وسيتم شرح السر الذي اكتشفه العلماء للطريقة التي تتكون بها الألوان العجيبة الموجودة على أجنحة الفراشات وبعض أنواع الطيور والخنافس.
تتميز ألوان أجنحة الفراشات عن ألوان أجسام بقية أنواع الكائنات الحية نباتاتها وحيواناتها بعدة ميزات أولها العدد الهائل للألوان المختلفة التي تظهر على أجنحة مختلف أنواع الفراشات بحيث يعجز البشر على إطلاق أسماء على هذه الألوان.
أما ثانيها فهي وجود عدد كبير من الألوان المختلفة على جناح الفراشة الواحدة وهي مرسومة على شكل لوحات فنية عجيبة يعجز أعظم رسامي البشر من تقليدها خاصة أنها مرسومة على لوحات بالغة الصغر إذا ما قورنت بلوحات الرسامين.
أما ثالثها فهي أن ألوان أجنحة معظم أنواع الفراشات تتغير مع تغير زاوية نظر مشاهدها وأن لها بريق لا يوجد في ألوان الأشياء الأخرى.
أما الميزة الأخيرة وهي المسئولة عن الميزات السابقة فهي أن الطريقة التي تتولد من خلالها ألوان الفراشات تختلف تماما عن تلك المستخدمة في بقية أنواع الكائنات الحية وكذلك الجمادات.
ففي هذه الطريقة يتم استخدام تقنيات بالغة التعقيد تعتمد على ظواهر فيزيائية متعددة للحصول على هذا التنوع الهائل في ألوان أجنحة الفراشات. إن هذه التقنيات تحتاج إلى تصاميم بالغة الدقة لبنى هندسية تقاس أبعادها بوحدات النانومتر (النانومتر جزء من بليون جزء من المتر) أو ما يسميه العلماء اليوم بتقنية النانو (Nanotechnology).
وقبل أن نبدأ بشرح هذه الطريقة لا بد من مراجعة سريعة للطريقة التي يستخدمها الإنسان وكذلك بعض أنواع الكائنات الحية للإحساس بألوان الأشياء حيث ستساعدنا هذه المراجعة على فهم الطريقة المعنية.
تتكون شبكية العين من نوعين من الخلايا الحساسة للضوء وهي العصيات التي تستجيب لشدة الضوء فقط بغض النظر عن لونه وهي شديدة الحساسية للضوء الخافت وكذلك لحركة الأجسام ويبلغ عددها مائة وثلاثون مليون خلية تقريبا والمخاريط والتي تستجيب للضوء الشديد أي أنها منخفضة الحساسية ولكنها في المقابل قادرة على تمييز الألوان حيث يوجد منها ثلاثة أنواع تستجيب للألوان الرئيسية الثلاث وهي الأحمر والأخضر والأزرق ويبلغ عددها سبعة ملايين خلية تقريبا موزعة بنسبة 64 % للحمراء و 32% للخضراء و 4% للزرقاء.
وتقوم العصي والمخاريط كخلايا حساسة للضوء بتحويل شدة الضوء وكذلك لونه إلى إشارات كهربائية يتم إرسالها من خلال العصب البصري إلى الدماغ ليقوم برسم صورة ملونة للشيء المرئي في خلاياه العصبية.
وتستجيب العصي للموجات الضوئية التي تمتد أطوالها من 380 إلى 740 نانومتر بينما يستجيب كل نوع من المخاريط إلى طيف أضيق يفع ضمن طيف العصي يتمركز حول طول موجي معين وهو 420 نانومتر للأزرق و 534 نانومتر للأخضر و 564 نانومتر للأحمر.
وعندما يسقط الضوء المنعكس عن الأجسام على الشبكية فإن أنواع المخاريط الثلاث تقوم بتوليد إشارات تعتمد شدتها على طبيعة طيف الموجات الموجود في الضوء الساقط على الشبكية. ومن خلال دمج هذه الإشارات في الدماغ فإنه يعطي الإحساس بلون محدد يعتمد على قيم الإشارات الثلاث. وقد وجد العلماء أن العين البشرية قادرة على تمييز عشرة ملايين درجة من درجات اللون رغم أن البشر لا يمتلكون أسماء إلا لعدة عشرات من درجات اللون أغلبها أسماء الأشياء التي تمتلك ذلك اللون كالبرتقالي والبنفسجي والوردي والمخملي وغير ذلك.