في المستشفى صوّر الأطباء جسمه بالكامل بأشعة إكس. اجتمعنا معهم في حجرة الفحص لنشاهد هذه الصور على حائط ضوئي.أحزنتنا صور عظامه المشوهة، عظام اليد مقوسة جداً و ستقومها الطبيبة جانيت والكر بجهاز اليزاروف،و هو هيكل معدني يثبت على جانبي العظام المكسورة و يقوم الطبيب بتوسيعه بمسافة بسيطة 4 مرات في اليوم فتنمو العظام في الفراغ الضئيل بين العظام. و قد نجح استخدام هذا الجهاز مع الكثيرين لإطالة العظام القصيرة بسبب عيوب خلقية أو إصابات.
سألني فلادمير," هل خُلقت هكذا بسبب خطأ ارتكبته؟" قصصت عليه قصة في الإنجيل عن معجزة لعيسى شفى بها رجلاً أعمى فسأله الناس من أخطأ هذا الرجل أم أبواه؟ قال عيسى," لا هذا و لا ذاك، إنما أراد الخالق أن يظهر معجزة بشفائه." قلت له," إن الخالق يعلم أنك قوي و يريد أن يعرض معجزة من خلالك، مثل معجزة كونك معنا الآن. و أعلم أنه يدّخر لك أشياء عظيمة."
وضع فلادمير رأسه على كتفي و قبل بالأمر. أجريت العملية في 15 يوليو و قد بلغ فلادمير التاسعة من عمره. قال الطبيب أن الجهاز غير مؤلم بعد الأيام الأولى للجراحة. استرد الولد عافيته بسرعة.بعد 6 أسابيع عدنا للمستشفى لإزالة الجهاز و وُضعت ذراعه في جبيرة.
سأل فلادمير الطبيب متى ستصلح يدي الأخرى. قرّر الطبيب تركيب جهاز الزاروف في الذراع الأخرى عند إزالة الجبيرة عن الذراع اليمنى و ذلك بعد شهر بسبب موقف فلادمير الإيجابي.
عندما بدأنا نعالج قدميه، فاجأتنا دكتور والكر بقولها أن الأطباء أجمعوا أن جهاز الزاروف غير ملائم لذلك و أن الأفضل هو بتر القدمين و تركيب أطرافاً صناعية كي يمشي. كانت تلك أحلك اللحظات التي مرّت بنا.شرحنا لفلادمير عشرات المرات ما سيحدث لكنه لم يقتنع ببترهما و قال أنهما أصدقاؤه و لا يمكنه التخلي عنهما.
دعانا الأطباء لمشاهدة توأم عمرهما 6 سنوات وُلدا بدون عظام في ساقيهما و بتركيب أطرافاً صناعية لهما انطلقا يلعبان بالكرة و يجريان. فأعجبتنا الفكرة و بعد جهد وافق فلادمير على بتر قدميه و قال على الأقل لن نحتاج إلى تقليم أظافرهما و قال أنه يريد أقداماً جديدة. لكنه اشترط أن تُجرى له جراحة واحدة فقط.
حملت الولد إلى حجرة العمليات كعادتي و استغرقت الجراحة 12 ساعة و حين أفاق من التخدير، أعلن الأطباء نجاحها. قال فلادمير أنه غير حزين لفقد قدميه و أنهما تنتظرانه في الجنة.أخذ الأخصائي قياسات لصنع طرف صناعي، حيث سيتم تركيب الطرف خلال أسابيع.
قالت الطبيبة أن فلادمير يجب أن يتدرب على المشي و الوقوف في البيت ليقلّل الوقت الذي يتعلم فيه الوقوف على الأطراف الصناعية في المستشفى.وافق الفتى على ذلك بحماس و لكن الوقوف على ساقيه كان مؤلماً فكان يصرخ كلما حاولنا المشي، لم أطاوعه، و قلت له أنت رائع، حاول أن تخطو بضع خطوات.بكى فلادمير خلال العشرة أمتار التي مشيناها.كنا نمشي كل يوم و نتلو صلاة للخالق طلباً للمساعدة.كنا نمشي من حجرة لأخرى مرتين و تدريجياً اختفى الألم.
عدنا للمستشفى لتركيب الأطراف و هي أقدام بلاستيكية مجوفة و مكسوة بحذاء نايك أبيض و أسود رائع.
كان واين رائعاً و صبوراً مع فلادمير لكن الولد كان متألماً و أخذ يبكي فخلع واين الأقدام و أجرى بهما تعديلاً ثم ألبسه إياها ثم ساعده على الوقوف و سأله هل تتألم؟
ابتسم قائلاً لا.
تعلم فلادمير المشي في اسبوعين.
لازالت للحكاية خاتمة طيبة بإذن الله.
|