عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 29-11-2010, 11:55 AM
الصورة الرمزية ضياء الدين سعيد
ضياء الدين سعيد ضياء الدين سعيد غير متواجد حالياً
متـرجـــــــــــم و عضو مميز2013 والفائز بالمركز الثالث فى المسابقة الشعرية 2014
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 4,115
معدل تقييم المستوى: 21
ضياء الدين سعيد has a spectacular aura about
افتراضي


لم ينج من غضب الاله وناره *** الا الذي قامت به الأصلان
والناس بعد فمشرك بالهه***أو ذو ابتداع أو له الوصفان
والله لا يرضى بكثرة فعلنا*** لكن بأحسنه مع الايمان
فالعارفون مرادهم إحسانه*** والجاهلون عموا عن الاحسان
وكذا قد شهدوا بأن الله ذو*** سمع وذو بصر هما صفتان
وهو العلي يرى ويسمع خلقه*** من فوق عرش فوق ست ثمان
فيرى دبيب النمل في غسق الدجى*** ويرى كذلك تقلب الأجفان
وضجيج أصوات العباد بسمعه*** ولديه لا يتشابه الصوتان
وهو العليم بما يوسوس عبده*** في نفسه من غير نطق لسان
بل يستوي في علمه الداني مع الـ*** قاصي وذو الأسرار والاعلان
وهو العليم بما يكون غدا وما*** قد كان والمعلوم في ذا الآن
وبكل شيء لم يكن لو كان كيـ***ـف يكون موجودا لدى الأعيان
وهو القدير فكل شيء فهو مقـ*** دور له طوعا بلا عصيان
وعموم قدرته تدل بأنه *** هو خالق الأفعال للحيوان
هي خلقه حقا وأفعال لهم*** حقا ولا يتناقض الأمران
لكن أهل الجبر والتكذيب با***لاقدار ما انفتحت لهم عينان
نظروا بعيني أعور اذ فاتهم*** نظر البصير وغرات العينان
فحقيقة القدر الذي حار الورى*** في شأنه هو قدرة الرحمن
وأستحسن بن عقيل ذا من أحمد*** لما حكاه عن الرضا الرباني
قال الامام شفا القلوب بلفظه*** ذات اختصار وهي ذات بيان


فصل

وله الحياة كمالها فلأجل ذا***ما للمات عليه من سلطان
وكذلك القيّوم من أوصافه*** ما للمنام لديه من غشيان
وكذاك أوصاف الكمال جميعها*** ثبتت له ومدارها الوصفان
فمصحح الأوصاف والأفعال والأ***سماء حقا ذانك الوصفان
ولأجل ذا جاء الحديث بأنه*** في آية الكرسي وذي عمران
اسم الاله الأعظم اشتملا على اسـ***ـم الحي والقيوم مقترنان
فالكل مرجعها الى الاسمين يد**ري ذاك ذو بصر بهذا الشان
وله الارادة والكراهة والرضا*** وله المحبة وهو ذو الاحسان
وله الكمال المطلق العاري عن التـ***ـشبيه والتمثيل بالانسان
وكمال من أعطى الكمال لنفسه*** أولى وأقدم وهو أعظم شان
أيكون قد أعطى الكمال لنفسه*** أولى وأقدم أذاك ذو امكان
أيكون انسان سميعا مبصرا*** متكلما بمشيئة وبيان
وله الحياة وقدرة وإرادة*** والعلم بالكلي والأعيان
والله قد أعطاه ذاك ليس هـ***ـذا وصفه فاعجب من البهتان
والله ربي لم يزل متكلما*** وكلامه المسموع بالآذان
صدق وعدلا أحكمت كلماته*** طلبا واخبار بلا نقصان
ورسوله قد عاذ بالكلمات من*** لدغ ومن عين ومن شيطان
ايعاذ بالمخلوق حاشاه من الـ*** اشراك وهو معلم الايمان
بل عاذ بالكلمات وهي صفاته*** سبحانه ليست من الأكوان
وكذلك القرآن عين كلامه المـ***ـسموع منه حقيقة ببيان
هو قول ربي كله لا بعضه*** لفظا ومعنى ما هما خلقان
تنزيل رب العالمين وقوله*** اللفظ والمعنى بلا روغان
لكن أصوات العباد وفعلهم*** كمدادهم والرق مخلوقان
فالصوت للقاري ولكن الكلا***م كلام رب العرش ذي الاحسان
هذا اذا ما كان ثم وساطة*** كقراءة المخلوق للقرآن
فإذا انتفت تلك الوساطة مثل ما*** قد كلم المولود من عمران
فهنالك المخلوق نفس السمع لا*** شيء من المسموع فافهم ذان
هذا مقالة أحمد ومحمد*** وخصومهم من بعد طائفتان
احداهما زعمت بأن كلامه*** خلق له ألفاظ ومعاني
والآخرون أبوا وقالوا شطره*** خلق وشطر قام بالرحمن
زعموا القرآن عبارة وحكاية*** قلنا كما زعموه قرآنان
هذا الذي نتلوه مخلوق كما*** قال الوليد وبعده الفئتان
والآخر المعنى القديم فقائم*** بالنفس لم يسمع من الديان
والأمر عين النهي واستفهامه*** هو عين اخبار وذو حدان
وهو الزبور وعين توراة وانـ***ـجيل وعين الذكر والفرقان
الكل شيء واحد في نفسه*** لا يقبل البعيض في الأذهان
ما ان له كل ولا بعض ولا*** حرف ولا عربي ولا عبراني
ودليلهم في ذاك بيت قاله*** فما يقال الأخطل النصراني
يا قوم قد غلط النصارى قبل في*** معنى الكلام وما اهتدوا لبيان
ولأجل ذا جعلوا المسيح الههم*** اذ قيل كلمة خالق رحمن
ولأجل ذا جعلوه ناسوتا ولا*** هوتا قديما بعد متحدان
ونظير هذا من يقول كلامه*** معنى قديم غير ذي حدثان
والشطر مخلوق وتلك حروفه*** ناسوته لكن هما غيران
فانظر الى ذاك الاتفاق فانه*** عجب وطالع سنة الرحمن
وتكايست أخرى وقالت ان ذا*** قول محال وهو خمس معان
وتلك التي ذكرت ومعنى جامع*** لجميعها كالأس للبنيان
فيكون أنواعا وعند نظيرهم*** أوصافه وهما فمتفقان
أن الذي جاء الرسول به لمخـ***ـلوق ولم يسمع من الديان
والخلف بينهم فقيل محمد*** أنشاه تعبيرا عن القرآن
والاخرون أبو وقالوا انما*** جبريل أنشاه عن المنان
وتكايست أخرى وقالت أنه*** نقل من اللوح الرفيع الشأن
فاللوح مبدؤه ورب اللوح قد*** أنشأه خلقا فيه ذا حدثان
هذا مقالات لهم فانظر ترى*** في كتبهم يا من له عينان
لكن أهل الحق قالوا انما*** جبريل بلغه عن الرحمن
القاه مسموعا له من ربه*** للصادق المصدوق بالبرهان


فصل


في مجامع طرق أهل الأرض واختلافهم في القرآن
واذا أردت
مجامع الطرق التي*** فيها افتراق الناس في القرآن
فمدارها أصلان قام عليهما*** هذا الخلاف هما له ركنان
هل قوله بمشيئة أم لا وهل*** في ذاته أم خارج هذان
أصل اختلاف جميع أهل الأرض في*** القرآن فاطلب مقتضى البرهان
ثم الالى قالووا بغير مشيئة*** وارادة منه فطائفتان
احداهما جعلته معنى قائما*** بالنفس أو قالوا بخمس معان
والله أحدث هذه الألفاظ كي*** تبديه معقولا الى الأذهان

وكذاك قالوا أنها ليست هي الـ*** ـقرآن بل دلت على القرآن
ولربما سمي بها القرآن تسـ***ـمية المجاز وذاك وضع ثان
وكذلك اختلفوا فقيل حكاية*** عنه وقيل عبارة لبيان
اذ كان ما يحكي كمحكي وهـ***ـذا اللفظ والمعنى فمختلفان
ولذا يقال حكى الحديث بعينه*** اذ كان أوله نظير الثاني
فلذاك قالوا لا نقول حكاية*** ونقول ذاك عبارة الفرقان
والآخرون يرون هذا البحث لفـ***ـظيا وما فيه كبير معان

فصل
في مذهب الاقترانية

والفرقة الأخرى فقالت انه*** لفظا ومعنى ليس ينفصلان
واللفظ كالمعنى قديم قائم*** بالنفس ليس بقابل الحدثان
فالسين عند الباء لا مسبوقة*** لكن هما حرفان مقترنان
والقائلون بهذا يقولون انما*** ترتيبها بالسمع والآذان
ولها اقتران ثابت لذواتها*** فأعجب لذا التخليط والهذيان
لكن زاغونيهم قد قال ان*** ذواتها ووجودها غيران
فترتبت بوجودها لا ذاتها*** يا للعقول وزيغة الأذهان
ليس الوجود سوى حقيقتها لذي الـ***أذهان بل في هذه الأعيان
لكن اذا أخذ الحقيقة خارجا*** ووجودها ذهنا فمختلفان
والعكس أيضا مثل ذا فإذا هما*** اتحدا اعتبارا لم يكن شيئان
وبذا يزول جميع أشكالاتهم*** في ذاته ووجوده الرحمن

فصل

في مذاهب القائلين بأنه متعلق بالمشيئة والارادة
والقائلون بأنه بمشيئته وارادة أيضا فهم صنفان
احداهما جعلته خارج ذاته*** كمشيئة للخلق والأكوان
قالوا وصار كلامه باضافة الـ*** تشريف مثل البيت ذي الأركان
ما قال عندهم ولا هو قائل*** والقول لم يسمع من الديان
فالقول مفعول لديهم قائم*** بالغير كالأعراض والأكوان
هذي مقالة كل جهمي وهم*** فيها الشيوخ معلم الصبيان
لكن أهل الاعتزال قديمهم*** لم يذهبوا ذا المذهب الشيطاني
وهم الالى اعتزلوا عن الحسن الر***ضي البصري ذاك العالم الرباني
وكذاك أتباع على مناهجهم*** من قبل جهم صاحب الحدثان
لكنما متأخروهم بعد ذا***لك وافقوا جهما على الكفران
فهم بذا جهمية أهل اعتزا***ل ثوبهم أضحى له علمان
ولقد تقلد كفرهم خمسون في*** عشر من العلماء في البلدان
واللالكائي الامام حكاه عنـ***ـهم بل حكاه قبله الطبراني

فصل
في مذهب الكرامية

والقائلون بأنه بمشيئة*** في ذاته أيضا فهم نوعان
إحداهما جعلته مبدوءا به*** نوعا حذار تسلسل الأعيان
فيسد ذاك عليهم في زعمهم*** اثبات خالق هذه الأكوان
فلذاك قالوا أنه ذو أول*** ما للفناء عليه من سلطان
وكلامه كفعاله وكلاهما*** ذو مبدأ بل ليس ينتهيان
قالوا ولم ينصف خصوم جعجعوا*** وأتوا بتشنيع بلا برهان
قلنا كما قالوه في أفعاله*** بل بيننا بون من الفرقان
بل نحن أسعد منهم بالحق اذ*** قلنا هما بالله قائمتان
وهم فقالوا لم يقم بالله لا*** فعل ولا قول فتعطيلان
لفعاله ومقاله شرا وأبـ***طل من حلول حوادث ببيان
تعطيله عن فعله وكلامه*** شر من التشنيع بالهذيان
هذي مقالات ابن كرام وما*** ردوا عليه قط بالبرهان
أني وما قد قال أقرب منهم*** للعقل والآثار والقرآن
لكنهم جاءوا له بجعاجع*** وفراقع وقعاقع بشمان

فصل
في ذكر مذهب أهل الحديث

والآخرون أولو الحديث كأحمد*** ومحمد وأئمة الايمان
قالوا بأن الله حقا لم يزل*** متكلما بمشيئة وبيان
ان الكلام هو الكمال فكيف يخـ*** لو عنه في أزل بلا أمكان
ويصير فيما لم يزل متكلما*** ماذا اقتضاه له من الامكان
وتعاقب الكلمات أمر ثابت*** للذات مثل تعاقب الأزمان
والله رب العرش قال حقيقة*** حم مع طه بغير قران
بل أحرف مترتبات مثل ما*** قد رتبت في مسمع الانسان
وقتان في وقت محال هكذا*** حرفان أيضا يوجدا في آن
من واحد متكلم بل يوجدا*** بالرسم أو يتكلم الرجلان
هذا هو المعقول أما اقترا***ن فليس معقولا لذي الأذهان
وكذا كلام من سوى متكلم*** أيضا محال ليس في أمكان
الا من قام الكلام به فذا*** ط كلامه المعقول في الأذهان
أيكون حيا سامعا أو مبصرا*** من غير سمع وغير عيان
والسمع والأبصار قام بغيره*** هذا المحال وواضح البهتان
وكذا مريد والارادة لم تكن*** وصفا له هذا من الهذيان
وكذا قدير ماله من قدره*** قامت به من أوضح البطلان
والله جل جلاله متكلم*** بالنقل والمعقول والبرهان
قد أجمعت رسل الاله عليه لم*** ينكره من اتباعهم رجلان
فكلامه حقا يقوم به والا*** لم يكن متكلما بقرآن
والله قال وقائل وكذا يقول*** الحق ليس كلامه بالفاني
ويكلم الثقلين يوم معادهم*** حقا فيسمع قوله الثقلان
وكذا يكلم حزبه في جنة الحيـ***ـيوان بالتسليم والرضوان
وكذا يكلم رسله يوم اللقا*** حقا فيسألهم عن التبيان
ويراجع التكليم جل جلاله*** وقت الجدال له من الانسان
ويكلم الكفار في ال***ات تو***بيخا وتقريعا بلا غفران
ويكلم الكفار أيضا وفي الجحـ***ـيم أن اخسئوا فيها بكل هوان
والله قد نادى الكليم وقبله*** سمع الندا في الجنة الأبوان
وأتى النداء في تسع آيات له*** وصفا فراجعهما من القرآن
وكذا يكلم جبريل بأمره*** حتى ينفذه بكل مكان
واذكر حديثا في صحيح محمد*** ذاك البخاري العظيم الشان
فيه نداء الله يوم معادنا*** بالصوت يبلغ قاصيا والداني
هب أن هذا اللفظ ليس بثابت*** بل ذكره مع حذفه سيان
ورواه عندكم البخاري المجسـ***ـم بل رواه مجسم فوقاني
أيصح في عقل وفي نقل ندا***ء ليس مسموعا لنا بأذان
أم أجمع العلماء والعقلاء من*** أهل اللسان وأهل كل لسان
أن الندا الصوت الرفيع وضده*** فهو النجاء كلاهما صوتان
والله موصوف بذاك حقيقة*** هذا الحديث ومحكم القرآن
واذكر حديثا لابن مسعود صر***يحا أنه ذو أحرف ببيان
الحرف منه في الجزا عشر من الـ*** ـحسنات ما فيهن من نقصان
وانظر الى السور التي افتتحت بأحـ***ـرفها ترى سرا عظيم الشان
لم يأت قط بسورة الا أتى*** في أثرها خبر عن القرآن
اذ كان أخبار به عنها وفي*** هذا الشفاء لطالب الايمان
ويدل أن كلامه هو نفسها*** لا غيرها والحق ذو تبيان
فانظر الى مبدأ الكتاب وبعدها الا*** عراف ثم كذا الى لقمان
مع تلوها أيضا ومع حم مع*** يس وافهم مقتضى القرآن

فصل
في الزامهم القول بنفي الرسالة اذا انتفت صفة الكلام

والله عز وجل موص آمر*** ناه منيب مرسل لبيان
ومخاطب ومحاسب ومنبيء *** ومحدث ومخبر بالشان
ومكلم متكلم بل قائل*** ومحذر ومبشر بأمان
هاد يقول الحق يرشد خلقه*** بكلامه للحق والايمان
فإذا انتفت صفة الكلام فكل*** هذا منتف متحقق البطلان
واذا انتفت صفة الكلام كذلك الـ***ارسال منفي بلا فرقان
فرسالة المبعوث تبليغ كلا***م المرسل الداعي بلا نقصان
وحقيقة الارسال نفس خطابه*** للمرسلين وانه نوعان
نوع بغير وساطة ككلامه*** موسى وجبريل القريب الداني
منه واليه من وراء حجابه*** اذ لا تراه ها هنا العينان
والآخر التكليم منه بالوسا**طة وهو أيضا عنده ضربان
وحي وارسال اليه وذاك في الشـ***ـورى أتى في أحسن التبيان

فصل
في الزامهم التشبيه للرب بالجماد الناقص
اذا انتفت صفة الكلام

واذا انتفت صفة الكلام فضدها*** خرس وذلك غاية النقصان
فلئن زعمتم أن ذلك في الذي*** هو قابل من أمة الحيوان
والرب ليس بقابل صفة الكلا***م فنفيها ما فيه من نقصان
فيقال سلب كلامه وقبوله*** صفة الكلام أتم للنقصان
اذ أخرس الانسان أكمل حالة*** من ذا الجماد بأوضح البرهان
فجحدت أوصاف الكمال مخافة التشـ***ـبيه والتجسيم بالانسان
ووقعت في تشبيهه بالناقصات*** الجامدات وذا من الخذلان
الله أكبر هتكت أستاركم*** حتى غدوتم ضحكة الصبيان

فصل
في الزامهم بالقول بأن كلام الخلق،
حقه وباطله، عين كلام الله سبحانه

أوليس قد قام الدليل بأن أفعـ***ـال العباد خلقة الرحمن
من ألف وجه أو قريب الألف يحصيـ***ـها الذي يعني بهذا الشان
فيكون كل كلام هذا الخلق*** عين كلامه سبحانه ذي السلطان
اذ كان منسوبا اليه كلامه*** خلقا كبيت الله ذي الأركان
هذا ولازم قولكم قد قاله*** ذو الاتحاد مصرحا ببيان
حذر التناقض اذ تناقضتم ولكـ***ـن طرده في غاية الكفران
فلئن زعمتم أن تخصيص القرآ***ن كبيته وكلاهما خلقان
فيقال ذا التخصيص لا ينفي العمو***م كرب ذي الأكوان
ويقال رب العرش أيضا هكذا*** تخصيصه لاضافة القرآن
لا يمنع التعميم في الباقي وذا*** في غاية الايضاح والتبيان

فصل
في التفريق بين الخلق والأمر

ولقد أتى الفرقان بين الخلق وال***أمر الصريح وذاك في الفرقان
وكلاهما عند المنازع واحد*** والكل خلق ما هنا شيئان
والعطف عندهم كعطف الفرد من*** نوع عليه وذاك في القرآن
فيقال هذا ذو امتناع ظاهر*** فيآية التفريق ذو تبيان
فالله بعد الخلق أخبر أنها*** قد سخرت بالأمر للجريان
وأبان عن تسخيرها سبحانه*** بالأمر بعد الخلق بالتبيان
والأمر اما مصدر أو كان مفعـ***ـولا هما في ذاك مستويان
مأموره هو قابل للأمر*** كالمصنوع قابل صنعة الرحمن
فإذا انتفى الأمر انتفى المأمور*** كالمخلوق ينفى لانتفا الحدثان
وانظر الى نظم السياق تجد به*** سرا عجيبا واضح البرهان
ذكر الخصوص وبعده متقدما*** والوصف والتعميم في ذا الثاني
فأتى بنوعي خلقه وبأمره*** فعلا ووصفا موجزا ببيان
فتدبر القرآن ان رمت الهدى*** فالعام تحت تدبر القرآن

فصل
في التفريق بين ما يضاف الى الرب تعالى
من الأوصاف والأعيان

والله أخبر في الكتاب بأنه*** منه ومجرور، ( من ) نوعان
عين ووصف قائم بالعين فا***لاعيان خلق الخالق الرحمن
والوصف بالمجرور قام لأنه*** أولى به في عرف كل لسان
ونظير ذا أيضا سواء ما يضا***ف اليه من صفة ومن أعيان
فاضافة الأوصاف ثابتة لمن*** قامت به كادراة الرحمن
واضافة الأعيان ثابتة له*** ملكا وخلقا ما هما سيان
فانظر الى بيت الاله وعلمه*** لما أضيفا كيف يفترقان
وكلامه كحياته وكعلمه***في ذي الاضافة اذ هما وصفان
لكن ناقته وبيت إلهنا*** فكعبده أيضا هما ذاتان
فانظر الى الجهمي لما فاته الـ***ـحق المبين وواضح البرهان
كان الجميع لديه بابا واحدا*** والصبح لاح لمن له عينان
وأتى ابن حزم بعد ذلك فقال ما*** للناس قرآن لا اثنان
بل أربع كل يسمى بالقرآ***ن وذاك قول بين البطلان
هذا الذي يتلى وآخر ثابت*** في الرسم يدعى بالمصحف العثماني
والثالث محفوظ بين صدورنا*** هذي الثلاثة خليقة الرحمن
والرابع المعنى القديم كعلمه*** كل يعبر عنه بالقرآن
وأظنه قد رام شيئا لم يجد*** عنه عبارة في ناطق ببيان
أن المعين ذو مراتب أربع*** عقلت فلا تخفى على انسان
في العين ثم الذهن ثم اللفظ*** ثم الرسم حين تخطه ببنان
وعلى الجميع الاسم يطلق لكن*** الأولى به الموجود في الأعيان
بخلاف قول ابن الخطيب فإنه*** قد قال أن الوضع للأذهان
فالشيء واحد لا أربع*** فدهي ابن حزم قلة الفرقان
والله أخبر أنه سبحانه*** متكلم بالوحي والفرقان
وكذاك أخبرنا بأن كتابه*** بصدور أهل العلم والايمان
وكذاك أخبر أنه المكتوب في*** صحف مطهرة من الرحمن
وكذاك أخبر أنه المتلو والمقـ***روء عند تلاوة الانسان
والكل شيء واحد لا أنه*** هو أربع وثلاثة واثنان
وتلاوة القرآن أفعال لنا*** وكذا الكتابة فهي خط بنان
لكنما المتلو والمكتوب والـ***ـمحفوظ قول الواحد الرحمن
والعبد يقرؤه بصوت طيب*** وبضده فهما له*** صوتان
وكذاك يكتبه بخط جيد*** وبضده فهما له خطان
أصواتنا ومدادنا وأدائنا*** والرق ثم كتابة القرآن
ولقد أتى في نظمه من قال قو***ل الحق والانصاف غير جبان
أن الذي هو في المصاحف مثبت*** بأنامل الأشياخ والشبان
هو قول ربي آية وحروفه*** ومدادنا والرق مخلوقان
فشفى وفرق بين متلو ومصنـ***ـوع وذاك حقيقة العرفان
الكل مخلوق وليس كلامه*** المتلو مخلوقا هنا شيئان
فعليك بالتفصيل والتمييز فالا***طلاق والاجمال دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبطا الـ***ـأذهان والآراء كل زمان
وتلاوة القرآن في تعريفها*** باللام قد يعني بها شيئان
يعني به المتلو فهو كلامه*** هو غير مخلوق كذي الأكوان
ويراد أفعال العباد كصوتهم*** وأدائهم وكلاهما خلقان
هذا الذي نصت عليه أئمة الـ***ـاسلام أهل العلم والعرفان
وهو الذي قصد البخاري الرضي*** لكن تقاصر قاصر الأذهان
عن فهمه كتقاصر الأفهام عن*** قول الامام الأعظم الشيباني
في اللفظ لما أن نفى الضدين*** عنه واهتدى للنفي ذو عرفان
فاللفظ يصلح مصدرا هو فعلنا*** كتلفظ بتلاوة القرآن
وكذاك يصلح نفس ملفوظ به***وهو القرآن فذاك محتملان
فلذاك أنكر أحمد الأطلاق في*** نفي وأثبات بلا فرقان

فصل
في كلام الفلاسفة والقرامطة
في كلام الرب جل جلاله

وأتى ابن سينا القرمطي مصانعا*** للمسلمين بافك ذي بهتان
فرآه فيضا فاض من عقل هو الـ*** ـفعال علة هذه الأكوان
حتى نلقاه زكي فاضل*** حسن التخيل جيد التبيان
فأتى به للعالمين خطابة*** ومواعظا عريت عن البرهان
ما صرحت أخباره بالحق بل*** رمزت اليه اشارة لمعان
وخطاب هذا الخلق والجمهور بالحـ***ـق الصريح فغير ذي امكان
لا يقبلون حقائق المعقول الا*** في مثال الحس والأعيان
ومشارب العقلاء لا يردونها*** الا اذا وضعت لهم بأوان
من جنس ما ألفت طباعهم من الـ***ـمحسوس في ذا العالم الجثمان
فأتوا بتشبيه وتمثيل وتجـ***ـسيم وتخييل الى الأذهان
ولذاك يحرم عندهم تأويله*** لكنه حل لذي العرقان
فإذا تأولناه كان جناية*** منا وخرق سياج ذا البستان
لكن حقيقة قولهم ان قد اتوا*** بالكذب عند مصالح الانسان
والفيلسوف وذا الرسول لديهم*** متفاوتان وما هما عدلان
أما الرسول ففيلسوف عوامهم***والفيلسوف نبي ذي البرهان
والحق عندهم ففيما قاله*** اتباع صاحب منطق اليونان
ومضى على هذه المقالة أمة*** خلف ابن سينا فاغتذوا بلبان
منهم نصير الكفرة في أصحابه*** الناصرين لملة الشيطان
فأسأل بهم ذا خبرة تلقاهم*** أعداء كل موحد رباني
وأسأل بهم ذا خبرة تلقاهم*** أعداء رسل الله والقرآن
صوفيهم عبد الوجود المطلق*** المعدوم عند العقل في الأعيان
أو ملحد بالاتحاد يدين لا بالتوحيـ***ـد منسلخ من الأديان
معبوده موطوءه فيه يرى*** وصف الجمال ومظهر الاحسان
الله أكبر كم على المذهب الـ***ـملعون بين الناس من شيخان
يبقون منهم دعوة ويقبلو***ن أياديا منهم رجا الغفران
ولو أنهم عرفوا حقيقة أمرهم*** رجموهم لا شك بالصوان
فابذر لهم أن كنت تبغي كشفهم***وافرش لهم كفان من الأتبان
وأظهر بمظهر قابل منهم ولا*** تظهر بمظهر صاحب النكران
وانظر الى أنهار كفرت فجرت*** وتهم لولا السيف بالجريان

فصل
في مقالات طوائف الاتحادية في كلام الرب جل جلاله

وأتت طوائف الاتحاد بملة*** طمت على ما قال كل لسان
قالوا كلام الله كل كلام هذا الـ***ـخلق من جن ومن انسان
نظما ونثرا زوره وصحيحه*** صدقا وكذبا واضح البطلان
فالسب والشتم القبيح وقذفهم*** للمحصنات وكل نوع اغان
والنوح والتعزيم والسحر المبـ***ـين وسائر البهتان والهذيان
هو عين قول الله جل جلاله*** وكلامه حقا بلا نكران
هذا الذي أدى اليه أصلهم*** وعليه قام مكسح البنيان
اذ أصلهم أن الاله حقيقة*** عين الوجود وعين ذي الأكوان
فكلامهما وصفاتها هو قوله*** وصفاته ما ها هنا قولان
وكذاك قالوا أنه الموصوف بالضـ***ـدين من قبح ومن أحسان
وكذلك قد وصفوه أيضا بالكما***ل وضده من سائر النقصان
هذي مقالات الطوائف كلها*** حملت اليك رحصة الأثمان
وأظن لو فتشت كتب الناس ما*** ألفيتها أبدا بذا التبيان
زفت اليك فإن يكن لك ناظر*** أبصرت ذات الحسن والاحسان
فاعطف على الجهمية المغل الألي*** خرقوا سياج العقل والقرآن
شرد بهم من خلفهم واكسرهم*** بل ناد في ناديهم بأذان
أفسدتم المعقول والمنقول والـ***ـمسموع من لغة بكل لسان
أيصح وصف الشيء بالمشتق الـ***ـمسلوب معناه لذي الأذهان
أيصح صبار ولا صبر له*** ويصح شكار بلا شكران
ويصح علام ولا علم له*** ويصح غفار بلا غفران
ويقال هذا سامع أو مبصر*** والسمع والأبصار مفقودان
هذا محال في العقول وفي النقو***ل وفي اللغات وغير ذي امكان
فلئن زعمتم أنه متكلم*** لكن بقول قام بالانسان
أو غيره فيقال هذا باطل*** وعليكم في ذاك محذوران
نفي اشتقاق اللفظ للموجود معـ***ـناه به وثبوته للثاني
أعني الذي ما قام معناه به*** قلب الحقائق أقبح البهتان
ونظير ذا اخوان هذا مبصر*** وأخوه معدود من العميان
سميه الأعمى بصيرا اذ أخو***ه مبصر وبعكسه في الثاني
فلئن زعمتم أن ذلك ثابت*** في فعله كالخلق للأكوان
والفعل ليس بقائم بالهنا*** اذ لا يكون محل ذي حدثان
ويصح أن يشتق منه خالق*** فكذلك المتكلم الوحداني
هو فاعل لكلامه وكتابه*** ليس الكلام له بوصف معان
ومخالف المعقول والمنقول والـ***ـفطرات والمسموع للانسان
من قال أن كلامه سبحانه*** وصف قديم أحرف ومعان
والسين عند الباء ليست بعدها*** لكن هما حرفان مقترنان
أو قال أن كلامه سبحانه*** معنى قديم قام بالرحمن
ما أن له كل ولا بعض ولا أل***عربي حقيقته ولا العبراني
والأمر عين النهي وأستفهامه*** هو عين أخبار بلا فرقان
وكلامه كحياته ما ذاك مقـ***ـدور له بل لازم الرحمن
هذا الذي قد خالف المعقول والـ***ـمنقول والفطرات للانسان
أما الذي قد قال أن كلامه*** ذو أحرف قد رتبت ببيان
وكلامه بمشيئة وارادة*** كالفعل منه كلاهما سيان
فهو الذي قد قال قولا يعلم الـ*** ـعقلاء صحته بلا نكران
فلأي شيء كان ما قد قلتم*** أولى وأقرب منه للبرهان
ولأي شيء دائما كفرتم*** أصحاب هذا القول بالعدوان
فدعوا الدعاوى وابحثوا معنى*** بتحقيق وانصاف بلا عدوان
وارفوا بمذاهبكم وسدوا خرقها*** ان كان ذاك الرفو في الامكان
فاحكم هداك الله بينهم فقد*** ادلوا اليك بحجة وبيان
لا تنصرن سوى الحديث وأهله*** هم عسكر الايمان والقرآن
وتحيزن اليهم لا غيرهم*** لتكون منصورا لدى الرحمن
فتقول هذا القدر قد أعيا على*** أهل الكلام وقاده أصلان
أحديهما هل فعل مفعوله*** او غيره فهما لهم قولان
والقائلون بانه هو عينه*** فروا من الأوصاف بالحدثان
لكن حقيقة قولهم وصريحة*** تعطيل خالق هذه الأكوان
عن فعله اذ فعله مفعوله*** لكنه ما قام بالرحمن
فعلى الحقيقة ما له فعل اذ الـ*** ـمفعول منفصل عن الديان
والقائلون بأنه غير له*** متنازعون وهم فطائفتان
احداهما قالت قديم قائم*** بالذات وهو كقدرة المنان
سموه تكوينا قديما قاله*** اتباع شيخ العالم النعماني
وخصومهم لم ينصفوا في رده*** بل كابروهم ما اتوا ببيان
والآخرون لما رأوه أمرا حادثا*** بالذات قام وانهم نوعان
أحداهما جعلته مفتتحا به***حذر التسلسل ليس ذا امكان
هذا الذي قالته كرامية*** ففعاله وكلامه سيان
والآخرون أولو الحديث كأحمد*** ذاك ابن حنبل الرضي الشيباني
قد قال ان الله حقا لم يزل*** متكلما أن شاء ذو احسان
جعل الكلام صفات فعل قائم*** بالذات لم يفقد من الرحمن
وكذاك نص على دوام الفعل*** بالاحسان أيضا في مكان ثان
وكذا ابن عباس فراجع قوله*** لما أجاب مسائل القرآن
وكذاك جعفر الامام الصادق الـ*** ـمقبول عند الخلق ذو العرفان
قد قال لم يزل المهيمن محسنا***برا جوادا عند كل أوان
وكذا الامام الدارمي فانه*** قد قال ما فيه هدى الحيران
قال الحياة مع الفعال كلاهما*** متلازمان فليس يفترقان
صدق الامام فكل حي فهو فعال وذا في غاية التبيان
الا اذا ما كان ثم موانع***من آفة أو قاسر الحيوان
والرب ليس لفعله مانع*** ما شاء كان بقدرة الديان
ومشيئة الرحمن لازمة له***وكذاك قدرة ربنا الرحمن
هذا وقد فطر الاله عباده*** أن المهيمن دائم الاحسان
أو لست تسمع قول كل موحد*** يا دائم المعروف والسلطان
وقديم الاحسان الكثير ودائم ال*** جود العظيم وصاحب الغفران
من غير انكار عليهم فطرة*** فطروا عليها لا توصي ثان
أو ليس فعل الرب تابع وصفه*** وكماله أفذاك ذو حدثان
وكماله سبب الفعال وخلقه*** أفعالهم سبب الكمال الثاني
أو ما فعال الرب عين كماله*** أفذاك ممتنع عن المنان
أزلا الى أن صار فيما لم يزل*** متمكنا والفعل ذو امكان
تالله قد ضلت عقول القوم اذ*** قالوا بهذا القول ذي البطلان
ماذا الذي أضحى له متجددا*** حتى تمكن فانطقوا ببيان
والرب ليس معطلا عن فعله*** بل كل يوم ربنا في شان
والأمر والتكوين وصف كماله*** ما فقد ذا ووجوده سيان
وتخلف التأثير بعد اتمام مو***جبه محال ليس في الامكان
والله ربي لم يزل ذا قدرة*** ومشيئة ويليها وصفان
العلم مع وصف الحياة وهذه*** اوصاف ذات الخلق المنان
وبها تمام الفعل ليس بدونها*** فعل يتم بواضح البرهان
فلأي شيء قد تأخر فعله*** مع موجب قد تمّ بالأركان
ما كان ممتنعا عليه الفعل بل*** ما زال فعل الله ذا امكان
والله عاب المشركين بأنهم*** عبدوا الحجارة في رضا الشيطان
ونعى عليهم كونها لس بخا***لقة وليست ذات نطق وبيان
فأبان أن العقل والتكليم من*** أوثانهم لا شك فقودان
واذا هما فقدوا فما مسلوبها*** بأله حق هو ذو بطلان
والله فهو اله الحق دائما*** أفعنه ذا الوصفان مسلوبان
أزلا وليس لفقدها من غاية هذا المحال وأعظم البطلان
ان كان رب العرش حقا لم يزل*** أبدا اله الحق ذا سلطان
فكذاك أيضا لم يزل متكلما***بل فاعلا ما شاء ذا احسان
والله ما في العقل ما يقضي لذا*** بالرد والابطال والنكران
بل ليس في المعقول غير ثبوته*** للخالق الأزلي ذي الاحسان
هذا وما دون المهيمن حادث*** ليس القديم سواه في الأكوان
والله سابق كل شيء غيره*** سبحانه جل العظيم الشان
لسنا نقول كما يقول الملحد الـ***زنديق ضاحب منطق اليونان
بدوام هذا العام المشهود والـ***أرواح في أزل وليس بفان
هذا مقالات الملحدة الألى*** كفروا بخالق هذه الأكوان
وأتى ابن سينا بعد ذاك مصانعا*** للمسلمين فقال بالامكان
لكنه الأزلي ليس بمحدث*** ما كان معدوما ولا هو فان
وأتى بصلح بين طائفتين بينهما الحروب وما هما سلمان
أنى يكون المسلمين وشيعة الـ***يونان صلحا قط في الايمان
والسيف بين الأنبياء وبينهم*** والحرب بينهم فحرب عوان
وكذا أتى الطوسي بالحرب الصر***يح بصارم منه وسل لسان
وأتى الى الاسلام ليهدم أصله*** من أسه قواعد البنيان
عمر المدارس للفلاسفة الألى*** كفروا بدين الله والقرآن
وأتى الى أوقاف أهل الدين بنقلها اليهم فعل ذي أضغان
وأراد تحويل الاشارت التي*** هي لابن سينا موضع الفرقان
وأراد تحويل الشريعة بالنوا*** ميس التي كانت لذي اليونان
لكنه علم اللعين بأن ها***ذا ليس في المقدور والامكان
الا اذا قتل الخليفة والقضا***ة وسائر الفقهاء في البلدان
فسعى لذلك وساعد المقدور بالأمر الذي هو حكمة الرحمن
فأشار أن يضع التتار سيوفهم*** في عسكر الايمان والقرآن
لكنهم يبقون أهل مصانع الد*** نيا لأجل مصالح الأبدان
فغدا على سيف التتار الألف في*** مثل لها مضروبة بوزان
وكذا ثمان مئينهما في الفها***مضروبة بالعد والحسبان
حتى بكى الاسلام أعداه اليهود***كذا المجوس وعابد الصلبان
فشفى اللعين النفس من حزب الر***سول وعسكر الايمان والقرآن
وبوده لو كان في أحد وقد*** شهد الوقيعة مع أبي سفيان
لأقر أعينهم وأوفى نذره*** أو ان يرى متمزق اللحمان
وشواهد الأحداث ظاهرة على*** ذا العالم المخلوق بالبرهان
وأدلة التوحيد تشهد كلها*** بحدوث كل ما سوى الرحمن
أو كان غير الله جل جلاله*** معه قديما كان ربا ثان
اذ كان عن رب العلى مستغنيا*** فيكون حينئذ لنا ربان
والرب باستقلاله متوحد*** أفممكن أن يستقل اثنان
لو كان ذاك تنافيا وتساقطا*** فإذا هما عدمان ممتنعان
والقهر والتوحيد يشهد منهما*** كل لصاحبه هما عدلان
ولذك اقترنا جميعا في صفا***ت الله فانظر ذاك في القرآن
فالواحد القهار حقا ليس في الا*** مكان أن تحظى به ذاتان

فصل
في اعتراضهم على القول بدوام فاعلية الرب تعالى
وكلامه والانفصال عنه

فلئن زعمتم أن ذاك تسلسل*** قلنا صدقتم وهو ذو امكان
كتسلسل التأثير في مستقبل***هل بيت ذلك قط من فرقان
والله ما افترقا لذي عقل ولا*** نقل ولا نظر ولا برهان
في سلب امكان ولا في ضده*** هذي العقول ونحن ذو أذهان
فليأت بالفرقان من هو فاروق*** فرقا يبين لصالح الأذهان
وكذاك سوى الجهم بينهما كـ***ـذا العلاف في الانكار والبطلان
ولأجل ذا حكما بحكم باطل*** قطعا على الجنات والنيران
فالجهم أفنى الذات والعلاف*** للحركات افنى قاله الشوران
وأبو علي وابنه والأشعري*** وبعده ابن الطيب الرباني
وجميع أرباب الكلام الباطل ال***مذموم عند أئمة الايمان
فرقوا وقالوا ذاك فيما لم يزل*** حق وفي أزل بلا امكان
قالوا لأجل تناقض الأزلي وال***أحداث ما هذان يجتمعان
لكن دوام الفعل في مستقبل*** ما فيه محذور من النكران
فانظر الى التلبيس في ذا الفرق تر**ويجا على العوران والعميان
ما قال ذو عقل بأن الفرد ذو*** أزل لذي ذهن ولا أعيان
بل كل فرد فهو مسبوق بفرد***قلبه أبدا بلا حسبان
ونظير هذا كل فرد فهو ملحـ ***ـوق بفرد بعده حكمان
النوع والآحاد مسبوق وملحـ ***ـوق وكل فهو منها فان
والنوع لا يفنى أخيرا فهو لا*** يفنى كذلك أولا ببيان
وتعاقب الآنات أمر ثابت*** في الذهن وهو كذلك في الأعيان
فإذا أبيتم ذا وقلتم أول الـ*** ـآنات مفتتح بلا نكران
ما كان ذاك الآن مسبوقا يرى*** الا بسلب وجوده الحقاني
فيقال ما تعنون بالآنات هل*** تعنون مدة هذه الأزمان
من حين أحداث السموات العلى*** والأرض والأفلاك والقمران
ونظنكم تعنون ذاك ولم يكن*** من قبلها شيء من الأكوان
هل جاءكم في ذاك من أثر ومن *** نص ومن نظر ومن برهان
هذا الكتاب وهذه الآثار والمعـ***ـقول في الفطرات والأذهان
أنا نحاكمكم الى ما شئتمو*** منها فكل الحق في تبيان
أزليس خلق الكون في الأيام كا***ن وذاك مأخوذ من القرآن
أوليس ذلكم الزمان بمدة*** لحدوث شيء وهو عين زمان
فحقيقة الأزمان نسبة حادث*** لسواه تلك حقيقة الأزمان
واذكر حديث السبق للتقدير والتو***قيت قبل جميع ذي الأعيان
خمسين ألفا من سنين عدها المخـ***ـتار سابقة لذي الأكوان
هذا وعرش الرب فوق الماء من*** قبل السنين بمدة وزمان
والناس مختلفون في القلم الذي*** كتب القضاء به من الديان
هل كان قبل العرش أو هو بعده*** قولان عند ابي العلا الهمذاني
والحق أن العرش قبل لأنه*** قبل الكتابة كان ذا أركان
وكتابة القلم الشريف تعقبت*** ايجاده من غير فصل زمان
لما براه الله قال أكتب كذا*** فغدا بأمر الله ذا جريان
فجرى بما هو كائن أبدا الى*** يوم الميعاد بقدرة الرحمن
أفكان رب العرش جل جلاله*** من قبل ذا عجز وذا نقصان
أم لم يزل ذا قدرة والفعل مقـ***ـدور له أبدا وذو امكان
فلئن سئلت وقلت ما هذا الذي***اداهم لخلاف ذا التبيان
ولأي شيء لم يقولوا إنه*** سبحانه هو دائم الاحسان
فأعلم بأن القوم لما أسسوا*** أصل الكلام عموا عن القرآن
وعن الحديث ومقتضى المعقول بل*** عن فطرة الرحمن والبرهان
وبنوا قواعدهم عليه فقادهم*** قسرا الى التعطيل والبطلان
نفي القيام لكل أمر حادث*** بالرب خوف تسلسل الأعيان
فيسد ذاك عليهم في زعمهم*** اثبات صانع هذه الأكوان
اذ أثبتوه يكون ذي الأجساد حا***دثة فلا تنفك عن حدثان
فإذا تسلسلت الحوادث لم يكن*** لحدوثها اذ ذاك من برهان
فلأجل ذا قالوا التسلسل باطلا*** والجسم لا يخلو عن الحدثان
فيصح حينئذ حوث الجسم من*** هذا الدليل بواضح البرهان
هذي نهايات لاقدام الورى*** في ذا المقام الضيق الأعطان
فمن ذا الذي يأتي بفتح بين*** ينجي الورى من غمرة الحيران
فالله يجزيه الذي هو أهله*** من جنة المأوى مع الرضوان
فاسمع إذا وافهم فذاك معطل*** ومشبه وهداك ذو الغفران
هذا الدليل هو الذي أرداهم*** بل هد كل قواعد القرآن
وهو الدليل الباطل المردود عند أئمة التحقيق والعرفان
ما زال أمر الناس معتدلا الى*** أن دار في الأوراق والأذهان









__________________
عندما تنتحر الحريات تعجز الديمقراطية عن عمل عزاء للشرف .
رد مع اقتباس