الموضوع: من واقع الحياة
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 10-10-2010, 07:43 PM
المفكرة المفكرة غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 1,413
معدل تقييم المستوى: 18
المفكرة is on a distinguished road
افتراضي

4. انقاذ رايان
شرطي له ابن يموت و عالم في أثر القضية.
كان مارك دانت (شرطي أمريكي عمره 32 عاماً) يلعب مع ابنه ذي الثلاث أعوام كرة البيسبول كثيراً. تعلم رايان اللعبة من والده منذ تعلم المشي فأجادها و أظهر فيها موهبة لذلك كان والده يحلم بأن يحترف الصغير اللعبة يوماً ما. لم يكن أحد ليتنبأ بما سيكون عليه الأمر بعد ذلك, إذ كان رايان صورة الصحة الكاملة.
أخذ الأب ولده للفحص الدوري فلم يعجب طبيب الأطفال الحجم الكبير للرأس و الكبد فطلب من الأب زيارة طبيب جينات متخصص, و قد أجري الطبيب المتخصص تحليلات ثم استدعى الوالدين إلي مكتبه حين ظهرت النتيجة.
قال الطبيب," رايان مصاب بمرض جيني يدعي م.ب.س.1 , ابنكما ينقصه إنزيم لكسر السكر في الخلايا و إطلاق الطاقة. بدون هذا الإنزيم, يتجمع السكر في الخلايا و يسدها و يترسب في المفاصل فتتصلب و تتدمر الأعضاء. المصابين بهذا المرض لا يحيون أبعد من سني المراهقة. هذا المرض بلا علاج. إنه مرض نادر و لايصيب سوى عدة آلاف من الأطفال في العالم, لذلك تحجم شركات الأدوية عن تمويل الأبحاث.شيء واحد تستطيعان فعله لرايان, هو أن تحباه ما دام على قيد الحياة."
في نفس الوقت الذي أصيب فيه رايان, كان هناك عالم ألمعي يدعى إميل كاكيس ينظف أرضية و حوائط معمله الجديد الذي أنشأه في بيت صغير متهالك في كاليفورنيا. هذا العالم حاصل علي الدكتوراة في الكيمياء الحيوية و لديه تدريب في علم الجينات، كما أنه حائز على منحة من مركز طبي مرموق و لكن ينقصه المال. ليس لديه التمويل الذي يمكّنه من توظيف مساعدين أو الحصول على معمل. لذلك استعان بمساعد واحد يعمل جزءاً من الوقت و بمساعدة والد زوجته الذي يعمل مقاولاً، استأجر مخزناً خلف المركز الطبي و حولّه إلى معمل. كاكيس عالم شديد التركيز قد وجد منطقة من العلم لم يستكشفها الكثيرون و لديه احتمال لحل, لذلك جعل مهمته تصنيع الإنزيم المفقود و علاج مرضى م.ب.س.1
عاد الأبوان إلى حياتهما بعد تشخيص مرض رايان و استمرا يشعران بالحزن شهوراً عديدة.
كان مارك لا ينام الليل و عقله يفكر طوال الوقت بمرض ابنه. بناء على نصيحة الطبيب, طار مارك إلى مدينة دنفر لحضور مؤتمر عن هذا المرض تقيمه الجمعية الوطنية لمرض م.س. و هي منظمة لأهل المصابين بهذا المرض. هناك رأى مارك بشاعة المرض و تأثيره على أطفال فقدوا القدرة على الحركة حين تصلبت مفاصلهم . أطفالاً في الثانية عشر بذكاء مماثل لمن في نصف عمرهم. هذه المناظر أعطت مارك فهماً جديداً لمعنى الشجاعة. و بدلاً من أن يشعر هؤلاء الأولاد بالأسى لما أصابهم, كانت روحهم المعنوية عالية أما آباؤهم فكانوا أكثر الآباء حناناً و مودة.بشكل ما استطاع هؤلاء الآباء قبول المرض الذي يقتل أولادهم.
ليس مارك. ترك مارك دنفر عازماً أن يقي ابنه مصير هؤلاء الصبية. و لكن كيف؟ عندما أصبح رايان في الصف الأول الإبتدائي بدأ المرض يشدد قبضته عليه، فصار يشعر بصداع و غثيان. ثم أصبح يتقيأ كثيراً و لم يعد قادراً على الذهاب للمدرسة أياماً كثيرة فأعاد العام الدراسي مرة أخرى.
بعد عام من الأبحاث و تنمية الخلايا في أنابيب الإختبار و تنقية الإفرازات البروتينية, استطاع كاكيس أن ينتج الإنزيم المفقود. اختبر الإنزيم على كلاب مصابة بالمرض و بعدها بأسابيع حصل على نتائج مذهلة. الترسبات المؤذية في أعضاء الحيوانات بدأت تتكسر. بعد مرور شهور على أبحاثه, أخذ يعجز عن تحقيق هدفه, إذ بدون مال أو مساعدين متخصصين في انتاج الإنزيمات فإنه لن يستطيع المواصلة.
في خريف عام 92 أسس مارك و زوجته مؤسسة رايان الخيرية لجمع التبرعات للأبحاث الخاصة بمرض م.ب.س فتعاون معهم الكثير من المتطوعين الذين جمعوا تبرعات من الشركات و نظموا مسابقات للصيد يكون ريعها للمؤسسة. أول حدث تم تنظيمه كان بيع لبعض المخبوزات البيتية و كان الربح 342 دولار فقط و لكنهم استطاعوا تنظيم مسابقات اسبوعية للجولف دخل كل منها لا يقل عن 25,000 دولار. أعطى مارك المال لمؤسسة م.س. ب
و لكن المال لم ينفع رايان الذي بدأت حاله تسوء و لم يعد بإمكانه أن يلعب في الملعب مع أقرانه.انتفخ كبده إلى ضعف حجمه. و احتاج إلى جراحة لوجود جزء مثقوب من أمعائه. و بعدها هاجمه ألم شديد في ظهره و رقبته و أظهرت عينة من السائل الشوكي (سائل يحيط بالنخاع الشوكي و هو حبل عصبي موجود بداخل العامود الفقاري) أن ضغط هذا السائل مرتفع بصورة خطرة. لم تنهزم روح رايان و رغبته في الحياة مثل أقرانه. في المدرسة يجري زملاء رايان حول الملعب ثلاث مرات و حين لم يستطع رايان أن يجري , أخبره المدرب أن يكتفي بدورتين و لكنه أجاب,"لا أحب أن أكون مختلفاً عن أي زميل."
بحلول عام 94 بدأ كاكيس ييأس, فإن أي من شركات الأدوية التي حاول أن يقنعها ببحثه لم ترغب في تمويل بحثه.
كان مارك و زوجته يحضران مؤتمراً خاصاً بمرض م.ب.س في مدينة أورلاندو عندما اقتربت منهما باحثة و أخبرتهما أن هناك باحث في كاليفورنيا قد تقدم في أبحاثه و لكن ينقصه التمويل لذلك فإنه توقف. بعد ليلة قضاها مارك بلا نوم متسائلاً إن كانت تلك هي المعجزة التي يطلبها، اتصل بكاكيس و أخبره عن مؤسسة رايان.و أخبره بأن كل دولار تكسبه المؤسسة سيذهب لتمويل أبحاث كاكيس. و برغم من قلق الأبوين من أن الحل قد يأتي متأخراً بالنسبة لرايان فإنهما كانا يأملان في أن يجد كاكيس حلاً لهذا المرض.
بدأ الأولاد في المدرسة يسخرون من مرض رايان و أصابعه المقوسة. و حين لم يعد بإمكانه أن يمسك بمضرب البيسبول فإن والده ثبت شريط فليكرو لمقبض المضرب و قفاز رايان.
أصبح شغل مارك الشاغل هو إنقاذ رايان و مرضى م.ب.س . استغنى مارك عن أجازاته و وقت الترفيه و لعب المباريات و شغل كل هذا الوقت في الدعاية و جمع المال لمؤسسة رايان. لقد تخلى عن حلمه في أن يكون رئيساً للبوليس لأن إنقاذ حياة هؤلاء الأطفال أهم من عمله.
لمدة ثلاثة أعوام, جمع مارك مئات ألوف الدولارات و أرسلها إلى كاكيس الذي يصل إلى معمله باكراً و ينصرف منه بعد منتصف الليل. و في النهاية تمكن كاكيس من تنقية الإنزيم.
كانت تلك هي العقبة الرئيسية في عمل كاكيس و قد أزالها. يحتاج الآن إلى مبالغ كبيرة من المال لإجراء تجارب على البشر تثبت فاعلية الدواء. و بالرغم من عدم وجود المال, استمر كاكيس في عمله, فإنه إذ رأى معجزه طمع في معجزة أخرى.
وصلت أخبار نجاح كاكيس إلى جرانت دينيسون الرئيس التنفيذي لمؤسسة تعمل في التقنية الحيوية و كانت تعمل على اكتشاف علاج للمرض. تقابل الرجلان و وجدا أنهما يعملان لنفس الهدف. في أخريات عام 96 استمع كاكيس فى دهشة إلى دينيسون و هو يخبره في أن مؤسسته ترغب في التعاون معه لوضع علاجه بالسوق و أنها ستعطيه ما يحتاجه و هو مبلغ خمسة مليون دولار.
في فبراير 98 , بدأ رايان علاجه بالمركز الطبي, حيث تم اختياره ضمن عشرة أطفال لبدء العلاج التجريبي الذي طوره دكتور كاكيس. بواسطة ماكينة صغيرة، تم توصيل المحلول الذي يحمل الإنزيمات بحقنة ليدخل جسم رايان. بعد اسبوع، زال انتفاخ البطن. و بعد ستة أشهر بدأت الأعضاء تستعيد حيويتها و زال تورم الكبد و أصبحت لديه طاقة صاروخ.
يحقن رايان بالإنزيم على مدى أربع ساعات من كل إسبوع في المركز الطبي. منذ بدأ العلاج زاد وزنه 14 كجم. و طال بمقدار 12 سم. زال عنه الصداع و استعادت أصابعه استقامتها بشكل ملحوظ و لم يعد يسخر منه زملاؤه بالفصل لأنه لم يعد أقصر ولد بالفصل.
عاد رايان لممارسة البيسبول و أخرج الكرة و المضرب من معتزلهما و انضم لفريق المدينة. أما أباه فإنه سجل في نفس الفريق ليلعب مع المرحلة العمرية المتقدمة كي يستمر في شراكته مع ابنه و على مدى العامين السابقين يحضر الإثنان كل المباريات معاً.
يتمنى دكتور كاكيس و عائلة رايان أن توافق منظمة fda على الدواء لطرحه بالسوق. كما أن مؤسسة رايان لازالت تجمع مالاً للبحث في العلاج باستبدال الجينات و هو العلاج الحاسم لهذا المرض.
****************
رد مع اقتباس