عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 20-12-2010, 11:56 PM
Specialist hossam Specialist hossam غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
العمر: 36
المشاركات: 1,933
معدل تقييم المستوى: 16
Specialist hossam is on a distinguished road
افتراضي

سيرة السيدة عائشه " رضى الله عنها " أن خولة بنت حكيم ، اقترحت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوَّج عائشة بنت أبي بكر ، إن فَعَلَ هذا تمتَّنت هذه الصلة بينه وبين أحب الخلق إليه ؛ إنه سيدنا الصديق رضي الله عنه . والحقيقة أن الزواج يقرِّب ، الزواج أحد أكبر وسائل التقارب بين الأسر ، لأن علاقة النسب، وعلاقة الزواج ، هي من أقدس العلاقات على الإطلاق .. ( سورة النساء ) ميثاقاً غليظاً ، قالوا : هذا الميثاق الغليظ هو عقد الزواج الذي هو أقدس عقدٍ على الإطلاق. الآن ... ندع الحديث للسيدة خولة بنت حكيم تحدثنا عن هذه الخطبة. تقول : دخلت بيت أبي بكر فوجدت أم رومان ، زوجته ـ أي أم عائشة ـ فقلت لها : ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة ، قالت : وما ذاك ؟ فقالت : أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم لأخطب له عائشة. فأقول لكم بصراحة إذا سخَّر الله إنساناً ليكون شفيعاً بين زوجين ، يدخل على قلب الأسرتين كل السرور ، ففرحة من أفراح الدنيا الكبيرة أن الله سبحانه وتعالى سخَّر لابنتك شاباً مؤمناً ، الشاب المؤمن إن أحبها أكرمها، وإن لم يحبها لم يظلمها ، من نِعَم الله الكبرى أن يمنحك الله زوجاً لابنتك من ذوي الخلق ، من ذوي الحسب ، من ذوي التديُّن الصحيح ، هذه نعمةٌ كبرى. لذلك كل من يُسهم في التوفيق بين زوجين ، أو يسهم في إنشاء زواجٍ ميمون ، مبارك ، إسلامي ، له عند الله أجرٌ كبير .. " مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا "* ( من صحيح البخاري ) فهذه الأسرة التي تقوم على التفاهم ، والمودة ، وإنجاب الأولاد ، وتربية الأولاد الذين يُرجى أن يكونوا الأولاد عناصر طيِّبة في المجتمع ، كل هذا المشروع الضخم ، في صحيفة من سعى بزواج الزوج بالزوجة . مرة حدثني أخ فقال : نحن الآن خمسة وثمانون شخصاً ، أساسهم زوج وزوجة ، طبعاً أنجبوا أولاداً ، وزوَّجوا أولادهم ، كما أنجبوا بنات ، وزوجوا بناتهم ، الأولاد والبنات ، وأولاد الأولاد ، وأولاد البنات ، وأصهار بنات الأولاد ، وأصهار بنات البنات ، عددهم خمسة وثمانون شخصاً ـ إذا كانت أسرةٌ صالحةٌ ، أب راقٍ ، تربية عالية ، انضباط ، التزام ، النساء كلهن محجَّبات ، الأصهار كلهم ديِّنون ـ فمن بصحيفته كل هذا الخير ؟ الذي كان له شفاعة حسنة بهذا الزواج ، من هنا قال عليه الصلاة والسلام : " من أفضل الشفاعة أن تشفع بين اثنين في نكاح " . ( من الجامع الصغير : عن " أبي رهم " ) لا تقل كما يقول الشياطين :" امش بجنازة ولا تمشي بجوازة ". ورد بالأثر أنه من مشى بتزويج رجلٍ بامرأةٍ كان له بكل كلمةٍ قالها ، وبكل خطوةٍ خطاها عبادة سنةٍ قام ليلها ، وصام نهارها . لا تزهد أن تكون شفيعاً بين زوجين ، لا تزهد أن تسعى لإقناع زوجٍ بشابةٍ مؤمنة ، لا تزهد أن تسعى بإقناع شابةٍ مؤمنةٍ بزوجٍ طاهر ، لا تقل : ليس لي علاقة، الأفضل لي ألا أتدخل . هذا كلام الشيطان . " الْمُسْلِمُ إِذَا كَانَ مُخَالِطًا النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنَ الْمُسْلِمِ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ " * ( من سنن الترمذي : عن " يحي بن وثاب " ) الحياة دار ابتلاء ، اصنع المعروف مع أهله ومع غير أهله ، فإن أصبت أهله أصبت أهله، وإن لم تصب أهله فأنت أهله . قالت : وما ذاك ؟ قالت : أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم لأخطب له عائشة . فقالت : وَدِدْتُ . والله شيء جميل ، سيد الخلق ، فإذا الإنسان جاءه صهر دكتور ، يظل يعيدها مليون مرة ، صهرنا دكتور . خير إن شاء الله أهلاً وسهلاً ، صهرنا مهندس ، صهرنا عنده معمل ، انظر إلى الأب والأم إذا زوَّجوا ابنتهم من شخص مهم فهذا شيء جدير بالتنويه والاهتمام، لا يفتؤون يتحدثون عن شهاداته ، وعن علمه ، وعن أخلاقه ، وعن مستقبله المرتقب إذاً شيء كبير جداً أن يكون النبي صهراً لهذه الأسرة . لذلك العلماء قالوا : طالب العلم كفؤٌ لأي فتاة . طالب العلم ، يعرف ما له وما عليه . قالت : وددت ، انتظري أبا بكرٍ فإنه آتٍ ـ انظر الأدب مع الزوج لكن بأيامنا هذه الزوجة هي التي ترفض أو توافق ، وتقول أنا أُقنعه ـ وجاء أبو بكر ، فقلت له : يا أبا بكر ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة ؟ أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم لأخطب له عائشة . تصوروا ماذا قال ؟ قال الصديق رضي الله عنه : وهل تصلح له ؟ ـ رأى مقامه أكبر بكثير من أن تكون عائشة الصغيرة زوجته ، وهل تصلح له ؟ ـ إنما هي بنت أخيه . فرجعت إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقلت له ما قال أبو بكر . فقال عليه الصلاة والسلام: " ارْجِعِي إِلَيْهِ فَقُولِي لَهُ أَنَا أَخُوكَ وَأَنْتَ أَخِي فِي الإِسْلامِ وَابْنَتُكَ تَصْلُحُ لِي فَرَجَعَتْ "* ( من مسند أحمد : عن " السيدة عائشة " ) فأتيت أبا بكرٍ فذكرت له ذلك ، ـ فبرزت مشكلة ترفع مقام سيدنا الصديق للأوج ـ قال : انتظريني حتى أرجع . قالت أم رومان توضِّح الموقف لخولة : إن المطعم بن عدي كان قد ذكر عائشة على ابنه زبير ، ولا والله ما وعد أبو بكرٍ شيئاً قط فأخلف . ذكر المطعم بن عدي أنه يرغب في أن يزوِّج ابنه زبير من عائشة ، سيدنا الصديق ما أقر ولا نفى ، ولكن سكوته شبه وعد ، فلا يقدر أن يبت في الأمر ، للوفاء بالوعد ، الزبير بن المُطعم بن عدي هل يوزن مع رسول الله ؟ الوفاء والعهد هو الدين ، فأنا أتصور أن سيدنا الصديق كاد يتمزَّق إن فاتته فرصة زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة ، أو لم يخطر في باله أبداً أن يخطب النبي عليه الصلاة والسلام ابنته عائشة. طبعاً كل أب إذا جاءه شاب جيد وأعلن عن رغبته فمن الممكن أن ترحب وبالترحيب يصير شبه وعد ، لا يستطيع أن يقول نعم للنبي حتى يُنهي هذه المشكلة ، فذهب من توِّه إلى المطعم بن عدي . دخل أبو بكر على مطعم وعنده امرأته أم زبير ، وكانت مشركةً ، فقالت العجوز : يا ابن أبي قحافة لعلنا إن زوَّجنا ابننا من ابنتك أن تصبئه وتدخله في دينك الذي أنت عليه . نحن عندنا مشكلة معك ، نخاف أن نزوِّج ابننا من ابنتك فتصبئه معك وتدخله في دينك ، هذا كلام الزوجة ، سيدنا الصديق لم يرد عليها إطلاقاً بل التفت إلى زوجها المُطعم فقال : ما تقول هذه ؟ ـ أي أنت موافق؟ هل حقاً تخاف إن زوَّجت ابنك ابنتي أن يدخل معي في الإسلام؟ ـ فقال : إنها تقول كذلك . أي أيدها ، ووافقها ، واعتمد قولها . فخرج أبو بكرٍ رضي الله عنه وقد شعر بارتياحٍ لما أحلَّه الله من وعده ، وعاد إلى بيته فقال لخولة : ادعِ لي رسول الله . يبدو أن هناك تقليداً في الحياة العربية أن الخاطب لابد من أن يأتي إلى بيت المخطوبة هكذا، انظر إلى الموقف الأخلاقي : " لا إِيمَانَ لِمَنْ لا أَمَانَةَ لَهُ وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ "* ( من مسند أحمد : عن " أنس بن مالك " ) أنا قرأت عن الصحابيِّات الجليلات كثيراً ، لكن لفت نظري إحدى الصحابيات ، عندها خمسة أولاد ، وقد خطبها النبي صلى الله عليه وسلم ، أيَّة امرأةٍ أتيح لها أن تكون أم المؤمنين فترفض ؟! أية امرأةٍ يمكن أن تكون السيدة الأولى في المجتمع فترفض ؟!! قالت : " يا رسول الله عندي أولادٌ خمسة أخاف إن رعيتُ مصالحهم أن أقصر في حقك ، وأخاف إن رعيتُك أن أقصِّر في حقِّهم ، فأنا لا بدَّ ظالمة " واعتذرت . فقال عليه الصلاة والسلام: " يرحمك الله إن خير نساء ركبن أعجاز الإبل صالح نساء قريش أحناه على ولد في صغر وأرعاه على بعل بذات يد ". ( من مسند الإمام أحمد : عن " عبد الله بن عباس " ) ما هذه المواقف ؟ فسيدة يتاح لها أن تكون السيدة الأولى ، يتاح لها أن تكون أم المؤمنين ، يتاح لها أن تكون زوجة رسول الله ، فتحتار لابد من أن أظلم زوجي أو أولادي ، فأرادت أن ترعى أولادها ، وقد فوَّتت حظها من أن تكون أمّ المؤمنين ، هذه الجنة لمثل هؤلاء . امرأة في الطريق رأت عالماً أزهرياً قالت له : يا سيدي أيحق للنبي عليه الصلاة والسلام أن يقول عنا ناقصات عقلٍ ودين؟ ـ أله حق؟ ـ هذا العالم الأزهري فطن قال لها : والله ما له حق ، لكن هذا الكلام ليس لكُنَّ ، هذا الكلام للصحابيات أما أنتن فلا عقل ولا دين . ناقصات عقل ودين ، هذه الجملة للصحابيات ، أما أنتن لا عقل ولا دين . فامرأة تفوِّت أعلى نصيب في حياتها، فورد في الأثر : " أول من يمسك بحلق الجنة أنا فإذا امرأة تنازعني تريد أن تدخل الجنة قبلي ، قلت : من هذه يا جبريل ؟ قال : هي امرأةٌ مات زوجها وترك لها أولاداً فأبت الزواج من أجلهم " . شيء لا يصدَّق لأنها رعت أولادها تنازع رسول الله دخول الجنة ، لذلك أنا حينما أرى أماً تهتم بأولادها ؛ بطعامهم ، بصحتهم ، بلباسهم ، بترتيب غرفتهم ، بمراعاة حاجتهم ، بمراقبتهم ، بالعناية بأخلاقهم إلى أن يصبحوا شباباً من الدرجة الأولى ، هذه أم في أعلى المقامات ، لذلك الإسلام فيه صلاة وحج وصوم وزكاة ، وتكاليف كثيرة ، لكن أعلى شيء في الإسلام ذروة سنام الإسلام ، يعني أن أعلى نقطة في سنام الإسلام : الجهاد ، يقول عليه الصلاة والسلام : انصرفي أيتها المرأة وأعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله ـ أي الجهاد في سبيل الله ـ " . ( من كنز العمال : عن : أسماء بنت يزيد " ) والله لا أعتقد أن امرأةً من بين ألف امرأةٍ تعي هذا الحديث ، والنبي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى ، وها أنا أضرب مثلاً ولا أعرف : لو أن امرأةٍ ثابرت على قيام الليل ، وصلَّت ما شاء لها أن تصلي ، وقرأت القرآن ، واستغفرت ، وذكرت الله ، وفي الساعة السادسة صباحاً تعبت ، فألقت رأسها على الوسادة لتنام ، وأولادها ينبغي أن يستيقظوا بعد قليل ، وأن يأكلوا، وأن يرتدوا ثيابهم ، فأهملتهم وقالت لهم : قوموا وحدكم، كلوا واشربوا واذهبوا إلى مدارسكم ، فأنا بالمقياس الديني الحقيقي أنّ هذه امرأةٌ ما عبدت ربها ؛ لأنها أهملت أولادها . ولو استيقظت قبل شروق الشمس بنصف ساعة ، وصلت الفجر ، واهتمت بأولادها ، فهيَّأت لهم الطعام ، وراقبت ارتداءهم ثيابهم ، وراقبت أعمالهم ، وأرسلتهم إلى المدرسة ، وبعدها ألقت رأسها على الوسادة فإنها عند الله أفضل ألف مرة من هذه التي عبدت وأهملت . كل إنسان يعبد الله ، فيما أقامه ، شيء خطير أقوله : كل إنسان ينبغي أن يعبد الله فيما أقامه، أقام هذه الإمرأةً زوجةً ؛ فأعلى عبادةً لها أن ترعى حق زوجها وأولادها ، أقامك غنياً ؛ أرقى عبادةً لك أن تنفق هذا المال في سبيل الحق ، أقامك قوياً ؛ أقوى عبادةٍ لك أن تنصف المظلوم، أقامك أميراً ؛ عليك أن تعدل ، أقامك عالماً ؛ عليك أن تُلقي العلم بسخاء من دون تردد، كل إنسان ينبغي أن يعبد الله فيما أقامه الله . فلو فرضنا مدير ناحية ـ منصب إداري ـ يقوم الليل ويذكر ويقرأ القرآن ، و ، و ، وأهمل عمله ، لكان أولى له أن يسهر ليحل مشكلات الناس ، وأن ينصف بينهم ، ويتابع قضاياهم، فهناك سارق ، وهناك إنسان منحرف ، وتلك عصابة فساد ، إذا تتبَّع مهام عمله وأدَّاها على خير ما يكون ، فهو يعبد الله ، فيجب أن تعبد الله فيما أقامك . ويجب أن تعبده في الظرف الذي وضعك فيه ؛ عندك ضيف ، عبادة الله أن تُكرم هذا الضيف ، تهيئ له منامه ، طعامه ، شرابه ، الأب مريض؛ عبادة الله أن تمرِّض أباك ، أن ترعاه، عندك ابن يحضّر للامتحان ؛ عبادة الله أن تعتني بابنك أثناء الامتحان ، عندك زوجة مريضة ، يجب ان تعبد الله فيما أقامك وفي الظرف الذي وضعك فيه ، فأنت بذلك أديت المهمة على ما ينبغي . سيدنا الصديق ، أنا أتصور دخل على قلبه من الفرح ما لا يصفه إنسان ، ومع ذلك مرتبط بوعد . قال لها : انتظري . الله عز وجل هيأ الجو ، وتكلمت هذه المرأة المشركة فقالت : أنا أخشى إن زوجتُ ابني ابنتك أن تدخله معك في دينك . تركها ، ما تقول يا رجل ؟ يعني زوجها، قال : كما قالت . إذاً انتهى الموضوع . فقال لخولة : ادع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمضت خولة إلى الرسول الكريم فدعته ، فجاء بيت صديقه أبي بكر ، فأنكحه عائشة وهي يومئذٍ بنت ست سنين أو سبع ـ طبعاً لم يقع زواج لكن جرى عقد ـ وكان صداقها خمسمئة درهم ... " أعظم النساء بركةٍ على زوجها أقلهن مؤنةً " . ( من الجامع الصغير ) " إن أعظم النساء بركة أصبحهن وجوها وأقلهن مهرا " . ( من تخاريج أحاديث الإحياء : عن " السيدة عائشة " ) ولا يذكر التاريخ عنها إذ ذاك إلا أنها خطبت لزبير بن مطعم ، وأبوها أبو بكر بن قحافة ، وأمها أم رومان بنت عمير بن عامر من بني الحارث بن غنم بن كنان . قال : عُرفَ قومُ عائشة ، وهم بنو تميم بالكرم ، والشجاعة ، والأمانة ، وسداد الرأي ، كما كانوا مضرب المثل في البر بنسائهم ، والترفُّق بهن ، وحسن معاملتهن . فهناك أسر عريقة عندهم الزوجة مكرمة ـ الكنة ـ شابة مكرمة ، تعامل كبنت من بنات الأسرة ، وهناك أسر خسيسة تقسو في معاملة زوجة ابنها قسوةً لا حدود لها ، وكأنها خادمة ، وكأنها إنسانة أجيرة ، فالإنسان كلما ارتقى ، كلما ارتقت معاملته . وهذه كلمة حق أقولها لكم : والله أيها الإخوة في الإسلام مقياس لو طبَّقه الناس لما وجدت أية مشكلة ؛ عامل الناس كما تحب أن يعاملوك ، عامل زوجة ابنك ، كما تحب أن تعامل أسرةٌ ابنتك إذا كانت فيهم . هذا مقياس ، لا يخيب أبداً ، أنا أذكر طرفة لكنها واقعة : امرأة اشترى ابنها آلة كهربائية مريحة لزوجته ، وهو يسكن مع أمه ، فأقامت عليه النكير، أقامت الدنيا على رأسه ، لماذا هذا الإسراف ؟ لا تستأهل هذه المرأة هذه الغسالة ، وفي اليوم نفسه اشترى صهرها لزوجته غسالة مشابهة ، أثنت عليه : "الله يرضى على فلان ، ريّح لي ابنتي ." أرأيتم إلى هذا التناقض ، والله أيها الإخوة : لو أن الإنسان خرج عارياً وهذا أمر بشعٌ جداً ، والله أهون من أن يتناقض كلامه وسلوكه . مرة كنت في محل تجاري ـ ولا أنسى هذا الموقف ـ شاب في الصف الثامن بائع أقمشة، فحمله صاحب المحل أثواباّ ؛ أول ثوب ، وثاني ثوب ، وثالث ثوب ، ورابع ثوب . حتى لم يستطع الحمل ، قال له : لا أقدر . قاله له : أنت شاب فلا تقل لا أقدر. وبالوقت نفسه حمل ابنه ثوباً واحداً فقال له : احترس على ظهرك . أرأيت إلى هذه العنصرية فقد خاف على ظهر ابنه من ثوب واحد ، أما الأخير حمله ما علمتم . وها أنا ذا أقول لكم هذه الكلمة : والله لن تكون مؤمناً إلا إذا عاملت الغريب كما تعامل ابنك، ولن تكون مؤمناً إلا إذا عاملت زوجة ابنك كما تعامل ابنتك . هذا هو الإيمان ، أما تلك التفرقة فهي مرذولة حقاً، العالم الآن سيخرج من جلده من الأقوياء الذين يكيلون بمكيالين ، تجد عندهم تساهلاً ما بعده تساهل ، وقسوة ما بعدها قسوة .. قتل امرئٍ في غابةٍ .. جريمةٌ لا تغتفر وقتل شعبٍ آمنٍ .. .. مسألةٌ فيها نظر * * * فأبشع شيء في الإنسان التناقض ، والتناقض لا يحتمل ولكنها شريعة الغاب . سيدنا الصديق رضي الله عنه صدِّيق ، والصديقية المرتبة التي تلي النبوة ، سيد الأنبياء أعلى شيء . رسول ، نبي ، ثم صديق ، ولي ، مؤمن ، مسلم ، ثم هناك خط أحمر ، ثم يتلوه هلاك ، إن سيد الأنبياء والمرسلين رسول الله ، رسول ، أولو العزم ، رسل من غير أولي العزم، أنبياء ، صديقون ، أولياء ، مؤمنون ، مسلمون ، هذه المراتب في الإسلام . قالوا : سيدنا الصديق له شهرةٌ ذائعة في دماثة الخُلق ، وحسن العشرة، وقد أجمع مؤرخو الإسلام على أنه كان أنسب قريشٍ لقريش ، وأعلم الناس بها ، وبما كان فيها من خيرٍ وشر ، وكان رجلاً تاجراً ذا خلقٍ معروف ، يأتيه رجال قومه ويحكّمونه في أمورهم لعلمه ، وخبرته ، وحسن مجالسته ، ومن نعم الله الكُبرى عليك أن يكون الذين حولك على شاكلتك ، أن يكون الذين يجالسونك يجانسونك ـ أن يجالسك الذين يجلسونك ـ وأكبر عقاب يعاقب به الإنسان أن يعيش بين أناسٍ دونه بكثير، هو في واد وهم في واد ، هو في مستوى ، وهم في مستوى آخر. لذلك السيدة سفَّانة بنت حاتم طيء ، أخت عدي ، لما أطلق النبي سراحها قالت : " أتأذن لي أن أدعو لك " . فقال : " اسمعوا وعوا " . قالت : " أصاب الله ببرك مواقعه ـ أحياناً تعتني بإنسان عناية كبيرة ، فيظهر منه نبل بشكلٍ غير معقول ، وأحياناً تقدِّم لإنسان خدمات لا تقدَّر بثمن فيتجاهلها.. أعلمه الرماية كل يومٍ فلما اشتد ساعده رماني وكم علمته نظم القوافي .. فلما قال قافيةً هجاني * * * إخواننا الكرام ... لقد درسنا سيرة سيدنا الصديق في هذا المسجد، فشيء جميــــل أن تتصوروا عظمة هذا الإنسان في تواضعه ، أدبه ، شوقه إلى الله ، ورعه ، يقول عليه الصلاة والسلام : " ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت له كبوة إلا أخي أبا بكر " . " ما نفعني مالٌ قط ما نفعني مال أبي بكر . قيل : فبكى أبو بكر . قال : يا رسول الله وهل أنا ومالي إلا لك ؟ " فهل يكون المؤمن إلا غير هذا ؟ أنا ليس لي شيء ، أعطاه ماله كله ، قال : " يا أبا بكر ماذا أبقيت لنفسك ؟ قال : الله ورسوله " . فإذا أردت أن تكون مؤمناً من الطراز الأول اجعل هذا الصحابي الجليل قدوةً لك ـ من الطراز الأول ـ كان يحلب الشياه لجيرانه ، فلما تسلَّم الخلافة ظن الجيران أنه لن يتابع هذه الخدمة ، طُرق الباب ، افتحي يا بنيتي . من الطارق ؟ قالت لأمها : جاء حالب الشاة . بعد أن تسلَّم الخلافة . سيدنا الصديق يمشي على قدميه وهو خليفة المسلمين ، وسيدنا أسامة بن زيد ، عمره سبعة عشر عاماً يركب الناقة ، قال : " والله يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأنزلن " . قال : " والله لا ركبتُ ولا نزلتَ ، وما عليَّ أن تُغبّر قدماي ساعةً في سبيل الله " . إن شاء الله سنتابع سيرة هذه الصحابية الجليلة السيدة عائشة ، التي هي من أذكى نساء النبي ، وقد روت عن رسول الله ألفي حديث ، لو كانت رجلاً لكانت من كبار العلماء ، عالمةً ، فقيهةً ، راوية حديثٍ ، وكانت من أحبِّ الزوجات إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، وهذه السيدة المصون أيضاً قدوةٌ لكل امرأةٍ تطمح أن تكون ذات شأنٍ عند الله عز وجل . وفي درسٍ آخر إن شاء الله نتابع الحديث عن هذه السيدة التي هي قدوةٌٍ للنساء أجمعين . والحديث عن زوجات النبي اللهم صلِّ عليه ، حديث ممتع ، لأنه يتناول كمال النساء ، والإنسان يشعر بسعادة حينما يستمع إلى مواقف كاملة ، ويشعر بالأسى والحزن حينما يرى الإنسان يهبط ؛ الخسة ، والدناءة ، والخيانة الزوجية ، والتطاول على الزوج ، وإهمال الأولاد ، والبذاءة في اللسان ، والقسوة في الكلام ، والزينة لغير الزوج ، وإهمال الزوج ، فهذا واقع النساء، الطرقات جميلة لكن البيوت جحيم ، الطرقات كل شيء فيها ، أما السلف الصالح الطرقات خاوية ولا شيء فيها مما يفسد الأخلاق إطلاقاً ، أما البيوت فكانت جنَّات ، الآن أصبحت البيوت جحيماً ، لأن هذه المرأة التي تبرز مفاتنها تعتدي على من في الطريق ، وتسئ إلى علاقة الزوج بزوجته .
__________________
قالوا كذبا : دعوة رجعية -- معزولة عن قرنها العشرين
الناس تنظر للأمام ، فما لهم -- يدعوننا لنعود قبل قرون؟
رجعية أنّا نغارُ لديننا -- و نقوم بالمفروض و المسنون!
رجعية أن الرسول زعيمنا -- لسنا الذيول لـ "مارْكسٍ" و " لِنين" !
رجعية أن يَحْكُمَ الإسلامُ في -- شعبٍ يرى الإسلامَ أعظم دين !
أوَليس شرعُ الله ، شرعُ محمدٍ ------ أولى بنا من شرْعِ نابليون؟!
يا رب إن تكُ هذه رجعيةً ------ فاحشُرْنِ رجعياً بيومِ الدين !