، 253.

(3) (تيسير العزيز الحميد)، ص 221

(4) (مجموعة الرسائل والمسائل) 2/41 بتصرف يسير.

(1) المرجع السابق، ص2/51.
وانظر : جواباً أخر للشيخ عبد الرحمن بن حسن في نفس الكتاب 4/390، 393.

(2) (البراهين الإسلامية)، ق39.

(1) (مجموعة الرسائل والمسائل) 3/387 باختصار.

(2) المرجع السابق، 3/388، 389، باختصار.
وانظر : المرجع السابق 3/397، 450، وانظر : كتاب (مصباح الظلام)، ص 314.

(3) (عنوان المجد في تاريخ نجد) 1/257 بتصرف.

(4) المرجع السابق، 1/263.
وقد ذكر الجبرتي قريباً من ذلك.
انظر : كتاب (من أخبار الحجاز ونجد في تاريخ الجبرتي)، لمحمد غالب، إشراف دار اليمامة للبحث الرياض، سنة 1395هـ، ص11.

(1) رواه البخاري ومسلم.

(2) (تأييد الملك المنان)، ق4.

(3) أي قوله تعالى : ) ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله، واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً ( {سورة النساء: آية 64}.

(4) (صيانة الإنسان)، ص76.

(5) المرجع السابق، ص77.

(1) المرجع السابق، ص 77 79 باختصار.