المحاضن التربوية.. ضرورة لا غنى عنها
بالرغم من أهمية التربية الذاتية إلى أقصى مدى الأهمية، إلا أنها -وحدها- لا تُنشئ كياناً سوياً للإنسان، ولا تصقل شخصيته وتبرز مواهبه، لأن هناك جوانب وقدرات ومواهب في النفس البشرية، لا تنضج ولا تبرز ولا تثبت إلا في داخل جماعة صالحة.
كما أن هذه الجماعة ضرورة لعلاج معظم السلبيات التربوية التي تبدو وتظهر على كثير من شباب الإسلام بفعل إفراز أوضاع بعض المجتمعات الإسلامية وبيئتها الثقافية والإعلامية والاجتماعية.. ، ومعالجة تلك السلبيات تتطلب التربية وسط جماعة صالحة.
وهذه الجماعة ينبغي أن تكون واعية جادة قوية تُعنى بمعالي الأمور، ولا تبدد طاقات الشباب وتستهلك قدراتهم وهممهم في أنشطة وفعاليات ليس لها كبير فائدة، وقد يُذهب المداومة عليها حلاوة الإيمان ويضعف جذوته في نفوسهم.
وهذه البيئة الصالحة، ينبغي أن يكون من أهم أهدافها، تقويم ما قد يكون في الشخص من انحراف، وتثبيت ما تجد فيه من استقامة، وتشجيعه إذا فتر، والوقوف معه إذا ضعف، كي لا يكون عرضة للانحراف عندما تضغط الظروف والفتن على المشاعر والوجدان، فالإنسان قليل بنفسه، كثير بإخوانه.
ومن هنا كانت الحاجة إلى وجود جماعة أو مؤسسة تربوية، يتربى فيها المسلم تربية جادة، إذ لا يمكن للإنسان أن يتربى تربية حقيقية متكاملة إلا في وجود جماعة صالحة.
ولأجل هذه المعاني وغيرها، فقد اتخذ -صلى الله عليه وسلم- من دار الأرقم بن أبي الأرقم مكاناً يجتمع فيه مع من آمن من أصحابه رضي الله عنهم، لتكون المحضن التربوي لبناء النفس وتربيتها، ثم انطلاقها في المجتمع تُصلح وتبلغ دين الله تعالى..
|