أريد الطلاق
عدت للمنزل وكانت زوجتي بانتظاري ، وقد أعدّت طعام العشاء ، أمسكت يدها وأخبرتها بأنه لدي شي أخبرها به ، جلست بهدوء تنظر إلي بعينيها، أكاد ألمح الألم فيهما ، شعرت أن الكلمات جمدت بلساني، لكن يجب أن أخبرها ...
وقلت لهــــا
'' أريد الطلاق ''.. خرجت هاتان الكلمتان من فمي بهدوء، لم تبدو زوجتي متضايقة مما سمعته مني لكنها بادرتني بهدوء وسألتني : ''لماذا '' ؟!
نظرت إليها طويلاً وتجاهلت سؤالها مما دفعها للغضب بأن ألقت ملعقة الطعام وصرخت بوجهي : '' أنت لست برجل ''...
في هذه الليلة لم نتبادل الحديث ، وأستمرت بالبكاء ، أعلم أنها تريد فهم ماذا حدث لزواجنا لكني بالكاد كنت أستطيع إعطائها سبباً حقيقياً يرضيها في هذه اللحظة ، أحسست بأن زوجتي لم تعد تملك قلبي ... فقلبي تملكه امرأة أخرى الآن إنهّآ آلاء ...
أحسست بأنني لم أعد أحب زوجتي ، فقد كنا كالأغراب ،إحساسي بها لم يكن يتعدّى الشفقة عليها ...
في اليوم التالي وبإحساس المرتجف قدمت لزوجتي أوراق الطلاق لكي توقع عليها،وفيها أقر بأني سوف أعطيها قائمة جهازها و المنزل والسيارة و30٪ من أسهم الشركة التي أملكها.
فأمسكت بالأوراق ثم قامت بتمزيقها ، فالمرأة التي قضت 18 سنة من عمرها معـــــــي أصبحت الآن غريبة عنـــــي ، أحسست بالأسف عليها ،ومحاولتها لهدر وقتها وجهدها، فما تفعله لن يغير من حقيقة اعترافي لها بحبي العميق لــ ''آلاء''، وأخيراً انفجرت زوجتي أمامي ببكاء شديد ، الأمرالذي كنت قد توقعت منها أن تفعله...
بالنسبة لي بكاؤها كان مصدر راحة فهو يدل على أن فكرة الطلاق التي كانت تراودني أسابيع طويلة قد بدأت تصبح حقيقة ملموسة أمامي ...
في اليوم التالي عدت إلى المنزل في وقت متأخرمن الليل لأجدها منكبّةً تكتب شيئاً ، لم أتناول ليلتها العشاء وذهبت على الفورللنوم ، وسرعان ما استغرقت بالنوم ، فقد كنت أشعر بالتعب جراء قضائي يوماً حافلاً نشطاً بصحبة ''آلاء''، فتحت عيني في منتصف الليل لأجدها مازالت تكتب ... في حقيقة الأمر لم أكترث لها كثيراً وأكملت نومي مرة أخرى.
في الصباح جاءت وقدمت لي شروطها لقبول الطلاق ، لم تكن تريد أي شيء مني سوى مهلة شهر فقط ... لقد طلبت مني أنه في هذا الشهر يجب علينا أن نفعل ما في وسعنا حتى نعيش حياة طبيعية بقدر الإمكان كأي زوجين ، سبب طلبها هذا كان بسيطاً بأن ولدنا إسلام سيخضع لاختبارات في المدرسة ، وهي لا تريد أن يؤثر خبر الطلاق على أدائه بالمدرسة ...
ووافقت على شرطهــا ،لكنها أخبرتني بأنها تريدني أن أقوم بشيء آخر لها ، طلبت مني أن أتذكر كيف حملتها بين ذراعي في صباح أول يوم زواجنا ، ثم طلبت مني أن أحملها لمدة شهر كل صباح من غرفة نومنا إلى باب المنزل !!!فقط وهذا مقابل الطلاق !
اعتقدت لوهلة أنها قد فقدت عقلها !!! و حتى أجعل آخر أيام لنا معــاً تمر بسلاسة وأخلص، قبلت أن أنفذ طلبها الغريب ...
لقد أخبرت ''آلاء'' يومها عن طلب زوجتي الغريب فضحكت وقالت باستهزاء : بأن ما تطلبه زوجتي شيء سخيف ، ومهما حاولت هي أن تفعل بدهاء لن يغير حقيقة الطلاق فهو واقع لا محالة ...
لم نكن أنا وزوجتي على إتصال منذ أن أعربت لها عن رغبتي بالطلاق ، فعندما حملتها بين ذراعيي في أول يوم أحسست أنا معها بالارتباك ، تفاجأ ولدنا إسلام بالمشهد فأصبح يصفق ويمشي خلفنا صارخاً فرحاً: ''أبي يحمل أمي بين ذراعيه''، يالها من رومنسية ، كلماته أشعرتني بشيء من الألم ولم أعلق على فرحته، حملتها من غرفة النوم إلي باب المنزل مروراً بغرفة المعيشة ، مشيت عشرة أمتار وهي بين ذراعي أحملها ، أغمضت عينيها وقالت بصوت ناعم خافت : لا تخبر ولدنا إسلام عن الطلاق الآن أرجوك، أومأت لها بالموافقة وإحساس بالألم يتملكني ، إحساس كرهته ، خرجت زوجتي ووقفت في موقف الباص تنتظر، وأنا قدت سيارتي إلى المكتب.
في اليوم التالي تصرفنا أنا وهي بطبيعية أكثر، وضعت رأسها على صدري ، استطعت أن اشتم عبقها ، أدركت في هذه اللحظة أنني لم أمعن النظرجيداً في هذه المرأة منذ زمن بعيد، أدركت أنها لم تعد فتاة شابّة ، على وجهها رسم الزمن خطوطاً ضعيفة ، غزا بعض اللون الرمادي شعرها ، وقد أخذ الزواج منها ما أخذ من شبابه ، لدقيقة تساءلت ماذا فعل الذمان بهـــا ...
في اليوم الرابع عندما حملتها أحسست بإحساس الألفة والمودة يتملكني تجاهها إنها المرأة التي عاشت 18 سنة من عمرها معى ...
في اليوم الخامس والسادس شعرت بأن إحساسنا بالمودة والألفة أصبح ينموآ مرة أخرى ، لم أخبر ''آلاء'' عن ذلك ،وأصبح حمل زوجتي صباح كل يوم يكون سهلاً أكثر وأكثر بمرور مهلة الشهرالتي طلبتها ، أرجعت ذلك بأن التمارين هي من جعلتني قوياً فسهل علىّ حملها ...
في صباح أحد الأيام جلست زوجتي تختار ماذا ستلبس ، لقد جربت عدداً لا بأس به من الفساتين لكنها لم تجد ما يناسبها فتنهدت بحسرة قائلة: ''كل فساتيني أصبحت كبيرة علي ولا تناسبني''، أدركت فجأة أنها أصبحت هزيلة مع مرور الوقت ، وهذا هو سبب سهولة حملي لهآ ...
فجأة استوعبت أنها تحملت الكثير من الألم والمرارة في قلبها ، لا شعورياً وضعت يدي على رأسها بحنــــــــــــــــان ، في هذه اللحظة دخل ولدنا إسلام وقال : '' أبي حان الموعد لتحمل أمي خارج الغرفة '' ، بالنسبة إليه رؤية والده يحمل أمه أصبح جزءاً أساسياً من حياته اليومية، طلبت زوجتي من ولدي أن يقترب منها وحضنته بقوة ، لقد أدرت وجهي عن هذا المنظر لخوفي بأنني سأغير رأيي في هذه اللحظة الأخيرة ، ثم حملتها بين ذراعيي أخرجتها من غرفة النوم إلى الباب الخارجي مروراً بغرفة المعيشة وهي تطوق عنقي بيديها بنعومة وطبيعية ، ضممت جسدها بقوة كان إحساسي بها كإحساسي بها في أول يوم زواج لنا، لكن وزنها الذي أصبح خفيفاً جعلني حزينــاً...
في آخر يوم عندما حملتها بين ذراعيي لم أستطع أن أخطوآ خطوة واحدة ، ولدنا إسلام قد ذهب إلى المدرسة ، ضممتها بقوة وقلت لم أكن أتصور أن حياتنا كانت تفتقر إلى المودة والألفة إلى هذه اللحظة ...
قدت السيارة وترجلت منها بخفة ولم أغلق الباب خلفي خوفاً مني من أن أية تأخير قد يكون السبب في تغييررأيي الذي عزمت عليه، وتوجهت إلى منزل آلاء صعدت السلالم بسرعة، فتحت ''آلاء'' الباب وهي تبتسم وبادرتها قائلاً : ''أنا آسف يا آلاء لكني لم أعد أريد أن أطلق زوجتي''...
نظرت آلاء إلي مندهشة ومدت يدها لتلمس جبهتي وسألتني :هل أنت سخن رفعت يدها عن جبيني وقلت لها : ''أنا حقاً آسف يا آلاء ...لكني لم أعد أريد طلاق زوجتي، قد يكون الملل تسلل إلى زواجي لأنني وزوجتي لم نكن نقدر الأشياء الصغيرة الحميمة التي كانت تجمعنا ، وليس لأننا لم نعد نحب بعضنا ، الآن أدركت أنه بما أنني حملتها بين ذراعيي في أول يوم زواج لنا لابد لي أن أســـــــتمر في حملهــــــا حتى آخر يوم في عمرنـــــــــــــــــــــــــــــــا ''.
أدركت ''آلاء'' صدق ما أقول وعلى قوة قراري، عندها صفعت وجهي صفعة قوية ، وأجهشت بالبكاء وأغلقت الباب في وجهي بقوة ، نزلت السلالم وقدت السيارة مبتعداً ،توقفت عند محل بيع الزهور في الطريق ، واخترت حزمة من الورد جميلة لزوجتي أم إسلام ،سألتني بائعة الزهور ماذا تكتب في البطاقة ، فابتسمت وكتبت :''سوف استمرأحملك وأضمـّـك بين ذراعيي كل صباح إلى أن يفرقنا الموت''.
في هذا اليوم وصلت إلى المنزل مسرعـــاً فرحـــــــاً وحزمة ورد بين يدي وابتسامة تعلوآ وجهي ركضت مسرعاً إلى زوجتي ، لكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــن ..
وجدتها وقد فارقت الحياة في فراشها ، لقد كانت زوجتي تكافح مرض السرطان لأشهر طويلة دون أن تخبرني ، وأنا كنت مشغولاً مع ''آلاء'' ولم ألاحظ ذلك ،
لقد علمت زوجتي أنها ستموت قريباً ، وفضلت أن تجنبني أي ردة فعل سلبية من قبل ولدنا لي ، وتأنيبه لي في حال مضينا في موضوع الطلاق ، على الأقل هي رأت أن أظل الزوج المحب في عيون ولدنا إسلام ،
لا المنزل الفخم ولا السيارة ولا الممتلكات أو المال في البنوك هي مهمة ،
المهم هو التفاصيل الصغيرة الحميمة في حياتكم ، هي أهم شي في علاقاتكم ، هذه الأشياء الصغيرة هي مصدر الســــــــــــــــعادة ،،،،الســــــــــــــــعادة ،،،الســــــــــــــــعادة
فأوجدوا الوقت لشركاء حياتكم ، واستمروا في عمل هذه الأشياء الصغيرة لبناء المودة والألفة والحميمية ...
ملاحظة:
نشرت هذه القصة لكم اليوم التي عشتها إيماناً بالنصيحة التي أوجهها لكم ، وهي :
بأننا إن لم نرسلها لأحد لن يحدث شيء ما ،لكن إذانشرناها أو أعدنا إرسالها فربما .. أقول ''ربما '' قد نكون سبباً في إنقاذ زواج ما ، أو منع '' هدم '' عائلة وإبدال سعادتها بالحزن ....
كُنْ مُتفائلاً وإبْعَثْ البِشْر والسَّعادة والسَّرور في مَنْ حَوْلَكْ
شكراً جزيلا لأصغائكم لقصتى
مع تحيات آل ضبعون