الموضوع: من واقع الحياة
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 27-12-2010, 06:07 PM
المفكرة المفكرة غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 1,413
معدل تقييم المستوى: 18
المفكرة is on a distinguished road
افتراضي

الحادثة
ضغط السائق الفرامل، فطار جسد صغير في الهواء، بروك أليسون ذات الأحد عشر ربيعاً لم تستطع الحركة أو التنفس و هنا تبدأ قصتها.
بروك: انقضى صيف 1990،هذا هو اليوم الأول للدراسة، أمي جين تبدأ عملها بتدريس ذوي الإحتياجات الخاصة. عادت أمي للدراسة و حصلت على شهادتها الجامعية و اليوم تستلم العمل و تدرّس الصف السابع (الأول الإعدادي) بمدرسة في نيويورك. والدي موظف و قد أخذ اليوم إجازة كي يشرف على ذهابنا أنا و أختي و أخي للمدرسة. أمي متوترة لأنه أول يوم عمل لها و أول يوم تترك فيها أبناؤها الثلاثة يعتمدوا على أنفسهم.تحب أمي النظام و قد أخذت تكرر مواعيد الباص و المكان الذي سينتظرنا فيه. وضعت أمي ثياب المدرسة على السرير قبل أن تنزل و قالت لا تنسي كراساتك و جدولك و تذكري أن تسألي عن دروس آلة التشيلو كي توفقّي بينها و بين الدراسة. و تذكري كل ما سيمر بك اليوم كي تحكيه لي. كنت على وشك أن أبدأ عامي السابع بالمدرسة. قلت: سأعتني بكل ذلك.كانتلدينا متاعبنا المالية، فوظيفة والدي آمنة لكن أجرها منخفض. و قد أردنا شراء سيارة جديدة فقررّت أمي العمل لزيادة دخلنا.
قال والدي,"تبدين رائعة، هيا نذهب، هل أرافقك إلى محطة الباص أم تذهبين بنفسك؟" قلت,"تعالى معي." تشابكت أيدينا و تحدثنا. و لو علمت بما سيحدث لما تركت يده أبداً.
جين: بالرغم من تخوفي من ترك الأطفال فإنني استطعت السيطرة على مشاعري و الإهتمام بعملي. كنت قد عدت من تناول طعام الغذاء عندما نادتني موظفة, هناك مكالمة طارئة لك يا جين. إنه إد زوجك. أجبت الهاتف و أنا منزعجة، قال إد,"احضري بسرعة، بروك تعرضت لحادثة."
ذهبت فوراً للمستشفى, قال إد أنه ذهب ليحضر بروك من محطة الباص فلم يجدها، ثم جاءه أحد أصدقائها مسرعاً و قال لقد صدمت سيارة بروك على الطريق السريع الذي يفصل المدرسة عن الحي الذي نسكنه، لكن الأولاد لديهم تعليمات مشدّدة بعدم الإقتراب منه. ذهب إد إلى موقع الحادث فوجد سيارة الإسعاف و سيارة الشرطة بصفارتها المميزة. ألقت السيارة بروك على بعد 30 متراً، كانت تنزف و كانت فاقدة للوعي. حاول رجال الإسعاف إنعاشها حتى لا تموت. السيارة التي صدمتها كانت متوقفة على جانب الطريق زجاجها الأمامي محطم و الراديتور منبعج للداخل و حولها رجال الشرطة يأخذون القياسات ليحددوا كيف حدثت الصدمة. بدلاً من أن ركوب الباص قررت بروك أن تمشي عبر ملاعب ثم غابة صغيرة ثم الطريق السريع مع أصدقائها، وجدوا كسراً في الحاجز المحيط بالطريق السريع فعبر زملاءها أما هي فصدمتها سيارة.
سمح لنا الأطباء برؤيتها بعد 7 ساعات من حضورها للمستشفى. كانت في غيبوبة لا تشعر بما حولها.في جبهتها جرح عميق تمت خياطته و رأسها ملفوف بضمادة. في فمها انبوبة متصلة بجهاز للتنفس يبقيها على قيد الحياة. تورّم وجهها فاختلفت معالمه.
بروك: كنت أحلم بالاشتراك في كورال المدرسة فأنا أعزف التشيلو و أغني مع الكورال، و حين أفقت وجدت نفسي في مستشفى، جدرانها بيضاء و معقّمة على عكس جدران حجرتي الوردية المغطاة باللوحات. كنت محاطة بأعمدة تحمل أكياساً و أنابيب متصلة بجسمي بإبر. مئات الكروت تغطي الحائط كروت مكتوب بها تعافي قريباً.حاولت الكلام فلم يخرج الصوت من حنجرتي. لا أشعر بجسمي على الإطلاق. قال والدي," استدعوا الطبيب فقد أفاقت." جاء الطبيب و وّجه الضوء إلى عيناي و سألني هل تعرفين من أنت و ما حدث لك؟ لم أجب عن أسئلته فلم يكن بوسعي الكلام أو المشي أو التنفس.
جين: عندما أفاقت بروك قلت لها هل بإمكانك التعرف علينا؟ أطرفي عينك إن استطعت، فطرفت عينها، كان بعينيها إدراك و فهم و لم تكونا خاليتين من أي معنى، بدا في عينيها الخوف و الحزن ثم أخذت تبكي.
بروك: جاءت كوكبة من الأطباء و أخذوا يغرسون الإبر في أنحاء جسمي و يقولون أليسون هل تشعرين بذلك، لم يكونوا يعرفون إسمي الأول، و لم يفهموا أنني لا أقدر أن أجيب عليهم.
تحدّث الأطباء من حولي عن حالتي كأنني غير موجودة. جاء جرّاح و تحدث مع طبيب آخر بشأن الأربطة الممزققة بركبتي و أخبره أنه ليس مهماً أن يصلح الأربطة إذ أنني لن أستطيع المشي ثانية فقد فقدت القدرة على الحركة من الرقبة و حتى أطراف أصابعي بسبب إصابة بالنخاع الشوكي، كما فقدت القدرة على التنفس بذاتي و لابد أن أعتمد على جهاز التنفس طوال عمري و بدونه أموت. غضب أبي جداً و قال للطبيبان أنهما لو ناقشا تلك الأمور أمامي ثانية فإنهما سيحتاجان إلي جرّاح ليصلح عظامهما المكسورة.
جين: بقيت بروك إسبوعاً في العناية المركّزة، شق الأطباء الحنجرة في رقبتها و وضعوا لها أنبوباً للتنفس فلم تستطع الكلام. أخذت تحرك شفتيها بكلام و استطعت قراءة حركة شفتيها و فهمت ما تقول.سألتني هل سأتخلف عمن حولي. أجيتها : ستتعافين و تعودين للبيت و المدرسة.حركّت بروك شفتيها، قالت," هل هذا وعد؟" فقلت," أجل إنه وعد."
أخذنا بروك إلى مركز إعادة التأهيل بنيوجيرسي حيث أضافوا جهازاً لإنيوب التنفس فاستعادت قدرتها على الكلام. جاهدت بروك لإستعادة القدرة على الحركة و التنفس وكان ذلك مؤلماً، قال الأطباء الأمل مهم لكننا لم نرغب في إعطاء بروك آمالاً كاذبة و لم تتحسن حالتها فأخذناها للبيت.
أعدنا تجديد البيت ليتناسب مع حالتها. أعطيناها غرفة واسعة بالطابق الأسفل و أضفنا حماماً يمكنها لتستخدمه بالكرسي المتحرك و أضفنا لوحاً مائلاً بمدخل البيت حتى تتمكن من الدخول و الخروج على كرسيها المتحرك.كلفنا ذلك الكثير ، لكن جيراننا جمعوا التبرعات من أجلنا و أقاموا حفلاً به مأدبة و صنعوا الكثير من الطعام و باعوه لصالحنا، كل من حضر الحفل دفع ثمن تذكرة دخول لتغطية تكاليف العلاج.
كيف واصلت بروك دراستها؟
هذا ما أقصه عليكم لاحق بإذن الله.
رد مع اقتباس