عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 29-11-2010, 12:25 PM
الصورة الرمزية ضياء الدين سعيد
ضياء الدين سعيد ضياء الدين سعيد غير متواجد حالياً
متـرجـــــــــــم و عضو مميز2013 والفائز بالمركز الثالث فى المسابقة الشعرية 2014
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 4,115
معدل تقييم المستوى: 22
ضياء الدين سعيد has a spectacular aura about
افتراضي


فصل
في تعيين الهجرة من الآراء والبدع الى سنته
كما كانت فرضا من الأمصار الى بلدته عليه السلام
يا قوم فرض الهجرتين بحاله*** والله لم ينسخ الى ذا الآن
فالهجر الأول الى الرحمن بالـ***إخلاص في سر وفي اعلان
حتى يكون القصد وجه اله بالـ***أقوال والأعمال والايمان
ويكون كل الدين للرحمن ما***لسواه شيء فيه من إنسان
والحب والبغض اللذان هما لـ***ـكل ولاية وعداوة أصلان
لله أيضا هكذا الاعطاء والمنـ***ـع اللذان عليهما يقفان
والله هذا شطر دين الله*** والتحيكم للمختار شطر ثان
وكلاهما الاحسان لمن يتقبل الرح***من من سعي بلا احسان
والهجرة الأخرى الى المبعوث بالـ***إسلام والايمان والاحسان
أترون هذي هجرة الأبدان لا*** والله بل هي هجرة الايمان
قطع المسافة بالقلوب اليه في*** درك الأصول مع الفروع وذان
أبدا اليه حكمها لا غيره*** فالحكم ما حكمت به النصان
يا هجرة طالت مسافتها على*** من خص بالحرمان والخذلان
يا هجرة طالت مسافتها على*** كسلان منخوب الفؤاد جبان
يا هجرة والعبد فوق فراشه*** سبق السعادة لمنزل الرضوان
ساروا أحث السير وهو فسيره*** سير الدلال وليس بالذملان
هذا وتنظره أمام الركب كالعـ***ـلم العظيم يشاف في القيعان
رفعت له أعلام هاتيك النصو***ص رؤؤوسها شابت من النيران
نار هي النور المبين ولم يكن*** ليراه إلا من له عينان
محكولتان بمرود الوحيين لا*** بمراود الآراء والهذيان
فلذاك شمر نحوها لم يلتفت*** لا عن شمائله ولا أيمان
يا قوم لو هاجرتم لرأيتم*** أعلان طيبة رؤية بعيان
ورأيتم ذاك اللواء وتحته الرسـ***ـل الكرام وعسكر القرآن
أصحاب بدر والألى قد بايعوا*** أزكى البرية بيعة الرضوان
وكذا المهاجرة الألى سبقوا كذا الـ***أنصار أهل الدار والايمان
والتابعون لهم باحسان وسا***لك هديهم أبدا بكل زمان
لكن رضيتم بالأماني وابتليـ***ـتم بالحظوظ ونصرة الاخوان
بل غركم ذاك الغرور وسولت***لكم النفوس وساوس الشيطان
ونبذتم غسل النصوص وراءكم*** وقنعتم بقطارة الأذهان
وتركتم الوحيين زهدا فيهما*** ورغبتم في رأي كل فلان
وعزلتم النصين عما وليا*** للحكم فيه عزل ذي عدوان
وزعمتم أن ليس يحكم بيننا*** الا العقول ومنطق اليونان
فهما بحكم الحق أولى منهما*** سبحانك اللهم ذا السبحان
حتى إذا انكشف الغطاء وحصلت*** أعمال هذا الخلق في الميزان
وإذا انجلى هذا الغبار وصار ميـ***ـدان السباق تناله العينان
وبدت على تلك الوجوه سماتها*** وسم المليك القادر الديان
مبيضة مثل الرياض بجنة*** والسود مثل الفحم للنيران
فهناك يعلم كل راكب ما تحته*** وهناك يقرع ناجذ الندمان
وهناك تعلم كل نفس ما الذي*** معها من الأرباح والخسران
وهناك يعلم مؤثر الآراء والشـ***ـطحات والهذيان والبطلان
أي البضائع قد أضاع وما الذي*** منها تعوض في الزمان الفاني
سبحان رب الخلق قاسم فضله*** والعدل بين الناس في بالميزان
لو شاء كان الناس شيئا واحدا*** ما فيهم من تائه جيران
لكنه سبحانه يختص بالفضـ***ـل العظيم خلاصة الانسان
وسواهم لا يصلحون لصالح*** كالشوك فهو عمارة النيران
وعمارة الجنات هم أهل الهدى*** الله أكبر ليس يستويان
فسل الهداية من أزمة أمرنا*** بيديه مسألة الذليل العاني
وسل العياذ من اثنتين هما اللتا***ن بهلك هذا الخلق كافلتان
شر النفوس وسيء الأعمال ما*** والله أعظم منهما شران
ولقد أتى هذا التعوذ منهما*** في خطبة المبعوث بالقرآن
لو كان يدري العبد أن مصابه*** في هذه الدنيا هما الشران
جعل التعوذ منهما ديدانه*** حتى تراه داخل الأكفان
وسل العياذ من التكبر والهوى*** فهما لكل الشر جامعتان
وهما يصدان الفتى عن كل طر***ق الخير إذ في قلبه يلجان
فتراه يمنعه هواه تارة*** والكبر أخرى ثم يشتركان
والله ما في النار إلا تابع*** هذين فاسأل ساكني النيران
والله لو جردت نفسك منهما*** لأتت اليك وفود كل تهان
فصل
في ظهور الفرق المبين بين دعوة الرسل ودعوة المعطلين
والفرق بين الدعوتين فظاهر*** جدا لمن كانت له أذنان
فرق مبين ظاهر لا يختفي*** إيضاحه الا على العميان
فالرسل جاؤونا بإثبات العلو*** لربنا من فوق كل مكان
وكذا أتونا بالصفات لربنا*** الرحمن تفصيلا بكل بيان
وكذاك قالوا أنه متكلم*** وكلامه المسموع بالآذان
وكذاك قالوا أنه سبحانه*** المرئي يوم لقائه بعيان
وكذاك قالوا أنه الفعال حقـ***ـا كل يوم ربنا في شان
وأتيتمونا أنتم بالنفي والتـ***ـعطيل بل بشهادة الكفران
للمثبتين صفاته وعلوه*** ونداءه في عرف كل لسان
شهدوا بإيمان المقر بأنه*** فوق السماء مباين الأكوان
وشهدتم أنتم بتمفير الذي*** قد قال ذلك يا أولي العدوان
وأتى بأين الله اقرارا ونطـ***ـقا قلتم هذا من البهتان
فسلوا لنا بالأين مثل سؤالنا*** ما الكون عندكم هما شيئان
وكذا أتونا بالبيان فقلتم*** باللغز أين اللغز من تبيان
إذ كان مدلول الكلام ووضعه*** لم يقصدوه بنطقهم بلسان
والقصد منه غير مفهوم به*** ما اللغز عند الناس إلا ذان
يا قوم رسل الله أعرف منكم*** وأتم نصحا في كمال بيان
اترونهم قد ألغزوا التوحيد إذ*** بينتموه يا أولي العرفان
أترونهم قد أظهروا التشبيه وهـ***ـو لديكم كعبادة الأوثان
ولأي شيء صرحوا بخلافه*** تصريح تفصيل بلا كتمان
ولأي شيء بالغوا في الوصف با***لإثبات دون النفي كل زمان
ولأي شيء أنتم بالغتم*** في النفي والتعطيل بالقفزان
فجعلتم نفي الصفات مفصلا*** تفصيل نفي العيب والنقصان
وجعلتم الاثبات أمرا مجملا*** عكس الذي قالوه بالبرهان
أتراهمعجزوا عن التبيان واسـ***توليتم أنتم على التبيان
أترون أفراخ اليهود وأمـ***ـة التعطيل والعبّاد للنيران
ووقاح أرباب الكلام الباطل المـ***ـذموم عند أئمة الايمان
من كل جهمي ومعتزل ومن*** والاهما من حزب جنكسخان
بالله أعلم من جميع الرسل والتـ***ـوراة والانجيل والقرآن
فسلوهم بسؤال كتبهم التي*** جاءوا بها عن علم هذا الشأن
وسلوهم هل ربكم في أرضه*** أو في السماء وفوق كل مكان
أم ليس من ذا كله شيء فلا*** هو داخل أو خارج الأكوان
فالعلم والتبيان والنصح الذي*** فيهم يبين الحق كل بيان
لكنما الألغاز والتلبيس والـ***ـكتمان فعل معلم شيطان
فصل
في شكوى أهل السنة والقرآن اهل التعطيل والآراء المخالفين للرحمن
يا رب هم يشكوننا أبدا** ببغيهم وظلمهم الى السلطان
ويلبسون عليه حتى أنه*** ليظنهم هم ناصرو الايمان
فيرونه البدع المضلة في قوا***لب سنة نبوية وقرآن
ويرونه الاثبات للأوصاف في*** أمر شنيع ظاهر النكران
فيلبسون عليه تلبيسين لو*** كشفنا له باداهم بطعان
يا فرقة التلبيس لا حييتم*** ابدا وحييتم بكل هوان
لكننا نشكوهم وصنيعتهم*** أبدا اليك فأنت ذو السلطان
فاسمع شكايتنا وأشك محقتنا*** والمبطل اردده عن البطلان
راجع به سبل الهدى والطف به*** حتى تريه الحق ذا تبيان
وارحمه وارحم سعيه المسكين قد*** ضل الطريق وتاه في القيعان
يا رب قد عم المصاب بهذه الآ***راء والشطحات والبهتان
هجروا لها الوحيين والفطرات والآثار لم يعبوا بذا الهجران
قالوا وتلك ظواهر لفظية*** لم تغن شيئا طالب البرهان
فالعقل أولى أن يصار اليه من*** هذه الظواهر عند ذي العرفان
ثم ادعى كل بأن العقل ما*** قد قلته دون الفريق الثاني
يا رب قد خار العباد بعقل من*** يزنون وحيك فائت بالميزان
وبعقل من يفقضي عليك فكلهم*** قد جاء بالمعقول والبرهان
يا رب ارشدنا الى معقول من*** يقع التحاكم أننا خصمان
جاءوا بشبهات وقالوا أنها*** معقولة ببدائه الأذهان
وكل يناقض بعضه بعضا وما*** في الحق معقولان مختلفان
قضوا بها كذبا علي وجرأة*** منهم وما التفتوا الى القرآن
يا رب قد أوهى النفاة حبائل القرآن والآثار والايمان
يا رب قد قلب النفاة الدين والا***يمان ظهر منه فوق بطان
يارب قد بغت النفاة وأجلبوا*** بالخيل والرجل الحقير الشان
نصبوا الحبائل والغوائل للألى*** أخذوا بوحيك دون قول فلان
ودعوا عبادك أن يطيعوهم فمن*** يعصيهم ساموه شر هوان
وقضوا على من لم يقل بضلالهم*** باللعن والتضليل والكفران
وقضوا على أتباع وحيك بالذي*** هم أهله لا عسكر الفرقان
وقضوا بعزلهم وقتلهم وحبـ***ـسهم ونفيهم عن الأوطان
وتلاعبوا بالدين مثل تلاعب الـ***ـحمر التي نفرت بلا أرسان
حتى كأنهم تواصوا بينهم*** يوصي بذلك أول للثاني
هجروا كلامك مبتدع لمن*** قد دان بالآثار والقرآن
فكأنه فيما لديهم مصحف*** في بيت زنديق أخي كفران
أو مسجد بجوار قوم همهم*** في الفسق لا في طاعة الرحمن
وخواصهم لم يقرءوه تدبرا*** بل للتبرك لا لفهم معان
وعوامهم في الشع أو في ختمة*** أو تربة عوضا لذي الأثمان
هذا وهم حرفية التجويد أو*** صوتية الأنغام والألحان
يا رب قد قالوا بأن مصاحف الا***سلام ما فيها من القرآن
الا المداد وهذه الأوراق والجلد الذي قد سل من حيوان
والكل مخلوق ولست بقائل*** أصلا ولا حرفا من القرآن
ان ذاك الا قول مخلوق وهل*** هو جبريل أو الرسول فذان
قولان مشهوران قد قالتهما*** أشياخهم يا محنة القرآن
لو داسه رجل لقالوا لم يطأ*** الا المداد وكاغد الانسان
يا رب زالت حرمة القرآن من*** تلك القلوب وحرمة الايمان
وجرى على الأفواه منهم قولهم*** ما بيننا لله من قرآن
منا بيننا الا الحكاية عنـ***ـه والتعبير ذاك عبارة بلسان
هذا وما التالون عمالا به*** إذ هم قد استغنوا بقول فلان
ان كان قد جاز الحناجر منهم*** فبقدر ما عقلوا من القرآن
والباحثون فقدموا رأي الرجا***ل عليه تصريحا بلا كتمان
عزلوه إذ ولوا سواه وكان ذا***ك العزل قائدهم لى الخذلان
قالوا ولم يحصل لنا منه يقيـ***ـن فهو معزول عن الايقان
إن اليقين قواطع عقلية*** ميزانها هو منطق اليونان
هذا دليل الرفع منه وهذه*** أعلامه في آخر الأزمان
يا رب من أهلوه حقا كي يرى*** إقدامهم منا على الأذقان
أهلوه نت لا يرتضي منه بديـ***ـلا فهو كافيهم بلا نقصان
وهو الدليل لهم وهاديهم الى الـ***إيمان والايقان والعرفان
هو موصل لهم الى درك اليقيـ***ـن حقيقة وقواطع البرهان
يا رب نحن العاجزون بحبهم*** يا قلة الأنصار والأعوان
فصل
في أذان أهل السنة الاعلام بصريحها جهرا
على رءوس منابر الاسلام
يا قوم قد حانت صلاة الفجر فانتبهوا فإني معلن بأذان
لا بالملحن والمبدل ذاك بل***تأذين حق واضح التبيان
وهو الذي حقا اجابته على*** كل مارئ فرض على الأعيان
الله أكبر أن يكون كلامه الـ***ـعربي مخلوقا من الأكوان
والله أكبر أن يكون رسوله الـ***ملكي أنشأه عن الرحمن
والله أكبر أن يكون رسوله البـ***ـشري أنشأه لنا بلسان
هذي مقالات لكم يا أمة التـ***ـشبيه ما أنتم على إيمان
شبهتم الرحمن بالأوثان في*** عدم الكلام وذاك للأوثان
مما يدل بأنها ليست بآ***لهة وذا البرهان في الفرقان
في سورة الأعراف مع طه وثا***لثها فلا تعدل عن القرآن
أفصح أن الجاحدين لكونه*** متكلما بحقيقة وبيان
هم أهل تعطيل وتشبيه معا*** بالجامدات عظيمة النقصان
لا تقذفوا بالداء منكم يا شيعة الر***حمن أهل العلم والعرفان
إن الذي نزل الأمين به على*** قلب الرسول الواضح البرهان
هو قول ربي اللفظ والمعنى جميـ***ـعا إذ هما أخوان مصطحبان
لا تقطعوا رحما تولى وصلها*** الرحمن وتنسلخوا من الايمان
ولقد شفانا قول شاعرنا الذي*** قال الصواب وجاء بالاحسان
إن الذي هو في المصاحف مثبت*** بأنامل الأشياخ والشبان
هو قول ربي آية وحروفه *** ومدادنا والرق مخلوقان
والله أكبر من على العرش استوى*** لكنه استولى على الأكوان
والله أكبر ذو المعارج من اليـ***ـه تعرج الأملاك كل أوان
والله أكبر من يخاف جلاله*** املاكه من فوقهم ببيان
والله أكبر من غدا لسريره*** أط به كالرحل للركبان
والله أكبر من أتانا قوله*** من عنده من فوق ست ثمان
نزل الأمين به بأمر الله من*** رب على العرش استوى الرحمن
والله أكبر قاهر فوق العبا***د فلا تضع فوقية الرحمن
من كل وجه تلك ثابتة له*** لا تهضموها يا أولي البهتان
قهرا وقدرا واستواء الذات فو***ق العرش بالبرهان
فبذاته خلق السموات العلى***ثم استوى بالذات فافهم ذان
فضمير فعل الاستواء يعود للـ***ـذات التي ذكرت بلا فرقان
هو ربنا خالق هو مستو*** بالذات هذي كلها بوزان
والله أكبر ذو العلو المطلق الـ***ـمعلوم بالفطرات والايمان
فعلوه من كل وجه ثابت*** فالله أكبر جل ذو السلطان
والله أكبر من رقا فوق الطبا***ق رسوله فدنا من الديان
واليه قد صعد الرسول حقيقة*** لا تنكروا المعراج بالبهتان
ودنا من الجبار جل جلاله*** ودنا اليه الرب ذو الاحسان
والله قد أحصى الذي قد قلتم*** في ذلك المعراج بالميزان
قلتم خيالا أو أكاذيبا او الـ***معراج لم يحصل الى الرحمن
إذا كان ما فوق السموات العلى *** رب اليه منتهى الانسان
والله أكبرمن أشار رسوله*** حقا اليه بإصبع وبنان
في مجمع الحج العظيم بموقف*** دون المعرف موقف الغفران
من قال منكم من أشار بأصبع*** قطعت فعند الله يجتمعان
والله أكبر ظاهر ما فوقه*** شيء وشأن الله أعظم شان
والله أكبر عرشه وسع السما*** والأرض والكرسي ذا الأركان
وكذلك الكرسي قد وسع الطبا***ق السبع والأرضين بالبرهان
فوق العرش والكرسي لا*** يخفى عليه خواطر الانسان
لا تحصروه في مكان إذ تقو***لوا ربنا حقا بكل مكان
نزهتموه بجهلكم عن عرشه*** وحصرتمونه في مكان ثان
لا تقدموه بقول داخل*** فينا ولا هو خارج الأكوان
الله أكبر هتكت أستاركم*** وبدت لمن كانت له عينان
والله أكبر جل عن شبه وعن*** مثل وعن تعطيل ذي كفران
والله أكبر من له الأسماء والـ*** أوصاف كاملة بلا نقصان
والله أكبر جل عن ولد وصا***حبة وعن كفء وعن آخذان
والله أكبر جل عن شبه الجما***د كقول ذي التعطيل والكفران
هم شبهوه بالجماد وليتهم*** قد شبهوه بكامل ذي شأن
الله أكبر جل عن شبه العبا***د فذان تشبيهان ممتنعان
والله أكبر واحد صمد فكـ***ـل الشأن في صمدية الرحمن
نفت الولادة والأبوة عنه والـ***كفء الذي هو لازم الانسان
وكذاك أثبتت الصفات جميعها*** لله سالمة من النقصان
واليه يصمد كل مخلوق فلا*** صمد سواه عز ذو السلطان
لا شيء يشبهه تعالى كيف يشبـ***ـهه خلقه ما ذاك في إمكان
لكن ثبوت صفاته وكلامه*** وعلوه حقا بلا نكران
لا تجعلوا الاثبات تشبيها له*** يا فرقة التشبيه والطغيان
كم ترتقون بسلم التنزيه للتـ***ـعطيل ترويجا على العميان
فالله أكبر أن يكون صفاته*** كصفاتنا جل العظيم الشان
هذا هو التشبيه لا إثبات أو***صاف الكمال فما هما سيان
فصل
في تلازم التعطيل والشرك
واعلم بأن الشرك والتعطيل مذ*** كانا هما لا شك مصطحبان
أبدا فكل معطل هو مشرك*** حتما وهذا واضح التبيان
فالعبد مضطر الى من يكشف البـ***ـلوى ويغني فاقة الانسان
واليه يصمد في الحوائج كلها*** واليه يفزع طالب لأمان
فإذا انتفت أوصافه وفعاله*** وعلوه من فوق كل مكان
فزع العباد الى سواه وكان ذا*** من جانب التعطيل والنكران
فمعطل الأوصاف ذاك معطل التـ***وحيد حقا ذان تعطيلان
قد عطلا بلسان كل الرسل من*** نوح الى المبعوث بالقرآن
والناس في هذا ثلاث طوائف*** ما رابع بذي امكان
احدى الطوائف مشرك بإلهه*** فإذا دعاه إلها ثان
هذا وثاني هذه الأقسام ذا*** لك جاحد يدعو سوى الرحمن
هو جاحد للرب يدعو غيره*** شركا وتعطيلا له قدمان
هذا وثالث هذه الأقسام خير الـ***ـخلق ذاك وخلاصة الانسان
يدعو الاله الحق لا يدعو سوا*** قط في الأشياء والأكوان
يدعوه في الرغبات والرهبان والـ***ـحالات من سر ومن اعلان
توحيده نوعان علمي وقصـ***ـدي كما قد جرد النوعان
في سورة الاخلاص مع تال لنثـ***ـر الله قل يا أيها ببيان
ولذاك قد شرعا بسنة فجرنا*** وكذاك سنة مغرب طربفان
ليكون مفتتح النهار وختمه*** تجريدك التوحيد للديان
وكذاك قد شرعا بخاتم وترنا***ختما لسعي الليل بالآذان
وكذاك قد شرعا بركعتي الطوا***ف وذاك تحقيق لهذا الشان
فهما إذا أخوان مصطحبان لا*** يتفارقان وليس ينفصلان
فمعطل الأوصاف ذو شرك كذا*** ذو الشرك فهو معطل الرحمن
أو بضع أوصاف الكمال له فحقـ***ـق ذا ولا تسرع الى نكران
فصل
في بيان أن المعطل شر من المشرك
لكن أخو التعطيل شر من أخي الـ***إشراك بالمعقول والبرهان
إن المعطل جاحد للذات أو*** لكمالها هذان تعطيلان
متضمنان القدح في نفس الألو***هة كم بذاك القدح من نقصان
والشرك فهو توسل مقصوده الز***لفى من الرب العظيم الشان
بعبادة المخلوق من حجر ومن*** بشر ومن قبر ومن أوثان
فالشرك تعظيم بجهل من قيا***س الرب بالأمران والسلطان
ظنوا بان الباب لا يغشى بدو***ن توسط الشفعاء والأعوان
ودهاهم ذاك القياس المستبين*** فساده ببداهة الانسان
الفرق بين الله والسلطان من***كل الوجوه لمن له أذنان
إن الملوك لعاجزون وما لهم*** علم بأحوال الدعا بأذان
كلا ولا هم قادرون على الذي*** يحتاجه الانسان كل زمان
كلا وما تلك الارادة فيهم*** لقضا حوائج كل ما انسان
كلا ولا وسعوا الخليقة رحمة*** من كل وجه هم أولو النقصان
فلذلك احتاجوا الى تلك الوسا***ئط حاجة منهم مدى الأزمان
أما الذي هو عالم للغيب مقـ***ـتدر على ما شاء ذو إحسان
وتخافه الشفعاء ليس يريد منـ***ـهم حاجة جل العظيم الشأن
بل كل حاجات لهم فاليه لا*** لسواه من ملك ولا انسان
وله الشفاعة كلها وهو الذي***في ذاك يأذن للشفيع الداني
لمن ارتضى ممن يوحده***ولم***يشرك به شيئا لما قد جاء في القرآن
سبقت شفاعته اليه فهو مشـ***ـفوع اليه وشافع ذو شان
فلذا أقام الشافعين كرامة*** لهم ورحمة صاحب العصيان
فالكل منه بدا ومرجعه اليـ***ـه وحده ما من اله ثان
غلط الألى جعلوا الشفاعة من سوا***ه اليه دون الاذن من رحمن
هذي شفاعة كل ذي شرك فلا*** تعقد عليها يا أخا الايمان
والله في القرآن أبطلها فلا*** تعدل عن الآثار والقرآن
وكذا الولاية كلها لله لا*** لسواهمن ملك ولا إنسان
والله لم يفهم أولو الاشراك ذا***ورآه تنقيصا أولو النقصان
إذ قد تضمن عزل من يدّعي سـ***ـوى الرحمن بل أحدية الرحمن
بل كل مدعو سواه من لدن*** عرش الاله الى الحضيض الداني
هو باطل في مفسه ودعاه عا***بدع له من أبطل البطلان
فله الولاية والولاية ما لنا*** من دونه وال من الأكوان
فإذا تولاه امرؤ دون الورى***طرا تولاه العظيم الشان
وإذا تولى غيره من دونه*** ولاه ما يرضى به لهوان
في هذه الدنيا وبعد مماته*** وكذاك عند قيامة الأبدان
حقا يناديهم ندا سبحانه*** يوم المعاد فيسمع الثقلان
يا من يريد ولاية الرحمن دو***ن ولاية الشيطان والأوثان
فارق جميع الناس في إشراكهم*** حتى تنال ولاية الرحمن
يكفيك من وسع الخلائق رحمة*** وكفاية ذو الفضل والاحسان
يكفيك رب لم تزل ألطافه*** تأتي اليك برحمة وحنان
يكفيك رب لم تزل في ستره*** ويراك حين تجيء بالعصيان
يكفيك رب لم تزل في حفظه*** ووقاية منه مدى الأزمان
يكفيك رب لم تزل في فضله*** متقلبا في السر والاعلان
يدعوه أهل الأرض مع أهل السما***ء فكل يوم ربنا في شان
وهو الكفيل بكل ما يدعونه*** لا يعتري جدواه من نقصان
فتوسط الشفعاء والشركاء والظـ***ـهراء أمر بيّن البطلان
ما فيه الا محض تشبيه لهم*** بالله وهو فأقبح البهتان
ما قصدهم تعظيمه سبحانه*** ما عطلوا الأوصاف للرحمن
لكن أخو التعطيل ليس لديه*** الا النفي أين النفي من إيمان
والقلب ليس يقرّ الا بالتعبـ***ـد فهو يدعوه الى الأكوان
فترى المعطل دائما في حيرة*** متنقلا في هذه الأعيان
يدعو الها ثم يدعو غيره*** ذا شأنه أبدا مدى الأزمان
ونرى الموحد دائما متنقلا*** بمنازل الطاعات والاحسان
ما زال ينزل في الوفاء منازلا*** وهس الطريق له الى الرحمن
لكنما معبوده هو واحد*** ما عنده ربان معبودان
فصل
في مثل لمشرك والمعطل
أين الذي قد قال في ملك عظيـ***ـم لست فينا قط ذا سلطان
ما في صفاتك من صفات الملك شيء كلها مساوية الوجدان
فهل استويت على سرير الملك أو*** دبرت أمر الملك والسلطان
أو قلت مرسوما تنفذه الرعا***يا أو نطقت بلفظة ببيان
أو كنت ذا أمر وذا نهي وتكـ***ـليم لمن وافى من البلدان
أو كنت ذا سمع وذا بصر وذا*** علم وذا سخط وذا رضوان
أو كنت قط مكلما متكلما***متصرفا بالفعل كل زمان
أو كنت تفعل ما تشاء حقيقة الـ***ـفعل الذي قد قام بالأذهان
أو كنت حيا فاعلا بمشيئة*** وبقدرة أفعال ذي السلطان
فعل يقوم بغير فاعله محا***ل غير معقول لذي الانسان
بل حالة الفعال قبل ومع وبعـ***ـد هي كالتي كانت بلا فرقان
والله لست بفاعل شيئا إذا*** ما كان شأنك منك هذا الشان
لا داخلا فينا ولا بخارج*** عنا خيالا درت في الأذهان
فبأي شيء كنت فينا مالكا*** ملكا مطاعا قاهر السطان
اسما ورسما لا حقيقة تحته*** شأن الملوك أجل من ذا الشأن
هذا وثان وقال أنت مليكنا*** وسواك لا نرضاه من سلطان
إذ حزت أوصاف الكمال جميعها*** ولأجل ذا دانت لك الثقلان
وقد استويت على سري الملك واسـ***ـتوليت مع هذا على البلدان
لكن بابك ليس يغشاه امرؤ*** إن لم يجيء بالشافع المعوان
ويذلّ للبواب والحجاب والشـ***ـفعاء أهل القريب والاحسان
أفيستوي هذا وهذا عندكم*** والله ما استويا لدى انسان
والمشركون أخف في كفرانهم*** وكلاهما من شيعة الشيطان
إن المعطل بالعداوة قائم*** في قالب التنزيه للرحمن
فصل
فيما أعد الله تعالى من الاحسان للمتمسكين بكتابه
وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عن فساد الزمان
هذا وللمتمسكين بسنة المختار عند فساد ذي الأزمان
أجر عظيم ليس يقدر قدره*** الا الذي أعطاه للانسان
فروى أبو داود في سنن له***ورواه أيضا أحمد الشيباني
أثرا تضمن أجر خمسين أمرا*** من صحب أحمد خيرة الرحمن
اسناده حسن ومصداق له*** في مسلم فافهمه بالاحسان
ان العبادة وقت هرج هجرة*** حقا الىّ وذاك ذو برهان
هذا وكم من هجرة لك أيها السـ***ـني بالتحقيق لا بأماني
هذا وكم من هجرة لهم بما*** قال الرسول وجاء في القرآن
ولقد أتى مثداقه في الترمذي لمن له أذنتان واعيتان
في اجر محيي سنة ماتت فذا***ك مع الرسول رفيقه بجنان
هذا ومصداق له أيضا أتى*** في الترمذي لمن له عينان
تشبيه أمته بغيث أول*** منه وآخره فمشتبهان
فلذالك لا يدري الذي هو منهما*** قد خص بالتفضيل والرجحان
ولقد أتى أثر بأن الفضل في الطرفين أعني أولا والثاني
والوسط ذو ثبج فاعوج هكذا*** جاء الحديث وليس ذا نكران
ولقد أتى في الوحي مصداق له*** في الثلتين وذاك في القرآن
أهل اليمن فثلة مع مثلها*** والسابقون أقل في الحسبان
ما ذاك الا أن تابعهم هم الغرباء ليست غربة الأوطان
لكنها والله غربة قائم*** بالدين بين عساكر الشيطان
فلذاك شبههم به متبوعهم*** في الغربتين وذاك ذو تبيان
لم بشبهوهم في جميع أمورهم*** من كل وجه ليس يستويان
فانظر الى تفسيره الغرباء بالمحيين سنته بكل زمان
طوبى لهم والشوق يحدوهم الى*** أخذ الحديث ومحكم القرآن
طوبى لهم لم يعبأوا بنحاتة الأ*** فكار أو بزبالة الأذهان
طوبى لهم ركبوا على متن العزا***ئم قاصدين لمطلع الايمان
طوبى لهم لم يعبأوا شيئا بذي الآ***راء إذ أغناهم الوحيان
طوبى لهم وامامهم دون الورى*** من جاء بالايمان والفرقان
والله ما ائتموا بشخص دونه*** إلا إذا ما دلهم ببيان
في الباب آثار عظيم شأنها*** أعيت على العلماء في الأزمان
إذ أجمع العلماء أن صحابة الـ***ـمختار خير طوائف الانسان
ذا بالضرورة ليس فيه الخلف بيـ***ـن اثنين ما حكيت به قولان
فلذاك ذي الآثار أعضل أمرها*** وبغوا لها التفسير بالاحسان
واسمع اذاﹰ تأويلها وافهمه لا*** تعجل برد منك أو نكران
ان البدار برد شيء لم تحط*** علما به سبب الى الحرمان
الفضل منه مطلق ومقيد*** وهما لأهل الفضل مرتبتان
والفضل ذو التقييد ليس بموجب*** فضلا على الاطلاق من انسان
لا يوجب التقييد أن يقضي له*** بالاستواء فكيف بالرجحان
إذ كان ذو الاطلاق حاز على الفضا***ئل فوق ذي التقييد بالاحسان
فاذ فرضنا واحدا قد حاز نو***عا لم يجزه فاضل الانسان
لم يوجب التخصيص من فضل عليـ***ـه ولا مساواة ولا نقصان
ما خلق آدم باليدين بموجب*** فضلا على المبعوث بالقرآن
وكذا خصائص من أتى من بعده*** من كل رسل الله بالبرهان
فمجمد أعلاهم فوقا وما*** حكمت لهم بهزيمة الرجحان
فالحاشز الخمسين أجرا لم يجز***ها في جميع شرائع الايمان
هل حازها في بدر أو أحد أو الـ***ـفتح المبين وبيعة الرضوان
بل حازها إذ كان قد فقد المعـ***ـين وهم فقد كانوا أولي أعوان
والرب ليس يضيع ما يتحمل*** المتحملون لأجله من شان
فتحمل العبد الوحيد رضاه مع*** فيض العدو وقلة الأعوان
مما يدل على يقين صادق*** ومحبة وحقيقة العرفان
يكفيه ذلا واغترابا قلة الأ***نصار بين عساكر الشيطان
في كل يوم فرقة تغزوه ان***ترجع يوافيه الفريق الثاني
فسل الغريم المستضام عن الذي*** يلقاه بين عدا بلا حسبان
هذا وقد بعد المدى وتطاول الـ***ـعهد الذي هو موجب الاحسان
ولذاك كان كقابض جمرا فسل*** أحشاءه عن حرّ ذي النيران
والله أعلم بالذي في قلبه*** يكفيه علن الواحد المنان
في القلب أمر لييس يقدر قدره*** الا الذي آتاه للانسان
بر وتوحيد وصبر مع رضا*** والشكر والتحكيم للقرآن
سبحانه قاسم فضله بين العبا***د فذاك مولى الفضل والاحسان
فالفضل عند الله ليس بصورة الأ***عمال بل بحقائق الايمان
وتفاضل الأعمال يتبع ما يقو***م بقلب صاحبها من البرهان
حتى يكون العاملان كلاهما*** في رتبة تبدو لنا بعيان
هذا وبينهما كما بين السما*** والأرض في فضل وفي رجحان
ويكون بين ثواب ذا وثواب ذا*** رتب مصاعفة بلا حسبان
هذا عطاء الرب جل جلاله*** وبذاك تعرف حكمة الرحمن
فصل
فيما أعد الله تعالى في الجنة لأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة
يا خاطب الحور الحسان وطالبا*** لوصالهن بجنة الحيوان
لو كنت تدري من خطبت ومن طلبـ***ـت بذلت ما تحوي من الأثمان
أو كنت تدري أين مسكنها جعلـ***ـت السعي منك لها على الأجفان
ولقد وصفت طريق مسكنها فان*** رمت الوصال فلا تكن بالواني
أسرع وحدث السير جهدك انما*** مسراك هذا ساعة لزمان
فاعشق وحدّث بالوصال النفس وابـ***ـذل مهرها ما دمت ذا امكان
واجعل صيامك قبل لقياها ويو***م الوصل يوم الفطر من رمضان
واجعل نعوت جمالها الحادي وسر*** تلقي المخاوف وهي ذات أمان
لا يلهينك منزل لعبت به*** أيدي البلا من سالف الأزمان
فاقد ترحل عنه كل مسرة*** وتبدلت بالهم والأحزان
سجن يضيق بصاحب الايمان لـ***ـكن جنّة الماوى لذي الكفران
سكانها أهل الجهالة والبطا***لة والسفاهة أنجس السكان
وألذهم عيشا فأجلهم بحق الله ثم حقائق القرآن
عمرت بهم هذي الديار وأقفرت*** منخم ربوع العلم والايمان
قد آثروا الدنيا ولذة عيشها الـ***ـفاني على الجنات والرضوان
صحبوا الأماني وابتلوا بحظوظهم*** ورضوا بكل مذلة وهوان
كدحا وكدا لا يفتر عنهم*** ما فيه من غم ومن أحزان
والله لو شاهدت هاتيك الصدو***ر رأيتها كمراجل النيران
ووقودها الشهوات والحسرات والآ***لام لا تخبو مدى الأزمان
أبدانهم أجداث هاتيك النفو***س اللائي قد قبرت مع الأبدان
أرواحهم في وحشة وجسومهم*** في كدحها لا في رضا الرحمن
هربوا من الرق الذي خلقوا له*** فبلو ربق النفس والشيطان
لا ترض ما اختاروه هم لنوفسهم*** فقد ارتضوا بالذل والحرمان
لو سارت الدنيا جناح بعوضة*** لم يسق منها الرب ذو الكفران
لكنها والله أحقر عنده*** من ذا الجناح القاصر الطيران
ولقد تولت بعد عن أصحابها*** فالسعد منها حل بالدبران
لا يرتجي منها الوفاء لصبها*** أين الوفا من غادر خوان
طبعت على كدر فكيف ينالها***صفو أهذا قط في الامكان
ياعاشق الدنيا تأهب للذي*** قد ناله العشاق كل زمان
أو ماسمعت بل رأيت مصارع الـ*** ـعشاق من شيب ومن شبان
فصل
في صفة الجنة لتي أعدها الله ذو الفضل والمنة
لأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة
فاسم اذا أوصافها وصفات ها***تيك المنازل ربة الاحسان
هي جنة طابت وطاب نعيمها***فنعيمها باق وليس بفان
دار السلام وجنة المأوى ومنـ***ـزل عسكر الايمان والقرآن
فالدار دار سلامة وخطابهم*** فيها سلام واسم ذي الغفران
فصل
في عدد درجات الجنة وما بين كل درجتين
درجاتها مائة وما بين اثنتيـ***ـن فذاك في التحقيق للحسبان
مثل الذي بين السماء وبين هذي***الأرض قول الصاق والبرهان
لكن عاليها هو الفردوس مسـ***ـقوف بعرش الخالق الرحمن
وسط الجنان وعلوها فلذاك كا***نت قبة من أحسن البنيان
منه تفجر سائر الأنهار فالـ***ـينبوع منه نازل بجنان
فصل
في أبواب الجنة
أبوابها حق ثمانية أتت*** في النص وهي لصاحب الاحسان
باب الجهاد وذاك أعلاها وبا***ب الصوم يدعي الباب بالريان
ولكل سعي صالح باب ورب*** السعي منه داخل بأمان
ولسوف يدعى المرء من أبوابها*** جميعا إذا وفى حلى الايمان
منهم أبو بكر الصديق ذا*** ك خليفة المبعوث بالقرآن
فصل
في مقدار ما بين الباب والباب منه
سبعون عاما بين كل اثنين منـ***ـها قدّرت بالعد والحسبان
هذا حديث لقيط المعروف بالـ***ـخبر الطويل وذا عظيم الشان
وعليه كل جلالة ومهابة*** ولكم حواه بعد من عرفان
فصل
في مقدار ما بين مصراعي الباب
لكن بينهما مسيرة أربعيـ***ـن رواه حبر الامة الشيباني
في مسند بالرفع وهو لمسلم*** وقف كمرفوع بوجه ثان
ولقد روى تقديره بثلاثة الـ***أيام لكن عند ذي العرفان
أعني البخاري الرضي وهو منكر***وحديث رواية ذو نكران
فصل
في مفتاح باب الجنة
هذا وفتح الباب ليس بممكن*** الا بنفتاح على أسنان
مفتاحه بشهادة الاخلاص والتو***حيد تلك شهادة الايمان
أسنانه الأعمال وهي شرائع الـ***إسلام والمفتاح بالأسنان
لا تلغين هذا المثال فكم به*** من حل أشكال لذي العرفان
فصل
في منشور الجنة الذي يوقع به لصاحبها
هذا ومن يدخل فليس بداخل*** الا بتوقيع من الرحمن
وكذاك يكتب للفتى لدخوله*** من قبل توقيعانمشهوران
إحداهما بعد الممات وعرض أر***اح العباد به على الديان
فيقول رب العرش جا جلاله*** للكاتبين وهم أولو الديوان
ذا الاسم في الديوان يكتب ذاك ديـ***ـوان الجنان مجاور المنان
ديوان عليين أصحاب القرآ***ن وسنة المبعوث بالقرآن
فإذا انتهى للجسر يوم الحشر يعـ***ـطى للدخول اذا كتاب ثان
عنوانه هذا الكتاب من عزيـ***ـز راحم لفلان ابن فلان
فدعوه يدخل جنة المأوى التي ار***تفعت ولكن لقطوف دوان
هذا وقد كتب اسمه مذ كان في الـ***أرحام قبل ولادة الانسان
بل قبل ذلك هو وقت القبضتيـ***ـن كلاهما للعدل والاحسان
سبحان ذي الجبروت والملكوت والـ*** إجلال والاكرام والسبحان
والله أكبر عالم الأسرار والـ***إعلان واللحظات بالأجفان
والحمد لله السميع لسائر الـ***أصوات من سر ومن إعلان
وهو الموحد والمسبح والممجـ***ـد والحميد ومنزل القرآن
والأمر من قبل ومن بعد له*** سبحانك اللهم ذا السلطان
فصل
في صفوف أهل الجنة
هذا وان صفوفهم عشرون مع*** مائة وهذي الأمة الثلثان
يرويه عنه بريدة إسناده*** سرط الصحيح بمسند الشيباني
وله شواهد من حديث أبي هريـ***ـرة وابن مسعود وحبر زمان
أعني ابن عباس وفي إسناده*** رجل ضعيف غير ذي اتقان
ولقد أتانا في الصحيح بأنهم ***شطر وما اللفظان مختلفان
إذ قال أرجو تكونوا شطرهم*** هذا رجاء منه للرحمن
أعطاه رب العرش ما يرجو وزا***د من العطاء فعال ذي الاحسان
فصل
في صفة أول زمرة تدخل الجنة
هذا وأول زمرة فوجوههم*** كالبدر ليل الست بعد ثمان
السابقون هم وقد كانوا هنا*** أيضا أولي سبق الى الاحسان
فصل
في صفة الزمرة الثانية
والزمرة الأخرلا كأضواء كوكب*** في الأفق تنظره به العينان
أمشاطهم ذهب ورشحهم فمسـ***ـك خالص يا ذلة الحرمان
فصل
في تفاضل أهل الجنة في الدرجات العلى
ويرى الذين بذيلها من فوقهم*** مثل الكواكب رؤية بعيان
ما ذاك مختصا برسل الله بل*** لهم وللصديق ذي الايمان
فصل
في ذكر أعلى أهل الجنة منزلة وأدناهم
هذا وأعلاهم فناظر ربه*** في كل يوم وقته الطرفان
لكن أدناهم وما فيهم دني*** إذ ليس في الجنات من نقصان
فهو الذي تلقى مسافة ملكه*** بسنيننا ألفان كاملتان
فيرى بها أقصاه حقا مثل رؤ***يته لأدناه القريب الداني
أو ماسمعت بأن آخر أهلها*** يعطيه رب لعرش ذو الغفران
أضعاف دنيانا جميعا عشر أمـ***ـثال لها سبحان ذي الاحسان
فصل
في ذكر سن اهل الجنة
هذا وسنهم ثلاث مع ثلا***ثين التي هي قوة الشبان
وصغيرهم وكبيرهم في ذا على*** حد سواء ما سوى الولدان
ولقد روى الخدري أيضا أنهم*** أبناء عشر بعدها عشران
وكلاهما في الترمذي وليس ذا*** بتناقض بل ها هنا أمران
حذف الثلاث ونيف بعد العقو***د وذكر ذلك عندهم سيان
عند اتساع في الكلام فعندما*** يأتوا بتحرير فبالميزان
فصل
في طول قامات أهل الجنة وعرضهم
والطول طول أبيهم ستون لـ***ـكن عرضهم سبع بلا نقصان
الطول صح بغير شك في الصحيـ***ـحين اللذين هما لنا شمسان
والعرض لم نعرفه في احداهما*** لكن رواه أحمد الشيباني
هذا ولا يخفى التناسب بين هـ***ـذا العرض والطول البديع الشان
كل على مقدرا صاحبه وذا*** تقدير متقن صنعة الانسان
فصل
في لحاهم وألوانهم
ألوانهم بيض وليس لهم لحى*** جعد الشعور مكحّلوا الأجفان
هذا كمال الحسن في أبشارهم*** وشعورهم وكذلك العينان
فصل
في لسان أهل الجنة
ولقد أتى أثر بأن لسانهم*** بالمنطق العربي خير لسان
لكنّ في اسناده نظرا ففيـ***ـه راويان وما هما ثبتان
أعني العلاء هو ابن عمرو ثم يحـ***ـيى الأشعري وذان مغموزان
فصل
في ريح أهل الجنة من مسيرة كم يوجد
والريح يوجد من مسيرة أربعيـ***ـن وإن تشأ مائة فمرويان
وكذا روى سبعين أيضا صح هـ***ـذا كله وأتى به اثران
ما في رجالهما لنا من مطعن*** والجمع بين الكل ذو إمكان
وقد أتى تقديره مائة بخمـ***ـس ضربها من غير ما نقصان
إن صح هذا فهو أيضا والذي*** من قلبه في غاية الامكان
أما بحسب المدركين لريحها*** قربا وبعدا ما هما سيّان
أو باختلاف قرارها وعلوّها*** أيضا وذلك اضح التبيان
أو باختلاف السير أيضا فهو أنـ***ـواع بقدر إطاقة الانسان
ما بين ألفاظ الرسول تناقض*** بل ذلك في الأفهام والأذهان
فصل
في أسبق الناس دخولا الى الجنة
ونظير هذا سبق أهل الفقر للـ***ـجنات في تقديره أثران
مائة بخمس ضربها أو أربعيـ***ـن كلاهما في ذاك محفوظان
فأبو هريرة قد روى أولاهما*** وروى لنا الثاني صحابيان
هذا بحسب تفاوت الفقراء في أسـ***ـتحقاق سبقهم الى الاحسان
أو ذا بحسب تفاوت في الأغنيا***ء كلاهما لا شك موجودان
هذا وأولهم دخولا خير خلـ***ـق الله من قد خصّ بالقرآن
والأنبياء على مراتبهم من التـ***ـفضيل تلك مواهب المنان
هذا وأمة أحمد سباق با***قي الخلق عند دخولهم بجنان
وأحقهم بالسبق أسبقهم الى الـ***إسلام والتصديق بالقرآن
وكذا أبو بكر هو الصديق أسـ***ـبقهم دخولا قول عند ذي البرهان
وروى ابن ماجه أن أولهم يصا***فحه اله العرش ذو الاحشان
ويكون أولهم دخولا جنة الـ***ـفردوس ذلك قامع الكفران
فاروق دين الله ناصر قوله*** ورسوله وشرائع الايمان
لكنه أثر ضعيف فيه مجـ***ـروح يسمى خالدا ببيان
لو صلح كان عمومه المخصوص بالصـ***ـديق قطعا غير ذي نكران
هذا وأولهم دخولا فهو حمـ***ـاد على الحلالات للرحمن
إن كان في السراء أصبح حامدا*** أو كان في الضرا فحمد ثان
هذا الذي هو عارف بإلهه*** وصفائه وكماله الرباني
وكذا الشهيد فسبقه متيقن*** وهو الجدير بذلك الاحسان
وكذلك الملوك حين يقوم بالـ***ـحقين سباق بغير توان
وكذا فقير ذو عيال ليس بالـ***ـملحاح بل ذو عفة وصيان
فصل
في عدد الجنات وأجناسها
والجنة اسم الجنس وهي كثيرة*** جدا ولكن أصلها نوعان
ذهبيتان بكل ما حوتاه من*** حلى وآنية ومن بنيان
وكذاك أيضا ففضة ثنتان من*** حلى وبنيان وكل أوان
لكن دار الخلد والمأوى وعد***ن والسلام اضافة لمعان
أوصافها استدعت اضفتها اليـ***ـها مدحة مع غاية التبيان
لكنما الفردوس أعلاها وأو***سطها مساكن صفوة الرحمن
أعلاه منزلة لأعلى الخلق منـ***ـزلة هو المبعوث بالقرآن
وهي الوسيلة وهي أعلى رتبة*** خلصت له فضلا من الرحمن
ولقد أتى في سورة الرحمن تفـ***ـضيل الجنان مفصلا ببيان
هي أربع ثنتان فاضلتان ثم*** يليهما ثنتان مفضولان
فالأوليان الفضليان لأوجه*** عشر ويعسر نظمها بوزان
واذا تأملت السياق وجدتها*** فيه تلوح لمن له عينان
سبحان من غرست يداه جنة الـ***فردوس عند تكامل البنيان
ويداه أيضا أتقنت لبنائها*** فتبارك الرحمن أعظم بان
هي في الجنان كآدم وكلاهما*** تفضيله من أجل هذا الشان
لكنما الجهميّ ليس لديه من*** ذا الفضل شيء فهو ذو نكران
ولد عقوق عق والده ولم*** يثبت بذا فضلا على شيطان
فكلاهما تأثير قدرته وتأ***ثير المشيئة ليس ثم يدان
آلاهما أو نعمتاه وخلقه*** كل بنعمة ربه المنان
لما قضى رب العباد العرش قا***ل تكلمي فتكلمت ببيان
قد أفلح العبد الذي هو مؤمن*** ماذا ادّخرت له من الاحسان
ولقد روى حقا أبو الدرداء ذا***ك عويمر أثرا عظيم الشان
يهتز قلب العبد عند سماعه*** طربا بقدر حلاوة الايمان
ما مثله أبدا يقال برأيه*** أو كان يا أهلا بذا العرفان
فيه النزول ثلاث ساعات فاحـ***ـداهن ينظر في الكتاب الثاني
يمحو ويثبت ما يشاء بحكمة*** وبعزة وبرحمة وحنان
فترى الفتى يمسي على حال ويصـ***ـبح في سواها ما هما مثلان
هو نائم واموره قد دبرت*** ليلا ولا يدري بذاك الشان
والساعة الأخرى الى عدن مسا*** كن أهله هم صفوة الرحمن
الرسل ثم الأنبياء ومعهم الصـ***ـديق حسب فلا تكن بجبان
فيها الذي والله لا عين رأت*** كلا ولا سمعت به الأذنان
كلا ولا قلب به خطر المثا***ل له تعالى الله ذو السلطان
والساعة الأخرى الى هذي السما***ء يقول هل من تائب ندمان
أو داع أو مستغفر أو سائل*** أعطيه اني واسع الاحسان
حتى يصلي الفجر يشهدها مع الـ***أملاك تلك شهادة القرآن
هذا الحديث بطوله وسياقه*** وتمامه في سنة الطبراني
فصل
في بناء الجنة
وبناؤها اللبنات من ذهب*** وأخرى فضة نوعان محتلفان
وقصورها من لؤلؤ وزبرجد*** أو فضة أو خالص العيقان
وكذاك من در وياقوت به*** نظم الناء بغاية الاتقان
والطين مسك خالص أو زعفرا***ن جابذا أثران مقبولان
ليسا بمختلفين لا تنكرهما*** فهما الملاط لذلك البنيان
فصل
في أرضها وحصبائها وتربها
والأرض مرمرة مخالص فضة*** مثل المرات تناله العينان
في مسلم تشبيهها بالدرمك الصـ***ـافي وبالمسك العظيم الشان
هذا لحسن اللون لكن ذا لطيـ**ـب الريح صار هناك تشبيهان
حصباؤها در وياقوت كذا***ك لآلىء نثرت كنثر جمان
وترابها من زعفران أو من المـ***ـسك الذي ما استلّ من غزلان
فصل
في صفة غرفاتها
غرفاتها في الجو ينظر بطنها *** من ظهرها والظهر من بطنان
سكانها أهل القيام مع الصيا***م وطيب الكلمات والاحسان
ثنتان خالص حقه سبحانه***وعبيده أيضا لهم ثنتان
فصل
في خيام اهل الجنة
للعبد فيها خيمة من لؤلؤ*** قد جوفت هي صنعة الرحمن
ستون ميلا طولها في الجو في*** كل الزوايا أجمل النسوان
يغشى الجميع فلا يشاهد بعضهم*** بعضا وهذا لاتساع مكان
فيها مقاصير بها الأبواب من*** ذهب ودر زين بالمرجان
وخيامها منصوبة برياضها*** وشواطئ الأنهار ذي الجريان
ما في الخيام سوى التي لو قابلت*** للنيرين لقلت منكسفان
له هاتيك الخيام فكم بها*** للقلب من علق ومن أشجان
فيهن حور قاصرات الطرف خيـ***ـرات حسان من خير حسان
خيرات أخلاق حسان أوجها*** فالحسن والاحسان متفقان
فصل
في أرائكها وسررها
فيها الأرائك وهي من سرر عليـ***ـهن الحجال كثيرة الألوان
لا تستحق اسم الأرائك دون ها***تيك الحجال وذاك وضع لسان
بشخنانة يدعونها بلسان فا***رس وهو ظهر البيت ذي الأركان
فصل
في أشجارها وثمارها وظلالها
أشجارها نوعان منها ما له *** في هذه الدنيا مثال ذان
كالسدر أصل النبق مخضود مكا***ن الشوك من ثمر ذوي ألوان
هذا وظل السدر من خير الظلا***ل ونفعه الترويح للأبدان
وثماره أيضا ذوات منافع*** من بعضها تفريح ذي الأحزان
والطلح وهو الموز منضود كما*** نضدت يد باصابع وبنان
أو أنه شجر البوادي موقرا*** حملا مكان الشوك في الأغصان
وكذلك الرمان والأعناب التي منها القطوف دوان
هذا ونوع ما له في هذه الد***نيا نظير كي يرى بعيان
يكفي من التعجاج قول الهنا*** من كل فاكهة بها زوجان
وأتوا به متشابها في اللون مخـ***ـتلف الطعوم فذاك ذو ألوان
أو أنه متشابه في الاسم مخـ***ـتلف الجعوم فذاك قول ثان
أو انه وسط خيار كله*** فالفحل منه ليس ذا ثنيان
أو أنه لثمارنا ذي مشبه*** في اسم ولون ليس يختلفان
لكن لبهجتها ولذة طعمها*** أمر سوى هذا الذي تجدان
فيلذها في الأكل عند منالها*** وتلذها من قبله العينان
قال ابن عباس وما بالجنة الـ***ـعليا سوى أسماء ما تريان
يعني الحقائق لا تماثل هذه*** وكلاهما في الاسم متفقان
يا طيب هاتيك الثمار وغرسها*** في المسك ذاب الترب للبستان
وكذلك الماء الذي يسقى به*** ياطيب ذاك الورد للظوآن
وإذا تناولت المار أتت نظيـ***ـرتها فحلت دونها بمكان
لم تنقطع أبدا ولم ترقب نزو***ل الشمس من حمل الى ميزان
وكذاك لم تمنع ولم تحنج الى*** أن ترتقي للقنو في العيدان
بل ذللت القطوف فكيف ما***شئت انتزعت بأسهل الامكان
ولقد أتى أثر بأن الساق من*** ذهب رواه الترمذي ببيان
قال ابن عباس وهاتيك الجذو***ع زمرد من أحسن الألوان
ومقطعاتهم من الكرم الذي***فيها ومن سعة من العقيان
وثمارها ما فيه من عجم كأمـ***ـثال القلال فجلّ ذو الاحسان
وظلالها معدودة ليست تقي*** حرا ولا شمسا وأنى ذان
أو ما سمعت بظل أصل واحد*** فيه يسير الراكب العجلان
مائة سنين قدرت لا تنقضي*** هذا العظيم الأصل والأفنان
ولقد روى الخدري أيضا أن طو***بى قدريها مائة بلا نقصان
تتفتح الأكمام فيها عن لبا***سهم بما شاءوا من الألوان
فصل
في سماع أهل الجنة
قال ابن عباس ويرسل ربنا*** ريحا تهز ذوائب الأغصان
فتثير أصواتا تلذ لمسمع الا***نسان كالنغمات بالأوزان
يا لذة الأسماع لا تتعوضي*** بلذاذة الأوتار والعيدان
أو ما سمعت سماعهم فيها غنا***ء الحور بالأصوات والألحان
واها لذيّاك السماع فإنه*** ملئت به الأذنان بالاحسان
واها لذيّاك السماع وطيبه*** من مثل أقمار على أغصان
واها لذيّاك السماع فكم به*** للقلب من طرب ومن أشجان
واها لذيّاك السماع ولم أقل*** ذيّاك تصغيرا له بلسان
ما ظن سامعه بصوت أطيب الـ*** أصوات من حور الجنان حسان
نحن النواعم والخوالد خيرا***ت كاملات الحسن والاحسان
لسنا نموت ولا نخاف وما لنا*** سخط ولا ضغن من الأضغان
طوبى لمن كنا له وكذاك طو***بى للذي هو حظنا لفظان
في ذاك آثار روين وذكرها*** في الترمذي ومعجم الطبراني
ورواه يحيى شيخ الأوزاعي تفـ***ـسيرا للفظة يحبرون أغان
نزه سماعك إن أردت سماع ذيـ***ـاك الغناء عن هذه الألحان
لا تؤثر الأدنى على الأعلى فتحـ***ـرم ذا وذا يا ذلة الحرمان
إن اختيارك للسماع النازل الـ***أدنى على الأعلى من النقصان
والله أن سماعهم في القلب والـ***إيمان مثل السم في الأبدان
والله ما انفك الذي هو دأبه*** أبدا من الاشراك بالرحمن
فلقلب بيت الرب جل جلاله*** حبا واخلاصا مع الاحسان
فإذا تعلق بالسماع اصاره*** عبدا لكل فلانة وفلان
حب الكتاب وحب ألحان الغنا*** في قلب عبد ليس يجتمعان
ثقل الكتاب عليهملما رأوا*** تقييده بشرائع الايمان
واللهو خف عليهم ولما رأوا*** ما فيه من طرب ومن ألحان
قوت النفوس وانما القرآن قو***ت القلب أنى يستوي القوتان
ولذا تراه حظ ذي النقصان كالـ***ـجهال والصبيان والنسوان
وألذهم فيه أقلهم من العقل*** الصحيح فسل أخا العرفان
يا لذة الفساق لست كلذة الـ***أبرار في عقل ولا قرآن
فصل
في انهار الجنة
أنهارها في غير أخدود جرت*** سبحان ممسكها عن الفيضان
من تحتهم تجري كما شاءوا مفجـ***ـرة وما للنهر من نقصان
عسل مصفى ثم ماء ثم خمـ***ـر ثم أنهار من الألبان
والله ما تلك المواد كهذه*** لكن هما في اللفظ مجتمعان
هذا وبينهما يسير تشابه*** وهو اشتراك قام بالأذهان






__________________
عندما تنتحر الحريات تعجز الديمقراطية عن عمل عزاء للشرف .
رد مع اقتباس