
22-08-2010, 05:55 PM
|
|
عضو سوبر
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 684
معدل تقييم المستوى: 17
|
|
حوار مع المشير الجمسي
المشير عبدالغني الجمسي: اختلفت والشاذلي حول الثغرة لكن رواية انهياره غير صحيحة
في حوارعسكري بمناسبة مرور 25 سنة على حرب أكتوبر 1973.. أكد المشير محمد عبدالغني الجمسيانه لن يكون هناك سلام مع اسرائيل وان الصراع بينها وبين العرب صراع وجود لا صراعحدود. وقال انه يتوقع استئناف الحرب بين الطرفين في أي وقت ونفى أن تكون حرب أكتوبرهي آخر الحروب
. وأوضح الجمسي ان قرار الرئيس المصري الراحل أنورالسادات بتخفيض قواتنا المسلحة في الضفة الشرقية طبقا لاتفاقية السلام مع اسرائيلكان خطأ كبيرا وقال: (لقد حزنت حزنا شديدا لهذا الأمر ولكني لم أبك) .. وتحدثالجمسي عن الثغرة ولماذا وكيف حدثت وأكد على اختلاف وجهة نظره مع الفريق سعد الدينالشاذلي حول كيفية القضاء على الثغرة.. وتناول قضايا أخرى في هذا الحوار معه.
1973 .. عام مصيري
كيف اتخذ قرار حرب أكتوبر.. هل اتخذهالرئيس السادات بمفرده أم اشتركتم معه في اتخاذه؟ ــ منذ أن تولى الرئيس الساداتالحكم كان يجتمع مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة تباعا بحكم مسؤوليته كرئيس للدولةوقائد أعلى للقوات المسلحة. وفي هذه اللقاءات كان يشرح لنا أبعاد السياسة المصريةوباقي السياسات الأخرى مثل سياسة اسرائيل والولايات المتحدة. وأتذكر انه في يوم 24أكتوبر 1972 في جلسة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في مكتبه بالجيزة, قال: إنالجهود السياسية تعثرت وتكاد تكون توقفت ولا بد أن نخطط ونرسم بما لدينا من أسلحةلشن الحرب في أول فرصة ممكنة. وأتذكر تماما انه قال: (إذا لم نحارب في عام 1973ستنهار القضية العربية وتتآكل حتى تموت) ..
قرار الحرب
أماقرار الحرب (فعلا) فقد صدر مكتوبا يوم أول أكتوبر سنة 1973 الموافق الخامس من رمضانفي اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة وسلم هذه الوثيقة الرسمية للفريق أول أحمدإسماعيل. ونص القرار على أن القوات المسلحة المصرية عليها أن تتحدى نظرية الأمنالاسرائيلي وذلك بالقيام بعمل عسكري في حدود قدراتها وامكانياتها لاشعار اسرائيل أنوجودها في سيناء ليس درعا من الفولاذ يحميها في ذلك الوقت أو المستقبل. ثم أعقبهقرار آخر تكملة للقرار السابق يوم الخامس من أكتوبر الموافق التاسع من رمضان, وبهبعض التفصيلات الأخرى التي تكمل القرار السابق وهي خاصة بكسر وقف اطلاق النارباعتباره عملا سياسيا وليس عسكريا وأن تقوم القوات المسلحة المصرية بهذا الهجوم علىاسرائيل.
لا سلام ... بدون حرب
هل كانت لديكم أهدافا محددةلهذه الحرب.. أم انها فقط خطوة عسكرية لاجبار اسرائيل على التفاوض.. وهل حققت الحربأهدافها في رأيك؟ ــ إن تحدي نظرية الأمن الاسرائيلي هي مشكلتنا ومشكلة اسرائيل.. فهي تعتمد على التوسع على حساب الدول العربية وبقائها في سيناء فوق الأراضي التياحتلتها والأراضي العربية الأخرى.. ولذلك كان لابد أن نقوم بعملية عسكرية اسمها (بدر) والتي بناء عليها يتحقق الهدف السياسي لأن هزيمة العدو يترتب عليها أن يجنحويرضخ ويأتي للتفاوض.. فنحن نحاربه منذ أربعين عاما.
هل يمكن للحرب معاسرائيل أن تحقق ما لم يحققه السلام؟ ــ أبدا.. الحرب مع اسرائيل تحقق الهدفالسياسي الذي نسعى إليه فقط وإنما اسرائيل بدون حرب لا يمكن أن تسالم لانها تتبنىالتوسع على حساب الدول العربية المحيطة بها.. وعقيدتها في عملها العسكري تتبنى أنتكون لديها قوات مسلحة تفوق القوات المسلحة لجميع الدول العربية المجاورة لها. - ماذا تذكر من بطولات أكتوبر؟ ــ هناك عقيد يدعى إبراهيم رفاعي من قوات الصاعقة قامبعمليات فدائية كثيرة فترة السنوات العجاف التي مرت بها مصر بين حرب يونيو ,67 وحربأكتوبر 1973.. وفي حرب أكتوبر كلفه الفريق أول أحمد إسماعيل بمهمة لم يتمكن منتنفيذها فاستشهد في أرض المعركة.. وكان مثالا رائعا في البطولة والفداء بالقواتالمسلحة المصرية.. وتكريما لشجاعته ــ عندما كنت وزيرا للحربية ــ أطلقت اسمه علىإحدى الدفع التي تخرجت من الكلية الحربية.
أهداف الخطة (بدر) - ما هيالملامح الرئيسية التي وضعتموها كخطة لحرب أكتوبر؟ ــ على ضوء الاستراتيجيةالعسكرية الاسرائيلية والاستراتيجية العسكرية المصرية, وضعت مصر خطتها للهجوم فيحرب أكتوبر وأيضا سوريا. وقد تم الاتفاق على تعاون القوات في الجبهتين المصريةوالسورية تحت قيادة قائد عام واحد ــ القائد العام للقوات المصرية ــ وأطلق علىالخطة المشتركة اسم (بدر) . وكانت فكرة الخطة تقتضي أن تقوم القوات الجوية فيالدولتين بتوجيه ضربة جوية في وقت واحد ضد الأهداف العسكرية المعادية في سيناءوالجولان.. وتحت ستر تمهيد نيراني بالمدفعية في كل من الجبهتين, تقوم القواتالمصرية بالهجوم مع اقتحام قناة السويس, وتقوم القوات السورية بالهجوم في الجولان. وكان مقدرا أن القوات السورية يمكنها تحرير الجولان خلال (4 ــ 5) أيام وتستمر فيتأمينها حتى تصل القوات المصرية إلى الأهداف الاستراتيجية المحددة لها في سيناء. وكانت فكرة الخطة المصرية هي اقتحام قناة السويس بالجيش الثاني والثالث على طولمواجهة القناة (حوالي 175 كيلو مترا) وانشاء رؤوس كباري جيوش تشمل خمس فرق وقوةقطاع بور سعيد بعمق 15ــ20 كيلو مترا مؤمنة بواسطة قوات الدفاع الجوي وبعد (وقفةتعبوية أو بدونها) يتم تطوير الهجوم شرقا حتى خط المضايق الجبلية لاحتلاله والتشبثبه وتأمينه. وبذلك تصبح القوات الاسرائيلية في أرض مكشوفة في وسط سيناء لا تتمكن منانشاء خطوط دفاعية بها للعوامل الطبوغرافية من جهة وعدم قدرتها على توفير القواتاللازمة لها لذلك من جهة أخرى.. وتعرضها للهجمات المصرية التالية ــ شرق المضايق ــحسب تطور الموقف. وطبقا لفكرة الخطة, تقوم القوات البحرية بتأمين سواحلنا البحريةوالتعرض لخطوط المواصلات البحرية الاسرائيلية في مضيق باب المندب لايقاف الملاحة منوإلى إيلات مما يؤثر على اقتصاد اسرائيل وحرمانها من الامداد بالبترول من إيران.. وتنفيذا لهذه الفكرة كان علينا التغلب على كل المشاكل التي تواجه القوات المسلحةتخطيطا وتنفيذا. - ما هي الاجراءات الخداعية التي اتخذتموها كي لا يكتشف العدوالاسرائيلي موعد بداية الحرب؟ ــ لقد كانت قواتنا في منطقة القناة على اتصال بالعدوحيث لا يفصلها عنه سوى حوالي 200 متر وهو عرض القناة. كما ان القوات في الجبهةالسورية تتواجد تحت الملاحظة المستمرة من جانب العدو الذي يحتل المرتفعات السورية . ومعنى ذلك ان العدو يسهل عليه اكتشاف أي تغيير جوهري في حجم القوات أو استعدادهاللحرب في الجبهتين أو إحداهما, وهذا يوضح صعوبة تحقيق المفاجأة في هذه الحالة. وكانت هناك صعوبة أخرى في تنفيذ الاجراءات الخداعية بحيث تبدو للعدو حقيقية وبحيثتقتنع القوات أو الجهات التي تقوم بتنفيذها بأنها حقيقية دون أن تعلم انها خداعية. لذلك فقد وضع خطة المفاجأة عدد محدود جدا من ضباط هيئة عمليات القوات المسلحة وكتبتبخط اليد كخطة العمليات تماما واشتملت على اجراءات وأعمال كثيرة متنوعة بحيث تتكونصورة متكاملة أمام العدو ان قواتنا في مصر وسوريا ليس لديها نية الهجوم, بل نعمللتقوية دفاعاتنا واستعدادنا ضد هجوم اسرائيلي محتمل.
تمويه وتغريروكانت الخطوة الأولى هي عمل مشروع تدريبي تشترك فيه كل أفرع القوات المسلحة والجيوشوالمناطق العسكرية وتحت ستارة تنفيذ اللمسات الأخيرة استعدادا للهجوم بحيث يتحولالمشروع التدريبي إلى حرب حقيقية طبقا لخطة العمليات.. ولم تصدر أي قيود على القواتالمسلحة بحيث يبدو انه تدريب عادي وكان يهمنا أن تعلم اسرائيل بهذا التدريب وهو ماتم فعلا. وقد سبق لقواتنا أن قامت بتدريب واسع في النصف الأول من عام 1973 اضطرتاسرائيل ــ تفاديا للمفاجأة ــ أن تعلن التعبئة الجزئية وتضع قواتها في درجةاستعداد عالية الأمر الذي كلفها ملايين الدولارات وقد أسعدنا ذلك حتى تتعود اسرائيلعلى ان المشروع التدريبي الذي سيتحول إلى حرب حقيقية إنما هو تكرار لمشروعاتتدريبية سابقة ويصبح الأمر عاديا. وقد ثبت فيما بعد أن تحليل المخابرات الاسرائيليةهو ان ما نقوم به خلال الاسبوع الأول من أكتوبر 1973 هو مجرد مناورة عادية للتدريب.
مفاجأة غير سارة وللتعرض لخطوط المواصلات البحرية الاسرائيلية في مضيقباب المندب بواسطة البحرية المصرية, كان لابد أن تصل المدمرات إلى منطقة عملها قبلظهر يوم السادس من أكتوبر.. لذلك قمنا في وقت مبكر خلال عام 73 بالاتصال بإحدىالدول الآسيوية الصديقة لقبول هذه القطع البحرية للاصلاح في ورشها. وبعد أن وصلتناالموافقة, تمت الاتصالات مع السودان واليمن الجنوبية للحصول على موافقة كل منهمالتقوم مدمراتنا بزيارة ميناء بورسودان وعدن زيارة ودية ووضع برنامج الرحلةوالزيارات بحيث تتواجد المدمرات في مضيق باب المندب صباح يوم السادس من أكتوبرلتبدأ تنفيذ مهمتها. وللمحافظة على سرية الهدف من الزيارة ومهمة القتال, فقد تأكدتقيادة القوات البحرية بأن المدمرات أبحرت مستعدة تماما للقتال وعندما حان الوقتالمناسب أثناء الرحلة البحرية فتح قائد القوة مظروفا سريا وجد به تعليمات القتالللتعرض لخطوط المواصلات البحرية الاسرائيلية في المضيق وهو ما تم تنفيذه بكفاءة. وكانت هذه المهمة الاستراتيجية مفاجأة غير سارة لاسرائيل ولم يكن أمامها إلا أنتقتنع بأن تمسكها بشرم الشيخ لتأمين الملاحة البحرية في مضيق خليج العقبة إلى إيلاتلا قيمة له وسقطت دعواها في هذا الشأن.
الاعلان عن العمرة وقبيل شهررمضان أعلنت وزارة الحربية في الصحف وداخل القوات المسلحة عن فتح باب قبولالعسكريين لأداء العمرة, وصدرت التعليمات للقوات بقبول طلبات من يرغب بنفس الأسلوبالذي يتبع سنويا. ومن المعروف ان اسرائيل تحصل على الصحف المصرية عن طريق أوروباكما كنا نحصل على الصحف الاسرائيلية. ولذلك كان الخبر الذي نشر في الصحف المصريةرسالة مفتوحة لاسرائيل والسفارات الأجنبية في مصر ان استعدادنا للهجوم ليس واردا فيذلك الوقت.
الثغرة - لماذا حدثت الثغرة وكيف حدثت؟ ــ لقد كان واجباعلينا أن نعالج موضوع الثغرة شرحا وتوضيحا لها بطريقة موضوعية عن طريق وسائلالاعلام المصرية أثناء القتال وبعد الحرب مباشرة ولكننا لم نفعل الأمر الذي أدى إلىاهتمام المواطنين بهذه المعركة وكأن الأمر شيئا غير مطلوب الافصاح عنه. وبدلا منذلك أدلى الرئيس السادات بتصريحات عن الثغرة أعطت الانطباع بأن الفريق سعد الدينالشاذلي لم يبذل الجهد الكافي أثناء وجوده في جبهة القناة خلال فترة الثغرة, فازدادالرأي العام اهتماما بالموضوع. وقد شجع اسرائيل على القيام بتلك المغامرة, المعوناتالعسكرية التي قدمتها لها أمريكا منذ يوم السادس من أكتوبر بناء على تقييم للموقفالعسكري بواسطة خبراء البنتاجون (وزارة الدفاع الأمريكية) في نفس اليوم ومساهمة فيالتخطيط العسكري يوم الثامن من أكتوبر, وجسر جوي أمريكي بطائرات نقل عسكرية ينقللاسرائيل احتياجاتها من الدبابات والطائرات وكافة الأسلحة منذ يوم 14 أكتوبر وحتىنهاية الحرب. لكل ذلك كان لابد لاسرائيل أن تثبت لأمريكا قدرتها على العمل العسكريبعد كل هذه المساعدات حتى لا تفقد دورها في خدمة السياسة الأمريكية في الشرقالأوسط. وفي البداية فشلت محاولات شارون لانشاء معبر حتى مساء يوم 15ــ16 أكتوبرنتيجة المقاومة الشديدة من الفرقة 16 مشاة.. ثم اشتد القتال صباح يوم 16 واشتعل فيميدان المعركة الرئيس شرق الدفرسوار في سيناء وفي معركة المزرعة الصينية شمال شرقالدفرسوار حتى أقيم المعبر يوم 17 بعد اقحام القيادة الاسرائيلية فرقة مدرعة جديدةبقيادة الجنرال آدان لفتح ممر شمال البحيرات المرة خلف قوات فرقة شارون حتى يمكنتوصيل معدات المعبر إلى الضفة الشرقية للقناة بعد أن فشل شارون في تنفيذ هذهالمهمة. وبعد أن تمكن العدو من انشاء كوبري في منطقة الدفرسوار ازداد تدفق قواتهالمدرعة غربا وأصبحت له المبادأة في القتال واتجهت قوات شارون شمالا في اتجاهالإسماعيلية في محاولة لدخول المدينة حتى يكون لذلك تأثيره السياسي الكبير وفي نفسالوقت تهديد مؤخرة قوات الجيش الثاني الذي كان يتولى قيادته في ذلك الوقت اللواءعبدالمنعم خليل. وقد واجهت قوات الجيش هذا الهجوم وأمكنها ايقاف تقدم شارون وحرمتهمن تحقيق هدفه السياسي العسكري. ولكن خلال يومي ,19 20 أكتوبر تقدمت قوات العدوالمدرعة غربا وجنوبا في اتجاه فايد في ظل تفوق جوي اسرائيلي. ونظرا لهذا التفوقالبري والجوي الذي أصبح للعدو في غرب القناة كما ان المبادأة أصبحت من جانبه, كانمن الضروري وضع الفرقة الرابعة المدرعة تحت القيادة المباشرة للقيادة العامة حتىيمكن استخدامها ــ باعتبارها القوة الرئيسية ــ اما في قطاع الجيش الثاني أو الثالثحسب تطور الموقف.
السادات والخلاف مع الشاذلي وعلى ضوء هذه التطوراتحضر السادات إلى مركز العمليات, وبعد أن استمع إلى تقرير عن الموقف من الفريق أولإسماعيل تقرر إيفاد الفريق الشاذلي إلى قيادة الجيش الثاني للعمل على منع تدهورالموقف وذلك باتخاذ الاجراءات للقضاء على قوة العدو غرب القناة ومحاولة غلق الثغرةفي شرق القناة وهي كلها في قطاع الجيش الثاني. –
وماذا عن الخلاف الذي نشب بينالفريق الشاذلي وبينكم حول كيفية القضاء على الثغرة؟
ــ كان الفريق الشاذلي فيقيادة الجيش الثاني بعد ظهر يوم 18 أكتوبر وكنت على اتصال مستمر معه لتبادلالمعلومات والآراء.. وبعد أن ألم بالموقف تماما كان رأيه هو ضرورة سحب أربعة لواءاتمدرعة من الشرق إلى الغرب خلال الـ 24 ساعة التالية للدخول في معركة ضد قوات العدووان ذلك من وجهة نظره لا يؤثر على كفاءة دفاعاتنا في الشرق, كما كان يرى ان الموقفخطير ويجب طلب حضور رئيس الجمهورية لشرح الموقف أمامه. اتصل وزير الحربية أحمدإسماعيل بالسادات فجاء إلى مركز العمليات الساعة العاشرة والنصف مساء يوم 20أكتوبر, كان الفريق الشاذلي واللواء حسني مبارك (حينها) واللواء علي فهمي وأناواللواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية واللواء سعيد الماحي مدير المدفعيةمجتمعين في غرفة المؤتمرات داخل مركز العمليات. واجتمع السادات مع الفريق أول أحمدإسماعيل على انفراد لمدة ساعة قبل بدء الاجتماع الموسع, ثم دخل ومعه الوزير أحمدإسماعيل والمهندس عبدالفتاح عبدالله وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية غرفةالمؤمرات. وطلب الرئيس رأي المجتمعين واحدا بعد الآخر, وبعد أن استمع الرئيس لرأيباقي القادة لاحظت ان الفريق الشاذلي لم يتكلم وقرر الرئيس (عدم سحب أي قوات منالشرق مع احتواء قوات العدو في الغرب) . - وماذا كان تعليق الفريق الشاذلي؟ ــ لقدفسر الشاذلي الموقف الذي اتخذه بعدم ابداء رأيه في المؤتمر ــ كما جاء في مذكراتهبقوله: (.. طلب الرئيس الكلمة من المجتمعين واحدا بعد الآخر وقد قام كل منهم بشرحموقف القوات بأمانة تامة. وبعد أن استمع إليهم جميعا لم يطلب مني الكلمة وعلققائلا: (لن نقوم بسحب أي جندي من الشرق) , لم أتكلم ولم أعلق.. غمزني المهندسعبدالفتاح عبدالله وهمس في أذنى (قل شيئا) ولكني تجاهلت نصيحته ــ ماذا أتكلم وقداتخذ الرئيس القرار ولا يريد أن يسمعني ــ انني أريد أن أسحب أربعة ألوية مدرعة منالشرق, وهو يعارض سحب جندي واحد.. انه لم يتخذ هذا القرار عن جهل بل عن معرفة تامةبالموقف. وهذا هو قراره. وما زلت أقول ان القرار من وجهة نظري ــ كان صحيحا وسليما.
الشاذلي لم ينهار - لقد وصف السادات الفريق سعد الشاذلي عند عودته منالجبهة يوم 20 أكتوبر (بعد الثغرة) بأنه كان منهارا في كتابه البحث عن الذات.. فهلهذا صحيح؟ ــ هذا الكلام ليس صحيحا, فلقد عاصرت الفريق الشاذلي خلال الحرب, وقامبزيارة الجبهة أكثر من مرة.. وكان بين القوات في سيناء وأقرر انه عندما عاد منالجبهة يوم 20 أكتوبر لم يكن منهارا كما وصفه الرئيس السادات في مذكراته.. ولا أقولذلك دفاعا عن الفريق الشاذلي, ولا مضادا للرئيس السادات ولكنها الحقيقة أقولهاللتاريخ. فلقد كان هناك خلاف في فكر رئيس الأركان وفكر القائد العام على الطريقةالتي نواجه بها موقفا عسكريا أمامنا وهذا واجب وحق لكل مسؤول في جهاز القيادة أنيبدي رأيه واقتراحه في الموقف.. ولكن القرار في النهاية الذي يتحتم على الجميعالالتزام به هو قرار القائد العام المسؤول عن إدارة العمليات.
هل صحيح انك بكيت عند توقيع اتفاقية فض الاشتباك بسبب تخفيض عدد قواتنافي سيناء كما جاء في كتاب الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل؟ ــ لم أبك ولكن أغرورقتعيناي بالدموع.. فأثناء مفاوضات فض الاشتباك بين مصر واسرائيل كان هنري كيسنجر وزيرخارجية الولايات المتحدة حينها يعمل بسياسة (المكوك) وأثناء المفاوضات المصرية ــالأمريكية في أسوان وكان الوفد المصري برئاسة المرحوم إسماعيل فهمي وزير الخارجيةالأسبق... ودار الحديث بيني وبين كيسنجر عن تخفيض القوات المصرية في الضفة الشرقيةللقناة بعد إيقاف اطلاق النار فرفضت رأي كيسنجر.. ولم أوافق على تخفيض عدد قواتنا.. ففاجأني بأنه اتفق مسبقا قبل المؤتمر مع الرئيس السادات على هذا التخفيض فشعرتبالضيق الشديد وأصرّيت على رفضي.. وبعد انتهاء المؤتمر توجهت إلى السادات لسؤاله عنحقيقة الاتفاق الذي أبرمه مع كيسنجر عن تخفيض القوات المصرية.. ففاجأني بأنه وافقعلى هذا التخفيض.. فأبديت له وجهة نظري من الناحية العسكرية ان هذا يهدد موقفقواتنا في الضفة الشرقية إذا ما استؤنف القتال مرة أخرى وطلبت منه استدعاء الفريقأول أحمد إسماعيل وزير الحربية حينها والقائد العام للقوات المسلحة ــ وكنت أنارئيس الأركان ــ للحضور وأخذ رأيه في هذا الموضوع فرفض السادات وصمم على تنفيذ رأيهمع كيسنجر وهذا ما تم.. وكنت قد تركت المؤتمر دون استئذان وتوجهت ناحية الحمام فيحالة ضيق شديد عبر عنها الكاتب الكبير حسنين هيكل بأنني بكيت ولكن الحقيقة انني لمأبك ولكني كنت حزينا جدا من هذا القرار. –
هل كان من حق الرئيس السادات أن يتخذ مثلهذا القرار رغم رفضكم كعسكريين.. وما تقييمك لهذا القرار؟ ــ
هذا قرار خطأ عسكريا.. ولكنه كان قد اتفق مع كيسنجر على عمل سياسي في منطقة الشرق الأوسط لتقريب وجهاتالنظر السياسية بين مصر واسرائيل.. وهو ما تبلور في النهاية في صورة اتفاق سياسينهائي مع اسرائيل عن طريق أمريكا.
الحرب مع اسرائيل قادمة - هل تتوقعحربا قادمة مع اسرائيل؟ ــ
هذا السؤال يحتاج إلى معلومات دقيقة كي تكون الاجابةصحيحة.. وهي غير متوفرة لدي. - لقد قلت للسادات ان تخفيض قواتنا خطر علينا إذا مااستؤنفت الحرب.. فهل هذا يعني انك متوقع استئنافها مرة أخرى؟ ــ أنا متوقع استئنافالقتال بين اسرائيل ومصر في كل وقت منذ انشاء دولة اسرائيل حتى اليوم وغدا.. ولاأصدق اطلاقا ان هناك سلاما سيتم بين بنيامين نتانياهو والدول العربية - ولكنك فيبداية عملية السلام.. كنت من المؤيدين لها الآن أنت من المتشائمين تجاهها.. لماذا؟ــ أنا لم أقل انني متفائل أبدا ومنذ بداية عملية السلام.. وأصبحت من المتشائمينبنتائج محادثات السلام لان بنيامين نتانياهو منذ أن أصبح رئيسا للوزراء فياسرائيل.. صرح كثيرا بسياسته التي تعتمد على اللاءات الثلاثة: لا للدولةالفلسطينية, ولا اعادة للجولان لسوريا, والثالثة تظل القدس موحدة عاصمة أبديةلاسرائيل فإذا ما كانت هذه هي سياسته.. على ماذا يتفاوض نتانياهو وعلى ماذا يتفاوضالفلسطينيون حاليا! لا أفهم! - وهل يمكن تحقيق سلام عادل في ظل عدم وجود توازناستراتيجي في المنطقة؟ ــ لا يمكن .. ولكن اسرائيل تتمنى أن يكون هناك سلام فيالمنطقة بشرط أن يكون لديها الأسلحة الذرية والتفوق العسكري على الدول العربية (مجتمعة) هذا هو هدفها في المنطقة وبالتالي يمكنها السيطرة على الدول العربيةوالمنطقة وهنا ستكون السيطرة سياسية وعسكرية و(اقتصادية) وهي الأهم.
الاستنزاف كانت ضرورية - يرى الكاتب الكبير نجيب محفوظ ان حربالاستنزاف كانت إحدى (الايجابيات السلبية) لعهد عبدالناصر.. ما رأيك في هذهالمقولة؟ ــ هي جزء من السنوات الست العجاف التي مرت بين حرب يونيو 1967 وأكتوبر 1973 وهذه الفترة التي بدأت بمرحلة الدفاع, ثم مرحلة الدفاع النشط ثم مرحلةالاستنزاف التي كان الغرض منها (تطعيم) قواتنا المسلحة واعدادها للمعركة.. فلقدكانت جزءا من بناء القوات المسلحة. وتعتبر أطول حرب نشبت بين مصر واسرائيل فقداستمرت لمدة عام ونصف.. من مارس 1969 حتى أغسطس ,1970 استخدمت فيها القوات البريةوالجوية والبحرية والدفاع الجوي, وكان لهذه الحرب هدفها السياسي واستراتيجيتهاالعسكرية وعملياتها ذات الطابع الخاص وتكتيكات تنفيذها كمرحلة من مراحل الصراعالمسلح بين مصر واسرائيل في فترة ما بعد هزيمة يونيو وهي تختلف عن الحرب الشاملة. ومن المعروف ان استراتيجية حرب الاستنزاف من الاستراتيجيات المعترف بها في العلمالعسكري, ففي بعض الظروف السياسية والاستراتيجية عندما لا تتوفر القدرة على الحركةالسريعة أو يتأخر توفرها مع وجود عوامل أخرى قد تسبب تأخير العمل العسكري المباشرتصبح استراتيجية (الصراع طويل الأمد) هي استراتيجية ملائمة في مثل هذه الظروف. وبرغم ان بعض الآراء اعتبرت حرب الاستنزاف عملا ضارا لم يحقق الفائدة إلا انني أرىان هذه الحرب كانت ذات فائدة عظيمة, وان وقوعها كان هو التمهيد العملي الضروري الذيساعد على أن يصبح قرار حرب أكتوبر 1973 أمرا ممكنا.
سقوط الهالةالاسرائيلية - ماذا تعني لك حرب أكتوبر بعد مرور ربع قرن عليها؟ ــ تعني مرحلة منمراحل الصراع العربي الاسرائيلي الذي بدأ في عام 1948 حتى اليوم وما زال باقيا رغمما يقولونه عن السلام بين مصر واسرائيل. وحرب أكتوبر بالنسبة لي هي الحرب الأولىالتي انتصر فيها العرب وحققت هدفا سياسيا واستراتيجيا رئيسيا وهو تحطيم نظرية الأمنالاسرائيلي في هذه الحرب.. وكما قال وزير الدفاع الأمريكي جيمس شلزنجر تعليقا علىحرب أكتوبر: (لقد سقطت نظرية الأمن الاسرائيلي وأصبحت هالة الدولة التي لا تقهرموضع شك) وهذه هي قيمة حرب أكتوبر وتعتبر درسا للجيل الجديد في الصراع العربيالاسرائيلي يأخذ منه الدروس المستفادة لأي معركة مقبلة مع اسرائيل. - موشي دايانقال: ان حرب يونيو 1967 هي آخر الحروب. وقال الرئيس السادات انه يأمل ويتمنى ان حربأكتوبر 1973 تكون هي آخر الحروب.. فما رأيك أنت؟ ــ الأحداث أوضحت ان حرب يونيو لمتكن آخر الحروب, وطالما ان الصراع العربي الاسرائيلي قائم فلا يمكن أن نقول ان حربأكتوبر هي آخر الحروب. - إذن أنت من أنصار مقولة ان الصراع بيننا وبين اسرائيل صراعوجود لا صراع حدود؟ ــ نعم هو صراع وجود ولن ينتهي.
__________________
الكثير من الفاشلين في الحياة هم أناس لم يدركوا كم كانوا قريبين من النجاح عندما قرروا الاستسلام عن موقع الأستاذ / عمرو خالد أفضل الطرق التي تجعلك تتنبأ بمستقبلك هو أن تصنعه بنفسك ستيفن كوفي قيمة الانسان هي مايضيفه الي الحياة بين ميلاده وموته د/مصطفي محمود
|