تعليم الأخلاق.. صمام أمان
المناهج الدراسية هي نقطة الانطلاق وهي أحد العناصر الرئيسية في التنشئة لتكوين شخصية سوية لا تعاني من أي أمراض اجتماعية..
أن وجود مناهج ذات قيم موحدة يمكنها تشكيل وجدان واحد دون تفرقة أو تمييز.. يسهم إلي حد كبير في غرس بذور الوحدة الوطنية..
أهمية وجود مادة دراسية تتضمن القيم والأخلاقيات المشتركة, وتؤكد مبدأ أن الدين المعاملة وأن الإله واحد هو الله عز وجل, وأن المواطن علي أرض مصر هو مصري دون تفرقة بين دين أو عقيدة.. وبالفعل فقد كان ذلك هو الأساس والمحتوي الذي تقوم عليهمادة التربية الأخلاقية التي كان يتم تدريسها في فترة سابقة في أثناء تولي د. حسن كامل بهاء الدين وزارة التربية والتعليم واستمرت لمدة ست سنوات بدءا من الصف الأول حتي السادس الابتدائي, ثم توقفت بعد ذلك دون إبداء أسباب واضحة سوي أنه تم تحويلها إلي أنشطة!! في حين أنها في الأصل مادة أنشطة ويتم تدريسها من خلال كتب شيقة وجاذبة..
وهذه المادة قام بوضعها مجموعة كبيرة من علماء الدين في الأزهرالشريف ومعهم نخبة من القساوسة وخبراء مركز تطوير المناهج والإخصائيين الاجتماعيين.. وهي لم تكن بالقطع بديلا عن مادة التربية الدينية, وإنما كانت تطبيقا عمليا لما تنادي به الأديان السماوية.. فمن خلال دراستها يكتشف التلميذ بنفسه أن القيم واحدة ومشتركة ولا خلاف علي الإطلاق فيما بينها, فما ينادي به الدين المسيحي هو نفسه ما ينادي به الدين الإسلامي فلا سرقة ولا كذب ولا نميمة ولاخيانة, ناهيك عن الثوابت كالصيام والصلاة مع اختلاف طقوسهما فقط.. وكان يتم تدريس18 قيمة تربوية يتم تدريسها علي مدي السنوات الست من خلال مدرس مسلم أومسيحي, ومن أهم هذه القيم قبول الآخر والتعاون والإخاء.. وكان من المخطط أن تمتد بشكل تصاعدي إلي المرحلة الإعدادية ثم الثانوية لتأخذ شكلا أكثر عمقا.. ولكن توقف تدريسها للأسف الشديد.. ومن هنا فنحن نوجه دعوة إلي ضرورة إعادة تدريسها مرةأخري مع إضافتها إلي المجموع كي تكون لها قيمة حقيقية ضمن البرنامج الدراسي بل وتكون مساندة للطالب في الحصول علي درجات تضاف إلي مجموعه.. وعلي الجانب الآخرفإنها ترسخ قيم المواطنة والوحدة الوطنية المطلوب غرسها في نفوس الصغار وتنمو مع نموهم العقلي والوجداني.. فلا يخفي علي أحد أن العالم كله يتجه الآن إلي العودةإلي تعلم الأخلاق والقيم في المناهج والمدارس باعتبارها المؤسسة التربوية الأولي بعد الأسرة..
ويرحب من جانبه د.محمود الناقة رئيس الجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس وأستاذالمناهج وطرق التدريس بضرورة وجود تقدم في التربية القيمية للمواطنة وتلتفت التفاتةخاصة لقضايا ومشكلات المواطن في مصر فتعالجها من منظور قيمي وأخلاقي بلا موعظة ولاخطأ به ولا حفظ وتلقين.. فنجعل العمود الفقري لهذه المادة هو أهمية الوطن والحفاظ عليه وإبراز القيم الخلقية التي تشترك فيها جميع الأديان والمذاهب, بحيث يشعرالطلاب بأنها قيم انسانية عليا بصرف النظر عن أديانهم وألوانهم وهي القيم التي نودغرسها في نفوسهم وبالتالي أفردنا لها وعاء خارجيا.. وهذا الإفراد في شكل كتاب أومنهج لشد الانتباه إليه من خلال الاستشهادات والقدوة وضرب الأمثلة, ولكننا هنايجب ألا نغفل دور المناهج الأخري في تدعيم وتثبيت القيم التي تبثها هذه المادة وأن تكون دافعة للأبناء علي الإحساس بالتكافؤ والمساواة والعدالة دون تمييز لمستوي سلطوي أواقتصادي أو ديني أو اجتماعي.. فواضعو المناهج ومؤلفو الكتب الدراسية يجب أن يتخلصوا من أي فوارق داخل المجتمع سواء دينية أو اجتماعية عند تخطيط المناهج,وهكذا تتكون المواطنة الصالحة المعتدلة.. وينطبق ذلك علي جميع المواد الدراسيةحتي في المسائل الرياضية أو التاريخ, الذي يجب تدريسه بشكل محايد تماما للعصورالتاريخية المختلفة والتركيز علي الأسباب والدوافع وراء الأحداث ونتائجها, علي أساس أن التاريخ بمثابة علم صناعة القرارات.. فالمناهج الدراسية يجب أن تكون قادرة علي تنقية اتجاهات الأبناء نحو أنفسهم ونحو الآخرين.. ومن ثم تذوب المشكلات المجتمعية فيما بينهم ويتأكدون أن حلها يعود بالنفع عليهم بصرف النظر عن الدين أوالقصيدة..
ويؤكد د. شبل بدران عميد كلية التربية بجامعة الإسكندرية الدورالحيوي الذي يمكن أن تقوم به المناهج في ترسيخ دعائم الوحدة الوطنية ويقترح وجودمادة تضم القواسم المشتركة فيما بين الدين الإسلامي والمسيحي بحيث يتعلم الطلاب جميع القيم المشتركة, وتنبثق منها فكرة المواطنة والمحبة والتسامح والصدق وبالتالي يتم إلغاء الشعور بالثنائية التي يعززها الوضع الحالي.. ولكننا هنا يجب ألا نغفل أن المناهج هي أحد العناصر المشاركة في صياغة المواطن ويسبقها الأسرةوالأقران والمؤسسة المجتمعية ككل..
__________________
|