قل ولا تقل
للشيخ ضياء الدين الصابوني
الموجه التربوي للغة العربية بالجامعة الإسلامية
قل
لا تقل
السقَط: بفتحتين رديء المتاع.
والسَّقط أيضا الخطأ في الكتابة والحساب.
قال الشاعر قطري بن الفجاءة:
إذا ما عُدّ من سقط المتاع
والسقط - بالتحريك -: ما أسقط من الشيء، وما لا خير فيه، ج أسقاط. اهـ القاموس 2 ص580.
فُوّهة الوادي - فُوَّهة البركان.
وأفواه الأزقة والأنهار واحدتها: فوهة: بتشديد الواو.
يقال: اقعد على فوّهة الطريق.
كلمة نفس من التوكيد المعنوي تأتي بعد المؤكد، فمن الخطأ الشائع أن تقول: جاء في نفس الوقت، وإنما تقول: في الوقت نفسه.
جاء الكافة، أو كافة الناس
كافة لا تستعمل إلا مجردة من أل والإضافة منصوبة على الحال.
قال تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة}.
ولا يقال: جاء الكافة لأنه لا يدخلها أل، ولا تضاف. اهـ قاموس 2/197.
وجاء الناس كافة: منصوب على الحال. اهـ مصباح 536.
بلغ عنان السماء: أي ما ظهر منه إذا ما نظرت إليها.
والعنان كالسحاب: وزنا ومعنى، الواحدة (عنانة) بالهاء، وبالكسر: اللجام الذي تمسك به الدابة: جمع أعنة.
يقال: جاءنا نبأ من عِنانه: إذا قضى وطره.
"وهمت الفتنة أن تنطلق بغير عِنان في طريق لا تُعرف عقباه" عبقرية الصديق ص29.
الأكفاء: جمع كفء، وهو المثيل والنظير.
تقول: فلان من الأكفاء النابهين، ومثله الأكفياء.
والمصدر الكفاءة: بالفتح والمد.
أما قولهم: الأكفّاء بالتشديد فجمع كفيف، وهو الفاقد البصر، وهذا خطأ شائع، تسمعه في الإذاعة والتلفاز (الرائي) كثيرا.
ومعهد النور يخرّج الأكفّاء الأكفياء.
شَعاع - بالفتح -: تفرق الدم وغيره، يقال: دم شعاع.
طارت نفسه شَعاعاً ذهبت متفرقة في كل وجهة.
من الأبطال ويحك لن تُراعي
وذهبت نفسه أو قلبه شَعاعا: تفرقت هممها وآراؤها فلا تتجه لأمر جزم.
هذا الفعل لا يستعمل متعديا، وإنما يقال: أفاض الناس من عرفات، وأفاضوا في الحديث: اندفعوا فيه، وفي القرآن الكريم: {إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ}، وفاض الخير يفيض (واستفاض) أي شاع، وهو حديث (مستفيض) أي منتشر بين الناس، ولا تقل (مستفاض).
المصيف: مكان الإقامة في الصيف، ج مصائف.
والمصطاف: المصيف، مكان الاصطياف، المكان الذي تصيف فيه.
بنفس تلك الأرض ما أطيب الربا
وما أحسن المصطاف والمتربّعا!
وقال الأمير عبد الله الفيصل:
وأين يا طير أحبابي وخلاني؟
والطائف: مصيف مكة، و(أبها) مصيف جميل.
قل: طَوال الدهر: مدى الدهر وطوله، وفي القاموس: الطَّوال: كسحاب: مدى الدهر.
الطيلة - بالكسر - العمر، نقول: أطال طيلتك: أي عمرك.
قال الشاعر الأندلسي ابن خفاجة يصف جبلا:
طَوال الليالي مفْكِر في العواقب
سِداد القارورة والثَّغر: موضع المخافة بالكسر ليس غير.
كل موضع قريب من أرض الأرض يسمى (ثغرا) كأنه مأخوذ من الثُّغرة وهي الفرجة في الحائط (معجم البلدان).
والسَّداد: بالفتح: الصواب وزنا ومعنى.
وأما سِداد القارورة والثغر فبالكسر فقط، وسِداد من عوز وعيش: لما يسدّ به الخَلة. القاموس ج2 ص538.
كنتُ أدخل على المأمون في سمره، فدخلت عليه في ليلة، فدار الحديث على ذكر النساء، فقال المأمون: حدّث هشام عن مجاهد عن الشعبي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تزوّج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيها سَداد من عوز" (فأورده بفتح السين)، قلت: صدق يا أمير المؤمنين هشام؛ حدثنا عوف بن أبي جميلة عن الحسن عن عليّ كرم الله وجهه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيه سِداد من عوز". وكان المأمون متكئا فاستوى جالسا وقال:
فقلت: نعم؛ لأن السَّداد هنا لحن.
قلت: إنما لحن هشام، وكان لحانا، فتبع أمير المؤمنين لفظه.
قلت: السداد بالفتح: القصد في الدين والسبيل، وبالكسر: البُلغة، وكل ما سددت به شيئاً فهو سِداد.
قلت: نعم، هذا العرجي يقول:
قال المأمون: قبح الله من لا أدب له.
وأطرق مليا ثم قال: ما حالك يا نضر؟
قلت: أريضة لي بمرو وأتصابّها وأتمزرها (أشرب صبابتها).
قال: أفلا أفيدك مالا معها؟
قال: فأخذ القرطاس وأنا لا أدري ما يكتب، ثم قال:
كيف تقول في الأمر من أن يترب الكتاب؟ قلت: أتربْه.
قال: فمن الطين؟ قلت: طنْه.
قال: فما هو؟ قلت: مَطين[1][1]. ثم قال: يا غلام تبلّغ به إلى الفضل به سهل.
قال: فلما قرأ الفضل الكتاب، قال: يا نضر إن أمير المؤمنين أمر لك بخمسين ألف درهم، فما كان السبب؟ فأخبرته ولم أكذبه.
قال: لحّنتَ أمير المؤمنين، قلت: كلا! إنما لحن هشام.
ثم أمر لي الفضل من خاصة ماله بثلاثين ألف درهم، فأخذت ثمانين ألفاً بحرف استفيد مني.
فتأمل يا أخي عنايتهم باللغة وحرصهم عليها؛ لأنها لغة القرآن، وتصور أدب النضر الذي قال: إنما حلن هشام، ولم ينسب اللحن للخليفة، وهذا غاية في الذوق والأدب.