الآيه 10 :
( قل أرءيتم إن كان من عند الله وكفرتم به. وشهد شاهد من بنى إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم . إن الله لا يهدى القوم الظالمين )
: قل يامحمد للمشركين الذين كفروا بالقرآن ما ظنكم أن الله صانع بكم إن كان هذا كتاب الله وأنتم به تكفرون وتكذبون.
وشهد شاهد من بنى إسرائيل على مثله : عن عوف بن مالك قال : انطلق النبى صلى الله عليه وسلم يوما وأنا معه حتى دخلنا كنيسة اليهود بالمدينه يوم عيد لهم ، فكرهوا دخولنا عليهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يامعشر اليهود أرونى إثنى عشر رجلا منكم يشهدون أنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يحط الله على كل يهودى تحت أديم السماء الغضب الذى غضب عليه ". فسكتوا فما أجابه أحد منهم ، ثم رد عليهم فلم يجبه أحد ، ثم ثالث فلم يجبه أحد ، فقال صلى الله عليه وسلم : " أبيتم فوالله إنى أنا الحاشر وأنا العاقب وأنا النبى المصطفى آمنتم أو كذبتم ". ثم انصرف وانا معه حتى كدنا نخرج نادى رجل من خلفنا : كما أنت يامحمد . قال: فأقبل ذلك الرجل فقال : أى رجل تعلمونى يامعشر اليهود؟ قالوا : والله ما نعلم انه كان فينا رجل أعلم بكتاب الله ( التوراه) منك ولا أفقه منك ولا من ابيك قبلك ولا من جدك قبل أبيك.
قال : فإنى أشهد له بأنه نبى الله الذى تجدونه فى التوراة.
قالوا : كذبت وردوا عليه قوله وقالوا فيه شرا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "كذبتم لن يقبل قولكم أما آنفا فتثنون عليه من الخير ما أثنيتم ولما آمن كذبتموه وقلتم فيه ما قلتم فلن يقبل فيه قولكم ".
قال عوف : فخرجنا ونحن ثلاثه ، رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وعبد الله بن سلام.
وأنزل الله عز وجل الآيه : (قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بنى اسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم . إن الله لا يهدى القوم الظالمين ).
ويذكر الله عبد الله بن سلام هذا فهو من اليهود وقد صدق بما جاء فى كتابه التوراة ولكن اليهود الباقين كفروا وكتموا ما أنزل الله فى التوراة
الآيات 11 ـ 14
(وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم * ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة ، وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين * إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون )
وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه . وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا افك قديم : أى قالوا لو كان القرآن خيرا لكان نزل علينا وعلى نبينا فنحن أفضل من هؤلاء الضعفاء مثل بلال وعمار وصهيب وخباب وغيرهم.
هذا إفك قديم : أى القرآن من المأثور عن الناس القدامي.
كتاب موسى : التوراة
وهذا كتاب مصدق : وهذا القرآن مصدقا.
لما قبله من الكتب : بلسان عرضى فصيح واضح.
لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين : تعنى ينذر الكفار ويبشر المؤمنين.
الآيات 15 ـ 16
( ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا ، حملته أمه كرها ووضعته كرها ، وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ، حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعنى أن أشكر نعمتك التى أنعمت علىّ وعلى والدى وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لى فى ذريتى ، إنى تبت إليك وإنى من المسلمين * أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم فى أصحاب الجنة ، وعد الصدق الذى كانوا يوعدون )
بعد أن دعا الله للتوحيد له وإخلاص العمل له وصى بالوالدين والإحسان لهما فى المعاملة حيث ان الأسباب هى تعب الأم فى الحمل والوضع والرضاعة والتربية وإنفاق الأب والرعاية والتأديب
وأشار إلى أن سن العقل والقوة والفهم المكتمل هو سن الأربعين
" حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة "
قال ابن عباس فى رواية عطاء :
صحب أبو بكر الصديق رسول اللهصلى الله عليه وسلموهو ابن ثمانى عشرة ، والرسولصلى الله عليه وسلمابن عشرين سنة ، وهم يريدون الشام فى التجارة ، فنزلوا منزلا فيهسدرة ، فقعد رسول اللهصلى الله عليه وسلمفى ظلها ، ومضى أبو بكر رضى الله عنه إلى راهب هناك يسأله عن الدين ، فقال له الراهب : من الرجل الذى فى ظل السدرة ؟
فقال : ذاك محمد بن عبد الله بن عبد المطلب .
فقال : هذا والله نبى ، وما استظل تحتها أحد بعد عيسى بن مريم إلا محمد نبى الله .
فوقع فى قلب أبو بكر اليقين والتصديق ، وكان لا يفارق رسول اللهصلى الله عليه وسلمفى أسفاره وحضوره .فلما نبئ رسول اللهصلى الله عليه وسلموهو ابن أربعين سنة وأبو بكر إبن ثمان وثلاثين سنة أسلم وصدق رسول اللهصلى الله عليهوسلم .فلما بلغ أربعين سنة قال وأخبر الله بقوله فى القرآن الكريم : ( رب أوزعنى أن أشكرنعمتك التى أنعمت علىّ) الأحقاف 15.
معنى الآيةأنه عندما كمل عقله وشب وكمل فهمه ، قال اللهم ألهمنى أشكر نعمتك وأصلح لى فى نسلى
وهذا إرشاد لمن بلغ الأربعين أن يجدد توبته وإنابته إلى الله ، فهؤلاء هم التائبون الذين يتقبل الله عنهم أحسن ما عملوا ويغفر لهم ذنوبهم والزلل وهم أصحاب الجنة .
وبالتالى يذكر بعد أن يوضح أصحاب الجنة ، يوضح من هم أصحاب الجحيم الأشقياء فى الآيات ( 17 ـ 20 ) وهم العاقين للوالدين ، الخاسرين أنفسهم وأهليهم يوم القيامة .