الموضوع: السيرة النبوية
عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 30-11-2010, 03:18 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 22
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

تشاور قريش في أمر دعوة الرسول

واشمأزت قريش من كل ذلك ، وساءهم ما رأوه ، وما هي إلا أيام حتى اقترب موعد الحج ، وأهمهم أمر الحجاج ، فاجتمع نفر منهم إلى الوليد بن المغيرة – وكان ذا سن وشرف فيهم – فقال لهم : يا معشر قريش إنه قد حضر هذا الموسم ، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه ، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا فيه رأياً واحداً ، ولا تختلفوا ، فيكذب بعضكم بعضاً .
قالوا : أنت فقل ، وأقم لنا رأياً نقول به .
قال : لا بل أنتم فقولوا أسمع .
قالوا : نقول : كاهن .
قال : ما هو بكاهن ، لقد رأينا الكهان ، فما هو بزمزمة الكهان ولا بسجعهم .
قالوا: فنقول : مجنون .
قال : ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون وعرفناه ، فما هو بخنقة ولا تخالجه وسوسته .
قالوا: فنقول : شاعر .
قال : ما هو بشاعر ، لقد عرفنا الشعر كله ، رجزه وهجزه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه . فما هو بالشعر .
قالوا : فنقول : ساحر .
قال : ما هو بساحر ، لقد رأينا السحار وسحرهم ، فما هو بنفثه ولا بعقده .
قالوا : فماذا نقول ؟
قال : والله إن لقوله حلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أصله لعذق ، وإن فرعه لجناة . وما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عرف أنه باطل ، وإن أقرب القول أن تقولوا: هو ساحر ، وقوله سحر ، يفرق به بين المرء وأبيه ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وزوجه ، وبين المرء وعشيرته .
فتفرقوا عنه بذلك ، وجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا للموسم ، لا يمر بهم أحد إلا حذروه وذكروا له أمره صلى الله عليه وسلم فعرف الناس أمره قبل أن يروه أو يسمعوا منه .
وجاءت أيام الحج فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مجامع الحجاج ورحالهم ومنازلهم ، ودعاهم إلى الإسلام ، وقال لهم : ( يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا) وتبعه أبو لهب يكذبه ويؤذيه ، فصدرت العرب من ذلك الموسم وقد عرفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها .
__________________


إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا
رد مع اقتباس