الموضوع: السيرة النبوية
عرض مشاركة واحدة
  #43  
قديم 30-11-2010, 03:42 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,766
معدل تقييم المستوى: 22
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

نقض الصحيفة وفك الحصار
وبعد نحو ثلاث سنوات قدر الله أن ينتهي هذا العدوان ، فألقى في قلوب خمسة من أشراف قريش أن يقوموا بنقض الصحيفة وفك الحصار ، وأرسل الأرضة ، فأكلت كل ما في الصحيفة من القطيعة والجور ، ولم تترك إلا ذكر الله سبحانه وتعالى .
فأما أشراف قريش الخمسة فأولهم : هشام بن عمرو بن الحارث من بني عامر بن لؤي ، ذهب هذا الرجل إلى زهير بن أبي أمية المخزومي – وهو ابن عاتكة عمة النبي صلى الله عليه وسلم ثم إلىالمطعم بن عدي ، ثم إلى أبي البختري بن هشام ثم إلى زمعة بن الأسود ، فذكر كل واحد منهم القرابة والرحم ، ولامهم على قبول الجور ، وحضهم على نقض الصحيفة ، فاجتمعوا عند خطم الحجون ، واتفقوا على خطة يقومون بها لنقض الصحيفة .
وصباحاً حين قامت أندية قريش في المسجد الحرام جاء زهير وعليه حلة ، فطاف بالبيت ، ثم أقبل على الناس فقال : يا أهل مكة ! نحن نأكل الطعام ، ونلبس الثياب ، وبنو هاشم وبنو المطلب هلكى ، لا يبيعون ولا يبتاعون ، والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة الظالمة القاطعة .
فقال أبو جهل : كذبت ، والله لا تشق .
فقال زمعة : أنت والله أكذب ، ما رضينا كتابتها حين كتبت .
فقال أبو البختري : صدق والله زمعة ، لا نرضى ما كتب فيها ولا نقربه .
وقال المطعم بن عدي : صدقتما ، وكذب من قال غير ذلك ، نبرأ إلى الله منها ومما كتب فيها ، وصدقه أيضاً هشام بن عمرو .
فقال أبو جهل : هذا أمر قضي بليل ، وتشوروا فيه بغير هذا المكان .
وكان أبو طالب جالساً في ناحية المسجد ، جاء ليخبرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره أن الله سلط على صحيفتهم الأرضة ، فأكلت ما فيها من جور وقطيعة وظلم ، ولم تترك إلا ذكر الله ، وقال بعد ما أخبرهم بذلك : فإن كان كاذباً خلينا بينكم وبينه ، وإن كان صادقاً رجعتم عن قطيعتنا وظلمنا ، قالوا : أنصفت .
وقام المطعم على إثر رده على أبي جهل ليشق الصحيفة ، فوجدها قد أكلتها الأرضة ، إلا ( باسمك اللهم ) وما فيها من اسم الله . فكان ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم آية من آيات الله رآها المشركون بأعينهم ، لكنهم لم يزالوا مسترسلين في الغي .
أما الحصار فقد انتهى بعد ذلك ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الشعب .
وفد قريش بين يدي أبي طالب :
عادت الأمور بعد فك الحصار إلى ما كانت عليه من قبل ، ولكن ما هي إلا أشهر حتى لحق أبا طالب المرض ، وأخذ يشتد ويزداد ، وكان قد جاوز الثمانين ، فشعرت قريش أنه لا قيام له من هذا المرض ، فاستشاروا فيما بينهم وقالوا : انطلقوا بنا إلى أبي طالب ، فليأخذ على ابن أخيه وليعطه منا ، فإنا نخاف أن يموت هذا الشيخ فيكون إليه شيء فتعيرنا به العرب ، يقولون : تركوه حتى إذا مات عمه تناولوه ، فانطلقوا ودخلوا عليه وطلبوا منه أن يكف هو رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آلهتهم ، وهم يدعونه وإلهه ، فدعاه أبو طالب وعرض عليه ما قاله القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عم إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب ، وتؤدي إليهم العجم الجزية ، ففزعوا وقالوا: كلمة واحدة ؟ نعم ! وأبيك عشراً ، فما هي ؟ قال : لا إله إلا الله ، فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم ، يقولون : ( أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب ) .
__________________


إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا
رد مع اقتباس